هكذا نهبت الإمارات مليارات القذافي السرية.. تفاصيل تنشر لأول مرة عن الثروة الضائعة
وطن – كشفت تقارير حديثة عن مفاجأة من العيار الثقيل تخص الإمارات واستيلائها على مليارات الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي السرية. عبر شبكة من المسؤولين والشركات.
وذكرت دراسات اقتصادية أن حجم الأموال التي جنتها ليبيا من عائدات النفط منذ عام 1969 تقدر بنحو 3 تريليونات دولار.
واللافت أن نصف هذا المبلغ ذهب إلى خزينة القذافي وأبنائه، وثروات ليبيا موزعة على الأقل في 35 دولة تنتشر في 4 قارات.
وتشمل هذه الثروات “عقارات فخمة ودور نشر في بريطانيا، وصولاً إلى منتجعات وفنادق بالشرق الأوسط.”
وحتى حصص في نادي يوفنتوس الإيطالي لكرة القدم، وشركة “فيات” للسيارات، فضلاً عن البنك الملكي الاسكتلندي.
وبحسب تقرير لموقع “عربي بوست” فإنه منذ بدايات الثورة الليبية ودولة الإمارات لا تكل عن محاولة السيطرة على ليبيا. وتبني نفوذاً واسعاً في هذه الدولة الغنية بالموارد.
وكان التركيز بالأساس على محفظة ليبيا إفريقيا، المحفظة الضخمة التي تملك الكثير من الأصول في القارة السمراء، وبخاصة الشركات المتعلقة. بالتكنولوجيا والاتصالات التي تديرها إحدى الشركات التابعة لمحفظة ليبيا إفريقيا، وهي شركة LAP Green Network.
والمثير في الأمر أنه رغم أن حجم خسائر هذه الشركات تخطى المليار دولار، فقد تم نقل تبعية هذه الشركة من ملكية محفظة ليبيا إفريقيا. إلى الشركة القابضة للبريد وتكنولوجيا المعلومات، التي يرأسها منذ عام 2013 فيصل جرجاب.
المؤسسة الليبية للاستثمار
ومعروف أن الإمارات دعمت برلمان طبرق والجسد الموازي للمؤسسة الليبية للاستثمار من مالطا.
ووفق التقرير فإنه على الرغم من أن الشركات التي أدارها جرجاب، تدار من خلال شخصيات ليبية معروفة، فإنها كانت تدار من خلال شركات. تشغيل في مالطا ودبي، وهو ما يعني وجود متابعة إماراتية لتحركات هذه الشركات.
وساهمت الإمارات في تشكيل شبكة نفوذ جديدة في ليبيا تتمثل في عارف النايض وفيصل جرجاب وحسن بوهادي وغيرهم. ليس فقط بالاعتراف الرسمي أو الدعم الرسمي.
ولكن عبر تسهيل نقل الكثير من أصول المؤسسة تحت إدارة هذه المجموعة في الفترة الزمنية من 2014 إلى 2017، وتم نقل إدارة الكثير. من الشركات التابعة للمؤسسة الليبية للاستثمار إلى مكاتب تمثيل في دبي.
كما وفرت أبوظبي المساحة الآمنة لحركة الأصول والأموال، من خلال الشركات التي تأسست في الإمارات لإدارة بعض أصول المؤسسة. بالمخالفة لقرارات الأمم المتحدة. والتي ورد عليها الكثير من التحفظات في تقارير ديوان المحاسبة الليبي.
ووفق تقرير “عربي بوست” فإنه بعد الانقسام السياسي الممتد في ليبيا أصبح هناك كيانان سياسيان، أحدهما في طرابلس، والآخر في طبرق.
وهو ما انعكس بالتبعية على المؤسسة الليبية للاستثمار التي مثلها فريق في طرابلس بقيادة عبدالمجيد بريش، ثم بن يزه. ثم عاد عبدالمجيد بريش من جديد بعد فوزه في دعوى قضائية.
وترأس فريق طبرق حسن بوهادي، الذي اتخذ من مالطا مقراً مؤقتاً لإدارة المؤسسة، وكان يقيم في الإمارات العربية المتحدة.
واستمرت هذه الحالة من 2014 حتى 2017، حين عادت المؤسسة لتتبع قيادة واحدة في طرابلس برئاسة علي محمد حسن.
التحايل على قرارات التجميد ودور أبوظبي
ويشير التقرير إلى أنه تم التحايل على قرارات التجميد لأصول المؤسسة وتحريك الأموال من حسابات بعض الشركات المملوكة بشكل غير مباشر للمؤسسة. أو تأسيس شركات بأسماء شبيهة لها الحق في تمثيل الشركات الأصلية.
ولكن الأهم كان استخدام الحسابات البنكية للمؤسسة أو المؤسسات المملوكة للمؤسسة مثل بنك ABC أو المؤسسة العربية المصرفية. وبنك HSBC لوكسمبورغ، وهي المصارف التي تم رصد حركة مالية على حساباتها.
وثائق كشفت المستور
واستشهد تقرير “عربي بوست” بالوثائق التي نشرها موقع Politico، والتي تشير إلى المخاطبات بين بنك ABC بتفويض من المؤسسة الليبية. للاستثمار لتحديد حسابات المؤسسة وقيمة فوائد الأصول والأموال المودعة في بنك HSBC لوكسمبورغ.
كما تشير الوثائق إلى أن هذه الفوائد تم تحويلها لحساب المؤسسة في بنك ABC، وتم تحريك هذه الأموال لحسابات شركات أخرى مملوكة للمؤسسة الليبية.
لكن السنوات الأربع من 2014 حتى 2017 كانت كافية لتحريك هذه الأصول والسيطرة على بعضها، بل وتحريك الكثير من الأموال. عبر شبكة كانت أحد الألغاز في الملف الليبي.
رجال القذافي والإمارات
وهنا تأتي أهمية رجال القذافي، وما ذللوه من عقبات أمام أبوظبي لمد نفوذها على الصحراء الليبية.
ففي 2018 وفي خطوة غير متوقعة وصل للإمارات بشير صالح، وهو الصندوق الأسود لثروات ليبيا وأسرار القذافي عن الشركات. المملوكة للمؤسسة الليبية في كل دول العالم.
تم تجميد أموال بشير صالح مع قرارات التجميد التي صدرت ضد نظام القذافي ورجاله.
واختبأ الرجل في جنوب إفريقيا حتى محاولة اغتياله في 2018، بعدها تغيرت الخريطة وخاصة بعد التغيرات التي حدثت في جنوب إفريقيا. ومغادرة زوما -حليف وثيق الصلة ببشير- الرئاسة، وذهب الرجل إلى أبوظبي ليبدأ فصلاً جديداً من فصول النفوذ والتقاء المصالح بين النافذين الليبيين، والإمارات العربية المتحدة.
ويعرف بشير صالح بأنه كاتم أسرار القذافي المالية، وبأنه رجل القذافي في إفريقيا أو ذراعه التي بسطت نفوذه على القارة. والصندوق الأسود لثروات ليبيا وأسرار القذافي عن الشركات المملوكة للمؤسسة الليبية في كل دول العالم.
وبصرف النظر عن كونه كان سكرتير القذافي إلا أنه كان أيضاً رئيساً لمحفظة الاستثمارات الإفريقية الليبية، التي تملكها المؤسسة الليبية للاستثمار.
بحسب مصادر داخلية لموقع African intelligence؛ اكتشفت محفظة ليبيا إفريقيا تحويل أموال بقيمة 16 مليون دولار من حسابات المؤسسة. المجمدة في بنك دويتش بألمانيا، لصالح المخرج Maximilian Vogt، الذي تعاقد معه بشير صالح في 2006 لإنتاج عمل لصالح القذافي كلف أموالاً ضخمة، هذا العمل لم ينتج حتى اليوم.
كان بشير صالح مهندس الاستثمارات الخارجية الليبية، ومسؤول شبكة معقدة من الشركات تعمل على تفادي العقوبات الاقتصادية.
بشير صالح يصل الإمارات
وبوصول صالح لأبوظبي واستقراره هناك بعد اختفائه لفترات طويلة بين سويسرا وجنوب إفريقيا، تم وضعه تحت الإقامة الجبرية. وأصبح الصندوق الأسود الليبي تحت تصرف أبوظبي، لا يستطيع إجراء مقابلة إعلامية أو دبلوماسية إلا بوجود استخباراتي إماراتي.
وهكذا حصدت الإمارات مزيداً من النفوذ على المؤسسات الليبية الاقتصادية والاستثمارية.
واستطرد التقرير في الكشف عن عدد من الشركات التابع للصناديق الليبية والتي يشرف على إدارتها رجال القذافي، وتمكنت الإمارات من السيطرة عليها.
وفي هذا السياق ووفق “عربي بوست” فقد بدأ جرجاب تحركه في دعم الفريق الممثل لبرلمان طبرق برئاسة حسن بوهادي، بتأسيس. مؤسسة في مالطا باسم LIA advisor LTD، واسمها مأخوذ من اسم المؤسسة الليبية للاستثمار (LIA).
وثائق التسجيل تشير إلى أن الشركة التي تأسست في ديسمبر/كانون الأول 2014، مملوكة للمؤسسة الليبية للاستثمار، ولها القدرة على تمثيل المؤسسة.
في الأثناء تم تأسيس شركة جديدة هي LPTIC Services limited في 2015؛ وهي مأخوذة من اسم الشركة القابضة الليبية للبريد. والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي يرأسها فيصل جرجاب منذ عام 2013، والتي تدير استثمارات ضخمة في إفريقيا. فتحت هذه الشركة مكاتب تشغيل لها في موريشيوس ودبي أيضاً.
ثم تأسيس مكتب لإدارة وتشغيل شركة LAP Green Network من الإمارات العربية المتحدة، والذي بلغت مصروفاته 25 مليون دولار. وترأس إدارته وفيق الشاطر.
كذلك تم تأسيس شركة LAP Mauritius بنفس مجلس إدارة محفظة ليبيا إفريقيا، ويدير هذه المؤسسة نافع جرجاب أخو فيصل جرجاب.
واستطاع مجلس إدارة المؤسسة الليبية من مالطا تحويل ملكية شركة LAP Green N من ملكية محفظة ليبيا إفريقيا إلى ملكية الشركة الليبية. القابضة للبريد التي يرأسها جرجاب.
بيعت LAP Green N، وهي مديونة بمليار دولار، فقط لنقل ملكيتها لشبكة البريد القابضة للتحايل على قرار التجميد.
فيصل جرجاب وعاصم القوصبي
وتمكن فيصل جرجاب أيضاً أن يسيطر على شركة Bousval في لوكسمبورغ والمملوكة للشركة الليبية القابضة للبريد، وبدورها تملك. حصة أسهم من شركة Retelit الإيطالية الرائدة بنسبة 14.3% من الشركة، ويشغل فيصل جرجاب عضو مجلس إدارة الشركة حتى الآن.
كذلك شركة Oilinvest، وهي واحدة من أهم شركات المؤسسة الليبية للاستثمار التي تستثمر في النفط والطاقة في أوروبا، والشركة في نيوزيلندا. تملك شركة Tamoil أوروبا، يرأس المؤسسة عاصم قوصبي الذي كان يعمل في ذات الوقت مع جرجاب في شركة شيل من عام 2005 في دبي.
تم تعيين قوصبي في مجلس إدارة شركة OIlinvest القابضة في كراكاس فنزويلا في 2015، وكذلك إضافة لرفيق النايض شقيق عارف النايض. في مجلس إدارة شركة OIlinvest المالية بكراكاس فنزويلا.
وبها استطاعت المجموعة تأسيس شبكة من الشخصيات الموالية وفتحت مكاتب تشغيل في الإمارات لترسيخ نفوذ هذه الشركة، التي سيصعب. أن يتم استبدالها، كل ذلك خلال الفترة من بداية تحركها في نهاية 2014 حتى 2017.
دعم حفتر من قبل محمد بن زايد
وتظهر الكثير من التحقيقات أن الإمارات تتولى دعم حفتر بالمعدات العسكرية والأسلحة من خلال الأردن أو من خلال شركة مجموعة الكعبي. التي تربطها علاقات قوية مع الشركات العسكرية في فرنسا وصربيا وغيرها من الدول.
ووفق تقرير “عربي بوست” فقد أسس فاضل الكعبي مجموعة International Golden Group في 2002؛ ويشير التقرير الصادر. عن موقع intelligence online إلى أن هذه الشركة هي التي أجرت التعاقدات لتزويد حفتر بمعدات عسكرية روسية منها دبابات T-72، أنظمة SA-3، بطاريات دفاع جوي S-300.
ويملك صندوق توازن للاستثمار الاستراتيجي، وهو صندوق استثماري تابع لحكومة أبوظبي؛ يملك الصندوق 26% من ملكية شركة international Golden Group.
وكذلك ترتبط هذه الشركة بشراكة مع Royal group المملوكة للشيخ طحنون بن زايد، الذي يعتبر من المسؤولين الرئيسيين في الإمارات عن الملف الليبي.
وقامت شركة الكعبي بتعاقدات في 2017 و2018 مع Krušik Holding Corporation الشركة المملوكة للحكومة الصربية. أيضاً لتزويد حفتر بمعدات عسكرية.
كذلك شركة IGG واحدة من الشركات التي تعتمد عليها الإمارات كثيراً في التعاقدات العسكرية، وعائلة الكعبي من العائلات النافذة في أبوظبي. يرأس الشركة محمد هلال الكعبي نائب رئيس أركان القوات المسلحة الإماراتية حتى عام 2009.
جماعات الضغط واللوبيات الأمريكية
ولا تعتمد أبوظبي فقط على الدعم العسكري سواء بطريقة غير مباشرة عن طريق مجموعة من الشركات تحاول بها أن تخفي الصلة المباشرة. أو من خلال الشركات التي تربطها علاقات مباشرة بأبوظبي.
ولكن هناك محور الحماية والترويج من خلال جماعات الضغط واللوبيات الأمريكية التي تستخدمها أبوظبي للضغط على القرار في واشنطن.
ففي التحقيق الذي نشره الموقع البريطاني Middle East Eye عن التعاقد مع شركة Dickens and Madson التي أسسها Ari Ben-Menashe. ويشير التحقيق إلى أن الشركة عملت مع كلا الرجلين المدعومين من أبوظبي حميدتي في السودان، وحفتر في ليبيا للترويج لهما في واشنطن.
ورغم أن التقديرات الحالية في ليبيا تشير إلى أن قدرات وأسهم حفتر تراجعت كثيراً، وربما يدور الحديث عن البدائل، إلا أن هذا ليس النقطة الفاصلة.
هذا الدعم المتصل والرهان على تحقيق حسم عسكري في ليبيا سوف يتجدد سواء مع حفتر نفسه أو غيره. فالأهداف الإماراتية لم تتغير، ولم تتراجع.