راشد الغنوشي يتحدى قيس سعيد ويصعد:”لا أحد يستطيع نزع هذه الصفة عني”

وطن- رفض رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، قرارات الرئيس قيس سعيد المنقلبة على الدستور، وشدد على تمسكه بمنصبه النيابي رئيسا لمجلس النواب، وأن لا أحد يستطيع نزع هذه الصفة إلا النواب أنفسهم، أو أن يتنحى عنه بإرادته، حسب قوله.

وتابع الغنوشي رئيس مجلس النواب الذي حله قيس سعيد بالقوة، في مقابلة مع قناة “الجزيرة“، بأن النواب انتخبوه رئيسا للمجلس، وإنه يحترم هذا التعاقد، ولا يمكن أن ينزع عنه الصفة البرلمانية سوى النواب أنفسهم.

مضيفا:”أما غير ذلك فهو خرق لمقتضيات الدستور وهروب من معركة الديمقراطية”.

راشد الغنوشي

كما لفت راشد الغنوشي إلى أنه حين تقدم إلى هذا المنصب، كان هدفه الإبقاء على توافق وطني واسع، وعدم ترك المؤسسة تسقط في المغامرة والمغالبة.

وتابع بأن هنالك بعض الأطراق الفاقدة لأي برنامج أو مشروع، كان همه الإساءة إليه وللبرلمان، وتشويه صورته خدمة للثورات المضادة.

ويشار إلى أنه في وقت سابق، نفى رياض الشعيبي، المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة، صحة ما يتردد عن أن الأخير فوض صلاحياته البرلمانية الدستورية لنائبته الأولى، سميرة الشواشي.

وقال الشعيبي، في “تكذيب” عبر صفحته بـ”فيسبوك“؛ إن “ترويج الشائعات للتشويش على وقفة (الأحد) المطالبة باستئناف المسار الديمقراطي، هذا لن يفيد كثيرا لأن حركة التاريخ واضحة في اتجاه الحرية والكرامة والديمقراطية”.

والأحد، نفذ آلاف وقفة احتجاجية رفضا لقرارات سعيد الاستثنائية، أمام المسرح البلدي في تونس العاصمة، وسط حضور أمني كثيف.

وأضاف الشعيبي: “راشد الغنوشي رئيس مجلس النواب منخرط في معركة استعادة الديمقراطية في البلاد، ولم يفوض لأيّ كان صلاحياته الدستورية، كما تروج بعض المواقع المشبوهة”.

ويبدو أن تونس مهددة اليوم بالغرق في المجهول نتيجة خطر مزدوج من الاستبداد والإفلاس المالي، بعد أن تسبب رئيسها الحالي في زعزعة التوازن الدستوري من خلال تركيز معظم السلطة في يديه باسم “ثورة الشعب” التي يريد إحياءها.

احتجاجات في تونس ضد انقلاب قيس سعيد
احتجاجات في تونس ضد انقلاب قيس سعيد

هذا ما لخص به مراسل “لوموند” الفرنسية فريدريك روبين، قبل يومين افتتاحية مطولة كتبها للصحيفة عن الإجراءات الأخيرة للرئيس قيس سعيد، ذلك “الرجل اللغز” كما يصفه البعض، الذي أدخل تونس منذ “انقلابه” قبل شهرين في مسارات سلطة الفرد المحفوفة بالمخاطر، ضاربا بقواعد العمل السياسي عرض الحائط ومفلتا بذلك من الأنماط والنظم المتفق عليها، وفقا للكاتب.

المقال أوضح أن سعيد -الذي وضع كل السلطات التنفيذية والتشريعية في يده منذ 25 يوليو لإنقاذ الأمة من “خطر وشيك”- وقّع في 22 سبتمبر/أيلول الجاري مرسوماً رئاسياً يجعل معظم السلطات الدستورية تتركز في يده بانتظار “الإصلاح السياسي” الذي وعد بإخضاعه لاستفتاء عام.

وبرر الكاتب سبب الاهتمام الذي تحظى به “ظاهرة سعيد” بكون الرهان هو في الواقع على مستقبل التحول الديمقراطي التونسي، وهو نموذج يواجه خطرا بعد الاحتفاء به باعتباره نجاحا في العالم العربي.

وأضاف أن الليبراليين التونسيين لم يعودوا يخفون قلقهم أمام الانجراف الاستبدادي لسعيد باسم “الشعب” والذي يزداد وضوحا كل يوم، لينقل في هذا الصدد عن العميد السابق لكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية المحامي عياض بن عاشور قوله بمرارة “قيس سعيد يعيد تثبيت الدكتاتورية”.

وأردف الكاتب بتعداد مبررات كثيرة لوصف سعيد بأنه “لغز” قائلا إن كل تصرفاته تؤكد انطباق هذا الوصف عليه. أليس هو، مثلا، ذلك الديمقراطي الذي يكره الأحزاب السياسية، أليس هو ذلك الخبير الدستوري الذي أرسل دبابة لإغلاق باب مبنى البرلمان بعد أن علق أعماله، ثم أليس هو وريث “الربيع التونسي” الذي يغازل مصر والسعودية عرابي الثورة العربية المضادة؟

وتعليقا على ذلك، يقول الكاتب إن هناك الكثير من “الألغاز” والمفارقات الظاهرية التي تفرض نفسها في هذا السياق، مما يجعل المرء يحار في العثور على صفة مناسبة لإضفائها على نهج سعيد، فهل ما تشهده تونس عصر جديد من الديمقراطية في الجنوب؟ أم ثورة شعبوية؟ أم عودة لشخصنة الحكم والسلطة؟ أم بداية لظهور مخلص سياسي؟ أم هو ضغط من أجل سيادة غير ليبرالية؟ أم هو مزيج من كل هذا؟

وفي محاولة لتحديد ملهم هذا الرئيس في قراراته الأخيرة، أشار المقال إلى زيارة سعيد من 9 إلى 11 أبريل الماضي إلى مصر والتي استقبله فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي بحفاوة.

وتساءل: هل قدم له السيسي، الذي أطاح بالرئيس الراحل محمد مرسي في انقلاب يوليو 2013، النصح والمشورة؟ ليشير بعد ذلك إلى أن المهم أن سعيد عاد من القاهرة مسلحا بثقة جديدة، وهو ما جعل أحد الوزراء السابقين يعلق على تلك الزيارة بوصفها محطة فارقة قائلا “زيارة سعيد للقاهرة لها ما قبلها ولها ما بعدها”.

وعن موقف المجتمع الدولي مما يجري في تونس، أشار الكاتب إلى القلق الذي عبرت عنه الدول الغربية، وخاصة الأميركيين، الذين عبروا عن امتعاضهم من هذا الانحراف الدستوري عن الطريق، الذي يضعف “النموذج الديمقراطي” التونسي.

أما المحور الإقليمي الذي شكلته مصر والإمارات والسعودية، والمعادي لنفوذ الإخوان المسلمين، فلا يخفي ارتياحه للإطاحة بالنهضة، في حين التزمت تركيا الصمت، ورفعت الجزائر مستوى يقظتها خوفا من أن تصبح جارتها مرتعا “للتدخل الأجنبي” في الوقت الذي تراقب فيه إيران وروسيا والصين عن كثب ما يجري في هذا البلد.

ومن أسباب القلق الداخلي والدولي مما يجري، وفقا للكاتب، رفض سعيد أي نقاش مع الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، واستمراره في تعزيز سلطاته الشخصية.

أما رد الرئيس على منتقديه، فإن الكاتب لخصه في تسببه في المزيد من الاستقطاب من خلال شيطنة عدو في الداخل، إذ واصل الأسابيع الأخيرة نشر تصريحاته الهجومية ضد ما أسماه “مؤامرات الخونة واللصوص، وتجويع الناس”.

قد يهمك أيضاً

تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

تابعنا

الأحدث