القشة التي قسمت ظهر البعير.. تقرير يكشف ما وراء الكواليس بأزمة المغرب والجزائر

وطن- نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، تقريرا تحليليا للكاتب “ديفيد بولوك”، سلط فيه الضوء على الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين الجزائر والمغرب والتي وصلت لقطع العلاقات.

وتحت عنوان “التصدع في العلاقات بين الجزائر والمغرب: مسرحية غير كوميدية من الأخطاء”، يقول “بولوك” إن الانقسام الدبلوماسي الأخير بين الجزائر والمغرب، يعود إلى رغبة الجزائر على الأرجح في صرف الانتباه عن التحديات التي تواجهها في الداخل، لكن الزلات من الجهات الفاعلة الأخرى ربما تكون قد قلبت الموازين.

وتابع:”وسط جميع العناوين السيئة الصادرة مؤخراً بشأن أفغانستان، غاب بلا شك عن معظم القراء حدثاً آخر أقلّ مصيرياً ولكن حزيناً ومهماً أيضاً، يشهده الطرف الآخر من الشرق الأوسط، وهو: قطع الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع جارتها المغرب.”

التوتر بين المغرب والجزائر

وكانت التوترات بين البلدين قد تزايدت في الأشهر الأخيرة، لكن التطورات الأخيرة ـ وفق الكاتب ـ أدت إلى تصعيد القطيعة بين البلدين إلى مستوى لم نشهده منذ فترة طويلة. ويبدو أن الأسباب، على الأقل بالنسبة لمراقب من الخارج، هي مزيج من الخلافات السياسية المتعمدة والعثرات التكتيكية، التي تفاقمت بسبب الأخطاء أو خطايا الإغفال من قبل جهات فاعلة خارجية مختلفة.

واستطرد ديفيد بولوك “وفي رأيي، تلعب الجزائر الدور الرائد في هذه الكوميديا ​​المأساوية. فهي تتهم المغرب حالياً بارتكاب “أعمال عدائية”.

وتُفسِّر البيانات الرسمية والتسريبات غير الرسمية من الجزائر العاصمة هذا الاتهام ليشمل دعماً مغربياً جديداً، على الأقل شفهياً، لمناصري الحقوق العرقية لـ الأمازيغ (القبايل/القبائل) داخل الجزائر؛ ومزاعم بتجسس مغربي على السياسيين والمسؤولين والمواطنين العاديين الجزائريين؛ واستضافة الرباط مؤخراً لوزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، الذي استغل تلك المنصة لانتقاد الجزائر علناً بسبب ميلها المزعوم نحو إيران والمحور “الراديكالي” في المنطقة.

ويرى الكاتب أيضا أنه بطبيعة الحال، وراء كل هذا، هناك فترة أمدها نصف قرن تقريباً من النزاع المغربي-الجزائري والذي لا يزال مستمراً حول الصحراء الغربية. وتمتد هذه المنطقة الشاسعة التي معظمها من الأراضي الصحراوية على طول الحدود الجنوبية الغربية للجزائر والمغرب وصولاً إلى ساحل الأطلسي، والتي تسلّمها المغرب من إسبانيا عام 1975، في الوقت الذي دعم فيه معمر القذافي والجزائر حركة “البوليساريو” [التي تطالب] باستقلال محلي.

وفوق كل ذلك، تروّج الشائعات الأخيرة في الجزائر، والتي ربما أثارها النظام، نظريات مؤامرة متطرفة حول تواطؤ المغرب في حرائق الغابات الجديدة الهائلة على الأراضي الجزائرية، وفي الدعم المادي للمنظمات “الإرهابية” أو الانفصالية داخل الجزائر.

ووراء هذه الحملة برمتها يكمن على الأرجح المأزق الداخلي للحكومة الجزائرية. وفق بولوك الذي أشار إلى أن هذه الحكومة المستبدة وفق وصفه تحظى بالشعبية على الرغم من الانتخابات، وتواجه احتجاجات جماهيرية من قبل المعارضة (“الحراك”) وغيرها من الحركات الاجتماعية على مدى العامين الماضيين.

وتحكم هذه الحكومة حالياً وسط تراجع حاد للاقتصاد مع احتمال ضئيل للانتعاش على المدى القريب. وللمفارقة، وفقاً لأحد الخبراء الجزائريين الذين تحدثت معهم مؤخراً، إن إبقاء حدود الجزائر مع المغرب مغلقة، ربما يحمي الاقتصاد الجزائري الأكثر ضعفاً ومركزيةً من المنافسة – حتى في الوقت الذي يُحرّم فيه السكان المحليون من فرص التجارة أو الواردات الاستهلاكية منخفضة التكلفة، أو التوظيف. إن محاولة صرف الاستياء الشعبي من خلال تحويل الأنظار نحو أكباش فداء أجنبية هي أسلوب يائس بل مُثبَت حيث تم اختباره على مرّ السنين من قبل أنظمة مماثلة.

إلّا أن هذه التقنية تتلاشى في وجه نتائج استطلاع موثوق بها من مختلف الدول العربية التي تُظهر أن أغلبية ساحقة (عادةً 75-85 في المائة)  من المواطنين في كل مجتمع تتفق على اقتراحات كما يلي: “في الوقت الحالي، إن الإصلاحات السياسية والاقتصادية الداخلية أهم بكثير بالنسبة لبلدنا من أي قضية تتعلق بالسياسة الخارجية – لذا يجب أن نبقى بعيداً عن أي حروب خارج حدودنا”.

ولهذا السبب بالتحديد، على الأقل جزئياً، من غير المرجح أن تخاطر الحكومة الجزائرية، على الرغم من اختراقها بشكل كبير من قبل “سلطة” الجيش والأجهزة الأمنية، بالسماح بأن يتحول هذا الخلاف الدبلوماسي إلى نزاع مسلّح فعلي مع المغرب. ومن بين المؤشرات على حرصها هذا هو بقاء المكاتب القنصلية مفتوحة على ما يبدو، على الأقل في الوقت الحالي.

دور المغرب

أما بالنسبة لدور المغرب الثانوي في هذه الأحداث المثيرة، فيتمحور إلى حدّ أكبر حول رسائل متباينة أكثر من استفزاز متعمد. فبمناسبة “عيد العرش”، اتّسم الخطاب الأخير للملك محمد السادس بلجهة تصالحية ملفتة تجاه الجزائر.

غير أن رسالة لاحقة صادرة عن سفير المغرب في الأمم المتحدة الذي أيّد فجأة “حق تقرير المصير” لشعب القبايل عبر الحدود الجزائرية، قد ضربت رسالة الملك عرض الحائط. ويبدو أن ذلك كان القشة الأخيرة الني قسمت ظهر البعير في ردّ الجزائر الأخير وغير الودي، على الرغم من أنها كانت تنظر علناً في خطوات مماثلة حتى قبل ذلك.

يجب نسب الهجوم غير المقصود نفسه إلى إسرائيل، التي تلعب دوراً محدوداً فقط في هذا الإطار. ففي أواخر العام الماضي، وكمتابعة لـ”اتفاقات إبراهيم”، قام المغرب بـ”تطبيع” العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، لتكافئه إدارة ترامب بالاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية. وتوقّع الكثير من المحللين، بمن فيهم كاتب هذه السطور، أن تؤدي هذه الخطوة التي حظيت بالترحيب في العديد من النواحي، إلى تأجيج التوترات مع الجزائر، رغم أنها لن تصل على الأرجح إلى درجة الحرب.

ولسوء الحظ، عزّز وزير الخارجية الإسرائيلي هذه السردية، وأعتقد عن غير قصد، خلال زيارته الرسمية الأخيرة إلى المغرب – وهي أول زيارة علنية من هذا القبيل منذ عقود، أو منذ المؤتمر الاقتصادي “المسار متعدد الأطراف” من حقبة مدريد/أوسلو الذي أنعقد في الدار البيضاء عام 1994. فتصريحاته غير الحذرة لم تخدم هذه المرة أي مصلحة ظاهرة إسرائيلية أو مغربية أو عائدة لحليف آخر. وبالتالي، كانت خطأ تكتيكياً لا يجب أن يتكرر أبداً.

أمريكا تحاول الحفاظ على تحالفها مع المغرب وتحسين علاقاتها مع الجزائر

ويتابع الكاتب: أخيراً، نصل إلى الدور الأمريكي الصغير في هذه الحلقة بأكملها. فواشنطن، التي ترغب في الحفاظ على تحالفها الطويل الأمد مع المغرب وتحسين علاقاتها مع الجزائر في الوقت نفسه، قادرة على التصرّف أكثر من مجرد النظر بقلق إلى مزيد من التباعد بين البلدين. بالإضافة إلى ذلك، فإن المسؤولين الأمريكيين مشغولون هذه الأيام بالكثير من الأزمات والمعضلات الأخرى الأكثر خطورةً – من أفغانستان إلى إيران وما يتخطاهما، ناهيك عن المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والصحية المحلية الخطيرة.

وخلص الكاتب في نهاية تحليله إلى أنه نتيجةً ذلك، لا يجب أن نتوقع محاولة أمريكية فعالة لإدارة الصراع أو الوساطة في شمال إفريقيا. إن الجانب الجيد لجميع المعنيين يتمثل ببساطة بعدم رغبة أي طرف حقاً في الانغماس في المخاطر غير المتوقعة في حال حدوث مواجهة كاملة أيضاً.

واختتم:باختصار، إن القطيعة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب هي تطورات مدعاة للقلق، لكنها ليست مصدر قلق كبير. ويعني ذلك على الأرجح أنه لن يتمّ رأبها بسهولة أو بسرعة، حتى لو أنها ستظل من غير شك محصورة بالرمزية الدبلوماسية والسياسية المحزنة.

المصدر
معهد واشنطن، وطن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
situs slot togel
slot gacor
https://kaisarpoker.missteeninternational.us/ https://www.phprentacar.ro/doc/superkaisar/ https://kaisarpoker.camaraayacucho.org.pe/
kaisarpoker
kaisarpoker
grafindo.id
kaisar-poker.banksyariahdanamulia.co.id
kaisarpoker
kaisarpoker
kaisarpoker
kaisarpoker
kaisarpoker
kaisarpoker
kaisarpoker
situs anti rungkat
kaisarpoker
kaisarpoker
bandar slot
kaisar poker
situs anti rungkat
kaisarpoker
kaisarpoker
kaisarpoker
kaisarpoker
kaisarpoker
kaisarpoker
situs anti blokir
kaisarpoker
kaisarpoker
kaisarpoker
Link Alternatif Terbaru Global
kaisarpoker
kaisarpoker
kaisarpoker
kaisarpoker
sudirman168
kaisarpoker
slot asia
terminal4d
situs toto slot
kaisarpoker
situs anti rungkat
situs slot togel
slot anti rungkat
bandar bola slot
bocoran parlay
situs slot pakai qris
slot bet 200
slot gampang maxwin
slot asia
slot gacor
slot anti lag
situs anti blokir
slot gacor sudirman168
kaisarpoker anti rungkat
sudirman168
slot asia
slot gampang scatter kaisarpoker
kaisarpoker
slot dana sudirman168
scatter hitam
slot online kaisarpoker
situs slot sudirman168
slot gacor sudirman168
rtp slot sudirman168
slot asia gacor
scatter hitam mahjong wins 3
sudirman168
sudirman168
sudirman168
sudirman168
situs sudirman168
sudirman168
sudirman168
slot gacor
scatter hitam
scatter hitam
scatter hitam
toto slot
scatter hitam
sudirman168 login
sudirman168 link alternatif
slot gacor dana
slot dana sudirman168
situs sbobet
sudirman168
situs sudirman168
terminal4d
slot dana
slot dana gacor
slot dana gacor
slot dana
bandar slot
slot gacor
Situs toto slot hari ini
slot togel
slot asia
slot asia Sudirman168
slot asia Sudirman168
slot asia Sudirman168
slot asia
slot asia sudirman168
Daftar situs slot togel terpercaya 2024
slot asia sudirman168
slot asia & scatter hitam
slot asia
slot asia
situs slot asia sudirman168
situs plinko online
toto slot 4d
situs slot
slot apk
slot togel
slot asia sudirman168
slot asia sudirman168
situs slot toto
slot toto 4d
slot toto gacor
toto slot gacor
toto slot
SITUS SUDIRMAN168
https://www.watanserb.com/