أثار مقال للرأي نشره الأمير هشام العلوي، ابن عم ملك المغرب محمد السادس، استغراب الكثيرين خاصة أنه ذكر فيه أن “تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل لا يجب أن ينبني على أساس المقايضة والمساومة بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء. لأن كلا القضيتين لهما خصوصياتهما وأبعادهما السياسية. في إشارة للقضية الفلسطينية.
هشام العلوي: المغرب وإسرائيل.. الصفقة الخطيرة
ونشرت صحيفة ” نوفيل أوبسرفاتور“، المقال الذي حمل عنوان “المغرب وإسرائيل.. الصفقة الخطيرة”، أبرز أن “حل نزاع الصحراء. لا يمكن أن يتم بأي حال من الأحوال إلا في منظور الديمقراطية واحترام القانون الدولي”. مضيفا أنه “بالرغم من أن القضيتين من الإرث الاستعماري، إلا أن لكل منهما خصوصيته، وأن سياق وحيثيات ملف الصحراء لا يشبه بالمرة مأساة الفلسطينيين. الذين هم ليسوا مواطنين في إسرائيل، بينما الصحراويون مواطنون مغاربة، رغم أن البعض يرفض هذا الوضع”.
هشام العلوي ينتقد المساومة
وانتقد هشام العلوي بشدة ما اعتبرها “مساومة”، مبرزا أن “الأمر أثار انتقادات شديدة في دوائر مختلفة، اتهمت المغرب باستغلال أوضاع شعبين بلا دولة. (المغرب سيبيع الفلسطينيين مقابل الاعتراف بسيادته على الصحراء التي لم يحدد وضعها النهائي بعد، من طرف المنتظم الدولي).
وأكد ابن عم ملك المغرب، على أن “القضيتين كلتاهما تطرح تحدياتها الخاصة”. مردفا أن “المهمة الأساسية للمغرب هي حل كل نزاع بأعدل الطرق ويجب الاعتراف بأن الإعلان الأمريكي يشكل بادرة سياسية مهمة، لكنها لا تستطيع تعديل القانون الدولي”.
الأمر متروك لرئاسة بايدن
وأشار هشام العلوي الى أن “الأمر متروك لرئاسة بايدن لتقرر ما إذا كانت ستجدد هذا الاعتراف أو تغيره أو ترفضه”. مردفا “النظام الملكي المغربي حافظ منذ سنوات على قنوات اتصال مثمرة مع إسرائيل، بدءا من الدبلوماسية غير الرسمية إلى التعاون الأمني. وقد أدى هذا الأخير في بعض الأحيان إلى أحداث مروعة مثل قضية بن بركة”.
وشدد هشام العلوي، على أن “ضم إسرائيل لفلسطين يجعل أي جنسية مستقبلية مستحيلة، فقد حرمها من الحكم الذاتي، في انتهاك لاتفاقات. أوسلو التي قامت على أساس إقامة ثقة متبادلة في منظور إقامة دولة فلسطينية، بينما سياسة المغرب في الصحراء فهي تدخل في إطار مختلف، إذ المغرب يقدم الجنسية الآن. ويمكنه الاعتراف بالحكم الذاتي والإدارة الذاتية في المستقبل”.
وأشار الأمير أيضا إلى أن “اليهود المغاربة الذين هاجروا إلى إسرائيل بعد إنشائها حافظوا على روابط ثقافية ودينية مع وطنهم، وعلى هذا الأساس. كان الملك الحسن الثاني أول رئيس عربي يلتقي مع ناحوم غولدمان، رئيس المؤتمر اليهودي العالمي في عام 1970.”
التطبيع الاسرائيلي المغربي
وبدأ المغرب علاقات مع إسرائيل على مستوى منخفض عام 1993، بعد توقيع اتفاقية “أوسلو” بين منظمة التحرير الفلسطينية وتل أبيب.
لكن الرباط جمدت تلك العلاقات عام 2002، في أعقاب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى).
وفي 22 سبتمبر/أيلول 2000، زار المغرب رجال أعمال إسرائيليون، يمثلون 24 شركة متخصصة في التقنيات الزراعية. بدعوة من غرفة التجارة والصناعة والخدمات في الدار البيضاء.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين، عام 1999، حوالي 50 مليون دولار، وزار المغرب في ذلك العام نحو 50 ألف إسرائيلي. وفق مكتب الاتصال الإسرائيلي في المملكة.
وأصبح المغرب رابع دولة عربية توافق على التطبيع مع إسرائيل، خلال 2020، بعد الإمارات والبحرين والسودان.
بدوره، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إعلان ترامب إقامة علاقات بين إسرائيل والمغرب بأنه تاريخي. وأنه سيكون سلاما دافئا وسيسرع من توطيد العلاقات بين البلدين وتسيير ِرحلات جوية مباشرة بينهما في أقرب وقت.
حماس والسلطة: خطيئة سياسية .. لهدف شخصي بحت
في المقابل، استنكرت حركة المقاومة الإسلامية حماس إعلان اتفاق التطبيع بين المملكة المغربية وإسرائيل وقالت إن تلك الخطوة تعد. خطيئة سياسية لا تخدم القضية الفلسطينية.
من جهته، قال نبيل شعث الممثل الخاص للرئيس الفلسطيني محمود عباس إن “إعلان ترامب عن التطبيع الإسرائيلي المغربي يوحي بأنه قام في المغرب. بما قام به في السودان والبحرين والإمارات من ضغوط وإجراءات وإغراءات هدفها شخصي بحت”.
مكاسب المغرب من التطبيع ؟!
وسلط تقرير لوكالة “الأناضول” التركية، الضوء على الأسباب التي ستؤدي لخسارة المغرب اقتصادياً من التطبيع مع إسرائيل، أكثر مما ستحققه من مكاسب.
وقال التقرير، إن الكثير من التساؤلات طرحت بعد توقيع اتفاق التطبيع الرباط أربع اتفاقيات على هامش توقيع. اتفاق استئناف العلاقات بين البلدين برعاية أمريكية.
أربع اتفاقيات اقتصادية
وحسب التقرير، الاتفاقيات الأربع الموقعة على هامش أول زيارة لوفدين إسرائيلي وأمريكي عبر رحلة جوية مباشرة. بين تل أبيب والرباط، بالمجال الاقتصادي والتجاري والسياحي. بحسب بيان لوزارة الخارجية المغربية.
الاتفاقية الأولى مرتبطة بالإعفاء من إجراءات التأشيرة بالنسبة لحاملي الجوازات الدبلوماسية وجوازات الخدمة. بينما الثانية مذكرة تفاهم في مجال الطيران المدني، والثالثة مذكرة تفاهم حول “الابتكار وتطوير الموارد المائية”.
وتنص الاتفاقية الرابعة على إنعاش العلاقات الاقتصادية بين البلدين، من خلال التجارة والاستثمار. إضافة إلى التفاوض حول اتفاقيات أخرى تؤطر هذه العلاقات.
تعاون مغربي إسرائيلي وفرق عمل
في السياق، قال رئيس البعثة الإسرائيلية في المغرب، دافيد غوفرين، خلال استقباله في الرباط، إن “حجم الأنشطة. والتعاون بين المغرب وإسرائيل أصبح أكبر وأوسع بكثير مما كان عليه قبل 20 عاماً”.
ومن جانبه قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن “رئيس هيئة الأمن القومي الإسرائيلي، ووزير الخارجية المغربي. اتفقا على تشكيل فِرَق عمل.
وحسب المكتب، فإن هذه الفرق ستعمل على التوصل إلى اتفاقيات تعاون بين البلدين في العديد من المجالات. ومنها الاستثمارات والفلاحة والمياه والبيئة والسياحة والعلوم والابتكار والطاقة.
تغيرات في العلاقة الاقتصادية
ويرى الخبير الاقتصادي المغربي، نجيب أقصبي أنه “إلى يومنا هذا ليست هناك علاقات اقتصادية رسمية بين المغرب وإسرائيل”.
وتساءل: “ما هي المعطيات الجديدة التي يمكن أن نستند عليها للتنبؤ بالربح والخسارة؟.. اليوم هناك مشاورات واتصالات فقط”.
وتابع: “لا وجود لاتفاقية مبرمة كما هو متعارف عليه دولياً، والذي تم توقيعه في الرباط مجرد توجهات عامة وإعلان عن حسن نوايا”.
وزاد: “الكل يعرف أن هناك معاملات تجارية بين المغرب وإسرائيل، لكنها غير معلنة”.
وشدد على أنه “بالنسبة للفلاحة مثلاً، فمنذ بداية الثمانينات كانت هناك علاقات تعاون، وكان المغرب يستورد منتجات إسرائيلية”.
المغرب والتطبيع علاقات مكتملة الأركان
من جهته، يرى الاقتصادي المغربي المهدي أوفقير، أنه “من السابق لأوانه الحديث عن علاقات اقتصادية إسرائيلية مكتملة الأركان. فالمسألة لم تتجاوز بعد طابعها السياسي والسيادي”.
وأضاف أوفقير: “بالنظر للظروف الحالية يصعب الحديث عن أفق العلاقات الاقتصادية بين البلدين.. لننتظر قليلاً. وربما تكون إشارات سياسية قوية، قد تدفع إلى حلحلة أكبر”.
وزاد الخبير المغربي: “يجب أن نتجنب الاعتقاد بوجود علاقات اقتصادية كاملة بالنظر للبعد الجغرافي. وقد لا تتجاوز العلاقات نقل الخبرات في بعض المجالات”.
حسابات الربح والخسارة لاتفاق التطبيع
حول سؤال الربح والخسارة، يرى أقصبي أنه “عملياً وحين نقوم بالمقارنة، نجد أنفسنا أمام اقتصادين مختلفين تماماً. الاقتصاد الإسرائيلي يمثل كمياً ما يمثل أربع مرات الاقتصاد المغربي”.
وتابع: “الناتج الداخلي الإسرائيلي يبلغ حوالي 400 مليار دولار، والناتج الداخلي للمغرب يصل 115 مليار دولار. نصيب الفرد من الناتج الداخلي 40-45 ألف دولار في إسرائيل، وفي المغرب 3000 دولار”.
واعتبر الخبير الاقتصادي أن “هذه المؤشرات تؤكد أنه إن كانت هناك علاقات اقتصادية بين الطرفين. فنحن أمام نموذج بلد متقدم يتعامل مع بلد متخلف”، حسب تعبيره.
وأضاف: “إن نظرنا إلى بنية صادرات إسرائيل وبنية صادرات المغرب، نلاحظ مع الأسف أن إسرائيل لديها ما تصدره للمغرب. وأن المغرب ليس لديه ما يصدره لإسرائيل”.
وأكمل: “بالتالي سيصبح سوقاً لإسرائيل ليس إلا”. مشيراً إلى أن إسرائيل لها صادرات ذات قيمة مضافة عالية معرفياً وعلمياً. ولها قيمة تجارية مهمة، وسيميل ميزان الربح لصالحها.
الخسارة الأكبر والربح المتوهم للمغرب
من جهته، ذهب عمر الكتاني، الأستاذ الجامعي بجامعة محمد الخامس في الرباط (حكومية)، إلى القول. بأن “الخسارة أهم من الربح بالنسبة للمملكة المغربية”.
وتابع: “المغرب سيخسر أولاً مبدأ عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني، والربح هو اعتراف أمريكا بالصحراء. وهو مرتبط بالإنزال الاقتصادي والسياسي وربما العسكري في البلد”.
وزاد الكتاني: “الربح الاقتصادي من اتفاق التطبيع سيكون بسيطاً جداً بالنسبة للمغرب، ولكن فيه نوع من الغرور ونوع. من الاعتقاد بأن استثمارات كبيرة ستصل إلى الصحراء المغربية“.
واستدرك بالقول: “لكن لا أثق في الربح المتوقع، والدليل أنه حين حدث تعاون مغربي إسرائيلي منذ عقود في المجال الفلاحي. استوردنا مرضاً خبيثاً أصاب الطماطم المغربية”.
وأضاف الأكاديمي المغرب: “ما زالت الطماطم المغربية تعاني من المرض الخبيث الذي صدَّره إلينا الكيان الصهيوني منذ سنوات. وخسرنا بسببه عدة أسواق في الخارج”.
تابعوا قناتنا على يوتيوب لمشاهدة كل جديد