الربيع العربي تحول إلى شتاء وهكذا فتحت السعودية الباب لإسرائيل من أجل للانضمام إلى منبر البحر الاحمر
أكد موقع “ميدل إيست أي” البريطاني، أن إسرائيل وجدت في الثورات المضادة للربيع العربي وقادتها أصدقاء جدد، بعد ما كانت غير راضية عن موجة الديمقراطية التي اجتاحت العالم العربي وكانت ستنافسها على موقع “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط”.
تداعيات غير مقصودة
وقال الموقع، في مقال للكاتبة ليلى غاليلي، إن الطريقة الوحيدة لوصف نتائج الربيع العربي بأنها “تداعيات غير مقصودة”، مضيفةً: “بعد عشر سنوات على نهاية مظاهرات الربيع العربي والتي أطاحت بأربعة أنظمة عربية يتفق المحللون الإسرائيليون أن كانون الأول/ديسمبر 2020 هو النتيجة الطبيعية لأحداث كانون الأول/ديسمبر 2010”.
وأضافت غاليلي: “ربما اختلفوا في تقييمهم وتفسيرهم للتطورات تلك لكنهم وبالعودة للوراء يرون أن بداية العقد الماضي كانت بداية عمليات التطبيع بين دول عربية وإسرائيل”، مؤكدة أن المحللون يتفقون بأن مصطلح الربيع العربي الذي نحته الغرب ليس أمراً واقعاً ولا تزال أسبابه وتياراته التي دفعت لاندلاعه موجودة ويمكن أن تنفجر في المستقبل.
وحسب المقال، يتفق الإسرائيليون على أن الرد الإسرائيلي على تلك الأحداث كان مرتبكاً ومتشوشاً منذ البداية، حيث انقسم الرأي العام بين اعتقدوا أن الربيع العربي سيئ لوضع إسرائيل وبين من قالوا إنه تطور جيد يخدم الدولة العبرية.
وأضافت الكاتبة: “لم يتوقف النقاش حول التظاهرات والانتفاضات ولكن حول المصطلح نفسه الذي استبدله البعض بالشتاء العربي، أو بالمصطلح العبري الذي استخدمته الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “تلتلة” (هزة) أو “الوباء المصري” مما يعكس التشوش العميق والسخرية”.
تناقضات نتنياهو
وتابعت: “إذا كان الخطاب الإسرائيلي يعبر عن الحيرة والتصريحات المتناقضة فمواقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعكس سياسة مرتبكة، فرئيس الوزراء الذي طالما مارس في كتبه دور الواعظ وأن غياب الديمقراطية في العالم العربي هو أكبر عقبة للسلام في الشرق الأوسط، تجنب أي ملمح ديمقراطي في الربيع العربي”.
وأكملت: “ففي خطاب ألقاه في الكنيست في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 ساخرا من الذين تعاملوا بإيجابية مع الأحداث قال: الشرق الأوسط ليس مكانا للسذج، وهذا بخلاف تصريحاته الدولية التي تبنى فيها موقفا لينا مثل قوله: إسرائيل هي ديمقراطية تشجع وتروج لقيم الحرية والديمقراطية في الشرق الأوسط. والترويج لهذه القيم سيخدم السلام”.
وحسب الموقع البريطاني، فإنه وفي ورقة نشرها المركز الإسرائيلي للسياسة الخارجية الإقليمية “ميتفيم” في كانون الثاني/يناير 2013 ذكر المحلل ليئور ليهرز عن مصدر حكومي في القدس قوله إن نتنياهو شعر بحاجته لتضييق الفجوة بينه والمجتمع الدولي.
وأضاف ليئور أن رئيس الوزراء كزعيم الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط يفهم أنه لا يستطيع تجنب النقد الدولي لحسني مبارك ولهذا قام هذه المرة بالتصدي لموضوع ترويج الديمقراطية في المنطقة؛ لكن هذا الزعيم لهذه الدولة التي تصف نفسها خطأ بأنها “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط” صادق بعد ذلك التصريح عددا من الأنظمة الديكتاتورية بالمنطقة.
الربيع العربي والتطبيع
وحسب الموقع البريطاني، فقد كانت الرابطة بين الربيع العربي وتطبيع العلاقات بين إسرائيل مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب ودول أخرى محتملة الموضوع الرئيسي في مؤتمر نظمه مركز بيغن- سادات للدراسات الإستراتيجية (بيسا) بجامعة بار إيلان.
المعلق الإسرائيلي المعروف إيهود يعاري، قال للموقع البريطاني: “يعتبر الربيع العربي شهادة وفاة للقومية العربية كما نعرفها في المشرق وولادة لأنظمة ديكتاتورية جديدة، كما أن انهيار عواصم مركزية مثل القاهرة ودمشق حفز الدول العربية الهامشية للقيام بترتيب الميدان”.
وتابع يعاري: “انتقلت العاصمة إلى الإمارات العربية المتحدة، وهي دولة حديثة رغم حجمها المتواضع، وهذا بعد تاريخي لن يتغير في المستقبل القريب ولعبة جديدة في الشرق الأوسط”.
وحسب يعاري، فإن التنافس التركي الإيراني على الهيمنة في العالم العربي دفع الدول العربية الصغيرة للبحث عن شراكات جديدة برعاية الولايات المتحدة، لافتاً إلى أن تباهي نتنياهو بضم الضفة الغربية منح ولي العهد في أبو ظبي محمد بن زايد فرصة للتطبيع.
وقال: “لن يفعلوها من أجل إمدادات أف-35 وهدفهم هو الحصول على نوع من الميثاق العسكري الأمني، وستتبعهم دول أخرى وحتى قطر فلن تبقى طويلاً لو انضمت السعودية، وستنضم دول إسلامية أخرى مثل النيجر ومالي”.
وأشار إلى أن الربيع العربي هو صرخة من يصفهم أصدقائي العرب: العاجزين واليائسين والعاطلين عن العمل، ولم يكن عجلة لتغيير الأنظمة، لكن عددا من الدول التي شهدت الربيع العربي موجودة فقط على الخارطة”.
منبر البحر الأحمر
وحسب الموقع البريطاني، فإنه وبناء على هذه المعطيات والسيناريوهات فإن إسرائيل ستصبح جزءاً من المنطقة وستنضم إلى منبر البحر الأحمر وهي المبادرة السعودية الجديدة التي يتم نقاشها.
وفي السياق، يرى مناحيم كلاين، الباحث السياسي والمستشار لفريق المفاوضات الإسرائيلي في 2000 و2003، أن كل عمليات التطبيع جاءت نتاجا للربيع العربي وتحلل الجامعة العربية، مضيفاً: “وحدت هذه الجامعة الدول العربية ضد إسرائيل لكنها بدأت تتقاتل فيما بينها بعد اندلاع الربيع العربي”.
وأضاف: “في ظل التكتلات الجديدة أصبحت إسرائيل عاملا آخر في النسيج الدقيق من التحالفات والتنافسات في العالم العربي، وتل أبيب دمجت في النسيج العربي ليس من خلال اتفاقيات التطبيع هذه ولكن لأنها أصبحت لاعبا ناشطا في المتاهة المعقدة من مصالح دول الشرق الأوسط”.
وتابع: “قبل مدة طويلة حلم شيمون بيريس بأن تكون إسرائيل عضوا في الجامعة العربية ولكن ما لم يتخيله منطقة محطمة لا جامعة فيها بشكل عملي”.
جوانب سلبية
أما الجانب السلبي، فهو أن إسرائيل تظل في عين الكثيرين ذراعا للولايات المتحدة، ويمكن استخدامها للحماية والتسليح وكذا كطريق إلى واشنطن. ورغم اتفاق كل من يعاري وكلاين على تأثير الربيع العربي على القضية الفلسطينية إلا أن ما توصلا إليه مختلف، وفق الموقع البريطاني.
وقال يعاري: “أعتقد أن التطبيع الذي نبع من الربيع العربي سيضع ضوابط أكثر على الحكومة الإسرائيلية، حتى الجناح اليميني الأكثر تطرفا فيها، لا ضم ولا بناء في مناطق إي 1 المثيرة للجدل. وستخسر إسرائيل الكثير، أما بالنسبة “للفلسطينيين فقد اكتشفوا أنه لم يعد لديهم أحد يعتمدون عليه وبالتالي عليهم تغيير المسار”.
إلا أن كلاين يختلف في نظرته فأهم تداعيات خطيرة لعقد غير الشرق الأوسط كانت القضية الفلسطينية، وقال: “نظراً لأن الوطنية الفلسطينية لم تعد شأنا عربيا وتخلى العرب عن الفلسطينيين وفي الواقع هم تحت ضم فعلي، ولهذا تحولت الوطنية الفلسطينية إلى قضية محلية إسرائيلية”.
وأضاف كلاين: “هي شأن يتعلق بالسياسة المحلية لا السياسة الخارجية، وتطور كهذا يمكن أن يجعل الوضع صعبا في غياب قوة خارجية تقود إلى حل، وأي انفجار في داخل المناطق يمكن أن يقود الآن إلى الفوضى”.
ويعرف كلاين عن خطة إسرائيلية للتعامل مع أي انفجار، فبحسب هذه الخطة التي أعدت بعناية على مدى السنوات الماضية، فستسيطر إسرائيل على الضفة الغربية وتقسمها إلى شرائح مثل “نابلس الكبرى”، “جنين الكبرى” وغير ذلك، وستكون كل منطقة تحت حاكم عسكري. وقال كلاين إن القيادة المركزية الإسرائيلية تدربت على تطبيق الخطة.