جذور الأزمة في دارفور وأسباب الصراع المستمر.. قتلى جدد في اشتباكات قبلية قد تفجر الإقليم بأكمله
شارك الموضوع:
تجددت اشتباكات قبلية في قرية الطويل الواقعة شرق مدينة قريضة في ولاية جنوب دارفور السودانية.
وقال المدير التنفيذي لمحلية قريضة حسان إبراهيم في تصريح صحفي إن الاحصائية الأخيرة لعدد القتلى من الطرفين في حادثة “الطويل” تقدر بنحو 60 قتيلا.
وبحسب وكالة السودان للأنباء تمكنت قوات عسكرية مشتركة من السيطرة على أحداث عنف أهلي تجددت صباح الإثنين”في ولاية جنوب دارفور بين قبيلتي الرزيقات والفلاتة، على خلفية مقتل أحد الرعاة بالمنطقة. وفق “سونا”.
وأكد موسى مهدي والي ولاية جنوب دارفور وقوع أحداث صراع قبلي بالمنطقة بعد مهاجمة مسلحين قرية (الطويل) شرق محلية قريضة التي تبعد(٨٥) كيلومتر جنوب مدينة نيالا حاضرة الولاية.
قوات عسكرية طوقت القرية
وأعلن الوالي عن إرسال قوات إضافية من ولاية شرق دارفور الحدودية حتى لا يتسع نطاق الحرب.
وكانت ولاية جنوب دارفور قد نشرت قوات عسكرية كبيرة بالمنطقة الشهر الماضي بعد تزايد أحداث الصراع القبلي جنوب الولاية بين قبيلتي الفلاتة والمساليت من جهة والرزيقات والفلاتة من جهة أخرى.
الخارجية السودانية تثمن تعاطف المجتمع الدولي مع الأحداث
أعربت وزارة الخارجية عن أسفها للتطورات الأمنية المقلقة التي حدثت بين بعض المكونات المجتمع، في ولايتي جنوب وغرب دارفور، والتعديات التي وقعت في مدينة الجنينة وسقوط الضحايا من القتلى. وثمنت الخارجية في بيان صحفي تعاطف المجتمع الدولي مع ضحايا الأحداث ومع الجهود المبذولة لإحتوائها.
وأكدت الحكومة بأنها ستتابع مساعيها وخططها لضمان عودة الاستقرار والنظام في ولايات دارفور بحسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية .
مدن درافور .. صراع مستمر رغم سقوط نظام المخلوع
شهدت مدن عدة في إقليم دارفور صراعات قبلية متكررة في فترات متفاوتة عقب سقوط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير. وفي أكتوبر الماضي أعلنت حكومة ولاية جنوب دارفور فتح تحقيق بمقتل 12 شخصا و جرح 27 آخرين و حرق ممتلكات خلال اشتباكات في مدينة “قريضة” بين “الفلاتة” و “المساليت” وفقا لوكالة الأناضول
جذور الأزمة في دارفور و أسباب الصراع المستمر
يشهد إقليم دارفور منذ 2003 صراعا قبليا دمويا أدى لمقتل عشرات الآلاف من أهل الإقليم ، بدأ الصراع بين قبائل عربية و أخرى غير عربية واستمر
ليحصد أرواح الآلاف من الأبرياء، يوصف الصراع بأنه في المقام الأول صراع على الموارد الطبيعية من مرعى و أراض زراعية خصبة ،
لعب النظام السابق دورا كبيرا في إذكاء الأزمة وتعميقها وفقا لمنظمات حقوقية من بينها “هيومان رايتس ووتش” .
سلاح القبائل “وقود الحرب”
منذ اندلاع الأزمة في 2003 تحول إقليم دارفور لساحة حرب بين المكونات العربية وغير العربية وهو الأمر الذي أدى لتشكيل جماعات وحركات مسلحة ينتهج كل منها نهجا يدعم مسارا قبليا وسياسيا محددا، انخرط محسوبون على قبائل عربية في عدد من التشكيلات المسلحة.
أبرزها الجماعات التي تزعمها الزعيم القبلي “موسى هلال” و مجموعة أخرى بقيادة “محمد حمدان حميدتي” تحولت لاحقا لقوات نظامية عرفت باسم “الدعم السريع” .
توصف هذه التشكيلات التي تزعمها موسى هلال وحميدتي ب”الجنجويد” وهو وصف تتبناه الحركات المسلحة والتنظيمات المعارضة لنظام البشير. ويؤكد متحدثون باسم الدعم السريع على رفض المصطلح ويعمدون في تصريحات إعلامية إلى التبرؤ منه.
ونفى “حميدتي” في مرات عديدة أن تكون قواته من قبائل محددة، مؤكدا على “قوميتها”. من جانبهم طالب محسوبون على القبائل العربية في دارفور بضرورة التمييز بين القبائل العربية والمتفلتين وطالبوا بعدم إطلاق وصف الجنجويد على القبائل العربية، واعتبروه شكلا من أشكال خطاب العنصرية.
الكراهية
والكراهية الذي يسهم في تعميق الصراع و اتهم محتجون في وقفة احتجاجية أمام القصر الجمهوري “هيئة محامي دارفور” بتبني “خطاب عنصري”.
ويحظى حميدتي بدعم واسع من السعودية والإمارات خصوصا بعد مشاركة الآلاف من جنوده في الحرب الدائرة في اليمن.
يشار إلى أن الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية عديدة اتهمت “الجنجويد” بارتكاب جرائم حرب في دارفور. وهو ما نفاه النظام السابق ونفاه حميدتي في فترة النظام السابق. واتهم آنذاك الحركات المسلحة بإطلاق مصطلح “الجنجويد” بعد “الهزائم المتعددة”. على حد تعبيره.
من جهة أخرى انخرط محسوبون على القبائل غير العربية من بينها المساليت والفور والزغاوة في حركات مسلحة من بينها حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور -مقرب من الكيان الصهيوني- وحركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي -مقرب من الإمارات و مصر.
أدى التسلح القبلي لاستمرار الصراع لسنوات عديدة وهو الصراع الذي دأب النظام السابق على إطالة أمده.
يشير مراقبون إلى أن الخطاب العنصري المتبادل بسن القبائل العربية وغير العربية هو الذي أدى لاستمرار الصراع عقب سقوط البشير.
وهو الذي وصف بأنه “جرح غائر” يحتاج وقتا طويلا لمعالجته إذ أن آثار الحرب ما زالت باقية في نفوس الأهالي.
لذلك يتجدد الصراع بين فينة و أخرى من قبل متفلتين من الجانبين .
وشهد الثالث من أكتوبر توقيع اتفاق سلام بين الحركات المسلحة والحكومة في جوبا إلا أن الصراع لم ينته بتوقيع الاتفاق.
رغم أن الاتفاق نص على إيجاد حل نهائي لمشكلة المراعي و الأراضي الزراعية التي تعرف محليا باسم “الحواكير”. ويعتبر الخلاف حولها سببا أساسيا من أسباب الصراع المتكرر.