في مفاجأة من العيار الثقيل كشفت خديجة جنكيز وبعد مرور عامين على جريمة القرن باغتيال جمال خاشقجي في قنصلية المملكة بتركيا، لأول مرة عن طبيعة العلاقة الحقيقية بينها وبين الكاتب السعودي الذي غادر الحياة في 2 أكتوبر 2018 بعد قتله وتقطيع جثته بأوامر محمد بن سلمان.
زواج على سنة الله ورسوله
وفي هذا السياق وفي مقابلة أجراها “ألكسندر دويك” بصحيفة “لوموند” الفرنسية مع خديجة، قالت إنها و جمال خاشقجي لم يكونا خطيبين فقط، بل كانا قد تزوجا شرعا يوم 16 سبتمبر 2018 بحضور عائلتها، ولكنها لم تتحدث عن ذلك من قبل.
وفي المقابلة التي أجرتها بإسطنبول وبعد أن استقبلت فريق الصحيفة في صالة صغيرة سرية بفندق “ماريوت” جلست من عرفها العالم بأنها “خطيبة خاشقجي” وإلى جانبها حارسها الشخصي، وبدأت الحديث “لم أكن شيئا، لم أكن معروفة مطلقا، وها أنا أحكي لكم قصة حياتي”.
وتقول إحدى قريباتها للصحيفة إن “خديجة في البداية قبلت بتسمية الخطيبة لأنهما لم يتمكنا من تسجيل زواجهما مدنيا، وهي تعتقد اليوم أن الوقت قد حان للتصالح مع كونها ليست خطيبة خاشقجي بل زوجته، خاصة أنه سلم المهر، وقدم نفسه للوالدين وبقية الأسرة، كما وافق والد الفتاة على ذلك”.
“كل ما تبقى هو الزواج المدني، وكان على السعودي أن يثبت أنه مطلق بالفعل في بلده الأصلي، لأن تعدد الزوجات محظور في تركيا، ولذلك طلب هذه الوثيقة التي أتى ليحصل عليها من القنصلية عندما أغلق عليه الفخ القاتل”، كما تابعت القريبة.
قصة حب انتهت بوحشية
بإمكان خديجة ـ بحسب كاتب التقرير ـ أن تتكلم لساعات عن قصتهما، وكيف تنزها على طول مضيق البوسفور، وكيف تحدثا نفس اللغة، وعن قوله لها “أنت أول امرأة أشعر بالراحة حقا معها”، وكيف كان يكمل الجملة التي تبدؤها، وكيف ذهب كل هذا في لحظة.
انتهى الأمر بالسلطات السعودية بالاعتراف بجريمة القتل، وتبعتها محاكمة صورية بعد أن حاصرتها أجهزة الأمن التركية التي سجلت آخر دقائق جمال خاشقجي في القنصلية، وقد استمعت خديجة إلى هذه التسجيلات وفكرت في الانتحار عدة مرات بحسب أحد أقاربها، لكنها فضلت أن تعرف كل شيء وأن تناضل.
هربت خديجة من إسطنبول التي شهدت مقتل حبها بطريقة فظيعة، لكنها عادت إليها بعد سنة قضتها في لندن. لتقول إن “إسطنبول تعني كل شيء بالنسبة لي”، قبل أن تضيف “لدي كل هذا الحزن في داخلي. هذه جريمة لا يمكن تصورها، لا يمكنني تفصيل جميع التغييرات التي حدثت في حياتي منذ 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018”.
وريث غير رسمي لخاشقجي
وتورد الصحيفة الفرنسية أن خديجة -التي ترملت قبل زواجها رسميا- أصبحت الوريث غير الرسمي لجمال خاشقجي . لأن الشخص الوحيد الذي يمكن أن يكون الوريث موجود في الرياض، وهو الابن الأكبر للصحفي وقد استقبله بن سلمان المشتبه في كونه المحرض الحقيقي على اغتيال أبيه. وأجبره بصورة مهينة على التنازل عن أي ملاحقة تتعلق بمقتله كما يقول الكاتب.
وبقيت خديجة في قلب الصراع، وهي تتحدث بطلاقة إلى قناة الجزيرة أو “سي إن إن” أو التلفزيون السويدي باللغة الإنجليزية. يقول عنها المخرج الأميركي بريان فوغل إنها “في وقت قصير تعلمت اللغة الإنجليزية، وطورت فهمها للعقليات الغربية. وأصبحت ناشطة قوية ومناضلة في مجال حقوق الإنسان، ومحاربة لا تعرف الخوف وتريد العدالة، إنها قوية ومرحة وذكية”.
تحدثت خديجة إلى البرلمان الأوروبي وأعضاء الكونغرس في واشنطن، وتحدثت في حفل تكريم بلندن. وتحلم يوما ما بتأسيس مؤسسة جمال خاشقجي ، وهي -كما تقول كالامار- “رغم الصدمة الشديدة تحمل هذه القصة”. وستفعل كل ما يلزم لحماية كرامتها وكرامة جمال.
حتى لا ينسى أحد الجريمة
وتقول كالامار بحسب الصحيفة إنه من غير العادل وصف خديجة فقط بأنها “زوجة خاشقجي”. لأن الحياة ألقت دراما شخصية مروعة في وجهها، وهي تعرف ما تريد. و”حتى لو انسحب الناس جميعا من القضية فإنها لن تنسحب” كما يقول النائب التركي والأكاديمي ياسين أقطاي.
ويقول أقطاي إن “القتلة الحقيقيين والكفلاء لم يحاكموا أو يدانوا بعد”، لكنهم بفضل خديجة يتعرضون في جميع أنحاء العالم لشكل آخر من أشكال العقوبة. وهو ثقل العار”، ولا أدل على ذلك من إسقاط صفقة نادي نيوكاسل الإنجليزي لكرة القدم هذا الشتاء.
وتختم الصحيفة الفرنسية بأن مسؤولية الدولة السعودية في مقتل جمال خاشقجي تم تحديدها بوضوح من خلال تحقيقات كالامار للأمم المتحدة ووكالة المخابرات المركزية. ولكن لم تتخذ أي دولة أي عقوبات حقيقية ضد الرياض لتسليط الضوء على هذه القضية.
شاهد : “المنشق” يرعب ابن سلمان.. وثائقي يروي تفاصيل اغتيال خاشقجي من لحظة خنقه حتى اذابة جسده
تابعوا قناتنا على يوتيوب لمشاهدة كل جديد..