نشر الأكاديمي الإماراتي الدكتور عبدالخالق عبدالله، مستشار ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، مقالا له بموقع “سي إن إن بالعربية” تحدث فيه عن ملف المصالحة الخليجية الذي انتعش مؤخرا بوساطة كويتية ودعم أمريكي.
وفي مفاجأة بحسب ناشطين يعد مقال مستشار ابن زايد إشارة لدخول الإمارات لمفاوضات الصلح حتى لا تقع في عزلة وحدها، بعدما فشلت أبوظبي في إفشال جهود المصالحة هذه المرة.
وقال “عبدالله” في مقاله إن عام 2021 قد يكون عام ما بعد أزمة الخليج خليجيا، حيث بدأ العدد التنازلي لطي صفحة هذه الأزمة التي اندلعت في يونيو 2017 واستمرت لأكثر من ثلاث سنوات كانت من أصعب السنوات التي مرت على مجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه في 25 مايو 1981 والتي دفعت البعض لإصدار شهادة وفاة بحق هذا المجلس.
واضاف:”فبعد تلك السنوات الثلاث العجاف، وبعد تعثر الوساطة الكويتية والأمريكية مراراً وتكراراً، بل وبعد أن بلغ اليأس والإحباط أقصاه، وساد الاعتقاد بأن أزمة الخليج جاءت لتبقى، ليس لثلاث سنوات فحسب، بل لثلاثين سنة قادمة، تحرك فجأة قطار المصالحة الخليجية من جديد خلال الشهر الأخير من 2020 إثر أخبار صحفية وبيانات رسمية، وتصريحات وتغريدات من مسؤولين خليجيين تشير إلى أن المصالحة الخليجية تعيش لحظات مهمة، وأنها تمر بالدقائق الخمس الأخيرة من الساعة الخليجية التي تسابق الزمن.”
واعتبر عبدالخالق عبدالله أن هذه البيانات والتصريحات التي تدفقت خلال الأسبوعين الماضيين، تعكس أجواء إيجابية وتفاهمات وتوافقات ومفاوضات شاقة تجري حاليا في الكواليس وخلف الأبواب المغلقة لتدوير زاوية معضلة أزمة الخليج وبشائر مصالحة تدريجية، وتتم على أكثر من مسار العاجل منه والآجل.
وأكمل مشيرا لبنود الصلح متغافلا الـ13 شرطا الذي تمسكت به دول الحصار سابقا:”مفاوضات الدقائق الخمس الأخيرة من الخلاف الخليجي تتناول أمور سياسية وأمنية وثنائية وجماعية وأهم بند من بنودها الالتزام الجماعي بمكافحة التطرف والإرهاب بكافة صورهما، ومنع تمويلهما أو توفير الملاذات الآمنة لها، علاوة على إيقاف أعمال التحريض، ووقف خطاب التحريض والحض على الكراهية أو العنف، مع الالتزام الكامل باتفاق الرياض لعام 2013، وملحقه لعام 2014، والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول، أو دعم الكيانات الخارجة عن القانون.”
واستطرد في إشارة لمصالحة خليجية شاملة بين كل الأطراف:”في مقابل الالتزام الدقيق والجاد بكل ذلك، سيتم فتح المنافذ البرية والسماح لطائرات الخطوط القطرية لعبور الأجواء الخليجية ثم رفع فيقة بنود المقاطعة لاحقاً.”
واعتبر مستشار ابن زايد أن أهم جديد في مسار مصالحة 2020 أن الوثيقة النهائية ستكون ملزمة بضمان أمريكي “الضمان الأمريكي هو الجديد تحت الشمس. لقد اقتنعت واشنطن أخيراً أن تكون ضامن لأي اتفاق ملزم لكافة الأطراف خاصة الطرف القطري من أجل عدم تكرار ما حدث عام 2014. بعد تجاوز عقبة الضامن أصبح مسار قطار المصالحة سالكًا.”
وأهم ما يميز المصالحة الخليجية 2020 عن سابقاتها ـ بحسب الأكاديمي الإماراتي ـ أنها تتم بضمان من واشنطن “لكن بجانب الضامن الأمريكي، فإن المصالحة الجديدة مختلفة أيضا كونها تطبخ على نار هادئة، ومدروسة بعناية فائقة، ووفق خطوات تدريجية وجدول زمني واضح، كل خطوة صغيرة تتلوها خطوات كبيرة، ليصل قطار المصالحة الخليجية إلى محطته الأخيرة دون عجلة أو استعجال. لا شك أن هذه التطورات مهمة بل هي الأهم منذ اندلاع أزمة الخليج، وإن صحت وتأكدت رسمياً، فإنها تدعو للتفاؤل دون الإفراط في التفاؤل لعدة أسباب.”
شيطان التفاصيل
وتابع مستشار ابن زايد في مقاله:”فمن ناحية أولى، يكمن شيطان أي اتفاق في شيطان التفاصيل التي تتم في الدقائق الأخيرة من الاتفاق. وشيطان الخلاف الخليجي مريب ومراوغ، وبإمكانه تعطيل حركة المصالحة بل وإرجاعها إلى الدقائق الأولى من الساعة الخليجية بعد أن بلغت الدقائق الخمس الأخيرة.”
وهناك ثانيا الحقيقة المرة أن قطار المصالحة الخليجية سبق أن تحرك أكثر من مرة خلال السنوات الثلاث الأخيرة. ففي المرة الأولى حدث انفراج وتفاؤل لم يستمر أكثر من 24 ساعة. ثم حدث اختراق آخر مهم دفع البعض للتفاؤل بمناسبة مباريات كأس الخليج، حيث تحرك قطار المصالحة خطوة مهمة إلى الأمام ليعود إلى الوراء أكثر من نصف خطوة. ثم جاءت مناسبة خليجية سياسية مصاحبة للقمة الخليجية الأخيرة، تمت خلالها مصافحات على أعلى المستويات. تلك المصافحة لم تحرك قطار المصالحة الخليجية كثيراً. بعد كل خطوة من هذه الخطوات يعود قطار المصالحة إلى الانتكاس إلى الوراء ليخيب الآمال ويتعثر التفاؤل الشعبي كما الرسمي، ليصبح الخلاف الخليجي وكأنه قدر أهل الخليجي.
ولم ينس عبدالخالق عبدالله في مقاله مهاجمة تركيا وأردوغان والإتيان بشماعة الإخوان وتلك الإسطوانة المشروخة: “علاوة على كل ذلك هناك ثالثًا الدور المشبوه للقوى المنزعجة والمتضررة من أي مصالحة خليجية، وهم كثر في الداخل والخارج وفي المقدمة إيران وأردوغان وجماعة الإخوان. لقد كان هذا الثلاثي المستفيد الأكبر من تصدع البيت الخليجي، وقاموا بأدوار مختلفة لتأجيج أزمة الخليج، وهم الخاسر الأكبر لانتهاء هذه الأزمة وعودة اللحمة والأخوة الخليجية، وتعافي البيت الخليجي من أزمته الراهنة. الانسجام الخليجي ليس من صالح هذه الأطراف التي لا يمكن الاستهانة بدورها التخريبي لإرجاء المصالحة خليجية.”
وأكمل:”لكن على الرغم من هذه العراقيل وأدوار المعرقلين السلبية، وعلى الرغم من صعوبة التوافق والإجماع على تفاصيل الدقائق الخمس الأخيرة، فإن إرادة السير في مصالحة خليجية على كافة المستويات، وفي جميع العواصم الخليجية تبدو قوية، بل هي أقوى من أي وقت سابق. دول الخليج العربي ودول الرباعي العربي هم الآن أكثر استعداداً لإنهاء مقاطعة قطر التي استنفذت غاياتها وحان وقت تجاوزها.
واختتم مستشار ابن زايد مقاله بالقول:”طي صفحة الخلاف الخليجي آت لا ريب فيه، وقطار المصالحة الخليجية تحرك من جديد وبدفع جديد، وهذا في حد ذاته يدعو للتفاؤل بأن 2021 قد يكون عام ما بعد أزمة الخليج خليجياً، كما هو عام ما بعد فيروس كورونا عالميا، وأصبح من المؤكد أن 2021 هو عام ما بعد الرئيس دونالد ترامب أمريكياً.”
تابعوا قناتنا على يوتيوب لمشاهدة كل جديد..