عادت قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، إلى الواجهة من جديد بعد أن أثار النائب العام المصري غضب السلطات الايطالية بإغلاقه ملف القضية.
غضب في إيطاليا
واعتبرت الخارجية الايطالية أن القرار المصري غير مقبول، وأكدت أنها ستواصل العمل في جميع المحافل، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، حتى تظهر الحقيقة بشأن القتل البربري لجوليو ريجيني، معربة عن الأمل بأن يشاطر مكتب المدعي العام المصري هذه الحاجة إلى إظهار الحقيقة وتقديم التعاون اللازم مع مكتب المدعي العام في روما.
مجلس النواب
رئيس مجلس النواب الإيطالي روبرتو فيكو كتب على صفحته على فيسبوك: “إن هناك حدا لكل شيء، وإن أسباب عدم رغبة المدعي العام المصري بإقامة محاكمة في حادث اختطاف وتعذيب وقتل باحثنا، مخزية. إنها تكذب مع علمها بأنها تكذب. ولهذا السبب يوقف مجلس النواب العلاقات الدبلوماسية مع البرلمان المصري”.
عضو مجلس النواب الإيطالي عن الحزب الديمقراطي لاورا بولدريني كتبت على صفحتها على فيسبوك: “علمنا أن إيطاليا سلمت في الـ23 من ديسمبر الماضي فرقاطة لمصر. كفى إمدادات عسكرية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. كفى أي تطبيع للعلاقات مع الحكومة المصرية!”.
فرقاطة إيطالية
تسليم مصر فرقاطة أثار أيضا غضب والدي ريجيني الذين أعلنا استعدادهما لتقديم شكوى قضائية ضد حكومة بلدهما لانتهاكها قانون بيع الأسلحة لدول “ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”.
وفي لقاء تلفزيوني على شبكة “لاسيتي” الإيطالية أكد كلاوديو وباولا ريجيني إعداد عريضة من قبل محامية الأسرة أليساندرا باليريني، بخصوص تقديم شكوى قضائية ضد الحكومة الإيطالية بعد تسليم روما القاهرة فرقاطة حربية من نوع “فريم”أواخر كانون الأول/ديسمبر الماضي.
سجال بين القاهرة وروما
ورغم السجال بين القاهرة وروما بخصوص قضية مقتل ريجيني، وصلت قاعدة الإسكندرية الخميس الماضي فرقاطة بحرية إيطالية من طراز “فریم” وهي واحدة من أصل فرقاطتين من الطراز ذاته، تم التعاقد عليهما بين مصر وإيطاليا.
اقرأ أيضاً: من يذكر اسمه يذهب مباشرة إلى السجن.. محمود السيسي قتل ريجيني والديكتاتور يجهزه لخلافته
وجاء تسليم الفرقاطة بعد أيام قليلة من إنهاء النيابة في روما تحقيقاتها بشأن مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة عام 2016 واتهامها 4 ضباط من جهاز الأمن الوطني المصري بتنفيذ الجريمة.
وكان النائب العام المصري، المستشار حمادة الصاوي، أعلن الأربعاء الماضي حفظ التحقيقات في واقعة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، وفيما اعتبر أن اتهامات سلطات التحقيق الإيطالية لضباط مصريين دون أدلة، أكد أن أطراف معادية لمصر وإيطاليا تستغل الحادثة للوقيعة بينهما.
وقال في بيان، إنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في واقعة قتل واحتجاز الباحث الإيطالي جوليو ريجيني وتعذيبه بدنيًّا عام 2016 بشكل مؤقت لعدم معرفة الفاعل، كما قرر استبعاد ما نُسب إلى أربعة ضباط وفرد شرطة في قطاع الأمن الوطني في تلك الواقعة من الأوراق، وأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في واقعة سرقة منقولات المجني عليه بالإكراه الذي ترك آثار جروح به لانقضائها بوفاة المتهمين.
تحقيقات النيابة العامة في قضية ريجيني
وحسب البيان: بدأت تحقيقات النيابة العامة في الواقعة في شباط/فبراير 2016 مع اكتشاف المارَّة جثمان المجني عليه في طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي في منطقة 6 أكتوبر، واستمرت التحقيقات لما يقارب نحو خمس سنوات متصلة، وقفت النيابة العامة خلالها على جميع الملابسات منذ اختفاء المجني عليه وحتى ظهور جثمانه، وكشفت عن تفاصيل الفترة التي أمضاها من حياته خلال تردده على البلاد وإقامته فيها وسفره المتعدد منها وعودته إليها بعد زيارته دولا مختلفة منها إيطاليا وتركيا وإسرائيل.
وزاد أن التحقيقات حددت معارف المجني عليه من المصريين والأجانب، وما باشره في إطار إجراء بحثه العلمي في مصر حول الحركة النقابية والعمالية، والنقابات المستقلة خاصة نقابة الباعة الجائلين والعمال غير المنتظمين تحت إشراف الجامعة الأمريكية في القاهرة، وكذا حددت التحقيقات ما حدث منه في الأيام الأخيرة قُبيل اختفائه، وفي اليوم الذي اختفى فيه تفصيًلا حتى ظهور جثمانه.
وطبقاً للبيان، اتخذت النيابة العامة لتحقيق الواقعة إجراءات بشأن تشريح جثمان المجني عليه بيانًا لسبب وفاته، وفحص ملابسه والآثار المرفوعة من المكان الذي عثر عليه فيه، وتحليل عمليات شريحة المجني عليه الهاتفية والشرائح التي تواجدت في موقعي اختفائه والعثور على جثمانه يومي الاختفاء والعثور، وفحص آلات المراقبة بالنطاق الذي اختفى فيه، وسماع شهادة ما يربو على مئة وعشرين شاهدًا.
وواصل البيان: أثبتت التحقيقات تحدث المجني عليه إلى الباعة الجائلين عن نظام الحكم في مصر، مؤكدًا لهم أن بيدهم تغيير الأوضاع فيها أسوة بما حدث في دول أخرى.
ولفت، إلى أن بين الإجراءات التي اتخذتها النيابة العامة معاينة مسكن المجني عليه في مصر، إذ تبينت جمع والديه كل متعلقاته من المسكن خاصة كمبيوتره بعد إعلان وفاته مباشرة، وقبل إجراء المعاينة.
15 لقاءً في قضية ريجيني
وعن إجراءات التعاون القضائي مع نيابة روما، قال بيان النائب العام، إن من إجراءات التعاون القضائي الدولي التي اتخذتها النيابة العامة لإحاطة نيابة الجمهورية في روما بمجريات التحقيقات منذُ بدئها، عقدها خمسة عشر لقاء ثنائيًّا بين فريقي التحقيق في النيابتين طوال فترة التحقيقات، وإرسالها خمسة طلبات مساعدة قضائية إلى سلطة التحقيق الإيطالية تضمنت طلبات جوهرية تفيد في كشف الحقيقة، ولم تنفذ السلطة المذكورة بعضًا منها، كطلب إرسال جهاز الحاسب الآلي المحمول الخاص بالمجني عليه لفحصه وتحليل محتوياته، ومحاضر سؤال شهود أشارت إليهم سلطة التحقيق الإيطالية، وذلك بدون إبداء أسباب مستساغة لرفضها، إذ عللت رفضها الاستجابة لتلك الطلبات بالتزامها مع الدول التي حصلت منها على معلومات في التحقيقات بعدم الإفصاح عنها إلى النيابة العامة المصرية أو أي دولة أخرى، وهو ما يخرج عن نطاق الأعراف في إجراءات التعاون القضائي الدولي باعتبار أن النيابة العامة المصرية صاحبة الاختصاص الأصيل في تحقيق الواقعة.
وأوضح أن النيابة العامة المصرية تلقت أربعة طلبات مماثلة من نيابة الجمهورية في روما، استجابت للعديد مما ورد فيها، ولم تستجب إلى طلبات محددة منها، كطلب حركة محطات كل شركات خدمات الهواتف المحمولة في نطاق خمس محطات لمترو الأنفاق عن فترة ما قبل اختفاء المجني عليه وحتى بعد ظهور جثمانه بأيام عدة، وطلب كل أسماء الأجانب الذين استُوقِفوا أو أُلقِيَ القبض عليهم في القاهرة مساء يوم اختفاء المجني عليه، لتعذر تنفيذ بعض هذه الطلبات فنيًّا، ولانتهاك البعض الآخر منها حرمة الحياة الخاصة لكثير من المواطنين المصريين، ومخالفتها القواعد الأساسية لحماية حقوق الإنسان وفقًا للصكوك والمواثيق الدولية.
وزاد: باشرت النيابة العامة التحقيقات في واقعة العثور على متعلقات المجني عليه في مسكن أحد أفراد عصابة إجرامية يوم الرابع والعشرين من شهر أذار/مارس، عام ألفين وستة عشر ميلادية، والتي كشفت عن ارتكاب أفرادها جرائم سرقة مواطنين وأجانب بالإكراه منهم إيطالي الجنسية خلاف المجني عليه في نطاق محافظتي القاهرة والجيزة على مدار سنوات وحتى آذار/مارس عام ألفين وستة عشر، والتي انتهت منها، بناءً على أدلة متساندة، إلى ارتكاب خمسة أفراد من تلك العصابة جريمة سرقة متعلقات المجني عليه بالإكراه الذي ترك آثار جروح به، ووفاتهم خلال محاولة الشرطة ضبطهم، وجدير بالذكر أن النيابة العامة قد أفردت تحقيقًا مستقلًّا في واقعة وفاتهم باعتبارها واقعة مستقلة، حققت فيها مدى تجاوز الشرطة معهم خلال مبادلتهم إطلاق الأعيرة النارية أثناء محاولة ضبطهم، وسوف تعلن النيابة العامة، ما آلت إليه هذه التحقيقات في بيان مستقل.
وعن اتهام سلطة التحقيق الإيطالية أربعة ضباط وفرد شرطة من قطاع الأمن الوطني، ذكر البيان، بأن النيابة العامة باشرت التحقيقات فيما أثارته سلطة التحقيق الإيطالية قِبَل وانتهت إلى استبعاد كل ما نُسب إليهم، وتبينت أن جميع ما طرحته سلطة التحقيق الإيطالية من شبهات قِبَلهم قد جاء نتيجة استنتاجات خاطئة لا يقبلها المنطق ولا توافق القواعد القانونية الجنائية المستقر عليها دوليًّا ومبادئ القانون الأساسية، والتي تستلزم توافر أدلة يقينية على وجه الجزم واليقين في حق المشتبه بهم لمحاكمتهم جنائيًّا، وليس الاستناد إلى شبهات لا ترقى لمرتبة الأدلة أو حتى القرائن غير المباشرة، كما ربطت سلطة التحقيق الإيطالية بين وقائع وأدلة على نحو غير صحيح مما شكل خللًا في تصور الوقائع، واضطرابًا في فهم طبيعة عمل ضباط الشرطة وإجراءاتهم وطبيعة التحري الذي أجري حول سلوك المجني عليه، فضلا عن طرح سلطات التحقيق الإيطالية شهادات وأدلة حجبتها عن النيابة العامة المصرية بدون تقديم أي وثيقة رسمية تؤكدها، وهو ما لا يتناسب مع جميع قوانين الإثبات الجنائية، وإجراء تحقيقات نزيهة وفق الأصول القانونية للكشف عن الحقائق المجردة.
بلاغ ضد ريجيني
وتابع البيان: ثبت للنيابة العامة المصرية، أن سلوك المجني عليه وتحركاته غير المألوفة لم تكن خافية على أحد من عوام الناس، بل باتت معلومة للكافة وذاع نبأ البلاغ المقدم ضده، مما يكون قد استغله مجهول وعزم على ارتكاب جُرمه قبل المجني عليه لعلمه بانشغال الأمن المصري يومئذ بتأمين المنشآت الحيوية، فخطف المجني عليه واحتجزه وعذبه بدنيًّا ليُلصق التهمة بعناصر من الأمن المصري.
وواصل : بالتزامن مع مجيء وفد اقتصادي لزيارة البلاد قتل المجني عليه وألقي جثمانه في موقع حيوي بالقرب من منشآت هامة يتبع بعضها جهات شرطية، كأنما أراد إعلام الكافة بقتله ولفت الانتباه إليه، مما أكد للنيابة العامة وجود أطراف معادية لمصر وإيطاليا تسعى لاستغلال الحادث للوقيعة بينهما في ضوء التطور الإيجابي في علاقاتهما خلال الفترة الأخيرة، ويسايرها في ذلك بعض من وسائل الإعلام المعروفة بإثارة الفتن لإحداث تلك الوقيعة، مما انتهت معه النيابة العامة إلى أن ظروف وملابسات الواقعة على هذا النحو لها صورة أخرى لم تكشف التحقيقات بعدُ عنها، أو عن هوية مرتكبها.
وكان مدعون إيطاليون قالوا الشهر الماضي، إنهم يعتزمون اتهام أربعة ضباط كبار في أجهزة الأمن المصرية بلعب دور في القضية، ودعا قرار للبرلمان الأوروبي مصر إلى ضرورة البحث عن الحقيقة بخصوص مقتل ريجيني، مشددًا على أن مسؤولية البحث عن الجناة تقع أيضا على عاتق الاتحاد الأوروبي.
واختفى ريجيني (28 عاما) وهو طالب ماجستير في جامعة كامبريدج، في القاهرة في كانون الثاني/يناير 2016. وعُثر على جثته بعد نحو أسبوع وأظهر فحص الطب الشرعي أنه تعرض للتعذيب قبل موته.
تابعوا قناتنا على يوتيوب لمشاهدة كل جديد..