وثيقة تكشف ما يحاول الفاشل حفتر اخفائه.. هكذا يسعى لتحسين صورته دولياً وتقديم نفسه كزعيم لليبيين
نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تقريرا حول علاقة “أمير الحرب “في ليبيا الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، مع شركة علاقات عامة ودور دبلوماسي بريطاني سابق في تحسين صورة حفتر.
وقال الموقع بحسب ما نقل عنه موقع “القدس العربي”، بأن شركة كونسيولم لعبت دورا نيابة عن حكومات في السعودية وهونغ كونغ حسبما حصل الموقع على وثائق في “المسودة الأولى”.
وبحسب التقرير الذي أعده إيان كوبين و قال أن مسؤولا دبلوماسيا بارزا خطط لتحسين صورة خليفة حفتر بعد اتهام الجنرال الذي يسيطر على شرق ليبيا بارتكاب جرائم حرب.
وتابع إن جوليون ويلش عمل على مقترح بعد انضمامه لشركة العلاقات العامة المثيرة للجدل “كونسيولم” عندما كان في إجازة بدون راتب من عمله بوزارة الخارجية. وعمل ويلش في السابق نائبا لمدير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية.
وأوضحت الشركة إنها بدأت بالعمل على مسودة اتصالات إستراتيجية نيابة عن حفتر بعدما اتصل وسيط عن الجنرال معها في بداية أيار/مايو 2019 ولم تكشف الشركة عن اسمه. وكان الهدف من الخطة هو وضع حفتر وتصويره كزعيم ذي مصداقية لليبيا بشكل كامل، وهو ما ظهر في وثائق الشركة التي اطلع عليها الموقع البريطاني.
وتصف الشركة الوثائق بأنها “مسودات”. وتقول الشركة بأنها تخلت عن الخطة بعدما قام ويلش بفحص دقيق إن كان على الشركة التعامل مع حفتر كزبون عادي أم لا. إلا أن أن عملية التحقق يبدو استغرقت أسبوعا في أيار/مايو 2019 رغم القلق الدولي حول مسؤولية حفتر عن جرائم حرب. ففي الشهر الماضي، حذر مسؤولون في الأمم المتحدة من ارتكاب حفتر جرائم حرب ضد المدنيين باستمراره قصف العاصمة طرابلس، وخلال انسحابه من عدة محاور كان يسيطر عليها.
الخطة تهدف لتبييض صورة حفتر
وأفادت “فاتو بنسودة”، رئيس محكمة جرائم الحرب الدولية، بأنها تفكر بإصدار مذكرات دولية. وفي ذلك الوقت كانت المحكمة قد أصدرت أمرا بالقبض على محمد الورفلي، الذي يعتبر من قادة حفتر والمتهم بارتكاب جرائم حرب.
وتم العثور خلال حزيران/يونيو وتموز/يوليو على أطفال ونساء في مقابر جماعية ومشارح مستشفيات سيطرت عليها قوات حفتر في السابق. كما تم استخراج أكثر من 100 جثة من مشرحة مستشفى قيل إنها كانت تحمل آثار التعذيب. حيث أنه وفي نفس الوقت الذي كان يقوم فيه ويلش “بالخطوات الضرورية” عن حفتر رسمت شركة “كونسليوم” وثيقة اتصالات إستراتيجية تقوم من خلالها -حالة عدم التخلي عن الخطة- بالمساعدة على موضعة حفتر كزعيم ليبيا في المستقبل والتأثير على الرأي العام السياسي والإعلامي والعالم الغربي بشكل عام.
وعندما تواصل الموقع البريطاني مع محامي الشركة رفض فكرة أن تكون قد تقدمت بمحاولات للعمل مع حفتر وهددت بمقاضاة الموقع وتقديمه للمحاكمة. وبعد سلسلة مراسلات للموقع اعترف محامو الشركة أن الوثيقة هي في الحقيقة “مسودة أولى” يمكن أن تتطور بعد “مراحل متعددة” إلى خطة مفصلة.
وأوضحت بأن الخطة قام برسمها موظف صغير فيها ولم تستخدم أبدا خارج مكاتب كونسيولم. كما وعملت الشركة لتوليد تغطية صحافية محبذة لزبون قديم لها وهي السعودية، رغم جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي في تشرين الأول/أكتوبر 2018. وهناك اعتقاد واسع أن الصحافي السعودي المقيم في الولايات المتحدة قتل بناء على أوامر ولي العهد محمد بن سلمان شخصياً.
كما ورفضت الشركة الإفصاح إن كان ويلش قد قام بمهام علاقات عامة للسعودية. وفي حزيران/يونيو وجهت اللجنة البرلمانية للشؤون الخارجية انتقادا لكونسيولم بسبب اتفاق علاقات عامة مع حكومة هونغ كونغ وبعد فرض الصين قانون الأمن الجديد على الجزيرة. ولم يكن هذا العام مضادا لمصالح الحكومة البريطانية، حسب توم تويغنات، النائب المحافظ الذي يدير اللجنة، ولكن “ضد مصالح الشعب البريطاني وضد مصالح الديمقراطية وضد مصلحة حكم القانون”.
وبعد ذلك أعلنت وزارة الخارجية أن ويلش لم يعد يعمل كدبلوماسي، ولكنها رفضت إخبار “ميدل إيست آي” عن وقت مغادرته الوزارة. كما ولم تكشف الوزارة إن كانت تعرف بعمله على المشروع. ويعتقد أن ويلش انضم للشركة عام 2014 في وظيفة متفرغ. وكان في ذلك الوقت في إجازة بدون راتب وبقي دبلوماسيا لعدة سنوات. ورفضت الشركة أيضا الكشف عن تاريخ ترك ويلش وزارة الخارجية قائلة إن السؤال “ليس مهما”. إلا أن النسخة الأخيرة من السير الشخصية على الإنترنت “من هو” تقول إن ويلش كان في السلك الدبلوماسي البريطاني عند نشره عام 2019 وتم نشر كل سيرة بناء على استمارة ملأها كل شخص ورد اسمه في قاموس الشخصيات المعروفة.
وتوضح وثيقة كونسيلولم بأن عمليات تغيير صورة حفتر ستقوم على إستراتيجية اتصالات متقنة، والتأثير على وزراء الحكومة والبرلمانيين والصحافيين ومنصات التواصل الاجتماعي. والهدف حسب الوثيقة هو تصوير حفتر على أنه شخصية “ضرورية لمستقبل ليبيا وأفضل فرصة لليبيا مستقرة وآمنة وموحدة ومتعاونة مع مصالح الغرب”.
والهدف الرئيسي هو تقديم حفتر على أنه “الحل الموثوق للحرب الأهلية الليبية” وكزعيم “موال للغرب ضد الإرهاب” والذي قد يصبح “الزعيم الانتقالي” في الوقت الذي يواصل فيه البلد البحث عن مستقبله.
وتقترح الوثيقة قيام الشركة بكتابة بعض مقالات الرأي وزرعها في الصحافة الغربية، وموقعة باسم حفتر، وتدريب المتحدثين باسمه واستخدام غوغل وويكيبيديا ومنصات التواصل لتعزيز موقف حفتر وسمعته على الإنترنت. وكجزء من تعزيز موقع حفتر المفضل في الغرب، حددت كونسيولم 22 وزيرا ومسؤولا وبرلمانيا وصحافيا في بريطانيا ممن وصفتهم بأصحاب الأسهم. وضمت القائمة وزيري الخارجية والدفاع جيرمي هانت وبيني موردانت والجنرال جون لورمير، المستشار الدفاعي البارز في شؤون الشرق الأوسط، وثمانية صحافيين، ستة من صحف بما فيها بي بي سي والتايمز وإيكونوميست وأربعة نواب بالاسم منهم تويغنات.
كما و لم تذكر الوثيقة الكيفية التي ستقوم فيها كونسيولم بإقناع الأفراد لدعم حفتر، ولكنها تقترح أن التأثير على الرأي العام البريطاني يجب أن يكون بداية استراتيجية “دعم واسعة داخل المؤسسة السياسية الغربية” للجنرال. وتظهر الوثيقة أن أولوية كونسيولم ستكون التأثير على الرأي العام في بريطانيا وتحسين وضع حفتر بينه. وتقول: “هذا لأن بريطانيا عضو دائم في في مجلس الأمن الدولي، وتظل بريطانيا لاعبا ناشطا في الصراع المستمر في ليبيا. ومع الولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما من الدول الغربية، فإن دعم بريطانيا للمارشال حفتر قد يكون له أثر حاسم في تقوية الدعم الغربي”.
واقترحت كونسيولم عمل هذا من خلال شبكة اتصالات في الإعلام الدولي وتحقيق تغيير في المفهوم الدولي عن حفتر. وكانت الخطة ستطبق بالتعاون مع حفتر وطاقمه. واقترحت الشركة أتعابا مقابل العمل بما بين 200.000-250.000 دولار. ورفضت كونسيولم الإجابة على عدة أسئلة، بما فيها طلب من “الموظف الصغير” رسم الإستراتيجية، ولما اتخذ ويلش وقتا طويلا في دراسة الخطوات اللازمة وفيما إن تمت استشارة وزارة الخارجية أو الحكومة في عملية الفحص.
وصرّح متحدث باسم الشركة بأن شركته لم تقم كونسيولم بالمطلق بالتحرك عن أو اتفقت مع خليفة حفتر. وقررت الشركة بناء على دراسة الخطوات اللازمة والتحقيق غير المرغوب به أن التعاون سيكون غير مناسب”. وأضاف أن “جوليون ويلش يعمل كموظف متفرغ في كونسيولم منذ 2014. وكان توظيفه شفافا وبناء على القواعد المتبعة في وزارة الخارجية ولا يزال كذلك”. و”تفتخر كونسيولم بعملها وتطوير البرامج التي تساعد الدول والحكومات على تحسين عملها وبناء قدراتها وتشجيع النتائج الاقتصادية والتحكم بالتغير. وتعمل الشركة بناء على معايير عالية”.
وعقب إعداد وثيقة كونسيولم بفترة قصيرة، كشفت شركة ضغط في تكساس “ليندين غفرمنت سوليشنز” أنها وقعت عقدا بمليوني دولار لتحسين صورة حفتر.
وأخبرت ليندين وزارة العدل الأمريكية في طلبها بناء على قانون تسجيل الوكلاء الأجانب أنها تقدم “استشارة وخدمات استراتيجية ونصيحة وتخطيط وعلاقات عامة” وأنها سترتب لقاءات مع قادة المال والأعمال ومسؤولي الحكومة. ولم تجدد الشركة العقد مع حفتر عند انتهاء مدته ولم ترد على أسئلة من الموقع.
وفي شهر تموز/يوليو اقترح البرلمانيون بمن فيهم وزير في الحكومة، غرانت شابس، تمرير قانون جديد يشبه القانون الأمريكي لتسجيل الوكلاء الأجانب بعدما توصل تقرير برلماني إلى فشل الوزراء والمؤسسات الأمنية بالنظر إلى التدخل الروسي في استفتاء البريكسيت عام 2016. وقالت وزارة الداخلية إنها تنظر وتتابع بالأمر.
وأسس شركة كونسيولم تيم رايان وماثيو غانثر- بوشل عام 2012. وكانا يعملان في شركة بيل بوتينغ. وفي عام 2011 قام صحافي استقصائي بتصوير مدراء بيل بوتينغ وهم يناقشون استخدام “الفنون الشريرة” لمساعدة دول بسجلات فقيرة بحقوق الإنسان مثل بيلاروس وسريلانكا. ولم يشر لعلاقة رايان وغانثر- بوشيل في النقاشات. وتم تجميد الشركة عام 2017 بعد الكشف عن تورطها في التحريض على التوتر العنصري في جنوب أفريقيا لخدمة مصالح عائلة قوية هناك. لكن لا علاقة لكل من رايان وغانثر- بوشيل بالأمر.
وتمتلك شركة “كونسيلوم” مكاتب في لندن ومعظم بلدان الخليج، وتعاملت بشكل مقرّب مع المملكة العربية السعودية لخلق أخبار جيدة عنها في الصحافة الغربية، وحصل الموقع على وثيقة للشركة تقترح إستراتيجية إعلامية يمكن نشرها بعد مقتل خاشقجي، واشتملت على تحديد مؤسسات إعلامية وصحافيين ومعلقين داعمين ومعارضين للسعودية، معظمهم غادروا المملكة ويقيمون في الخارج.