هل نشهد مصالحة قريباً بين تركيا من جهة والسعودية والإمارات من جهةٍ أخرى!؟
شارك الموضوع:
كشفت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية في تقرير لها عما وصفته بمصالحة قريبة محتملة بين تركيا من جهة، والسعودية والإمارات من جهة أخرى، بعد توتر العلاقة بشكل كبير بين أنقرة والدولتين الخليجيتين طيلة فترة حكم ترامب.
وفي هذا السياق نقلت الوكالة عن مصادر وصفتها بالمطلعة، أن السعودية والإمارات بدأتا تحركات أولية لتحسين العلاقات مع تركيا.
ما يمكن أن يفيد مجالي التجارة والأمن في الشرق الأوسط. وفق “بلومبيرغ”.
وأضافت المصادر أن الرياض وأبوظبي، تدرسان إمكانية تحسين العلاقات مع تركيا، ضمن خطوات أولية على خلفية التوترات والصراع طويل الأمد على النفوذ.
بينما رجح تقرير الوكالة الأمريكية تعثر هذه المصالحة، بسبب مطالبة ابن زايد وابن سلمان، لأردوغان بالتخلي عن دعم جماعة “الإخوان المسلمين”.
وتصنف السعودية والإمارات الإخوان جماعة إرهابية وتحظر نشاطها.
ولكن حتى التقدم المحدود ـ وفق بلومبيرغ ـ قد يخفف من التوترات حول قضايا إقليمية أوسع.
خاصة أنه هذه التطورات تأتي بعد المصالحة بين قطر ودول الحصار، بعد أزمة تخطت الـ3 سنوات.
وقد تساعد الدوحة في هذه المصالحة وإتمامها، باعتبارها ححليفا وثيقا لتركيا في المنطقة.
كما يتزامن ذلك مع انتقال السلطة في الولايات المتحدة إلى إدارة الرئيس الجديد، جو بايدن.
والذي يتوقع أن يتبع نهجا أكثر صرامة تجاه كل من تركيا والسعودية والإمارات.
إزالة الحواجز أمام التجارة
من جانبها أفادت “بلومبيرغ” بأن مسؤولا تركيا أبلغها بأن تركيا والإمارات ناقشتا إزالة الحواجز أمام التجارة بينهما.
وأضاف أن المقترحات حفزت القرار الذي تم اتخاذه مؤخرا لاستئناف الرحلات بين أنقرة وأبو ظبي، والتي أوقفتها سابقا جائحة فيروس كورونا.
ووفق الوكالة الأمريكية فقد وصف شخص مطلع على موقف الدول الخليجية هذه التطورات بـ”العملية في مراحلها الأولى”.
قضية “الإخوان” محورية
وأضاف أن قضية “الإخوان المسلمين” محورية بالنسبة لمخاوف دول الخليج العربية ولحليفهم السيسي المقرب في مصر.
ونفى مسؤولون أتراك في المقابل أن يكون هناك تواصل مباشر أو غير مباشر من أبوظبي والرياض. تضمن مطالب بتغيير سياسة أنقرة تجاه جماعةالإخوان.
لكن في نفس الوقت يدركون أن ذلك يمثل أولوية لدول الخليج العربية، حتى لو كان هناك مجال ضئيل للدبلوماسية في هذا الشأن.
حيث تنظر السعودية والإمارات إلى الجماعة على أنها مزعزعة للاستقرار بالمنطقة.
خلاف سعودي إماراتي
وكانت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، كشفت تفاصيل تقارير سرية بشأن الخلاف الإماراتي السعودي، والذي يحرص الجانبان على إخفائه عن أعين الإعلام والدول “المعادية” للبلدين.
وقالت الصحيفة اللبنانية، إن الجانبين الإماراتي والسعودي يحرصان على إخفاء التباينات بينهما حول أمور كثيرة.
واستدركت الصحيفة: “لكن الأمر لا يكون على هذا النحو لدى الجهات المتابعة. سواء في محيط قادة البلدين، أو لدى الدبلوماسية العربية والغربية النشطة في العاصمتين”.
وأضافت : “البارز في أن وثائق سرية تثبت ما ينقله دبلوماسيون عملوا في الجزيرة العربية عن أن في أبو ظبي من يشكو ضيق هامش المناورة. بسبب طبيعة وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان”.
الإمارات وسياسة الوصي الرقيب
وحسب الصحيفة، فإن هؤلاء الدبلوماسيين قلّما تحدّثوا عن الجانب الأكثر تعقيداً في العلاقة. وهو المتصل بسعي الإمارات الدائم للقيام بدور “الوصي الرقيب” على سلوك الإدارة السعودية الجديدة.
وتابعت: “لذلك، تهتم قيادة الإمارات بأن يعمل دبلوماسيوها في الرياض. وبعض الباحثين المتعاقدين مع وزارة الخارجية وأجهزة الأمن، على إعداد تقارير تخص الوضع السعودي”.
برقيات سرية لأنور قرقاش
ونشرت الصحيفة، وثيقتان سريتان لوزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش بعث بهما إلى محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي. تحت خانة “سري للغاية” في شهر تشرين الأول 2018، حول قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وبتاريخ 11 تشرين الأول 2018، وفي خانة “سري للغاية” يرسل قرقاش إلى الشيخ محمد بن زايد ما عنوانه “تقرير خاص حول وضع ولي العهد السعودي والمسارات الصعبة لأزمة خاشقجي”.
ويقول قرقاش لابن زايد: “تجلّت صعوبة موقف ولي العهد السعودي. بتبدّل مواقفه من الصمت إلى إنكار الحادثة إلى المراوغة. ثم الإقرار بها والاضطرار للاتصال بالرئيس أردوغان وانتظار موافقته”.
وتابع: “كما أن اضطراره للتبرّع والسماح للسلطات التركية بدخول القنصلية السعودية – في سابقة تاريخية – والبحث والقيام بكل ما تريده. والادعاء بأن ليس لديه ما يخفيه. كلّ ذلك قد جعل مصداقيته على المحكّ داخلياً ودولياً.
وأكمل قرقاش، وفق الوثيقة السرية: “بغضّ النظر عن الخطأ الفادح في كيفية استدراج وتصفية خاشقجي داخل مقر دبلوماسي سعودي”.
وتابع: “لا شك في أن الحادثة منحت أملاً للمعادين لولي العهد في الداخل والخارج لتوجيه الضربات إليه. حيث ظلّ شخص ولي العهد وحيداً هو الهدف الرئيس من هذه الأزمة. في فرصة تاريخية لخصومه، قد لا تتكرر، لهزيمة المشروع السعودي الذي قدّمه الأمير”.
ثلاثة مسارات لابن سلمان
وحدد قرقاش خلال الوثيقة السرية ثلاثة مسارات للمستقبل السياسي لابن سلمان. أبرزها أن يجد المحققون دليل إدانة ضده. وبالتالي سيكون ذلك محرجاً جداً للملك سلمان وقد يضطر لتنحية نجله.
أما المسار الثاني، حسب الوثيقة، ألّا يُخرج الأتراك أدلة قاطعة ضد ولي العهد. ومن ثم تُصدق الرواية السعودية الرسمية أو جزء منها، وحينئذ سيبقى الأمير محمد بن سلمان في ولايته للعهد.
واستدرك قرقاش: “لكن صدمة هذا الحدث وتداعياته وارتداداته ستجعله أضعف مما كان، وربما ستفرض عليه إعادة حساباته في المستقبل”.
وأما المسار الثالث: أن يكون بحوزة الأتراك دليل قاطع ضد ولي العهد. وتتم صفقة بين المملكة وتركيا ترعاها أميركا على حماية ولي العهد. ونفي أي تورط مباشر في هذه القضية مقابل شروط سياسية واقتصادية يمليها الجانب التركي.
ويرى قرقاش في ذلك وحسب التيار السعودي المحافظ ربما يكون في مصلحة السعودية والأسرة المالكة ومصلحة تركيا.
وحسب الوثيقة، قد يؤدي إلى تقارب سعودي تركي بعد جفوة الأعوام السابقة، لكن، في المقابل، سيتم دفع ثمن سياسي واقتصادي.
بديل محمد بن سلمان
وحسب الوثيقة السرية، فإن فيما لو رأى الملك سلمان ضرورة تنازله عن الملك أو تنحي ولي العهد عن منصبه. وهو أفضل من عزله؛ فإن الخيارات ستكون مفتوحة، وربما يكون من البدائل المحتملين.
وأشارت الوثيقة، إلى أن أول بديل له هو الأمير أحمد بن عبد العزيز. فقد يكون مقبولاً في الداخل ويصلح لهذه المرحلة التي تتطلب شخصية هادئة وتقليدية.
واستدرك قرقاش: “لكن لا يضمن قبوله من طرف الدوائر الأميركية، وبعض الدوائر الغربية؛ لرفضه فتح أبواب التعاون الأمني مع واشنطن وميله للمؤسسة الدينية التقليدية”.
أما الخيار الثاني، فهو الأمير مقرن بن عبد العزيز، وحسب قرقاش، فربما تكون حظوظه الدولية أقوى من المحلية. برغم أنه يحمل قيمة شرعية لا يتحمّلها الأمير أحمد بن عبد العزيز.
أما الخيار الثالث فهو الأمير محمد بن نايف وهو مقبول غربياً وأميركياً، ولا سيما في ملف مكافحة الإرهاب.
واستدرك قرقاش: “لكنه قد لا ينسى عزله من جانب الأمير محمد بن سلمان في رمضان قبل الماضي. وقد تكون له ردة فعل تمنع من تمكينه إلا بضمانات عدم الانتقام من محمد بن سلمان. وهي ضمانات قد لا يثق بها من يأخذها عليه ولو كان عمه الملك سلمان.
ويشير قرقاش، إلى أن خيار الملك سلمان الرابع هو الأمير خالد بن سلمان، وهو خيار محتمل، وربما الأكثر حظاً؛ لأنه الأخ الشقيق والأقرب لمحمد. ولئلا يخرج الحكم عن أولاد الملك سلمان.
واستدركت الوثيقة: “لكن قد لا يرضى به کبار أفراد الأسرة، وهذا يمكن معالجته كما عولج قبولهم لمحمد من قبل. وقد لا يقبل به المجتمع الدولي على اعتبار أنه سيكون في الواجهة ويكون المتصرّف في الظل أخوه محمد.
البرقية الثانية أكثر خطورة
وفي البرقية الثانية التي أرسلها أنور قرقاش لابن زايد في نفس اليوم. والتي جاءت مبنية على تقرير خاص أرسل من السفارة الإماراتية في الرياض بناء على مصادر لها حول انعكاسات مقتل خاشقجي.
وأشار قرقاش، إلى أن المعلومات المنقولة من الدوائر المقربة من الملك سلمان تؤكد أنه يمر بحالة مزاجية سيئة وقلق جدي بعد انكشاف مقتل خاشقجي. وكانت الصدمة لديه مضاعفة لأسباب.
وحسب الوثيقة الثانية، فإن أكثر ما يقلق الملك سلمان أن القضية مرتبطة بولي عهده، وأدت لإضعافه من الداخل، ولم يسلم من اللوم المباشر والمجازي. لأن الأزمة قلّلت من هيبة المملكة في الخارج.
وأشار قرقاش، إلى أن ابن سلمان في حينها اضطر للاتصال بالرئيس التركي مرتين واضطر لإرسال الأمير خالد الفيصل كمبعوث خاص له لأردوغان. فيما رفض الأخير لقاء الأمير السعودي بشكل غير معلن.
وحسب الوثيقة، فقد تعمد الرئيس التركي تأخير تلقي الاتصال من ولي العهد السعودي ليوم ونصف يوم. ما يشير إلى ضعف الموقف والاعتبار السعودي الإقليمي. بسبب فداحة الخطأ وصعوبة معالجة تداعياته دون دفع أثمان شخصية وباهظة.
الملك عاد للواجهة مجدداً
وبينت الوثيقة، أن حادثة مقتل خاشقجي دفعت الملك سلمان للقيام بدور أقوى من السابق في الإدارة المباشرة لشؤون الحكم. بسبب خيبة أمله وقلقه من تداعيات مقتل جمال خاشقجي.
وأضافت: “بغضّ النظر عن مدى استمرارية ذلك، فالمؤكد أن الملك سلمان اكتشف متأخراً خطأ منح ابنه محمد سلطات واسعة، دون ضبط، أساء استخدامها ولأسباب شخصية”.
وأكمل قرقاش: “بالتالي فمن المنطقي أن الملك سلمان سيفرض عليه أن يكون أكثر انفتاحاً على الاستماع لأصوات أخرى من أفراد في الأسرة المالكة وبشكل أوسع”.
وأشارت الوثيقة إلى أن مظاهر النشاط الجديد للملك سلمان تمثلت في تولي إدارة أزمة مقتل خاشقجي إقليمياً ودولياً. وقد ظهر ذلك في إدارة الأزمة مع الرئيس التركي أردوغان.
كما أن الملك سلمان، وفق وثائق قرقاش، أسهم كثيراً في امتصاص الغضب الأميركي، وكان لاتصاله بالرئيس بوتين دور حاسم في كسب الموقف الروسي.
وبينت الوثيقة، أن الملك سلمان عمل على تكثيف النشاط اليومي واستقبال المزيد من أفراد الأسرة المالكة والنخب، الأمر الذي ظهر على برنامج الملك سلمان اليومي.
وأشارت الوثيقة الإماراتية، أن الملك سلمان تدخل للسماح بعودة أمراء غاضبين أو معارضين وتقديم ضمانات لهم، على رأسهم الأمير أحمد بن عبد العزيز.
وبين قرقاش، في وثيقته أن الأزمة دفعت الملك سلمان ليكون أكثر حزماً ومبادرة مع ولي العهد؛ فتدخل لعودة الأمير أحمد مع عدم التعرّض له. وقبل شفاعة الأمير خالد الفيصل في عودة ابن أخته الهارب إلى فرنسا منذ أشهر، الأمير خالد بن سعود بن خالد.
تابعوا قناتنا على يوتيوب لمشاهدة كل جديد