تحقيق يكشف أسماء شخصيات ومؤسسات تستخدمها الإمارات لنشر الصوفية

وطن- نشر موقع “الإمارات ليكس” تحقيقا هاما حول أهداف الإمارات من استخدام واستحداث المؤسسات “الصوفية” خدمة لمصالحها السياسية، من خلال استغلال شخصيات مؤثرة من هذه المذهب، ما يحقق لها نفوذا دينيا لتعزيز موقفها كقوة إقليمية.

وأوضح التحقيق أن ما تقوم به الإمارات من محاولات ما بات يعرف بـ”التجديد الديني” واستغلالها لمراكز أبحاث وشخصيات دينية وأكاديمية مؤثرة ومعروفة يمثل انعكاسا لأجندات خفية تتمثل إخضاع الإسلام للمذهب السائد في الدولة.

الشخصيات الدينية “المتصوفة” أو الداعمة للتصوف

سلط التحقيق الذي نشره “إمارات ليكس” الضوء على نشاطات عبد الله بن بيه وانتماءاته. مشيرا إلى أن عبدالله بن بيه كان حليفا لرئيس اتحاد علماء المسلمين السابق الشيخ يوسف القرضاوي في حين كان”بن بيه” يشغل منصب نائب الرئيس.

وفي محاولة لتقديم سرد تمهيدي لما آلت له الأمور، وكيف بدأت الإمارات في استغلال الشخصيات الدينية لتحقيق مصالحها السياسية التي بالطبع تعارض موجات الربيع العربي. لفت التحقيق إلى أنه خلال ثورات الربيع العربي والاضطرابات التي توالت بعد ذلك. احتاج علماء الشرق الأوسط وصناع القرار (الأنظمة الحاكمة) إلى اتخاذ قرارات صارمة.

حيث أصبحت التحالفات القديمة بينهم غير مستقرة ومتقلبة بسبب الأوضاع في المنطقة. لذلك كانت هذه التحالفات بحاجة إلى إعادة تأكيد التزامها، وكذلك إعادة تشكيل هيكلتها.

وبحسب التحقيق، فإن أشكال التفاعل بين الصوفية والتوظيف السياسي دفع نحو إيجاد الحلول والسياسات العامة الغير وطنية لحل الخلافات المندلعة بخصوص كيفية التأقلم مع الوضعية الجديدة (اندلاع ثورات الربيع العربي/ تنظيم الدولة/ التيارات السياسية الإسلامية).

وأشار التحقيق إلى أن تعامل مشايخ الدين (العلماء المسلمون)، الذين أصبحوا يمثلون طبقة نشطة داخل دوائر صناعة القرار وقادرة على التعبئة الشعبية. مثل يوسف القرضاوي وعبد الله بن بيه، مع متغيرات السياق الانتقالي من خلال تبني قرارات وتحالفات مختلفة.

1-أحمد بن بيه

ووصل التحقيق لنتيجة، أنه كان على الحكام أيضاً اتخاذ جملة من القرارات؛ فاختارت قطر نهج الإسلام السياسي. وأعلنت دعمها لجماعة الإخوان المسلمين، في حين قطع عبد الله بن بيه علاقته بجماعة الإخوان وبصديقه القديم يوسف القرضاوي الذي نادى بالجهاد في مصر وسوريا.

وعقب ذلك، قام “بن بيه” بأسيس منظمته الخاصة التي تتمثل في منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وذلك في أبو ظبي تحت إشراف العائلة الحاكمة التي قررت معاداة جماعة الإخوان وتصورها للديمقراطية الإسلامية.

هل لزيارة محمد بن زايد الى تركيا علاقة برغبته تولي حكم الإمارات رسمياً!

وأكد التحقيق على أن عبد الله بن بيه- بوصفه أحد رؤساء المجلس العالمي لديانات من أجل السلام- تمكن من تأسيس علاقة وثيقة بالحركات العالمية التي تهتم بالعلاقات بين الديانات (المجلس العالمي لديانات من أجل السلام العالمي 2020).

وكانت أولى مبادرات عبد الله بن بيه في ‘إعلان مراكش’، سنة 2016. حين نادى بضمان حقوق الأقليات الدينية في الدول الإسلامية، خاصة في سياق مواجهة إرهاب الدولة الإسلامية.

2-وسيم يوسف

يعتبر وسم يوسف الذي عمل إماما وخطيبا لمسجد الشيخ زايد في أبو ظبي قبل إقالته وتحويله لإمامة مسجد آخر. من اكثر الشخصيات المثيرة للجدل، وما يمثله من شخصية إعلامية مؤثرة خلال الأعوام الماضية.

وأشار التحقيق إلى أن وسيم يوسف تعلم علوم الفقه والعقيدة الإسلامية والتفاسير بالإضافة إلى تفسير الرؤى والأحلام في المملكة الأردنية الهاشمية. متأثراً بعلماء الدين مثل عبد العزيز بن باز ومحمد ناصر الألباني.

“لوموند” الإمارات تلعب دور حفاري القبور في الشرق الأوسط

وأوضح التحقيق ان وسيم يوسف، انخرط فيما بعد في النقاش وسياسات التجديد الديني. الذي أصبح يحرك المؤسسات الدينية الإماراتية، من خلال محاولات تبسيط وتقريب التدين الإسلامي من المتغيرات الراهنة.

ولكن الموقف الديني الأقوى الذي اتخذه يتمثل في استنكاره وتشكيكه في كثير من الأحاديث النبوية والتفاسير السائدة أو الشائعة مثل صحيح البخاري.

3-الحبيب الجفري

أوضح التحقيق أن الحبيب علي الجفري الذي تم تنصيبه رئيساً لمؤسسة طابة التي تهتم بالتشبيك بين علماء الصوفية عالمياً. يعد من الشخصيات الأكثر حظوة داخل الدوائر السياسية الإماراتية الداعمة للتصوف.

مشيرا إلى أنه ومنذ عام 2002 يشتغل منسقاً ومنظراً للخطاب الصوفي والسياسات الدينية لدولة الإمارات العربية المتحدة.

وتنبع أهمية الحبيب الجفري أيضا -بحسب التحقيق- من العلاقات العميقة التي تجمعه بقيادات الطرق الصوفية ورموزها علاقات عميقة. كما تجمعه علاقات وثيقة مع شخصيات دينية مثل شيخ الأزهر والمفتي السابق لمصر علي جمعة.

المؤسسات الدينية –الصوفية

أكد التحقيق على أن الإمارات قامت بإنشاء ثلاثة مؤسسات دينية-صوفية تحمل صبغة سياسية. حيث ظهرت ككيانات منظمة تخدم السياسات الدينية لدولة الإمارات، وهي جميعها متموضعة بقرب مسجد الشيخ زايد في إمارة أبو ظبي.

وبحسب التحقيق فإن مهمة هذه المنظمات والمؤسسات الرئيسية في بلورة وعي ديني متمايز عن المقاربات السائدة. حيث تلتزم بتوجهات الدولة الإماراتية بترويج ونشر التدين الصوفي، الذي تعتقد أنه الإسلام الحقيقي والمعتدل والليبرالي، بتقاطعات علنية ومضمرة مع الخيارات والمطامح السياسية للنظام الإماراتي.

“شاهد” مندوب الإمارات في اليونسكو يهاجم الوهابية ويدعو المسلمين إلى الصوفية: مذهب روحي يحاسب النفس!

وفي سبيل تحقيق رؤيتها الدينية التي تخدم أهدافها السياسية، أسست الإمارات مجموعة من المنظمات، وهي كالتالي:

1-“مجلس حكماء المسلمين”

أسس مجلس حكماء المسلمين، كما هو معلن على موقعه الإلكتروني كهيئة مستقلة عالمية في 21 رمضان سنة 1435 هجري، الموافق لـ 18 يوليو 2014 ميلادي، ليبدأ أولى نشاطاته بإعلان ما يعرف (إعلان أبو ظبي للأخوة الإنسانية).

وبحسب ما هو معلن، فإن المجلس يجمع ثلَّة من علماء الأمَّة الإسلاميَّة وخبرائها ووجهائها ممَّن يتَّسمون بالحكمة والعدالة والاستقلال والوسطيَّة، بهدف المساهمة في تعزيز السِّلم في المجتمعات المسلمة. وكسر حدَّة الاضطرابات والحروب التي سادت مجتمعات كثيرة من الأمَّة الإسلاميَّة في الآونة الأخيرة، وتجنيبها عوامل الصراع والانقسام والتَّشرذم.

كما أن المجلس- الذي يتخذ من العاصمة الإماراتية أبو ظبي مقراً له- يعتبر أوَّل كيان مؤسَّسيٍّ يهدف إلى توحيد الجهود في لمِّ شمل الأمَّة الإسلاميَّة. وإطفاء الحرائق التي تجتاح جسدها، وتهدِّد القيم الإنسانيَّة ومبادئ الإسلام السَّمحة. وتشيع شرور الطَّائفيَّة والعنف التي تعصف بالعالم الإسلاميِّ منذ عقود”.

وبذلك، فإن المجلس الذي يشدد على الوحدة والسلام داخل المجتمعات المسلمة يختار تطبيق مبدأ التواصل بين الأديان من أجل تحقيق هدفه. ويمكن لوثيقة الأخوة الإنسانية أن تمثل بياناً عن شرق أوسط ما بعد علماني.

ومنذ إنشاء المجلس، لا يتوانى عن الدفاع عن سياسة الإمارات العربية المتحدة القائمة على إنشاء حصن ضد الهيمنة الإيرانية والإسلام السياسي.

2-“مؤسسة طابة”

أعلن عن إنشاء هذه المؤسسة عام 2005، حيث عملت على تجميع علماء الصوفية البارزين في المنطقة الإسلامية. وتميزت بتنظيم فعاليات ومحاضرات حول التصوف والعشق الإلهي والشخصية النبوية والتعايش بين الأديان .

ووفقا للتحقيق، فإن هذه المؤسسة التي تعمل تحت رعاية مباشرة وتمويل سخي من أبو ظبي. راعت مهمة التشبيك بين مختلف مكونات التدين الصوفي من كل الدول الإسلامية (مصر/ سوريا/ الأردن..) تحت رعاية مباشرة وتمويل مكثف من دولة الإمارات.

ولفت التحقيق، إلى أنه هذه المرحلة نشأ مصطلح التصوف الإماراتي. كما سمحت هياكلها المؤسساتية المتناسقة بترويج ونشر المقاربة التنويرية للتجديد الديني كما ترعاه وتوصي به أجندات النظام الإماراتي.

وتتقاطع اهتمامات هذه المؤسسة مع باقي التوجهات الكبرى للسياسة الدينية الإماراتية. مثل مكافحة الإرهاب، والدعوة لتعزيز التصوف بوصفه الإسلام الحقيقي، والتشكيك في مصداقية باقي التيارات الإسلامية أو أنماط التدين.

نجد أيضاً أن هذه المؤسسة قد أسست علاقات تعاون مع كثير من الطرق الصوفية والمؤسسات الدينية المرموقة مثل الأزهر.

المؤسسات البحثية

1-مؤمنون بلا حدود

لم تكتف الإمارات بإنشاء مؤسسات تتخذ من أبو ظبي مقرا لها لتخدم هدفها، لتقوم بتمويل وإنشاء مؤسسة “مؤمنون بلا حدود” في المغرب. مع افتتاح عدد كبير من الروع في البلاد العربية، وهي مؤسسة أصبحت دراساتها وفعالياتها الفكرية تتقاطع مع توجهات الإمارات تجاه تجديد التدين الإسلامي.

واعترف التحقيق بأن هذه المؤسسة البحثية قد اشتغلت فعلياً كثيراً على تقديم وتفسير البعد الأخلاقي والتسامحي المتجذر داخل التراث الإسلامي في محاولة لدحض المغالطات الراديكالية الملتصقة بالدين الإسلامي. من جراء التراجع الحضاري الراهن والحضور المكثف للجماعات الإرهابية وانتشار مقولات الإسلاموفوبيا.

إلا أن من المفارقات أيضاً أنها قد أنتجت فجوات أخرى بخصوص الشأن الديني بمجرد الإقرار بوصايتهم على الإسلام الليبرالي-التقدمي. أو ما يعرف بالإسلام المعتدل، وغيرها من التسميات.

كما أنه من خلال كتابات مؤسسة مؤمنون بلا حدود نشأ تجميع وبلورة شبه نهائية لملامح الإسلام “العلماني”. بمعنى التنظير لحدود الفصل بين الدين والدولة وغيرها من المسائل الخلافية (الحاكمية/…).

التسامح والتعايش الديني رواية زائفة يروجها ابن زايد.. خوف الإمارات من الإسلاميين دفعها لهذا الأمر

2-“مؤسسة مركز المسبار للدراسات والبحوث

أوضح التحقيق أن هذه المؤسسة تعمل من داخل مدينة أبو ظبي، وهي متخصصة في دراسة الحركات الإسلامية والظواهر الثقافية. ويعدها كثير من المنتقدين لدراساتها وأجنداتها الفكرية أنها في تبعية للسياسات الإماراتية السياسية والدينية.

ونق التحقيق عن الباحث أبو عبد الله العليان قوله: “الإصدارات، بالرؤية العامة للمدخلات والمخرجات الفكرية، والظروف والملابسات المحيطة بها، تدعو الباحث إلى الريبة والشك وأنه موضوع لخدمة أجندة فكرية خارجية”. وهو ما جعل بعضهم يتهم إنتاجاتهم حول الحركات الإسلامية بأنها “تتسم بشيء من السطحية وافتقار العمق رغم جاذبية عناوينها. بل تكاد تكون في كثير منها تقارير إعلامية مبنية على معلومات تم ترويجها في وسائل الإعلام الإماراتية والسعودية أكثر منها معلومات استقصائية تمت من خلال طرق علمية سليمة”.

واختتم التحقيق بأن مركز المسبار قد خصص ملفات ودراسات مطولة ومتعددة لبحث ظاهرة التدين الصوفي وطرحها بديلاً أمثل لراديكالية كثير من الحركات الإسلامية الأخرى، مروجاً لفكرة تجذر الصوفية في منطقة الخليج العربي.

Exit mobile version