كشفت سعيدة قراش، مستشارة رئيس تونس الراحل الباجي قائد السبسي أسرار الأيام الأخيرة في حياته بعد مرضه الشديد الذي أدى إلى وفاته.
وقالت قراش إن مرض الأخير منعه من إمضاء القانون الانتخابي الجديد. مشيرة إلى أن نجله، حافظ قائد السبسي، تعامل مع حزب نداء تونس كتركة لأبيه، وأنه لم يمتلك أي مشروع سياسي.
الباجي قائد السبسي لم يكن قادراً على توقيع تعديلات القانون الانتخابي
وأضافت مستشارة الباجي قائد السبسي، في تصريح لإحدى الإذعات في تونس أنه في آخر أيّامه، لم يكن قادرا على توقيع تعديلات القانون الانتخابي. وأوضحت بقولها “رئيس الجمهورية كان ضدّ القانون، لكنّه كان أيضا غير قادر على إمضائه”.
وكشفت تفاصيل ما جرى قائلة.:” وردت على ديوان رئيس الجمهورية وثيقة ممضاة، لكن لم يتم التأكّد من أنّها إمضاء الباجي قائد السبسي، فالإمضاء لم يكن يشبه إمضاء الرئيس الذي كان في حالة ضعف لا يمكنه مسك القلم”.
ولفتت إلى أن قائد السبسي “كان حريصا على كل ما هو دستوري وقانوني. حتّى أنّه خرج من المستشفى لإمضاء أمر دعوة الناخبين في وقته”.
ماذا فعل حافظ السبسي
في غضون ذلك أكدت قراش أن حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس الراحل، لعب دورا قالت إنه “غير جيد” داخل حزب نداء تونس.
وأشارت إلى أنه “تعامل مع الحزب كحزب والده وملكيته الخاصة، والسلطة بالنسبة له كانت عبارة عن استثمار. إذ أنّه لم يكن صاحب فكر ومشروع سياسي، وإنّما كان صاحب استثمار، عكس والده الذي كان حاملا لمشروع سياسي وكان له تصور واضح وحاول قدر الإمكان تقديم أشياء”.
وكان الرئيس الباجي قائد السبسي رفض، قبل وفاته بأيام عام 2019، ختم القانون الانتخابي الجديد لأنه يتعارض مع مبادئه. وفق ما أكدته الرئاسة التونسية، وهو ما دفع المعارضة التونسية حينها إلى مطالبته بالاستقالة بسبب ما اعتبرته “خرقا للدستور”.
إرث محل خلاف
للسبسي تاريخ عتيد في الحياة السياسية التونسية، فقد تقلد مناصب عديدة منذ استقلال البلاد عام 1956. ولكن نجمه لمع منذ الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي عام 2011
ويتفق معارضوه وأنصاره على اعتباره رجلا صاحب “ذكاء سياسي حاد”، لكن تاريخه السياسي لطالما كان محل جدل وخلاف. وفق تقرير بي بي سي.
يثمن مؤيدوه الدور الفعال الذي لعبه في ضمان الاستقرار السياسي وترجيح الكفة أمام حركة النهضة ولكن منتقديه يصفونه بـ “قائد الثورة المضادة و”رجل الدولة العميقة”.
وكانت هيئة الحقيقة والكرامة المكلفة بالتحقيق في جرائم تخص تجاوزات حقوق الانسان. وجهت له تهمة بكونه كان على علم بممارسات تعذيب طالت معارضين عندما كان رئيسا للبرلمان في عهد بن علي.
في حين ينظر كثيرون للسبسي على أنه رجل توافقي حكيم رفض إغواء الثورات المضادة بدخوله في تحالف سياسي مع النهضة على الحكم.
في 2014، خاض الباجي السباق الانتخابي مدعوما بحزبه “نداء تونس” كجبهة لمناهضة الإسلاميين. وفاز آنذاك بغالبية في البرلمان لكنه تحالف بعدها مع حركة النهضة ما أحدث انقسامات واسعة في حزبه.
شيخ الليبرالية التونسية
ويعرف السبسي الذي يلقبه مناصروه بشيخ الليبرالية التونسية، بدفاعه عن حقوق المرأة، فلطالما تباهى بأنه وصل إلى قصر قرطاج عبر أصوات المرأة.
كما ألغى منشورا يمنع زواج التونسية المسلمة من غير المسلم وأعلن دعمه لمشروع قانون المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة.
تلك الخطوات الجريئة التي اتخذها السبسي، لم ترق لآخرين لما رأوا فيها تطاولا على تعاليم الإسلام.
قبل وفاة السبسي ظهرت خلافات وانقسامات بعدما فاجأ الجميع بعدم توقيعه على التعديلات التي أدخلها البرلمان على القانون الانتخابي.
لكن بعد وفاته تحول الجدل إلى نقاش حول ضمان الانتقال الدستوري السلسل خاصة أن رحيل السبسي جاء في وقت تستعد فيه تونس لانتخابات تشريعية ورئاسية.
وفاة الباجي قائد السبسي
أعلنت الرئاسة التونسية خبر وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي عن عمر ناهز 92 سنة، في 25 يوليو 2019، إلى وعكة صحية ألمت به.
وشغل السبسي منصب الرئيس منذ العام 2014، فيما تزعم حزب “حركة نداء تونس” بعد تأسيسه له عام 2012. وعرف السبسي بأنه كان من أبرز الخصوم للإسلاميين في تونس قبل انتخابه رئيسا.
وولد السبسي في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1926. وهو الرئيس الخامس الذي عرفته تونس منذ الاستقلال. وترأس السبسي البلاد خلفا لمحمد المنصف المرزوقي إثر انتخابات العام 2014. وفاز آنذاك السبسي بحصوله على 55,68 بالمئة من الأصوات، مقابل 44,32 لمنافسه المنصف المرزوقي.
وكان السبسي يعتبر الخصم الأول للإسلاميين في تونس، قبل أن يتحالف معهم بعد انتخابات 2014. لكنه وفي سبتمبر/أيلول 2018 أعلن نهاية التوافق بينه وبين حركة النهضة الإسلامية، متهما إياها بتكوين ائتلاف مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
ويوصف السبسي بكونه أحد رموز نظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي حكم البلاد بين 1956 و1987. وتولى في عهده العديد من المناصب بينها وزارات الداخلية والدفاع والخارجية.
كما تولى في بداية عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي منصب رئيس مجلس النواب. وكان عضو اللجنة المركزية للحزب الحاكم “التجمع الدستوري الديمقراطي” حتى 2003
وفي مطلع فبراير/شباط 2011 عاد قايد السبسي إلى الاضطلاع بدور المسؤولية في دواليب الدولة. بعد تعيينه رئيسا للحكومة خلفا لمحمد الغنوشي المستقيل. وبقي في هذا المنصب حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2011 تاريخ تسلم حركة “النهضة” الإسلامية الحكم إثر فوزها في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي أجريت يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011.
تابعوا قناتنا على يوتيوب لمشاهدة كل جديد..