الغارديان: احتياطي السعودية النقدي يتآكل وابن سلمان سيجبر على هذا الأمر وليس أمامه خيار آخر
سلطت صحيفة “الغارديان” البريطانية في تقرير مطول لها الضوء على ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية في السعودية، جراء انهيار أسعار النفط وتوقف الحج والعمرة وهي مصادر الدخل الأساسية للمملكة وأثر ذلك كله على خطة ولي العهد للتسليح الذي يقتطع جانبا ضخما من الميزانية السعودية.
وشددت الصحيفة على أن الاقتصاد السعودي واحتياطي المملكة من النقد بدء يتآكل، مشيرة إلى أن السعودية تعد خامس أكبر مشتري للأسلحة بالعالم، وربما تضطر لخفض الإنفاق على الأسلحة.
ونقلت الصحيفة عن خبراء توقعهم بأن السعودية ربما تضطر إلى التخلي عن العقود الجديدة للأسلحة وتأخير شراء الأسلحة المتفق عليها بالفعل، في ظل الأزمة المالية الحالية للمملكة.
وبحسب تقرير الصحيفة ووفقا لترجمة “الجزيرة نت” فربما يكون للتأخير المتوقع لصفقات الأسلحة الجديدة “تداعيات سياسية طويلة الأمد” على السعودية في ظل حكم ولي العهد محمد بن سلمان، والحاكم الفعلي للبلاد، والذي يخوض حربًا دموية مع اليمن المجاورة، حسبما تقول الصحيفة.
فالسعودية تواجه أزمة غير مسبوقة في الميزانية بسبب انهيار أسعار النفط، والاضطراب الاقتصادي العالمي الناجم عن جائحة كورونا، التي قللت من الطلب على النفط في المستقبل المنظور.
ويشار إلى أنه في العام الماضي أنفقت السعودية حوالي 62 مليار دولار أمريكي على الأسلحة، أي ما يعادل 8 في المئة من إجمالي الناتج المحلي السعودي، وهو ما يعني أن المملكة أنفقت جزءًا أكبر من ثروتها على الأسلحة مقارنة بكل من الولايات المتحدة (3.4 في المئة)، والصين (1.9 في المئة)، وروسيا (3.9 في المئة)، وفقًا لبحث أجراه معهد ستوكهولم الدولي للسلام.
“الغارديان” نقلت عن أندرو فاينشتاين، الخبير في قضايا الفساد وتجارة الأسلحة العالمية قوله “لو لم تكن السعودية أحد أكبر مشتري الأسلحة في العالم لما تمكنت من الاعتماد على الدعم غير المشروط من جانب القوى الغربية، فأحد نتائج شراء الأسلحة هو أنك تشتري العلاقات أيضًا”.
وفي الولايات المتحدة أشار الرئيس دونالد ترمب في السابق إلى صفقات الأسلحة المقترحة من الجانب السعودي، بالإضافة إلى تأثيرها على الوظائف الأمريكية، لتبرير استجابة إدارته الضعيفة لمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018 داخل سفارة بلاده باسطنبول.
لكن بريطانيا تبيع أسلحة إلى السعودية أكثر من أي دولة أخرى (أكثر من 4.7 مليار جنيه استرليني منذ أن بدأت المملكة حربها باليمن في مارس 2015).
ووُجهت إلى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون انتقادات عدة لسماحه باستمرار المبيعات رغم المخاوف من أن المملكة المتحدة ربما تخاطر باتهامها بخرق للقانون الإنساني الدولي لمساعدتها السعودية في الحرب.
لكن “ريدل” وآخرين يعتقدون أنه لن يكون أمام الحكومة السعودية خيار سوى تأجيل الإنفاق العسكري، وفي بعض الحالات بشكل دائم.
وقال ريدل إن أسعار النفط تحتاج للحفاظ على سعر 85 دولاراً للبرميل، حتى تتمكن السعودية من الحفاظ على ميزانيتها، غير أن المملكة تستنزف احتياطياتها، التي تضاءلت من 750 مليار دولار إلى 500 مليار دولار على مدى السنوات الخمس الماضية.
يوبدو أن السعودية في حالة فورة في الإنفاق علنًا، رغم أنها فرضت أخيرا زيادة غير مسبوقة على الضرائب وتخفيضات بالميزانية.
فمن المقرر أن يستحوذ صندوق الثروة السيادي السعودي، الذي يسيطر عليه الأمير محمد بن سلمان، على حصة الأغلبية في نادي نيوكاسل لكرة القدم، كما أنه اشترى أسهما بمئات الملايين من الدولارات في سفن “كرنفال كروز” وفي “لايف نيشن”، أكبر مروج للحفلات والفعاليات الموسيقية في العالم.
ولا يوافق كل الخبراء على أن السعوديين سيكبحون الإنفاق العسكري، حيث يرى كريستيان أولريشسن ، الباحث في شؤون الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسة العامة، أن السعوديين ربما يسعون إلى مضاعفة استثماراتهم في مجال الدفاع، رغم الضغوط الاقتصادية، في ظل الشكوك حول التزام الولايات المتحدة بالأمن السعودي.
وليست الأزمة المالية الحالية هي الشاغل الوحيد لمحمد بن سلمان، حسبما تقول الصحيفة، فهو يواجه احتمال فوز “جو بايدن” المرشح الديمقراطي المحتمل للرئاسة الأمريكية في نوفمبر، وبايدن قال بالفعل إنه سيحد من مبيعات الأسلحة الأمريكية للسعودية، ووصف القيادة السعودية الحالية بأنها “منبوذة”.