إسرائيل تطلب وساطة مصر لتحريك ملف تبادل الأسرى.. هل يتنفس أبطال نفق جلبوع الحرية قريبا؟
وطن- كشفت مصادر مطلعة أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي، طلبت من النظام المصري التوسط لإعادة تحريك ملف تبادل الأسرى مع حركة المقاومة الفلسطينية حماس والتي تسيطر على قطاع غزة.
هيئة البث الإسرائيلية “كان” نقلت في هذا السياق عن مصادر مصرية وصفتها بالرفيعة، أن القاهرة تلقت رسائل وصفتها بالمفاجئة وغير المسبوقة من إسرائيل لإعادة تحريك ملف صفقة التبادل مع حماس.
وقد ابلغ مسؤولون من تل أبيب الوسيط المصري هاتفياً بإمكانية عقد جلسات خاصة للتباحث في ملف الصفقة بشكل عام والشروط التي وضعتها حماس، وفق المصادر التي أكدت أن وقت استعادة الجنود الإسرائيليين ورفاتهم قد حان فعلاً.
حركة حماس ترد
من جهته، أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس، ومسؤول ملف الأسرى فيها، زاهر جبارين، أنّ أسرى “العدو الصهيوني” الذين تحتجزهم “كتائب القسام”، الذراع العسكرية للحركة، لن يُطلق سراحهم من دون أنّ يدفع الاحتلال الإسرائيلي ثمناً مقابلهم.
مشدداً على أنّ الأسرى لدى “الكتائب” لن يعودوا إلى أهاليهم قبل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال.
وأضاف جبارين، في مقابلة مع وسائل إعلام، أنّ الاحتلال يُماطل في ملف التبادل ولا يريد أنّ يعيد أسراه من القطاع، ولا يزال غير مستعد لدفع ثمن حريتهم.
مؤكداً أنّ الحركة قدّمت إلى الوسطاء خارطة طريق واضحة لصفْقة تبادل الأسرى، وضمن أولوياتها أصحاب الأحكام العالية.
وقال جبارين إنّ “سلطات الاحتلال حاولت ربط ملف جنودها الأسرى لدى المقاومة بإعمار قطاع غزّة ورفع الحصار عنه، إلا أنّ هذا الأمر رُفض”، مضيفاً أنّ “قيادتي حماس وكتائب القسام تُوْلِيان ملفّ الأسرى الفلسطينيّين في سجون الاحتلال اهتماماً بالغاً، وهو في رأس جدول أعمالها”.
أبطال نفق جلبوع
ويأتي هذا بعد أن أعلنت حماس في وقت سابق أن كتائب “القسام” على عهدها ووعدها بأن “يكون أبطال عملية نفق الحرية الستة على رأس صفقة التبادل، وأن يخرجوا مرفوعي الرأس من سجون الاحتلال”، وذلك بعد أن أعاد الاحتلال اعتقالهم بعد أيام من تحرير أنفسهم من سجن جلبوع.
وقال الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم: “سيظل العمل على تحرير الأسرى من سجون الاحتلال على رأس أولويات المقاومة”، وأضاف: “نتوجه بالتحية الكبيرة والتقدير العظيم لأبطال نفق الحرية في سجن جلبوع الذين أثبتوا قدرة الفلسطيني على الفعل المقاوم في كل الظروف وبكل الأدوات”.
وبحسب ما نشرته صحيفة الأخبار اللبنانية، فإن مقترح حماس شمل خيارَين: إمّا الذهاب نحو صفقة تبادل شاملة يتمّ تنفيذها على مرحلة واحدة، وتشمل الإفراج عن سجناء صفقة 2011 المُعاد اعتقالهم والنساء والأطفال والمرضى، بالإضافة إلى ذوي المحكوميات العالية، وإمّا تجزئة الصفقة إلى مرحلتين.
أما الخيار الثاني فيتمّ في المرحلة الأولى إطلاق سراح السجناء المعاد اعتقالهم والسجينات والأطفال مقابل تقديم حماس معلومات حول الجنود، فيما تشمل المرحلة الثانية الإفراج عن الآلاف من السجناء ذوي المحكوميات العالية، ومَن تلطخت أيديهم بدماء مواطنين إسرائيليين، مقابل فكّ قيد الجنود.
عملية نفق الحرية
ويشار إلى أنه في 6 سبتمبر الجاري، حفر ستة أسرى نفقاً من زنزانتهم إلى خارج سجن جلبوع الإسرائيلي، وأُعيد اعتقال أربعة منهم يومي 10 و11 سبتمبر الجاري، فيما اعتُقل آخر أسيرين، الأحد.
وتعتقل إسرائيل نحو 4850 فلسطينياً في 23 سجناً ومركز توقيف، بينهم 41 أسيرة، و225 طفلاً، و540 معتقلاً إدارياً (دون تهمة)، وفق مؤسسات مختصة بشؤون الأسرى.
لماذا لم يتمكن الأسرى الستة من الاختفاء طويلا؟
هذا ويطرح الهروب الأسطوري للأسرى الستة الفارين من سجن جلبوع -الذي لم يدم طويلا- أسئلة كثيرة حول أسباب إعادة اعتقالهم وعدم مكوثهم مدة أطول في فضاء الحرية.
وفي هذا السياق يشير خضر عدنان -الأسير السابق والقيادي في حركة الجهاد الإسلامي التي ينتمي إليها 5 من الأسرى الفارين- إلى “استعجال” الأسرى الفرار بعد شعورهم بكشف خطتهم “مما جعل خطة الهروب غير محكمة”.
وينسب “عدنان” في تصريحات لوسائل إعلام قول الأسرى الأربعة المعتقلين سابقا لمحاميهم إن عملية التحرر لم تكن في اليوم المخطط له. ويتابع “ربما كان هناك تجهُّز ما، لدى الإخوة وأن يكون هناك من يساعدهم في الخارج، لكن هذا التجهيز لم يحصل كما يريد الأسرى الستة”.
ويرى أن الخطوة جاءت أسرع من الوقت الذي كان مقررا بسبب تفتيشات داخل السجن، وهو ما جعل الأسرى يستشعرون أن الأمور اقتربت من الانكشاف.
ويشير القيادي الفلسطيني إلى دور “أدوات الترقب والرصد والتجسس والعنصر البشري والعملاء وغيرهم من أدوات الاستخبارات”، فضلا عن “الحجم الكبير من العنصر البشري، وجيش الاحتلال، وكل الأذرع العسكرية في ملاحقة الإخوة الستة”.
ويقول إن تعقب استخبارات الاحتلال للأسيرين أيهم كممجي ومناضل نفيعات في جنين استمر حتى لحظة الصفر وخلال التنقل من منطقة إلى أخرى.
ويضيف أن “بعض الأسرى أمضوا فترة طويلة في السجن، ولا يعرفون حجم التطور الذي وصلت إليه التكنولوجيا، كما اختلفت الشوارع والطرقات التي كانوا يعرفونها، ومعظمهم اعتقل قبل أن يقام الجدار العازل”.
ويقول خضر عدنان إن “غياب العمق الجغرافي في الضفة، والملاحقة الشديدة في الداخل عجلا من اعتقال الأسرى”.
وأخيرا يلفت القيادي في حركة الجهاد الإسلامي إلى “تأثير التنسيق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وتغيير وتقاعد العديد من العنصر الأمنية التي كانت بمثابة حاضنة للمقاومة”.
التتبع والكاميرات
بينما يقول أسامة شاهين، وهو أسير مفرج عنه مؤخرا وباحث في قضايا الأسرى، إن التكنولوجيا أكبر عامل ساعد في سرعة اعتقال الأسرى وتحديدا انتشار الكاميرات، وحديث بعض الأسرى هاتفيا مع ذويهم.
ويضيف “التكنولوجيا اليوم أصبحت فوق التصور، وهذا الواقع لا يدركه أسرى عاشوا سنوات طويلة في السجون الإسرائيلية”.
ويقول شاهين إن المخابرات الإسرائيلية أصبحت تعتمد على وسائل متقدمة في رصد الحركة والتتبع، مستشهدا بأسير عايشه داخل السجن -فضل عدم ذكر اسمه- وجد أمامه في التحقيق تسجيلا مصورا كاملا لفعل مقاوم قام بتنفيذه بدءا من مغادرته منزله وحتى عودته إليه.
ولا يستبعد شاهين أن يكون بعض الأسرى قد أخذوا احتياطاتهم قبيل الفرار، لكنه يلفت إلى فرق شاسع بين معرفة الأسرى والواقع على الأرض خارج السجن.
ويوضح أكثر بقوله “الأسير الذي اعتقل قبل 20 عاما يكاد لا يعرف شيئا عن التغييرات الهائلة في الواقع؛ هناك انتشار كبير جدا للكاميرات في السماء، وعلى مفترقات الطرق والشوارع، وبإمكانها تتبع كل صغيرة وكبيرة”.
مع أن “معلومات بشرية” ساعدت في التعرف على بعض الأسرى وتحديد مكان وجودهم، خاصة مع نشر صورهم، فإن عملية اعتقال الأسيرين محمد العارضة وزكريا الزبيدي في مرآب للشاحنات كانت أشبه بصدفة عندما أدخل جندي يده أسفل شاحنة فأمسكت بيد أحدهما، وفق شاهين.
أشار شاهين إلى عامل آخر “مهم” وهو الانقطاع في الاتصال، فرغم نجاح الأسرى الستة في تحرير أنفسهم، فإنه لم يكن لديهم اتصال مع الخارج يؤمن لهم فرارا آمنا بالكامل.