في مواجهة لردود فعل الدول الأوروبية بشأن ضم المغرب للصحراء الغربية، واستغلال الرباط علاقاتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل لترسيخ احتلال المستعمرة الإسبانية السابقة، أصرت الولايات المتحدة وإسرائيل في الأيام الأخيرة، على دعمهما للمملكة العلوية، مما خلق ساحة “لسبَاق مسلّح” في المنطقة المغاربية.
في هذا السياق، نشرت صحيفة “الكونفيدينسيال” الإسبانية، تقريراً سلطت من خلاله الضوء على الدعم، الذي تلقاه المغرب مؤخرا من الولايات المتحدة وإسرائيل، لاحتلال المزيد من أراضي الصحراء الغربية وضمها إلى أراضيه. علما وأنّهما دولتين رئيسيتين بسبب تأثيرَهما الهائل في المجال الدولي. ولا تقبلان قرارات الأمم المتحدة إلا عندما تتناسب مع مصالحهما.
اقرأ أيضاً: تقرير: تنامي العلاقات الجزائرية الإيرانية بعد التقارب بين إسرائيل والمغرب
وحسب ما ترجمته “وطن”، قبل أيام قليلة، وبمناسبة عيد الاستقلال المغربي، أعرب الرئيس جو بايدن عن تأييده للمملكة، التي يعتبرها ضماناً للاستقرار في المغرب العربي، دون أن يذكر في أي وقت حجم ضرر الاحتلال العسكري المغربي، للمستعمرة الإسبانية السابقة أو القرارات الدولية بشأن تلك المسألة.
وفي يوم الاثنين المنصرم، اتخذت واشنطن خطوة أخرى إلى الأمام، حين وصف وزير الخارجية الأميركية، أنتوني بلينكن خطة الرباط بـ “الجادة والموثوقة والواقعية” لمنح الحكم الذاتي للصحراء الغربية، التي يحتلها المغرب بنسبة 80 بالمئة. وهكذا تم تجاهل مرة أخرى القرارات الدولية ووجود جبهة البوليساريو ذاتها.
“وعود بايدن ترهات سياسية”
ومن جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس، باستخفاف بعد اجتماع بين بلينكن ووزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة “نواصل اعتبار خطة الحكم الذاتي المغربية جادة وذات مصداقية وواقعية. وتتضمّن موقفا يمكن أن يستجيب لتطلعات شعب الصحراء الغربية”.
ولفتت الصحيفة إلى أن هذه الكلمات، تؤكد بوضوح أن الوعود والالتزامات التي قطعها فريق بايدن خلال الحملة الرئاسية قبل عام، عبارة على ورقة ميتة أو ترهات سياسية. ناهيك أن قراراتهم وتصريحاتهم، تؤكد أن السياسة الخارجية لواشنطن تجاه الشرق الأوسط، شبيهة تمامًا بسياسة دونالد ترامب. على الرغم من انتقاد فريق بايدن لها خلال الحملة.
وترى الصحيفة أيضا، أن بلينكن أظهر مرارا وتكرار، من خلال تصريحاته بشأن إيران إلى الصحراء الغربية، مرورا بالفلسطينيين أو السعودية أو مصر، أنه غير قادر على التعامل مع مشاكل المنطقة بسياسة بناءة تستجيب لأبسط العدالة.
وقد تكون رؤيته مقبولة على المدى القصير لكنها ستخلق صراعات عميقة على المدى المتوسط والطويل والتي ستكون ضارة بشكل خاص بالنسبة لأوروبا.
من جانبها، تدافع جبهة البوليساريو عن إجراء استفتاء تقرير المصير، وهو الموقف الذي أيدته الجزائر ومختلف الدول الأوروبية، بما في ذلك إسبانيا.
فضلا عن ذلك، وافقت الرباط في سبتمبر / أيلول 1991 على إجراء استفتاء روجت له الأمم المتحدة. لكنها تراجعت بعد ذلك وأجبرت السكان المغاربة على النزوح إلى المستعمرة السابقة، حيث نفذت أيضا مشاريع استغلال الثروات.
الولايات المتحدة وإسرائيل منحازتان
في ديسمبر 2020، اعترف دونالد ترامب بسيادة المغرب على الصحراء مقابل إقامة علاقات قوية بين الرباط وتل أبيب، آنذاك تبين أن المغرب في طور التطبيع.
وبعد عملية التطبيع، وصل وفد مغربي إلى تل أبيب في ديسمبر /كانون الأول 2020.
في سياق متصل، عانت الصحراء جراء الصراع مطول بين الجزائر والمغرب، من أجل الهيمنة على المنطقة.
اقرأ أيضا: المغرب يعزز ترسانته بنظام دفاع إسرائيلي في خضم الأزمة مع الجزائر
لكن في هذا الصراع، انحازت الولايات المتحدة وإسرائيل إلى جانب الرباط وكل شيء يثير الخوف، ليس من وجهة نظر سياسية فحسب، بل أيضًا من وجهة نظر عسكرية.
في المقابل، يوم الثلاثاء، وصل وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، إلى الرباط لتعزيز العلاقات العسكرية بين البلدين. وهي خطوة لا تقلق الصحراويين فحسب، بل تقلق دولًا أخرى في المنطقة مثل الجزائر وإسبانيا.
وفي الواقع، لم يتضح مضمون الزيارة لكن قوة إسرائيل عسكريا، ووجودها في المغرب الكبير، لا يبشر بالخير وينذر بتصعيد عسكري محتمل يشمل الجزائر وإسبانيا.
نزاع شبيه بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي
نوهت الصحيفة إلى أن النزاع على الصحراء، شبيه بنزاع الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية. وهذان النّزاعان صدر فيهما قرارات دولية، لكن لا يريد المغرب ولا إسرائيل الانصياع لها. بل يسعيان الى تسميم الوضع أكثر في الشرق الأوسط وتداعيَات النزاع وتصاعد التوتر متفرقة خارج حدودهما.
وتضيف: يجب أن يكون حل هذين الصراعين بشكل عادل، أولوية بالنسبة لأوروبا. لكن لا يوجد أي من هذه المسائل، على جدول أعمال قادة مثل أنجيلا ميركل أو إيمانويل ماكرون.
هكذا، وبدعم من الولايات المتحدة وإسرائيل ، يشعر المغرب بالقوة لمواجهة الاتحاد الأوروبي.
منذ أشهر، قطعت الرباط الحوار مع دول مختلفة مثل ألمانيا وإسبانيا وفرنسا وهولندا. وهي قطيعة مرتبطة بطريقة أو بأخرى بمسألة الصحراء الغربية. لأن كل هذه الدول تعارض بدرجة أكبر أو أقل السيادة المغربية على المستعمرة السابقة.
من جانبه، نشر كاتب مغربي هذا الأسبوع مقالا، يتساءل فيه عن المسار الذي ستختاره بلاده في المستقبل لعلاقاتها مع أوروبا.
لكن تظهر الإجابة واضحة من خلال التقارب مع الولايات المتحدة وإسرائيل. والذي يمكن للرباط أن تستغني به عن العلاقات الودية مع الأوروبيين، طالما أنهم لا يعترفون بسيَادتهم على الصحراء الغربية.
(المصدر: الكونفيدينسيال – ترجمة وتحرير وطن)
«تابعنا عبر قناتنا في YOUTUBE»