استنساخ نموذج مشوه من تجربة “أبو علاء”.. مصدر مطلع من داخل مطبخ النظام يكشف “خطة” السيسي لإرضاء بايدن

باتَ واضحاً جدا انّ نظام عبدالفتاح السيسي في مصر، يحسب ألف حساب لحقبة ما بعد دونالد ترامب، ووصول جو بايدن الى البيت الأبيض، وكان بايدن حذّر السيسي في تغريدة بشهر يوليو الماضي، وقال إنه إذا انتُخِب رئيساً فلن يكون هناك “المزيد من الحرية المطلقة لديكتاتور ترامب المفضل”.

 

استنساخ نموذجا مشوها من تجربة مبارك “أبو علاء”

ويسعى السيسي بشتى الطرق حاليا لوضع خطة تعامل تتناسب مع الرئيس الأمريكي الجديد وخلفيته، وفي هذا السياق كشف مصدر أمني مصري رفيع المستوى عن بدء السلطات المصرية عملية وصفها “بإحلال وتجديد” للوجوه الإعلامية، تماشيا مع التغييرات الجديدة بالسياسة الأمريكية.

 

هذا المصدر وفي تصريحات خاصة نقلته عنه “الجزيرة” شدد على أن السيسي يريد القيام بخطوة استباقية مع الإدارة الأميركية الجديدة، عبر تقديم وجوه جديدة تشكل صورة مختلفة يريدها بايدن والديمقراطيون في الولايات المتحدة، مع السماح لمعارضة مستأنسة بأخذ دور أكبر؛ بما يسهم في تصدير صورة ديمقراطية عن مصر.

 

واعتبر مراقبون أن السيسي يسعى إلى استنساخ نموذج مشوه من تجربة الرئيس الراحل حسني مبارك في السماح بهامش معارضة كبير في البرلمان، ونسبة أكبر في الإعلام ومنظمات المجتمع المدني، لكنهم أكدوا أن السيسي لن يقدر على تلك التجربة التي يمكن أن تسمح بانتقادات حادة لشخص السيسي نفسه.

 

تفاديا لأي صدام

وتأتي الخطوة المصرية تفاديا لأي صدام متوقع مع الإدارة الأميركية الجديدة، خاصة بعد الانتقادات السابقة التي وجهها بايدن للسيسي في يوليو الماضي، وقال فيها “لا مزيد من الشيكات على بياض لدكتاتور ترامب المفضل”. فضلا عن مطالبة أعضاء بالكونغرس الأميركي ونواب بالبرلمان الأوروبي -عبر رسائل منفصلة وجهوها إلى السيسي- باحترام حقوق الإنسان والإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين.

 

المصدر -الذي رفض الكشف عن هويته- لفت إلى أن بايدن كان نائبا للرئيس السابق باراك أوباما، وكانت الإدارة الأميركية تصر وقتها على وجود متنفس للحرية ووسائل إعلامية تعرض رأي المعارضة، وهو ما افتقدته مصر منذ انقلاب يوليو 2013، الذي قاده السيسي عندما كان وزيرا للدفاع، وأطاح بالرئيس المنتخب محمد مرسي، الذي توفي في السجن العام الماضي.

 

وزاد البطش الأمني والتجييش الإعلامي والخط الواحد المؤيد للسلطة في وسائل الإعلام، مع وصول ترامب للسلطة عام 2016.

 

عباس كامل والخطة

وطلب السيسي -وفقا للمصدر الأمني- من عباس كامل رئيس جهاز المخابرات العامة تجهيز خطة المرحلة المقبلة، حيث تم تشكيل لجنة برئاسة كامل لتقييم المرحلة الماضية، ووضع تصورات للخطة المقبلة، وتضم اللجنة كلا من اللواء محسن عبد النبي مدير مكتب رئيس الجمهورية، ومحمود السيسي نجل الرئيس والضباط بالمخابرات العامة، والمقدم أحمد شعبان المسؤول عن ملف الإعلام في المخابرات.

 

وتتحدث تقارير معارضة عن صراع بين عباس كامل ومحسن عبد النبي على إدارة الإعلام في مصر، لكن يبدو أن كامل حسمه لصالحه مؤخرا.

 

اللجنة وضعت صورة مبدئية لمرحلة بايدن، حيث تريد السلطات المصرية تقديم صورة مختلفة تريدها إدارة بايدن لا تتطلب “قلة أدب ولا بلطجة ولا تهديد” كما يحدث في الإعلام حاليا؛ مما سيدفع الحكومة لتسريح عدد كبير من المذيعين أصحاب “الحناجر ومتخصصي الردح والشتائم والتهديد”، حسب وصف المصدر الذي تحدث للجزيرة نت.

 

ولم تخلص اللجنة إلى أي قرارات أو تستقر على الوجوه الجديدة، ولكنها وضعت الخطوط العريضة التي ستعمل بها في الفترة المقبلة، والتركيز على الإعلاميين والصحفيين الشباب، لاختيار وجوه هادئة تتسم بالقبول لدى الشارع المصري، ولا يتم اعتبارها “كروت محروقة”.

 

إحلال وتجديد

وشدد المصدر على أن عملية الإحلال والتجديد في الصحف ووسائل الإعلام المصرية لن يتم البدء فيها إلا بعد تسليم السلطة رسميا لصالح جو بايدن في يناير/كانون الثاني المقبل، واختفاء ترامب من المشهد، على أن تتم بصورة تدريجية، والتخلص من الوجوه القديمة رويدا رويدا.

 

يأتي هذا في الوقت الذي حذر فيه إعلاميون وكتاب مصريون من ضغط الإدارة الأميركية الجديدة على نظام السيسي، وعدّد الكاتب عماد أديب -في مقال له- ما وصفها بسيئات بايدن بالنسبة لمصر، في كونه “يدعم الديمقراطيات وينحاز للحريات” قائلا “باختصار نحن أمام رئيس سوف تؤدي سياسته وسياسة حزبه إلى جعل السنوات الأربع المقبلة جحيما ممزوجا بالقلق والصراعات والعقوبات”.

 

لكن الإشارات الأكثر إثارة للجدل جاءت قبل أيام عبر أستاذ العلوم السياسية المذيع معتز عبد الفتاح، الذي أثار سخرية مواقع التواصل الاجتماعي بقوله إنه يتمنى هزيمة بايدن، لأنه سيكون عكس ترامب، الذي تركنا على راحتنا، لكن بايدن سيلعب بآذاننا وأنوفنا، وسيسألنا عن الأحزاب والمعارضة والسجون والسجناء.

شاهد أيضا: “شاهد” الصورة التي تجاهلها إعلام النظام المصري حينما رفع رئيس وزراء اليونان حذائه في وجه السيسي!

معارضة شكلية ومنع الإخوان

وحسب المصدر ذاته، فقد استقرت اللجنة كذلك على فتح الباب أمام الوجوه المعارضة، “التي لا تخطئ ولا تشتم في السيسي”، واستضافتها في وسائل الإعلام، وتشكيل معارضة صورية، كما كان يحدث خلال نظام مبارك، فضلا عن فتح هامش من الحريات للمواطن العادي، والكف عن الملاحقة الأمنية والاعتقالات.

 

وحول دور تنظيمات الإسلام السياسي، خاصة جماعة الإخوان المسلمين في الفترة المقبلة، قال المصدر إن السيسي “يرفض حتى الآن وبشكل قاطع عودة جماعة الإخوان للمشهد السياسي مرة أخرى، بل ويرفض عودتهم بصورة جزئية للمشروعات الخيرية والدعوية فقط، معتبرا أن هذا الأمر سيتسبب في عودة الشعبية لهم من جديد، في حين يقوم وجود السيسي في الأساس على وصفهم بالإرهابيين”.

 

حزب النور

واختتم “من الممكن عودة حزب النور السلفي للمشهد مرة أخرى كواجهة للتيار الإسلامي، ولكن بشرط عدم التعرض للسيسي وسياساته بالسلب، وهذا الأمر أيضا على طاولة اللجنة”.

 

يذكر أن الحزب الذي يمثل جانبا من التيار السلفي في مصر خرج خالي الوفاض من انتخابات مجلس الشيوخ الشهر الماضي، وعين السيسي اثنين من أعضاء الحزب في المجلس ضمن 100 عضو الذين عينهم وفقا للدستور.

 

وتشير نتائج انتخابات مجلس النواب الحالية إلى خسارة مماثلة للحزب، الذي كان نظام السيسي يستخدمه ممثلا للتيار الإسلامي في المرحلة السابقة، في محاولة للادعاء بعدم إقصاء الإسلاميين من المشهد.

 

تابعوا قناتنا على يوتيوب لمشاهدة كل جديد..

 

أضغط هنا وفعل زر الاشتراك

 

 

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث