لماذا تركز الرياض على الاستثمار الرياضي وتخطط لاستضافة كأس العالم 2030؟
شارك الموضوع:
وطن- تساءل تقرير نشرته قناة الحرة الامريكية على موقعها الالكتروني، عن الدوافع والأسباب التي أدت لاهتمام المملكة العربية السعودية والتي تعتبر أكثر الدول الغنية بالنفط في المجال الرياضي.
السعودية وكأس العالم 2030
وقال التقرير، إن السعودية تخطط لعرض محتمل لاستضافة كأس العالم 2030 على أراضيها، مستعينة بشركة استشارية أميركية لتنسيق استراتيجية ملف استضافتها للبطولة.
وأشار التقرير، إلى أنه وقبل أسابيع من ذلك، سبق وتقدمت باقتراح لتنظيم بطولة كأس العالم كل سنتين بدلاً من أربع سنوات.
فيما أبدت الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) موافقة على دراسة جدوى التغيير المقترح، وفق القناة الأمريكية.
وأرجع رئيس القسم الرياضي بصحيفة “عكاظ” السعودية، عادل النجار، الاهتمام السعودي، بالشأن الرياضي، إلى “اتجاه المملكة نحو الاستفادة الاقتصادية من الاستثمارات الرياضية الكبرى”.
وقال: “من أهداف رؤية المملكة 2030، التطوير والاستثمار في مجال الرياضة، الأمر الذي يستلزم شباب طموحين وبنية تحتية مهيأة لاستضافة الأحداث الرياضية”.
ويعتقد النجار أن السعودية ستستهدف، خلال الثماني سنوات المقبلة، استضافة الأحداث العالمية الكبرى تحديدا، مثل دورة الألعاب الآسيوية، كأس العالم لكرة القدم، أولمبياد دولية، وبطولات عالمية أخرى في ألعاب رياضية مختلفة.
وعن سبب التنوع في الرياضات التي تستضيفها السعودية، قال: “لإشباع رغبات الشباب السعودي في استغلال هوياتهم، وخير دليل على ذلك إنشاء الاتحاد الرياضي، قبل شهر تحديدا، 16 اتحاد ورابطة جديدة في ألعاب مختلفة”.
وكانت الفورمولا إي أولى سباقات السيارات العالميّة التي تستضيفها المملكة حيث جرى السباق الأول في موسم 2018/ 2019 ليتبعه سباقين متتاليين في موسم 2019/2020.
وفي ديسمبر المقبل، تستضيف مدينة جدة أوّل سباق فورمولا 1 في تاريخ السعودية.
وبعد مرور عام على أول رالي داكار في المملكة، استضافت السعودية النسخة الثانية منه في يناير 2021.
ويرى المحلل الرياضي، وليد بيساني، وفق القناة الأمريكية، أن “السعوديين يسعون لوضع اسم بلادهم على خريطة المنافسات العالمية”.
وأشار بيساني إلى استضافة السعودية لأهم منافسات كرة القدم، الملاكمة، كرة المضرب، وعالم المحركات، مما سيجعلها “محط أنظار دول العالم”، معتبرا أن هذا “ما تصبو إليه”.
وتعود النسخة المقبلة من الكأس السوبر الإيطالية، التي ستجمع بين إنتر ويوفنتوس، إلى السعودية، بعد غيابها العام الماضي عن المملكة بسبب جائحة فيروس كورونا.
وكانت السعودية توصلت، في نوفمبر 2019، إلى اتفاق مع الاتحاد الإسباني لإقامة الكأس السوبر الإسبانية على أرضها أيضا على مدى ثلاث سنوات، بمشاركة أربعة أندية خلافا للنسخ السابقة التقليدية بين بطلي الدوري والكأس.
واستضافت السعودية نسخة العام 2020 في مطلع يناير، قبل أن تقام التالية في إسبانيا أيضا بسبب تداعيات الجائحة.
التكلفة والأرباح
وللوقوف على التكاليف التي تتحملها المملكة لقاء استضافة هذه الفعاليات الرياضية، حاول موقع “الحرة” التواصل مع وكيل وزارة الرياضة لشؤون الإعلام، رجاء الله السلمي، لكنه لم يرد علينا.
وفي بيانات غير رسمية، ذكر تقرير لمنظمة “غرانت ليبرتي” الحقوقية غير الربحية، ومقرها لندن، في مارس الماضي، أن السعودية أنفقت مالا يقل عن 1.5 مليار دولار على الأحداث الرياضية الدولية رفيعة المستوى.
وكشف التقرير أن قيمة صفقة استضافة مدينة جدة لسباق الفورمولا 1 وصلت إلى 650 مليون دولار أميركي، وذلك لمدة عشر سنوات، تبدأ من 2021.
وتضمن التقرير أرقام لصفقات لم تنفذ بعد، بما في ذلك 200 مليون دولار لبطولة العالم في الملاكمة للوزن الثقيل المقرر إجراؤها في وقت لاحق من هذا العام.
وإضافة لذلك 182 مليون دولار لرعاية “ريال مدريد” من خلال مشروع القدية، وهو مشروع ضخم للسياحة والترفيه في الرياض.
ويقول المحلل الاقتصادي السعودي، فهد الثنيان: “لا بيانات رقمية حول الاستثمار السعودي في مجال الرياضة”.
وعن الأرباح المرتقبة من هذه الاستثمارات، قال الثنيان: “لا خسائر في مجال الرياضة، لكن الاهتمام الحكومي بتنظيم مباريات وبطولات عالمية يهدف لكسب المزيد من الثقة الدولية، تمهيدا لاستضافة كأس العالم لكرم القدم أو حتى كأس آسيا”.
وأضاف “إذا نظرنا لعائدات النقل المباشر من مباريات كأس العالم لكرة القدم التي تصل إلى مليار و200 مليون دولارا أميركيا، يتضح لنا الأرباح المنتظرة من نقل مباريات الفورملا 1 أو رالي دكار”.
وشدد على أنّ “المبالغ التي تستثمرها السعودية في مجال الرياضة، سوف تجنيها أضعاف مضاعفة”.
وأشاد الثنيان بـ”أهمية الاهتمام الرياضي في تقوية الترفيه وتعزيز السياحة”، لافتا إلى أن هذا النوع من الاستثمار يحقق مكاسبه مع الوقت.
كما يؤكد النجار أنّ “الرياضة أصبحت مجال استثماري خصب لتنمية اقتصاد الدول، ولذلك تهتم السعودية في الاستفادة منها لتحقيق النمو الاقتصادي”، موضحا أنه “لا أرقام محددة حول الأرباح المتوقعة بعد”.
وتابع: “في السنوات الماضية، استضافت السعودية أحداث كبرى في مجال الرياضة، وهذا يجلب مصانع السيارات، يجذب المشجعين، وينمي السياحة”.
بينما يعتبر بيساني أنّ “الاهتمام السعودية باستضافة الأحداث الرياضية العالمية يتخطى مفهوم الربح والخسارة، فكل ما يعنيها هو النظرة العالمية إليها، وهي تتخذ من الرياضة طريقاً للتعرف عليها وعلى إمكانياتها”.
الاقتصاد في “جو غير ديمقراطي”
وفي هذا السياق، تتهم منظمات حقوقية المملكة باستخدام الرياضة لـ”تلميع” صورتها وصرف الانتباه عن انتهاكات في مجال حقوق الإنسان.
وقال المتحدث باسم منظمة “قسط” لحقوق الانسان، عبد العزيز المؤيد: “لطالما حاولت الحكومة السعودية تنويع الدخل وعدم الاعتماد على النفط فقط، ولكن بناء الاقتصاد الحقيقي لا يمكن أن يكون في جو غير ديمقراطي”.
وربط المؤيد التوجه السعودي نحو استضافة الأنشطة الرياضية بـ”الاهتمامات الشخصية لولي العهد، محمد بن سلمان”.
واعتبر أن “الاقتصاد لا يمكن قيادته بالأوامر، بل يجب أن يكون هناك تفاعلات بين قوى معينة تنتج اقتصادات قوية”.
ويرى المؤيد “عائدات الضرائب المحصلة من أموال المواطنين السعوديين، تدفع لملاكم أو لسائق سيارة، بدلاً من وضعها في تطوير القطاعات المحتاجة مثل التعليم والصحة”.
وكانت وزارة المالية قدرت، في تقريرها السنوي، أن الإيرادات من الضرائب عام 2021 قد تصل إلى 257 مليار ريال، بارتفاع نسبته 30.8 في المئة مقارنة بالضرائب المتوقع تحصيلها في 2020.,
وذلك نتيجة الأثر المالي لكامل العام من رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة إلى 15 في المئة، وزيادة الرسوم الجمركية لعدد من السلع، وتعافي الاقتصاد المتوقع.
وأشار المؤيد إلى أن “السعودية تتخذ من الاستثمار الرياضي وسيلة لتحسين صورتها الدولية، لاسيما في ظل وجود سجل سيء لها في مجال حقوق الإنسان”، معتبراً أنها “فشلت في ذلك”.
وبالعودة إلى تقرير “غرانت ليبرتي”، فقد وضعت المنظمة الحقوقية الأرقام المذكورة ضمن توصيف “الغسيل الرياضي“.
وذلك في إشارة منها إلى أن السعودية تقوم بهذا الاستثمار في “محاولة لإخفاء سجل حقوق الإنسان، والترويج لنفسها كموقع عالمي جديد رائد للسياحة”.