الإمارات تتخلى عن فكرة “إسبرطة المحاربة” وترغب في أن تصبح “سنغافورة الصغيرة”
شارك الموضوع:
وطن- كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، التفاصيل التي دفعت الإمارات لتغيير سياستها الخارجية من الصدام إلى الحوار أو رغبتها بالتخلص من “إسبرطة المحاربة” إلى “سنغافورة الصغيرة”.
وقال المعلق ديفيد إغناطيوس إن الشعار الذي باتت ترفعه الإمارات اليوم هو “صفر مشاكل” بعدما تدخلت في الحربين المدمرتين في اليمن وليبيا ورفعت شعار الحرب ضد الإسلاميين.
وأشار إلى أن هناك ميلا دوليا لخفض التوتر رغم الاضطرابات الأخيرة في أفغانستان، وهذا واضح في موقف الإمارات التي وصفها مرة وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس بـ”إسبرطة الصغيرة”.
ولكن الإمارات غيّرت موقفها ببراغماتية فجّة تجعل من ميكافيلي نفسه محرَجا، فقد غيرت الإمارات مسار المواجهة مع إيران والأحزاب الإسلامية إلى الحوار.
الإمارات تعالج مشاكل مع دول الجوار وأعداء آخرين!
وخلال العام الماضي تحركت من أجل حل المشاكل مع إيران وقطر وتركيا وليبيا وأعداء آخرين. وفق ترجمة صحيفة “القدس العربي”.
ويرى الكاتب أن أهم تعديل في السياسة الإماراتية هي علاقتها مع إسرائيل ضمن ما عرف باتفاقيات إبراهيم التي وقعت قبل عام من اليوم.
وكانت الاتفاقيات هذه نتاج جهد إدارة دونالد ترامب، ولكنها متجذرة كما يقول إغناطيوس في موقف الإمارات تبني التعاون الإقليمي بعيدا عن الأيديولوجية والدين، في وقت بدأت الهيمنة الأمريكية في المنطقة بالتلاشي.
ويقول المسؤولون الإماراتيون إنهم يتوقعون أن يصل حجم التجارة مع إسرائيل خلال العقد المقبل إلى تريليون دولار.
ويقول الكاتب إن رؤية الإمارات للسياسة الخارجية المستقلة دفعتها أحيانا لاجتياز الخطوط الحمر مع الولايات المتحدة كما أظهر تقرير في صحيفة “نيويورك تايمز” عن استئجارها مسؤولين أمريكيين سابقين في الاستخبارات الذين اعترفوا في وثائق محكمة أنهم قاموا بعمليات قرصنة إلكترونية لصالح الإمارات.
ويرى الكاتب أن تحول الإمارات لخفض التوتر الخارجي إلى الاهتمام بالأوضاع المحلية، هو صورة عن توجه ملاحظ في العالم كما في حال أمريكا بايدن، بل والصين ونسختها “البناء الأفضل” والتأكيد على الازدهار المحلي المشترك. وعكس الخروج الأمريكي من أفغانستان والطريقة السيئة التي تم فيها، إجماعا دوليا ضد “الحروب الدائمة” وهو ما بات يتفق عليه المسؤولون الأمريكيون والأجانب. ويرى الكاتب أن انسحاب الإمارات من الحرب المدمرة في اليمن وليبيا كان إشارة عن هذا التوجه، حيث اكتشفت أبو ظبي أن الثمن يتفوق على المنافع.
محمد بن زايد يتعلم من كيسنجر
ويرى إغناطيوس أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد يتعلم من كيسنجر. وألف كتابا عن وزير الخارجية الأمريكي السابق “سيد اللعبة” والدبلوماسية التي أدارها في الشرق الأوسط.
ونقل الكاتب عن أنور قرقاش، وزير الدولة السابق للشؤون الخارجية في الإمارات، إن السياسة الجديدة تقوم على “صفر مشاكل”. وقال في مقابلة يوم الثلاثاء، إن عملية إعادة المراجعة بدأت عام 2019، بسبب المخاطر النابعة عن الحرب في اليمن والضربات الصاروخية والطائرات المسيرة الإيرانية ضد السعودية والإمارات، والشعور بأن القوة الأمريكية بدأت بالتراجع في المنطقة.
وقال قرقاش إن التوتر المتزايد في المنطقة يعني التورط في حروب طويلة. ولهذا قررت الإمارات تغيير مسارها والتركيز على التنمية الاقتصادية كوسيلة للأمن. ويرى المسؤولون الإماراتيون أن عصر النفط قارب على النهاية، حيث اعتمد البلد عليه في النمو.
ويرى الكاتب أن التحرك الإماراتي هو نوع من التصحيح بعد التحالف الخطير مع إدارة ترامب. ووجهت وزارة العدل الأمريكية مدير لجنة تنصيب ترامب، توماس باراك بالضغط غير القانوني لكي يمرر المصالح الإماراتية. وفي دعوى قضائية خاصة تم تقديمها إلى محكمة فدرالية في كاليفورنيا، اتهم فيها جامع التبرعات لحملة ترامب، إليوت برويدي، بنشاطات مماثلة، وكلاهما نفيا القيام بأعمال غير قانونية.
يوسف العتيبة يعلق
ويقول يوسف العتيبة، سفير الإمارت في واشنطن: “تغيرت نظرتنا، ننظر للعالم بطريقة مختلفة”. وفي الوقت الذي دفعت فيه الإمارات واشنطن لاتخاذ مواقف متشددة من إيران وتركيا والراديكالية الإسلامية، فهي اليوم تدعو للتصالح، ويعوّل المسؤولون فيها على توسيع العلاقات الاقتصادية والأمنية مع الصين.
ويرى الكاتب أن الإمارات عادة ما أظهرت ميلا للتوجه مع الريح، واستخدمت ثروتها النفطية كي تصبح مركز نشاط عالمي. وهي اليوم تحاول أن تتخلص من وصف “إسبرطة المحاربة” وترغب بأن تكون “سنغافورة الصغيرة”.
ويظل محمد بن زايد الصوت الحازم في الإمارات، لكن رجل الاتصال في كل التحركات الأخيرة هو أخوه طحنون، الذي يشغل منصب مستشار الأمن القومي.
ويعمل طحنون في الظل، وسافر مثلا سرا إلى إيران، وبدأ بمناقشة ما وصفه مارتن إنديك “معاداة تصل لحد عدم العداء”.
ويعمل طحنون عبر شبكة من مدراء المخابرات الأقوياء في تركيا ومصر والسعودية والأردن وغيرها من الدول.
وفي الشهر الماضي، سافر طحنون إلى تركيا وقطر للبحث في سبل المصالحة مع البلدين. وقال الرئيس رجب طيب أردوغان الذي وصفه المسؤولون الإماراتيون قبل عام بأنه تهديد مساو لإيران، متحمسا بعد لقائه مع طحنون أن الإمارات “ستقوم باستثمارات مهمة في بلدنا وقريبا”، وكما تعلمت الولايات المتحدة قبل أعوام، فالمال والأمن يصنعان أصدقاء، والسياسة الخارجية تبدأ من الداخل سواء في واشنطن أو أبو ظبي.