“الكونفيدينسيال” الإسبانية: تركيا تسعى للجلوس على طاولة الجغرافيا السياسية لعش الدبابير

By Published On: 15 سبتمبر، 2021

شارك الموضوع:

وطن- حصل رئيس تركيا رجب طيب أردوغان على مكانة جيدة في التعامل مع حكومة طالبان الجديدة، في المقابل، تمت حمايته من احتمال وصول اللاجئين.

وحسب صحيفة ” الكونفيدينسيال“، الإسبانية فإن الأحداث الأخيرة التي يمر بها السكان الأفغان المنكوبين، الذين يعانون من سوء المعاملة، وعلى الرغم من إحراز طالبان تقدما جغرافيا في جميع أنحاء البلاد وإحكام سيطرتها على المنطقة وهجومها الأخير على العاصمة كابول، إلا أن هذا لم يدفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى اتخاذ أي إجراءات مباشرة في حق اللاجئين، أو السكان الفارين من بطش طالبان.

وفي التقرير الذي ترجمته “وطن”، أشارت الصحيفة إلى أن منذ سقوط كابول في أيدي المجموعة التي يقودها الآن هبة الله أخوند زاده، كانت خطابات أنقرة عدائية تجاه اللاجئين، على الرغم من أنها في ذات الوقت تسعى إلى دخول أفغانستان واستغلال الإنسحاب الأمريكي العسكري منها.

في المقابل، يتساءل الغرب عما سيحدث لآلاف اللاجئين الأفغان، الذين دمرت الحرب منازلهم، ودفعتهم حركة طالبان إلى طلب اللجوء والهروب من مستقبل مجهول.

تركيا وطالبان

وفي خضم كل هذا، كان أردوغان صريحا وواضحًا، حيث صرح قائلا “تركيا ليست ملزمة بأن تكون ملاذًا آمنًا للاجئين الأفغان”. وفي الواقع، هذه التصريحات تأتي بالتوازي مع ما يحدث على الحدود التركية.

في سياق متصل، يبلغ عدد اللاجئين حوالي ثلاثة ملايين ونصف، هذا هو الرقم الذي صرحت به الأمم المتحدة، عندما تحدثت عن النازحين داخليًا، الذي اضطروا إلى النزوح من مكان إلى آخر بسبب سيطرة طالبان وتقدمهم في جميع المدن الأفغانية.

لكن ما يخيف السلطات الغربية حقا هو نصف مليون شخص، الذين سيحاولون مغادرة البلاد بحلول نهاية العام، وفقًا لنفس المنظمة. في الحقيقة، لن يكون الأمر سهلاً، لأن تركيا بدأت بالفعل في حماية نفسها.

تركيا تتصدى للاجئين الأفغان

في هذا الخصوص صرح محافظ مدينة فان، أمين بيلمز، أنه “على طول الحدود البالغ طولها 295 كيلومترًا، ستقوم تركيا ببناء جدار. كما يُتوقع أن يكون قسم بطول 64 كيلومترًا جاهزًا بحلول نهاية العام. وسيتم الانتهاء من الأقسام المتبقية في السنوات القليلة المقبلة”.

بالإضافة إلى بناء الجدار، سيكون هناك 58 برج مراقبة و 45 برج اتصالات. وأشار إلى أن الأبراج ستكون مجهزة بكاميرات حرارية، ورادارات وأجهزة استشعار وأنظمة مكافحة الحريق. سيكون هذا الحصن في انتظار الأفغان، لمنعهم من الوصول إلى أوروبا، من خلال تركيا، التي ستكون بمثابة ممر حدودي.

من جانبه، ينظر الاتحاد الأوروبي بارتياب إلى تركيا، بسبب إمكانية ابرام صفقة أخرى من شأنها أن تُبعد الأفغان عن حدودها باتفاقية مماثلة لاتفاقية عام 2016. لكن وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، كان واضحًا عندما أشار إلى أنه، “من غير الوارد قبول اللاجئين، لا نريد أن نتحمل عبئا إضافيا”.

وأضاف أنه “لن يكون هناك اتفاق أساسه، سندفع لكم مقابل دخول اللاجئين كما حدث سابقا”.

تركيا في مواجهة الاتحاد الاوروبي

بالنسبة لمدير البرنامج التركي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أيكان إردمير، “يعرف أردوغان أن التهديد المتزايد من موجات اللاجئين الأفغان، سيساهم في تقوية علاقاته  مع الاتحاد الأوروبي، مثل اتفاقية اللاجئين بين تركيا والاتحاد الأوروبي فيما يتعلق باللاجئين السوريين، حيث يمكن أن تحصل أنقرة على اتفاقية لاَجئين ثانية، مقابل أن تقدم أوروبا تنازلات دبلوماسية ومالية”.

لكنه حذر أيضًا من أنه “إذا لم تسر المفاوضات وفقًا للخطة، فيمكن لأردوغان أن يكرر استراتيجية الابتزاز”. مشيرا إلى استراتيجية شبيهة بفتح الحدود مع اليونان في أوائل عام 2020.

ولهذا السبب تركيا ليست الوحيدة التي تبني الجدران، حيث أكملت اليونان سياجًا بطول 40 كيلومترًا ونظام مراقبة لمنع المهاجرين، الذين ما زالوا قادرين على دخول تركيا.

تجدر الإشارة إلى أن مسألة تدفق المهاجرين واللاجئين داخل تركيا، أصبح أمرا مملًا بالنسبة للسكان المدنيين لسنوات عديدة، بغض النظر عن الاختلافات السياسية. استمرت المواجهات بين الأتراك واللاجئين أكثر فأكثر،  ناهيك أنه في  أغسطس/ آب، أودى قتال في أنقرة بحياة مواطن تركي، وبعد ذلك بساعات أُحرقت العشرات من مستوطنات اللاجئين.

ووفقًا لاستطلَاع رأي لشركة Metropol عام 2018، كان 81 بالمئة من السكان الأتراك ينظرون بالفعل إلى اللاجئين بشكل سلبي في ذلك الوقت، وكان ناخبو حزب العدالة والتنمية التابع لأردوغان، ينظرون إليهم بشكل أكثر إيجابية. لكن الشركة نفسها أجرت استفسارًا هذا العام، يسأل عما إذا كان فتح الحدود أمام الأفغان، سيكون له تأثير إيجابي على حزب العدالة والتنمية، أجاب 54 بالمئة من السكان بالنفي.

في ضوء الانتخابات العامة المقرر إجراؤها  في عام 2023، سَيتعين على أردوغان، النظر عن كثب في موقفه في مواجهة موجة محتملة من اللاجئين. وهذا ما أشار إليه إردمير، الذي يعترف بأنه “وسط تنامي المشاعر المعادية للاجئين بين الناخبين الأتراك، لا تستطيع الحكومة تحمل الترحيب بالأفغان النازحين، كما فعلت مع ما يقرب من أربعة ملايين سوري خلال العقد الماضي”. حتى اليوم، تدعي تركيا أن لديها 3.7 مليون لاجئ سوري، في حين أن الأفغان يشكلون 300 ألف لاجئ.

قدم واحدة في أفغانستان

على المستوى الدبلوماسي، ترك الانسحاب الأمريكي من أفغانستان فجوة استغلتها دول على غرار، إيران و تركيا و روسيا و الصين، فضلا عن أنه انضم شركاء آخرين إلى طالبان، مثل باكستان وقطر. وكل هذه الدول، تلقت دعوة لحضور مراسم تشكيل حكومة طالبان الجديدة، وهي حركة تشير إلى أن هذه البلدان سَتجمعها علاقات دبلوماسية مع الإدارة الجديدة.

أما بالنسبة لتركيا، فقد عملت الدولة الأوراسية منذ البداية، كجسر بين تمرد طالبان والحكومة الأفغانية. والدليل على ذلك كان البديل الذي اقترحه أردوغان لمحَادثات الدوحة للسلام، وهي العملية التي كان من المقرر أن تجري في اسطنبول، لكنها لم تحدث أبدًا بسبب تناقضات طالبان.

في تلك المناسبة، لم يتمكن الرئيس التركي من تحقيق هدف الترويج لاتفاق سلام في أراضيه، لكنه استطاع أن يتغلب على محاور من طالبان، التي تتولى اليوم مسؤولية أفغانستان.

يمكن ملاحظة حسن النية بين أنقرة وطالبان في النسخة العربية من التلفزيون التركي العام TRT، حيث قال المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، إنه يريد أن تكون له علاقات جيدة مع الدولة الأوراسية، حيث علّق، “تركيا هي دولة شقيقة، حيث تجمعنا العديد من النقاط المشتركة، نأمل أن تقطع تركيا مع الماضي وتنظر إلى الحاضر والمستقبل “. علما وأن الماضي ليس سوى تركيا المنحازة إلى الولايات المتحدة، التي تسعى إلى الاضطلاع بدور قيادي ضمن قوات الأمن الدولية ضد تمرد طالبان.

لكن كل شيء تغير الآن، والعدو سابقا، مفتاح الحاضر الآن، بحسب المحلل إردمير، ويضيف أن “البصمة السياسية والعسكرية لأنقرة في أفغانستان، يمكن أن تساعد في تعزيز صورة الحكومة التركية وموقفها في أعين حلفائها في الناتو”. دون أن ننسى أن طالبان لديها علاقتها أوثق مع قطر وباكستان أكثر من علاقاتها مع تركيا.

تقوم تركيا، التي فازت رسميًا بدور مهم في أفغانستان وتتَعاون بالفعل مع قطر لإدارة مطار كابول، باستهداف بلدا آخر من خلال هذه الخطوات.  وفي الواقع، تعتبر هذه النقطة إيجابية لاستراتيجيتها الخارجية، والتي تنطوي على التأثير على الصعيدين الإقليمي والعالمي. لذلك، فإن وجودها في أفغانستان، كما يشير إردمير، “فرصة لكسب نفوذ على حساب الولايات المتحدة وأوروبا”

شارك هذا الموضوع

Leave A Comment