وطن _ هاجم المستشار القانوني سالم الشكيلي ، استاذ القانون الدستوري والاداري، ما وصفه بالأفق المسدود لدى بعض المسؤولين في سلطة عُمان، مشيراً إلى أن مسؤولي السلطنة ليس لديهم عنصر المبادرة وخلق الأفكار والوسائل التي تتلاءم مع كل مرحلة تقوم على قاعدة لا ضرر ولا ضرار.
وقال الشكيلي، في مقال صحفي بعنوان ( أول الغيث قطرة)، السبت: “تفضل السلطان هيثم بن طارق في بيانه التاريخي بالتوجيه لترشيد الإنفاق في الموازنة العامة للدولة للعام الحالي، وهو توجيه يكشف حكمة صائبة ورؤية ثاقبة، تدرك حجم التحدّيات الاقتصادية للمرحلة القادمة، والتي تستدعي البحث عن أي ريال ولو كان من بين أنياب الأسد”.
واستدرك الشكيلي: “لكن حقيقة ما استرعى الانتباه اللافت تصريحات الوزير المسؤول عن الشؤون المالية التي أعلن من خلالها العمل بالتوجيهات مما يكشف عن أفق مسدود لدى بعض المسؤولين، حيث يبدو أنه ليس لديهم عنصر المبادرة وخلق الأفكار والوسائل التي تتلاءم مع كل مرحلة تقوم على قاعدة لا ضرر ولا ضرار”.
مفتي سلطنة عمان أحمد الخليلي يجمع بين الفساد الإداري والمالي والدعارة في تغريدة وتفاعل واسع
وتابع الشكيلي: “وفي ذات الإطار وتنفيذاً للفكر السلطاني فإنّ الأمر يستدعي حزمة من الإجراءات وإعادة النظر في كثير من بنود الإنفاق الحكومية، ووقف عملية الهدر غير الضرورية لمواجهة التحديات الاقتصادية، وخصوصاً مع الانخفاض الشديد المفاجئ لأسعار النفط العالمية، وتفشّي وباء كورونا، وهذا ما سيلقي بحِملٍ أكبر على كاهل الدولة، تضيف مصاعب أخرى لم تكن في الحسبان.
وتابع الشكيلي: “ولعلّ مما يمكن عمله في هذه المرحلة، وبأسرع ما يمكن، مراجعة كافة عقود الوحدات الحكومية، بدءاً من عقود إيجار العقارات، سواءً ما كان منها عبارة عن مقارّ لبعض الوحدات الإدارية أو لأغراض خدمية أخرى، ذلك أنّ قيمة الإيجارات قد انخفضت في السوق المحلي بنسبة كبيرة، ولا يمكن أن تبقى عقود الإيجار الحكومية على حالها، كما تم استئجارها بأثمان مرتفعة جداً تقترب أحياناً من حدود المبالغة”.
وأضاف المستشار القانوني سالم الشكيلي : “ورغم عدم الاعتماد على الشائعات التي يتم تداولها أحياناً، ولكن من باب الافتراض ليس إلا فإن استئجار فيلّا في إحدى الولايات مثلاً بسبعة أو ثمانية آلاف ريال عماني، بينما إيجارها الحقيقي وفقاً للسوق المحلي لا يتجاوز ثلاثة ألاف كحد أقصى، يدعو بدون تردد لاتخاذ ما يلزم لتخفيض قيمة العقد، أو حتى استبدال العقار المستأجَر وفقاً لمعطيات السوق”.
وأشار إلى أنه من الممكن أن يكون هذا الافتراض من جملة افتراضات أخرى قد تصادف الواقع وقد تتقاطع معه، ولكن لا يجب التغاضي عنها أو بحْثُها، قائلاً: “الحال لا يقتصر على هذا النوع من العقود بل يجب أن يشمل كافة العقود الأخرى كعقود تقديم الخدمات وعقود التوريد وغيرها من العقود التي تمت بالإسناد المباشر أو بطرق لم تخضع للمنافسة وهذا الدور منوط ومعقود على دوائر التدقيق في الوحدات الحكومية التي يجب أن تتحرر من هيمنة رؤساء تلك الوحدات كما كفله القانون”.
واستطرد التشكيلي: “يقع العبء على الأجهزة الرقابية الأخرى على أن تكون هذه المراجعة تلقائية من هذه الأجهزة فلا وقت للمجاملات ولا مجال للاستثناءات ولا أحد فوق القانون والمساءلة وهذا ما أكد عليه سلطان البلاد في بيانه التاريخي”.
وقال التشكيلي: “إذا كان هذا هو الحال مع عقود الطلب من جهة الإدارة فالأمر يقتضي أيضاً مراجعة شاملة لعقود العرض من قبل الإدارة، فهناك عقود تأجير الاستثمار لأراضي حكومية بأسعار مخفضة جداً، لا تتناسب مع سعر السوق وطبيعة الاستثمار، فهذه موارد عامة للدولة وليس للوحدات الإدارية أو للأشخاص الذين يديرونها”.
وشدد على أنه لا يجوز التساهل أو التفريط فيها ومثل ما يُعصر سائقو حافلات المدارس وتفرض عليهم أسعار وشروط إما القبول بها وإما الانسحاب فلا أقل من أن نفعل ذات الأمر مع الآخرين تحقيقاً لمبدأ المساواة والعدالة، وفق تعبيره.
وأضاف: “إنّ مراجعة أمينة وسريعة وأمينة للقانون المالي وقانون المناقصات والقوانين المرتبطة مثّل أهمية واولوية قصوى، خصوصاً مع تطلعات رؤية عمان ٢٠٤٠، حتى تتكامل لهذه الرؤية كافة عناصر النجاح، وهذه العناصر لا تخلق نفسها بل نحن الذين نصنعها”.
واستكمل التشكيلي: “ومع ذلك فإنّ توافر عناصر النجاح لا تكفي مالم تواكبها إرادة فاعلة تعمل على توظيفها التوظيف الأمثل، وتهيئة المناخ الملائم واللازم لها كي تؤتي ثمارها على أكمل وجه، وربما يعتبر البعض هذه الخطوة متواضعة القدر والمردود؛ ولكن وجهة النظر الأخرى تقول بوجود عشرات العقود بل مئات العقود وربما ألوف، وبالتالي فهناك ملايين الريالات أصلها ألوف، والألوف أصلها مئات، والمئات أصلها آحاد، وأول الغيث قطرة”.