كشفت وثائق سرية بريطانية جديدة، تفاصيل أخرى حول قضية الجزر الإماراتية المحتلة من قبل إيران منذ عقود.
وأشارت الوثائق إلى موقف السعودية والكويت من فكرة بيع تلك الجزر أو تأجيرها لطهران، وفق المقترح البريطاني.
الكويت عارضت وللسعودية رأي اخر
وقالت الوثائق، إن الكويت عارضت وبإصرار أي مقترحات، لا تضمن السيادة العربية الكاملة على الجزر.
أما السعودية أبلغت الإيرانيين قبولها بحل وسط لا يؤكد بالضرورة سيادة عربية واضحة على الجزر.
وحسب الوثائق، التي نشرتها “بي بي سي“، فإن الشاه الإيراني عبر عن رضاه من السياسة السعودية بهذا الملف.
وأبدى الشاه سخطه من موقف الكويت.وفق الوثائق
شاه إيران
وكشفت الوثائق أن بريطانيا أبلغت العرب أن الشاه مُصر على احتلال الجزر بمجرد خروج البريطانيين ما لم يتم التوصل إلى تسوية مرضية له.
فشلت إسرائيل في استدراج البريطانيين للكشف عن سياستهم بشأن الأمن في الخليج بعد انسحابهم من المنطقة في نهاية عام 1971.
لقاء المبعوث البريطاني مع الملك فيصل
في شهر أغسطس/ آب 1970 التقى سير ويليام لوس المبعوث البريطاني الخاص إلى المنطقة، مع ملك السعودية فيصل بن عبدالعزيز.
وهدف اللقاء لبحث مشكلة جزر أبو موسى التي كانت تابعة لإمارة الشارقة، وطنب الكبرى وطنب الصغرى اللتين كانتا تابعتين لإمارة رأس الخيمة.
تكررت اللقاءات البريطانية السعودية التي كشفت عن أن المملكة أقل اهتماما بمصير الجزر، وفق تقرير لسفارة بريطانيا في جدة.
ملك السعودية
وحسب الوثائق، فإن ملك السعودية آنذاك لم يكن يريد المشاركة في أعمال الحماية المشتركة للجزر بين إيران وإمارتي رأس الخيمة والشارقة.
إلا أنه لا يمانع في أن يفعل حاكما الإمارتين ذلك.
انتهت جولات المباحثات السابقة بين البريطانيين وحاكمي الإمارتين إلى إصرارهما على رفض أية ترتيبات من هذا النوع.
وكان سبب الرفض لأنها لا تؤيد سيادة إمارتيهما على الجزر الثلاث.
اقرأ أيضاً: تسريبات عن استعداد عسكري إماراتي لاسترداد الجزر المحتلة.. هل يجرؤ ابن زايد على فعلها؟
تشير الوثائق، إلى أن أولوية السعوديين هي تسوية نزاعهم مع أبو ظبي بشأن الشريط الحدودي الذي يقع فيه حقل الشيبة النفطي.
الترجيحات حينها قالت إن البعثة السعودية الكويتية المشتركة، المعنية بشؤون الخليج، لن تنجح كثيراً في تسوية مشكلة الجزر.
موقف الأمير نواف بن عبدالعزيز
واعتبرت الوثائق انه سيكون من المغري والسهل جدا بالنسبة للأمير نواف بن عبد العزيز مستشار الملك فيصل الخاص لشؤون الخليج الفارسي، أن يعبر عن تأييده تأييداً يتسم بالعمومية لرفض حاكمي الإمارتين التنازل عن السيادة، بدلاً عن أن يضغط بقوة حقيقية عليهما للتفاهم مع جارتهما الضخمة، أو أن يوضح لهما أن إمكانية اعتمادهما على مساندة السعودية لهما في حالة حدوث مواجهة مع إيران محدودة للغاية.
وفي يناير/كانون الثاني 1971، أبلغ حاكم الشارقة الممثل السياسي البريطاني، المقيم في دبي، بموقف الأمير نواف، الذي عبر عنه في لقاء جمعهما، من نزاع الجزر الإماراتية.
وكتب الممثل البريطاني تقريراً نقل فيه عن الحاكم قوله “كانت رسالة نواف الرئيسية هي أنه يجب ألا يسمح الحكام بأن يمنع الموقف الإيراني من الجزر إنشاء اتحاد للإمارات”، في إشارة إلى أن تشكيل الاتحاد له عند السعوديين، أولوية متقدمة على تسوية مشكلة الجزر.
وحسب الوثائق، فإن الأمير السعودي شرح لحاكم الشارقة موقف بلاده قائلا إنه “على الإيرانيين أن يتقبلوا الاتحاد ويتركوا تسوية المشكلات الأخرى إلى وقت لاحق”.
وتشير الوثائق إلى أن الشيخ خالد بن صقر، نائب حاكم رأس الخيمة، الذي حضر اللقاء، أعطى الأمير نواف، فكرة عامة عن نصيحة حكومة الملكة البريطانية بشأن الحل .
وكان الحل حينها يوصي بتسوية وسط لا تحدد جهة السيادة على الجزر الإماراتية.
غير أن الأمير نواف قال للشيخ خالد: “الجزر عربية وأي اتفاق يُبرم فيما يتعلق بمستقبلها لا بد أن يعترف صراحة بسيادة العرب عليها”.
صباح الأحمد والأمير السعودي في دبي
وبعد أيام من هذا اللقاء الثلاثي، اجتمع الوكيل السياسي لبريطانيا في دبي مع الأمير السعودي بصحبة الأمير صباح الجابر الأحمد الصباح وزير الخارجية الكويتي في ذلك الوقت.
وتشير الوثائق إلى أن تأثير الموقف الكويتي في مجرى النقاش كان واضحاً.
وحسب الوثائق، فإن البعثة السعودية الكويتية كررت وجهة نظرهما بأن الأهم هو أنه لا يجب أن تُجبِر حكومة جلالة الملكة الحكام على قبول تسوية، وكل من نواف والصباح شددا بشكل كبير على هذا.
وكان تقدير الدبلوماسي البريطاني هو أن نوع التسوية الذي تحث الحكومة البريطانية حكام الإمارات على إبرامها هي برأي الأميرين تعارض مصالح حكام الإمارات لدرجة لا يمكن قبولها.
غير أنه بدا لاحقاً أن موقف الأمير نواف المعلن لم يكن هو موقف السعودية الحقيقي.
في أوائل شهر فبراير 1971 زار عباس مسعودي، نائب رئيس مجلس الشيوخ الإيراني، السعودية لبحث نزاع الجزر.
وأبلغ دكتور رشاد بن محمود فرعون، أحد مستشاري الملك فيصل سفير بريطانيا في جدة أن السعوديين أبلغوا السيناتور الإيراني أن الحكومة السعودية سوف ترحب سرا بتسوية عن طريق التفاوض.
غير أنها إن سُئلت عن رأيها فإنها سوف تضطر إلى أن تقول علنا إن الجزر عربية.
وفي الشهر نفسه جرت اتصالات مكثفة بين المبعوث البريطاني لوس ووزيري الخارجية الكويتي والسعودي كل على حدة.
وكانت نتائج تلك الاتصالات محل نقاش في اجتماع لاحق جمع لوس بالشاه.
الشاه أعجب جداً بموقف السعودية
ووفق تقرير لوس عن النقاش، فإن الشاه أقر بأن الموقف السعودي جيد وفق التوقع.
لكنه انتقد بقسوة الكويتيين الذين ينصحون الحكام الإماراتيين خاصة حاكمي الشارقة ورأس الخيمة بألا يبرموا أي اتفاق مع إيران.
وينقل التقرير عن الشاه استخفافه بالموقف العربي عموماً.
إذ قال إن “الاستيلاء الإيراني على الجزر ربما يكون أسهل مخرج بالنسبة لكل الأطراف المعنية”.
وأوضح أن الشاه لم يعبأ بالاحتجاجات العربية الحتمية واعتبرها قليلة الأهمية.
وقال إنه إذا عُرض الأمر على الأمم المتحدة فإن لديه عددا كبيرا من الوثائق التاريخية تظهر بإسهاب عدالة قضية إيران.
بعد أيام، اُبلغ ممثل بريطانيا في قطر بأن السفير الإيراني لدى الكويت زار نائب حاكم قطر لمناقشة النزاع على الجزر الإماراتية.
وقال نائب الحاكم للزائر البريطاني إن السفير تحدث بلغة قوية للغاية.
وقال السفير إن الإيرانيين سوف يستولون على الجزر على أي حال في عام 1972.
وتحدث بغضب عن الكويت التي تدخلت وفق اعتقاده ضد المصالح الإيرانية في هذا الأمر.
وحسب الوثائق، فإن البريطانيين لمسوا بأنفسهم تشدد الموقف الكويتي عندما رفض حاكم الشارقة نصيحة بالتسوية.
وتضيف الوثائق: “أبلغ الحاكم المبعوث البريطاني لوس بأن الكويتيين أكدوا أنه يجب أن ينشأ الاتحاد الفيدرالي الإماراتي ثم يتعامل الاتحاد مع مشكلة الجزر، وإن اُريد تحقيق تقدم قريبا، فإنه يمكن أن يحدث فقط على أساس اعتراف الإيرانيين بسيادة الشارقة، على جزيرة أبو موسى”.
الدور المصري
لم تُشر الوثائق بالتفصيل إلى الموقف المصر
لكنّ لوس التقى بالمصريين مراراً في سياق السعي، لحشد التأييد للضغط على إيران لقبول حل وسط لتسوية النزاع.
وأشار محمد حسنين هيكل، الصحفي المصري الراحل، إلى أن مصر لم تمانع في تسوية مع الشاه بشأن الجزر الإماراتية.
وأضاف أن تلك التسوية لا تتضمن بالضرورة سيادة عربية عليها خاصة بعدما أخذ العرب إمارة البحرين.
وارتبط الشاه بعلاقات قوية مع المملكة المتحدة منذ توليه العرش عام 1941.
وقال في مقابلة تلفزيونية عام 2014 إنه شارك في التفاوض مع لوس.
وانتقد ما وصفه بـ “سكوت العرب على مسألة الجزر خلال عهد الشاه ثم إثارتها بعد الثورة الإسلامية في إيران عام 1979”.
إسرائيل ونظام الشاه
تمتعت إسرائيل في تلك الفترة بعلاقات قوية مع نظام حكم الشاه المدعوم من الغرب خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا.
وتكشف الوثائق أن الحكومة الإسرائيلية برئاسة غولدا مائير سعت إلى معرفة سياسة بريطانيا بشأن النزاع على الجزر والترتيبات الأمنية المستقبلية .
في 30 ديسمبر/ كانون الأول عام 1970 التقى أهارون ريميز سفير إسرائيل بلندن بناء على طلبه مع سير ويليام لوس، المبعوث البريطاني الخاص إلى الخليج.
هدف اللقاء الى “الاطلاع على الوضع في الخليج الفارسي وسياسة بريطانيا”.
وفي برقية تلخص ما دار في اللقاء قال لوس إن السفير أخبره أن “المنطقة محل اهتمام كبير من جانب إسرائيل”.
ويعود ذلك لأسباب جغرافية واضحة بسبب علاقة الإسرائيليين بإيران وبسبب اعتمادها على الخليج في الحصول على كل إمداداتها النفطية.
غير أن لوس لم يعط، السفير الإسرائيلي سوى موجز عام بشأن الوضع الراهن فيما يتعلق بالإمارات العربية المتحدة والجزر.
كما قال له إنه ليس هناك الكثير يمكنه إبلاغه به بشأن سياستنا في هذه المرحلة.
وبرر المبعوث البريطاني ذلك بأن هذه السياسة لا تزال محل دراسة.
ولم ينته اللقاء بذلك.
فقد عبر السفير عن اعتقاده بأن قلق إيران بشأن الجزر المتنازع عليها استراتيجي، وهو في رأي إسرائيل مشروع.
وفي البرقية لفت لوس الانتباه إلى أن ريميز حاول جره للحديث بشأن ما إذا كانت إيران سوف تملأ الفراغ الذي سوف يخلفه انسحاب القوات البريطانية.
تابعوا قناتنا على يوتيوب لمشاهدة كل جديد..
هزاب هل معزبك سوف يستعين بعمومتك الصهاينة لإسترجاع الجزر الثلاث المحتلة.