عندما لا يبذل الشخص جهدًا في التفكير وتطبيق الحس النقدي، يسهل عليه تقديم معلومات خاطئة معينة أو قَبولها. وهذا ما يجعله أكثر عرضة للتلاعب، خاصة عندما يتعلق الأمر بما تبثه وسائل الإعلام الرئيسية.
أكدت مجلة “لا مينتي إيس مارافايوسا” الإسبانية في تقريرها الذي ترجمته صحيفة “وطن”، أنه لدينا جميعا قدرة رائعة على التفكير وتحليل البيانات.
شبكات التواصل الإجتماعي
وفي الحقيقة، نحن نفكر، لكننا لا نفعل ذلك على النحو الصحيح. فأحيانًا ننجرف بسبب الكسل المعرفي، الذي يؤدي بدوره إلى إزاحة الحس النقدي لدينا، ويدمر قدرتنا على التحليل، وهذا يساهم في قبول العقل لمزيد من الأكاذيب والإشاعات والأخبار العالمية الجاهزة.
عادة ما يروج علم النفس وعلم الأعصاب، للتفكير كمقياس يتطلب استثمارًا معرفيًا يترجم إلى بذل مجهود عقلي. يتم من خلاله تنشيط وظائف تنفيذية متعددة، لا تقل أهمية عن الانتباه، والتحليل، والتوليف والمقارنة، والحكم، وما إلى ذلك. لكن تبين أن الدماغ أكثر كسلاً مما نعتقد في بعض الحالات.
هذا العضو من جسم الإنسان، يفضل توفير الوقت ويرضى بالحاضر، ما يجعله يقبل بكل ما يراه أو يقرأه أو يقال له على أنه أمر جيد أو حقيقة. وقد تكون النتيجة خطيرة. لأن أولئك الذين لا يفكرون كما ينبغي، يقبلون المعلومات الخاطئة ويتعاملون معها على أنها صحيحة وواقعية. ومن لا يشك في شيء يمكن أن يكون ضحية لكل شيء … لذلك، من أكثر الأشياء التي يهتم بها الخبراء، فهم سبب تشبث الناس بالمعلومات الخاطئة أو المعلومات الضارة، و قد يكون العجز الإدراكي جزءًا من المشكلة.
ما هو الكسل المعرفي؟
يحدد الكسل المعرفي، على أنه التركيز الذهني المحدود عندما يتعلق الأمر بمعالجة المعلومات التي نتلقاها. مع العلم أن لا علاقة للذكاء بهذا العامل.
وهذا يؤكد أنه ربما يتعرض الأشخاص الأذكياء جدًا، في لحظة معينة أو في ظرف معين، لمواقف تظهر فيها مواردهم المعرفية قليلة أو خاطئة. لذا، من الجيد أن نأخذ في الاعتبار أننا جميعًا يمكن أن نواجه مشاكل الكسل العقلي.
كيف يكون ذلك؟
في الواقع، مثل استخدام القوالب النمطية أو التحيزات أو المعتقدات الراسخة. وهذا هو ما يفعله دماغنا بالضبط، تبسيط المعلومات التي نتلقاها لتَوفير الوقت والطاقة. ويترجم ذلك إلى التصديق بالحقائق الشائعة والخطيرة جدا.
عندما لا نفكر جيدًا، ينتصر الباطل على الحق
من الضروري أن نفهم لماذا يكون الناس عرضة لتصديق المعلومات الخاطئة والكاذبة. المشكلة ليست فقط عند أولئك الذين يبثون الشائعات والكذب أو يسعون إلى التلاعب بالجماهير، بل من المهم معرفة ما الذي يجعلنا عرضة لكل تلك الألاعيب المتكررة ومقدار الضرر الذي يمكن أن تسببه لنا.
لأننا ببساطة “لا نفكر”، وهذا أمر يقتل ملكة التفكير لدينا ويكبت الإبداع والتحليل النقدي، وهذا يضر بمَداركنا العقلية. وبما أننا لا نفكر بشكل صحيح، سننْجرف لا محالة في دوامة الكسل المعرفي لأن العالم الذي يحيط بنا، وخاصة عالم الشبكات الاجتماعية أمر معقد للغاية، فنحن تقريبا بشكل يومي نتلقى معلومات وصورًا جديدة، ناهيك أنه لا يوجد وقت لمعالجة كل شيء بدقة.
وهذا ما يجعلنا أشخاصا كسالى ونواجه صعوبة في تطبيق التفكير التحليلي أمام التدفق الهائل من المعلومات التي لا تنتهي.
في المقابل، نحن نفضل الحفاظ على قدراتنا على التفكير والتحليل لمهام محددة أخرى. لذلك، عندما نفتح الهاتف المحمول، نريد فقط إلهاء أنفسنا أو البحث عن بعض الراحة أو الاستمتاع… نحن نشاهد ونقرأ بدون تفكير وهذا يجعلنا نصدق حقائق تم التلاعب بها بالكامل.
ماهو الحل؟ التفكير العكسي مقابل الكسل المعرفي
الكسل المعرفي يعمينا عن الأدلة ويجعل الأكاذيب تنتصر على أفكارنا. على الرغم من أننا جميعًا نمتلك المهارات لاكتشاف بعض الأخطاء، إلا أن العصر الرقمي أيضا شهد ثورة متطورة لتجميل هذه الأخطاء أو عكسها. فالأعداء ليسوا من حولنا جسديًا، إنهم يسكنون أجهزتنا الإلكترونية.
اقرأ أيضاً: “هذا ما حدث باختصار”.. كواليس ما حصل داخل فيسبوك كشفها موظفون بالشركة
وإذا أردنا التعامل مع عملية التفكير بشكل مريح، فيجب علينا تنشيط التفكير القابل لعكس كل ما نراه ونقد كل ما نقرأه. يحدد هذا النهج قدرتنا على التفكير بطريقة ثنائية الاتجاه. وهذا يعني أن التفكير القابل للعكس يسمح لنا بالتعامل مع المعلومات من وجهات نظر متعددة. يساعدنا هذا أيضًا في حل مشاكل العلاقات العامة من مختلف المناهج مهما كانت متناقضة.
كما يكمن المفتاح في القدرة على التخلص من هذا النهج الجامد والتفكير المحدود. الكسل المعرفي يشبه عبور الطريق دون النظر إلى اليمين أو اليسار بشكل متناسب، والخطر الحقيقي في الكسل المعرفي يكمن في كلا الجانبين. ينبغي علينا التركيز أكثر ونبذل جهدا لتجنب الوقوع في الأخطاء وتصديق الشائعات
من جهته، عرّف جان بياجيه، عالم النفس السويسري،التفكير القابل للانعكاس بأنّه سمة من سمات الذكاء الحقيقي. بفضله، نقوم بمعالجة المعلومات من منظور أوسع، دون التركيز على الخيار الأول أو المظاهر الكاذبة.
تابع آخر الأخبار عبر: « Google news»
وشاهد كل جديد عبر قناتنا في « YOUTUBE»