أعادت شبكة “بي بي سي” البريطانية، تسليط الضوء على فيلم “المنشق” الذي يروي تفاصيل مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. وذلك بعد نشر تقرير الاستخبارات الأمريكية عن مقتل جمال.
العرض الأول في بريطانيا
وقالت “بي بي سي“، إن الفيلم سيعرض لأول مرة في بريطانيا على الإنترنت في مهرجان غلاسغو السينمائي. مبينة أن ذلك سيكون يوم السبت المقبل السادس من مارس/آذار الجاري.
ونقلت الشبكة، عن مخرج الفيلم بريان فوغل، المتوج بالأوسكار، قوله، إنه يعتقد أن ولي العهد السعودي لن يواجه أي تحقيق رسمي بشأن عملية القتل.
ويحاول فيلم المخرج فوغل “المنشق” استكشاف ما حدث لخاشقجي ومَن، مِن المحتمل، قد أمر بقتله. فجثة خاشقجي لم يتم العثور عليها وولي العهد السعودي ينفي أي تورط له في عملية مقتله.
وبالاستناد إلى نصوص التسجيلات التي حصل عليها من الحكومة التركية يشير فيلم فوغل إلى أن خاشقجي، الصحفي في صحيفة “واشنطن بوست” والذي اختار لنفسه منفى اختيارياً في أمريكا. قد خنق ومن ثم قطعت أوصاله داخل مبنى القنصلية السعودية.
برمجيات للتجسس
ويُحقق الفيلم أيضا في استخدام برمجيات للتجسس واختراق هواتف الناشطين السعوديين الذين يعيشون في المنفى.
ومن بين هؤلاء المعارض السعودي المقيم في كندا عمر عبد العزيز الذي كان على تواصل مع خاشقجي قبل موته.
ويقول فوغل ” لا أعتقد أن ولي العهد سيواجه أي مذكرة من الانتربول لإلقاء القبض عليه عندما يهبط بطائرته الخاصة (في أي بلد آخر) واقتياده إلى لاهاي أو ترحيله إلى اسطنبول أو الولايات المتحدة”.
ويضيف: “هذا لن يحدث. فهذه البيئة التي نجد أنفسنا وسطها، هي في تناقض ونزاع دائم مع حقوق الإنسان. فقادة من أمثال محمد بن سلمان يرون أن أموالهم يمكن أن تشتري لهم طريقا للخلاص من مثل هذه الأحداث.
وأضاف: “لن تكون هناك أي مساءلة، ما لم تكون هناك جهود مشتركة ومطردة من الدول في هذا الشأن”.
وقال فوغل، إنه يرحب بإعادة تقييم العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية في ظل إدارة بايدن، مذّكرا بالعلاقات الحميمة بين البلدين خلال رئاسة دونالد ترامب.
ويشدد المخرج الأمريكي على أن “بايدن لن يتبع بالتأكيد قواعد لعب دونالد ترامب؛ فتوقيعه على رفع السرية عن تقرير السي آي إيه. ونشر خلاصاته بشأن جريمة قتل خاشقجي يمثل ضربة للعلاقات الأمريكية السعودية”.
لجين الهذلول
ويرى فوغل، أن إطلاق سراح ناشطة حقوق الإنسان لُجين الهذلول بعد نحو ثلاث سنوات من بقائها قيد الحبس “هو بوضوح تلويحة سلام لإدارة بايدن”.
ويقول “يظهر أن ثمة دعما من كل من الديمقراطيين والجمهوريين لإعادة تقييم العلاقة مع السعودية في ضوء الحرب في اليمن. لذا فالوقت هو الحكم لنعرف ما سيحدث”.
وسبق أن فاز فيلم فوغل الاستقصائي “إيكاروس” بجائوة الأوسكار في عام 2018 لتقديمه فضيحة المنشطات التي يتناولها الرياضيون الروس برعاية من الدولة.
وقد حظي فيلمه الجديد “المنشق” باحتفاء نقدي عند عرضه العالمي الأول في مهرجان ساندانس السينمائي في عام 2020.
بيد أن فوغل ظل يتساءل عن أسباب عدم شراء خدمات بث الأفلام العالمية على الانترنت، وبضمنها أمازون ونتفليكس، للفيلم لعرضه عبر منصاتها.
ويوضح أسباب ذلك بقوله: “أعتقد أن الفيلم يكشف أنه ثمة للأسف جبن يرافقه تأنيب ضمير ينتشر وسط تلك الشركات الكبيرة لعدم تناولها القضايا التي قد تؤثر على من يمتلكون أسهمها. وعلى مصالح الشركات والمستثمرين فيها، على الرغم من معرفتهم بأن ملايين الأشخاص سيستمعون بمشاهدة الفيلم”.
شركة أمازون وفيلم خاشقجي
ويعد فوغل أيضا منتقدا لمالك شركة أمازون وأغنى رجل في العالم، جيف بيزوس، وهو أيضا مالك صحيفة واشنطن بوست التي كانت توظف خاشقجي.
وقال: “لقد اختار عدم اقتناء هذا الفيلم لتوزيعه عالميا عبر منصته، لكنه بعد بضعة أشهر استحوذ على منصة “سوق دوت كوم” أشهر المتاجر الإلكترونية في السعودية والعالم العربي”.
وقد استحوذت أمازون على “سوق” في عام 2017 ثم أعادت تقديمها تحت اسم تجاري هو: أمازون أيه أي.
ويتساءل فوغل: “هل ما زالت أمازون تشترك في أعمال تجارية مع السعودية. الجواب نعم. وهل يقف (بيزوس) فعليا لمناصرة قضية مقتل أحد موظفيه؟ لقد أصدر بعض البيانات بيد أن الأفعال تتحدث بصوت أعلى من الكلمات”.
ويحتوي فيلم فوغل على مقاطع مصورة لوقفة احتجاجية في عام 2017 قرب القنصلية السعودية في اسطنبول حضرها بيزوس وألقى كلمة فيها.
وأضاف فوغل: “أنا لا غضب من أي من هذه الشركات، فهذه هي الأعمال التجارية لكن ما يصيبني بالاحباط. أن مثل هذا السلوك يسمح في النهاية لجرائم مثل مقتل خاشقجي بالحدوث”.
وأكمل: “عندما لا تكون هناك مناصرة لمثل هذه المضامين (كالتي يطرحها الفيلم) يصعب الأمر بشكل مطرد على المخرجين من أمثالي. بيد أنني متفائل في أن هذا المناخ سيتغير”.
فيلم وثائقي أرشيفي
وهدف فيلم “المنشق” كما يقول مخرجه هو ليس صنع “فيلم وثائقي أرشيفي”، بل صنع عمل استقصائي بوليسي. مشوق وحي يغوص عميقا في جريمة مقتل خاشقجي وتشعباتها”.
وقد حاور فوغل في فيلمه خطيبة خاشقجي العالمة التركية خديجة جنكيز فضلا عن المدون عمر عبد العزيز. الذي كان خاشقجي يدعم نشاطاته ماليا.
ويطرح الفيلم فرضية أن مثل هذا الفعل قد يجعل من الصورة التي يُنظر بها إلى جمال نفسه، بوصفه ناشطا. ومنشقا (عن النظام) وليس صحفيا صريحا.
وتابع: “لكنني أعتقد أنه حتى في الأسابيع الأخيرة من حياة جمال هو لم يرَ نفسه منشقا. لقد كان يتمسك بمفهوم أنه صحفي. ومن ثم ما تراه في الفيلم هو ذلك العمل الذي كان يقوم به وما كان يكتب عنه والذي جعله في هذه الصورة، أو على الأقل في الصورة التي نفهمها نحن عنه”.
ويخلص فوغل إلى أن “جمال خاشقجي هو شخص ما أراد أن يجعل بلده مكانا أفضل وقد أُسكت بأبشع طريقة”.
ويضيف: “في الفيلم، ترى أن الخيار الذي واجهه هو : إما البقاء صامتا داخل السعودية، او مغادرتها مجازفا. بحياته للذهاب إلى المنفى لقول الحقيقة. وقد كلفه ذلك حياته”.
تابعوا قناتنا على يوتيوب لمشاهدة كل جديد