تركيا ومصر تبنيان جسورا بعد عقد من العداء.. صحيفة اسبانية تكشف التفاصيل كاملة

By Published On: 8 سبتمبر، 2021

شارك الموضوع:

وطن- أجبرت المشاكل الداخلية العديدة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على تصميم خارطة طريق أجنبية جديدة قادرة على دمج بعض جيرانه الإقليميين الذين تألق معهم بقوة.

وعلقت مجلة “أتلايار” الإسبانية، على إعادة جسور العلاقة بين تركيا ومصر بعد عقد من العداء، حيث اجتمع الوفدين التركي والمصري في أنقرة، فيما يعيد أردوغان تحديد سياسته الخارجية.

وقالت المحلة إن هذه الجولة الثانية يمكن أن تغير النظام الجيوسياسي في الشرق الأوسط في الأشهر القليلة المقبلة. ومن المقرر أن يبحث الوفدان القضايا الثنائية باتجاه دفع العلاقات وتطبيعها على أساس المصالح المتبادلة.

العلاقة بين تركيا ومصر

وقالت المجلة الاسبانية في تقريرها الذي ترجمته صحيفة “وطن”، إن التحول السياسي المفاجئ، الذي قامت به تركيا، يأتي بعد أن أجبرت المشاكل الداخلية العديدة، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على تصميم خارطة طريق أجنبية جديدة، قادرة على دمج بعض جيرانه الإقليميين، الذين كانت تجمعه بهم خلافات شديدة على مر السنين.

في سياق متصل، تُعتبر مصر أحد اللاعبين الرئيسيين في هذه الخلافات. حيث تسببت الإطاحة بزعيم الإخوان المسلمين والحليف المقرب للرئيس التركي محمد مرسي في عام 2013، على يد وزير الدفاع آنذاك، عبد الفتاح السيسي، سلسلة من الخلافات العميقة بين أنقرة والقاهرة في السنوات الثماني الماضية. خلافات يبدو أنها أصبحت جزء من الماضي، وهذا ما أعرب عنه كلا البلدين بعد عقد القمة الثانية.

الجولة الثانية من المفاوضات

سافر وفد برئاسة نائب وزير الخارجية المصري حمدي سند لوزا، الثلاثاء، إلى أنقرة لعقد اجتماع ثنائي جديد مع نظيره التركي، سادات أونال، يرافقه مسؤولين حكوميين رفيعي المستوى.

سيُغطى الاجتماع مواضيع مختلفة، فضلا عن أنه سيكون هناك تركيز على تقارب المواقف بين الجهتين. الجدير ذكره أنه في جولة المحادثات الأولى، التي انعقدت في 5 مايو في القاهرة، تناولت مصر وتركيا، أسس الخلافات، التي تسببت في توتر العلاقات بينهم.

قمة “صريحة وعميقة”، هكذا وصف الطرفان جولة القاهرة للمفاوضات. تُظهر الدولتان بوادر تقارب إيجابية، وخاصة تركيا، التي تعتبر الطرف الأكثر اهتمامًا بمسألة التوافق.

من جهته، أعرب وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو، عن تفاؤله بعد الاجتماع الثاني وقال لمحطة NTV، إنهم “سيتخذون خطوات لتعيين سفير جديد” في حال تم إحراز تقدم في المفاوضات. وشدد جاويش أوغلو، على “الإجراءات الإيجابية” التي أطلقتها السلطة التنفيذية التركية، لتحسين العلاقات مع جيرانها، واختتمت بالقول إنه على مستوى العلاقات الدولية “لا توجد صداقة أو عداوة دائمة”.

نظام السيسي يتفوق على نظام أردوغان

فيما يتعلق بمصر، يتفوق نظام السيسي على نظيره التركي بالنظر إلى العزلة الإقليمية لأنقرة. على أي حال، فإن الدولة الواقعة في شمال إفريقيا ستُعرض علاقاتها مع اليونان وقبرص للخطر، في حال تم التوافق مع تركيا.

ولذلك سيُطالب الرئيس المصري بسلسلة من التنازلات من أردوغان، أثناء تحديد الخطوات المستقبلية، كما فعل في يوليو الماضي.

وفي الحقيقة، نتيجة انعقاد القمة الأولى في مايو الماضي، وخوفا من أن تنشأ التوترات على الخط اليوناني المصري، أصدرت وزارة الخارجية المصرية، بيانا أدانت فيه إعادة فتح مدينة فاروشا القبرصية كرَسالة طمأنة لليونان،  وهي مدينة  في شرق قبرص، والواقعة في الجزء الشمالي الذي تحتله تركيا.

شروط التقارب بين البلدين

تتبع القاهرة وأنقرة، أسلوب مغاير عن العادة  لتنعيم المشاكل السياسية، التي سببها الربيع العربي، والاندلاع الثوري عام 2011 الذي غير النظام الإقليمي. حيث وصلت الانتفاضات، ضد أنظمة تونس وليبيا وسوريا والبحرين واليمن إلى ميدان التحرير، في قلب العاصمة المصرية، مما أدى إلى الإطاحة  بالرئيس السابق حسني مبارك، بعد ضغط شعبي كبير. من خلال هذه الفجوة، رأى أردوغان فرصة ذهبية للسيطرة على المنطقة وفرض أجندته، من خلال دعم الإخوان المسلمين.

في ذات الفترة، حقق زعيم حزب العدالة والتنمية،  فوزه الثالث على التوالي في الانتخابات وكان يشهد ذروته السياسية. ورحب الرئيس بانتفاضات الربيع العربي، وهي استراتيجية أزعجت الممالك الخليجية باعتبارها، تمثل  تهديدا خطيرا لاستقرارها، في المقابل، عدّل سياسته الخارجية بعد تخليه عن دوره المحايد وقربه من شركائه في الناتو، ليصبح زعيما إقليميا.

لفرض أجندته السياسية، أقام أردوغان روابط مع الإخوان المسلمين في مصر، ونجح في الترويج لترشّحهم للانتخابات التي أجريت في مصر في عام 2012. سعى هذا التحدي إلى جعل المحور التركي المصري، الفاعل المهيمن على المستوى الإقليمي، والذي انتهى بالفشل بعد انقلاب الجيش المصري على ولاية الإخوان المسلمين، وهو نفس العام الذي كان فيه أردوغان يواجه انتفاضة شعبية ضده.

تضخمت الخلافات بين الاثنين، بعد دعم فصائل مختلفة في الحرب الأهلية الليبية. سيناريو، تكرر مع العلاقات بين المملكة العربية السعودية والإمارات، وهي الدول التي ينوي أيضًا الاقتراب منها. لذلك جعلت الرياض  تطبيع العلاقات بين أنقرة والقاهرة شرطا لتحسين روابطها مع تركيا.

كما كانت هناك دعوى  قوية، ليتوقف أردوغان عن دعم الإسلام السياسي في المنطقة العربية. ناهيك أن من بين أحد مطالب السيسي حاليا،  تسليم 10 آلاف مسلح من التنظيم الإسلامي المقيمين في تركيا، وهي جماعات اعتبرتها القاهرة “إرهابية”.

تحول في السياسة الخارجية

إن الجهود المضنية، التي تبذلها الحكومة التركية لاستعادة العلاقات الثنائية مع جيرانها، هي جزء من استراتيجية أساسية تهدف إلى تخفيف عزلتها الإقليمية. أدى عدم وجود شركاء، إلى تفاقم الخلاف حول ثروات الهيدروكربونات في مياه البحر الأبيض المتوسط، والتضخم المتسارع وانخفاض قيمة الليرة، مما وضع أردوغان في وضع لا يُحسد عليه.

في هذا السياق، يسعى الرئيس التركي لانتهاج سياسة خارجية جديدة قائمة على البراغماتية التي تُنبأ بتخليه عن المبادئ الأساسية للأيديولوجية، التي شكلت نجاح فترة رئاسته حتى الآن.

ضمنيا، مازال أردوغان يطور أجندته الإسلامية، لكنه يحاول المحافظة على الحكومة بفضل دعم حزب العدالة والتنمية، وهو تشكيل يدافع عن عقيدة الوطن الأزرق، وهي نظرية تمتد من خلالها السيادة التركية من البحر الأسود إلى شرق البحر الأبيض المتوسط ​​عبر بحر إيجه. على المستوى العلاقات الخارجية، يبني أردوغان جسورا مع جيرانه بعد التنويه بقطع الدعم عن الحركات الإسلامية.

شارك هذا الموضوع

Leave A Comment