سماح إسرائيل للمستوطنين بالصلاة في الأقصى قد يُفجر هبة جديدة بالأراضي الفلسطينية
شارك الموضوع:
وطن- خلال السنوات الأخيرة عملت الجماعات التلمودية الصهيونية على تكريس ظاهرة “الصلاة الصامتة” خلال اقتحامات المستوطنين الإسرائيليين للمسجد الأقصى المبارك.
الإسرائيليون ينتهكون المسجد الأقصى
وما حدث أمس باعتبار محكمة إسرائيلية، أن “الصلاة الصامتة” لليهود في المسجد الأقصى ليست “عملاً إجرامياً”، في وقت استنكر فيه الأردن والسلطة الفلسطينية القرار، الذي اعتُبر “غير مسبوق”، قد يُفجر هبة جديدة بالأراضي المحتلة.
القناة السابعة الإسرائيلية ذكرت أن “قاضية محكمة الصلح الإسرائيلية، بيهلا يهالوم، قضت بأن الصلاة الصامتة في الحرم القدسي (المسجد الأقصى) لا يمكن تفسيرها على أنها عمل إجرامي”.
شاهد| مستوطنون يؤدون صلوات تلمودية داخل المسجد الأقصى، صباح اليوم. pic.twitter.com/ymAxOaS4Ye
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) October 7, 2021
وبهذا القرار غير المسبوق فإن “هذه هي المرة الأولى التي تؤيد فيها محكمة صلاة اليهود في الموقع المقدس”.
فيما كتبت القاضية الإسرائيلية في قرارها بشأن الحاخام ليبو أن “زياراته اليومية إلى الحرم القدسي تشير إلى مدى أهمية ذلك بالنسبة له”.
ورحب اليمين المتطرف في “إسرائيل” بهذا القرار بشدة، إذ قال المحامي اليميني الإسرائيلي موشيه بولسكي، للقناة السابعة: “نرحب بقرار المحكمة، الذي يؤيد فعلياً ما كان يحدث بالفعل في الحرم القدسي، خلال العام الماضي، وهو تصريح بحكم الأمر الواقع لليهود الذين يزورون الحرم القدسي ويريدون الصلاة”.
وأضاف: “من غير المعقول أن يُمنع اليهود من الهمس بالصلوات حتى في صمت، في الحرم القدسي، بينما يمكن للمسلمين أن يفعلوا في الحرم القدسي ما يريدون من صلاة، وإلقاء محاضرات دينية، ولعب كرة القدم، وحتى الشغب”، على حد تعبيره.
وتابع: “في حين أن الشرطة لا تفعل شيئاً لمنع أي من هذا، فإنه يتم جعل اليهود يشعرون بأنهم غرباء في هذا المكان المقدس، نأمل من الآن فصاعداً ألا تمنع الشرطة المصلين الموجودين بالفعل في المكان من أداء الصلوات الصامتة”.
واقع جديد في القدس
وحول خطورة ذلك يقول الدكتور عبد الله معروف، أستاذ دراسات بيت المقدس ومسؤول الإعلام والعلاقات العامة السابق بالمسجد الأقصى المبارك، إن هذا هو أول قرار يعكس حالة شخصية لمستوطن قام بطقوس توراتية داخل المسجد الأقصى المبارك، يؤسس لواقع جديد في القدس، وهو عدم السماح بإخراج المتطرفين الصهاينة من المسجد الأقصى المبارك عند صلاتهم داخله.
ويضيف معروف في تصريحات لموقع “عربي بوست”، أن هذا الأمر يُعتبر انتهاكاً كبيراً للوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك، وحتى لـ”تفاهمات كيري” عام 2015، التي اعتبر فيها وزير خارجية الولايات المتحدة السابق، جون كيري، أن حق الصلاة في المسجد الأقصى هو للمسلمين فقط، مدعياً في الوقت نفسه أن لليهود حق زيارة المسجد دون الصلاة فيه.
ويقول أستاذ التاريخ الإسلامي المساعد بجامعة 29 مايو التركية، إن هذا المفهوم للوضع القائم في المسجد الأقصى هو مفهوم مغلوط، إذ إن “الوضع القائم في المسجد الأقصى” هو مصطلح يشير إلى ما كان الوضع عليه في المسجد قبل الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس عام 1967، الذي يقول إنه ينبغي أن يبقى المسجد الأقصى للمسلمين وحدهم، وليس لأحد آخر حق الصلاة فيه، وليس لأحد حق دخوله أو زيارته، إلا بموافقة أو إدارة المسلمين وحدهم فقط.
ولطالما كانت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تدعي أنها تحافظ على “الوضع القائم” في المسجد الأقصى المبارك، كما يشير معروف، ولكن مع إضافة خاصة بالاحتلال، وهي السماح للمستوطنين بدخوله، وهو أمر مرفوض بالأساس من قِبل الفلسطينيين، ولا يزال يثير الاحتقان لديهم.
وبالتالي فإن قرار المحكمة الصهيونية الأخير يعني أن لليهود حق الصلاة في المسجد الأقصى وليس الدخول أو الزيارة فقط، إذ تجاوزت المحكمة الصهيونية بقرارها هذا بشكل قانوني قطعي مسألة “الوضع القائم” في المسجد الأقصى، لتؤسس لواقع جديد سعت وعملت عليه ما تُعرف بـ”جماعات المعبد” المتطرفة منذ سنوات طويلة.
وضع قد يُفجّر هبَّة جديدة بالأراضي المحتلة
ويقول د.معروف إن اللافت في قرار المحكمة الصهيونية هو محاولتها تخفيف وقع قرارها بالسماح للمستوطنين بأداء الصلاة في المسجد الأقصى بصوت منخفض، تحت مسمى “الصلاة الصامتة”، في محاولة منها لإظهار أن المشكلة هي شكل أداء الصلاة برفع الصوت أو انخفاضه، وليس السماح في الأساس بأداء هذه الطقوس التوراتية داخل مسجدنا المبارك.
يضيف: لذلك ينبغي عدم جرّنا لهذا المربع من النقاش، بل يجب الثبات عند مبدأ عدم السماح بدخول المستوطنين بالأساس إلى المسجد الأقصى، أو حتى إدارته من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني.
وبحسب معروف فإن هذا التطور قد يؤسس لاضطرابات جديدة في مدينة القدس إذا استمر الاحتلال بفرض هذا الواقع الجديد على المقدسيين، وقد يؤدي لهبّة كبيرة كهبّة رمضان الأخيرة.
إذ يشير الأكاديمي الفلسطيني إلى أن أحداث يوم الـ28 من رمضان الماضي، ومعركة “سيف القدس” التي وقعت في مايو/أيار 2021، كان عنوانها الأبرز هو محاولة الجماعات المتطرفة الصهيونية تغيير الوضع القائم بالمسجد الأقصى المبارك والاعتداءات المتكررة عليه وعلى أهله.
حركة حماس تحذر
فيما اعتبرت حركة حماس القرار “خطوة على طريق التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، وانتهاكاً لكل القوانين والأعراف الإنسانية.
إذ قال الناطق باسم حماس، حازم قاسم، إن القرار يُعد انتهاكاً صارخاً لكل القوانين والأعراف الإنسانية، ويؤكد تواطؤ القضاء الصهيوني في العدوان على الشعب الفلسطيني، والمشاركة في تزوير الحقائق والوقائع”.
وأكدت حماس في بيان لها الخميس، على أن “المسجد الأقصى المبارك مهوب الجناب، عصيّ الحرمة، مشددة على أن “أي عدوان عليه هو بمثابة عبث جديد في صواعق تفجير ستعود على الاحتلال بالوبال والثبور”.
معركة سيف القدس
كما شددت على أن “معركة سيف القدس لم تكن ولن تكون آخر فصول المواجهة تحت عنوان القدس، وأن المقاومة التي وعدت فأوفت تؤكد أنها جاهزة ومتأهبة لصد العدوان والذود عن الحقوق”.
بدورها، حذّرت حركة الجهاد الإسلامي من تبِعات القرار الإسرائيلي، مؤكدة في بيان صحفي أن الشعب الفلسطيني سيُواجه محاولات المَساس بالاقصى بكل قوة وثبات، وأضافت الحركة، في بيان، أن هذا القرار الباطل اعتداء على قدسية المسجد الاقصى، وعلى حقّ المسلمين الخالص فيه.
أما في الأردن، فقد قال المتحدث باسم وزارة الخارجية هيثم أبو الفول، إن “القرار الإسرائيلي باطل ومُنعدم الأثر القانوني، حسب القانون الدولي، الذي لا يعترف بسلطة القضاء الإسرائيلي على الأراضي المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية”.
وأضاف أبو الفول تعليقاً على قرار المحكمة الإسرائيلية، أن هذا القرار يُعد خرقاً فاضحاً لقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقدس، ومنها قرارات مجلس الأمن، التي تؤكد جميعها ضرورة الحفاظ على وضع المدينة المقدسة.
كما أكد أبو الفول أن “المسجد الأقصى بكامل مساحته البالغة 144 دونماً (الدونم يساوي ألف متر مربع) مكان عبادة خالص للمسلمين، وإدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الاقصى الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص بإدارة كافة شؤونه”.
المسجد الأقصى المبارك
ويشار إلى أن المسجد الأقصى تُشرف عليه حالياً دائرة أوقاف القدس التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية، بموجب القانون الدولي، إذ يعد الأردن آخر سلطة محلية مشرفة على مقدسات المدينة قبل الاحتلال الإسرائيلي.
ويقتحم المستوطنون المسجد الاقصى بصورة شبه يومية، على فترتين، صباحية وبعد صلاة الظهر، عبر باب المغاربة، في الجدار الغربي للمسجد، بتسهيلات ومرافقة من الشرطة الإسرائيلية، فيما تغضّ الشرطة الإسرائيلية الطرف عن بعض المستوطنين حين أداء تلك الصلوات، في حين تُخرج مستوطنين آخرين من المسجد.