أعلنت وسائل أنباء سورية اليوم، الاثنين، وفاة المعارض السوري ميشيل كيلو، بسبب إصابته بفيروس كورونا، عن عمار ناهز الـ80 عاماً.
وميشيل كيلو هو كاتب وصحفي سوري، وهو ضمن أهم الشخصيات المعارضة السورية في المنفى، حيث كان يقيم في العاصمة الفرنسية باريس.
وكان النظام السوري في عهد حافظ الأسد ونجله بشار، قد سجن ميشيل كيلو عدة مرات.
وعرف عن كيلو قيادته ما يعرف بـ”ربيع دمشق” الوجيز في سنوات الألفين، وذلك عند تولي الرئيس بشار الأسد الحكم.
ومنذ انطلاق الثورة السورية ضد النظام في العام 2011، كان ميشيل كيلو ممثل التيار الليبرالي في الائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة.
والذي هو محاوراً مشروعاً لدى الدول المؤيدة للمعارضة السورية، قبل أن يقوم بالانسحاب منه نتيجة خلافات.
اقرأ المزيد: هكذا أجبرت امرأة وطفلان “بايدن” على التراجع عن ضربة جوية مؤلمة في سوريا
وقبل وفاته بأسبوع كتب المعارض السوري وصية للشعب السوري، وذلك خلال خضوعه للعلاج من فيروس كورونا، في إحدى مشافي العاصمة الفرنسية باريس.
ونشر بعض أصدقاء المعارض السوري الراحل ميشيل كيلو، الوصية عبر مواقع التواصل، والتي كانت بعنوان “كي لا تبقوا ضائعين في بحر الظلمات”.
وجاء في نص الوصية التي كتبها كيلو واطلعت عليها “وطن”: “لا تنظروا إلى مصالحكم الخاصة كمتعارضة مع المصلحة العامة، فهي جزء أو يجب أن تكون جزءا منها”.
وتابع: “لا تنظروا إلى وطنكم من خلال أهدافكم وإيديولوجياتكم، بل انظروا إليهما من خلال وطنكم، والتقوا بمن هو مختلف معكم بعد أن كانت انحيازاتكم تجعل منه عدوا لكم”.
وأكمل في حديثه للشعب السوري: “في وحدتكم خلاصكم، فتدبروا أمرها بأي ثمن وأية تضحيات، لن تصبحوا شعبا واحدا ما دمتم تعتمدون معايير غير وطنية وثأرية في النظر إلى بعضكم وأنفسكم.”
موضحا:”وهذا يعني أنكم ستبقون ألعوبة بيد الأسد، الذي يغذي هذه المعايير وعلاقاتهم، وأنتم تعتقدون بأنكم تقاومونه”.
وأضاف: “ستدفعون ثمنا إقليميا ودوليا كبيرا لحريتكم، فلا تترددوا في إقامة بيئة داخلية تحد من سلبياته أو تعزلها تماما”.
وزاد: “لا تتخلوا عن أهل المعرفة والفكر والموقف، ولديكم منهم كنز.. استمعوا إليهم، وخذوا بما يقترحونه، ولا تستخفوا بفكر مجرب، هم أهل الحل والعقد بينكم، فأطيعوهم واحترموا مقامهم الرفيع”.
وفي ختام الوصية أوصى كيلو السوريين باعتماد أسس للدولة “يسيرون عليها ولا تكون محل خلاف بينهم، وإن تباينت قراءاتها بالنسبة لهم”.
واعتبر الراحل أن “استقرار هذه الأسس يضمن استقرار الدولة، الذي سيتوقف عليه نجاح الثورة”.
من هو ميشيل كيلو؟
وكيلو هو كاتب وصحافي وسياسي سوري، ولد في مدينة اللاذقية عام 1940 في أسرة مسيحية لأب شرطي وربة منزل.
وعاش ميشيل طفولته في أسرته وبرعاية من والده الذي كان واسع الثقافة.
تلقى كيلو تعليمه في اللاذقية وعمل في وزارة الثقافة والإرشاد القومي.
ينقل ميشيل كيلو عن والده أنه كان يقول: كيف تستطيع أن تكون مجرد مسيحياً فحسب في بيئة تاريخية أعطتك ثقافتك ولغتك وحضارتك وجزءاً مهما من هويتك.
نشاطه
شغل ميشيل كيلو منصب رئيس مركز حريات للدفاع عن حرية الرأي والتعبير في سورية.
وكان ناشط في لجان إحياء المجتمع المدني وأحد المشاركين في صياغة إعلان دمشق، وعضو سابق في الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي.
وعمل كيلو أيضا محللا سياسيا وكاتب ومترجم وعضو في اتحاد الصحفيين السوريين.
ترجم كيلو بعضاً من كتب الفكر السياسي إلى العربية منها كتاب “الإمبريالية وإعادة الإنتاج” و”كتاب الدار الكبيرة”، و”لغة السياسة” و”كذلك الوعي الاجتماعي”.
اعتقاله
تعرض كيلو لتجربة الاعتقال في السبعينيات دامت عدة أشهر، سافر بعدها إلى فرنسا حتى نهاية الثمانينات.
نشر بعض الترجمات والمقالات، ولم يستأنف نشاطه بوضوح حتى حلول ربيع دمشق.
اعتقل ثانية بتاريخ 14-5-2006 بتهمة إضعاف الشعور القومي والنيل من هيبة الدولة وإثارة النعرات المذهبية.
ويشير بعض المراقبين إلى أن اعتقاله جاء على خلفية توقيعه (مع مجموعة من النشطاء والمثقفين) على إعلان بيروت – دمشق في أيار 2006.
لكن كيلو نفسه وفي مقالة له بعنوان “قصة اعتقالي واتهامي” كتبها وهو في السجن يقول: “واليوم، وبعد سبعة أشهر على وجودي في السجن، أراني أتساءل: هل صحيح أنه تم توقيفي بسبب إعلان دمشق بيروت، لا، ليس إعلان بيروت/ دمشق سبب اعتقالي.”
وتابع:”هذه قناعتي وإذا كان هناك من يريد الانتقام مني؛ فإنني أتفهم موقفه وإن لم أقبله، مع رجاء أوجهه إليه هو أن يمتنع عن وضعه تحت حيثية القانون والقضاء، كي لا يقوض القليل الذي بقي لهما من مكانة ودور”.
أحيل كيلو ليحاكم أمام القضاء العادي، ثم جرى تحويله ليحاكم أمام المحكمة العسكرية.
وفي مايو/أيار 2007 أصدرت المحكمة حكماً عليه بالسجن لمدة ثلاثة أعوام بعد إدانته بنشر أخبار كاذبة وإضعاف الشعور القومي والتحريض على التفرقة الطائفية.
أُفرج عن ميشيل كيلو قبيل منتصف الليلة الثلاثاء 19/5/2009، بعد خمسة أيام على انتهاء حكمه بالسجن ثلاث سنوات.
اللجنة الدولية لمساندة ميشيل كيلو
قامت مجموعة من النشطاء والمحامين والإعلاميين والمفكرين بتأسيس اللجنة الدولية لمساندة ميشيل كيلو قبل أن يتم الإفراج عنه.
ومنهم ناصر الغزالي رئيس مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية وفيوليت داغر رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان، ونادر فرجاني المحرر الأساسي لتقارير التنمية العربية ومحمد السيد سعيد، نائب مدير مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية الأهرام.
وهيثم مناع مفكر ومناضل حقوقي ومنصف المرزوقي مفكر ومناضل حقوقي وبرهان غليون مفكر وأستاذ في جامعة السوربون والدكتورة سيلفي دوبلوس أستاذة في كلية الطب. وجان كلود بونسان ناشط في العمل الإنساني، وآخرون كثر.
وقد انبثقت عن هذه اللجنة هيئة للدفاع عن مشيل كيلو ضد التهم الموجهة إليه.
تابعوا قناتنا على يوتيوب لمشاهدة كل جديد