“ناشيونال انترست”: طموحات الصين وروسيا النووية تعرض أمريكا للخطر
شارك الموضوع:
ترى روسيا والصين الردع كأداة لمنع الولايات المتحدة من التصرف بطريقة دفاعية. مع السماح في نفس الوقت لموسكو وبكين بالعمل بشكل هجومي لتحقيق أهداف الهيمنة.
تهديدات مزدوجة
وفي هذا السياق، قالت مجلة “ناشيونال انترست” الأمريكية في تقريرها الذي ترجمته “وطن” إن الولايات المتحدة تواجه تهديدين عسكريين جديين يتمثلان في روسيا والصين. أحدهما من الشرق والآخر من الغرب.
تحشد روسيا قواتها وأسلحتها على الحدود الشرقية لأوكرانيا. بينما تنقل الصين السفن والطائرات المقاتلة إلى منطقة الدفاع حول تايوان. كلا الدولتان المارقتان تزعمان أنهما تدافعان عن نفسيهما فقط.
بالنسبة لروسيا، تقول هذه الأخيرة أنها تدافع عن نفسها من أوكرانيا ودول البلطيق. وبالنسبة للصين، تقول أنها تدافع عن نفسها من تايوان، اليابان والولايات المتحدة.
لكن معالجة هذه التهديدات المزدوجة أمر يدعو للقلق. ويتمثل سوء الفهم الأساسي في أنه إذا ما كانت الصين وروسيا تريان أن قدراتهما العسكرية تخدم أهدافًا عدوانية، فإن هذا المعطى البارز. غالبًا ما يتم طمسه بسبب الطريقة التي يتم بها وصف المواقف في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا.
سياسة الردع
على سبيل المثال، توصف كل من روسيا والصين بصفة دائمة بأنهما تقومان بتحديث أسلحة “الردع” التقليدية والنووية.
بالنسبة لمعظم الأمريكيين، فإن سلاح الردع الذي تمتلكه الولايات المتحدة الهدف من امتلاكه هو منع الاشرار من القيام بالأعمال السيئة.
إن سياسة الردع في الولايات المتحدة لم يقع تصميمها للاستيلاء على أراضي أو ترهيب دول حرة ومسالمة.
بالنسبة لروسيا والصين، فإن قدراتهما العسكرية ليست سوى جزء من ترسانتهما العسكرية والسياسية والاقتصادية الشاملة. وهي موظفة أساسا لتحقيق أهداف عدوانية في المقام الأول. حيث يسعى البلدان إلى السيطرة على المزيد من الأراضي أو للهيمنة العسكرية والسياسية.
تايوان وأوكرانيا، على سبيل المثال، لا تشكلان أي تهديد أمني لأي شخص، ناهيك عن الصين وروسيا. كما أن القوات المسلحة في كلا البلدين ليست لها القدرة على شن هجوم خارجي. وبالمقارنة مع خصومهم المباشرين – الصين وروسيا – فإن جيوش تايوان وأوكرانيا لا تمثل شيء إذا ما قُورنت بجيوش أعدائها.
تبحث تايوان عن حلفاء مثل الولايات المتحدة ودول أخرى في المحيط الهادئ. كما أن أوكرانيا بدورها تبحث عن حلفاء في أوروبا والولايات المتحدة وناقشت الانضمام إلى الناتو منذ السنوات.
لكن كلاهما لا يسعيان إلى الهيمنة على أراضي إضافية. ولم يسبق لهما ولم يكونا طرفا في الاستيلاء على أراضي لا يتمتعان بالسيادة عليها.
عقلية روسيا
كما نقلت المجلة عن أحد كبار الخبراء الروس في أمريكا ستيفن بلانك. الذي شرح العقلية الرائجة في روسيا بالاعتماد على تلك القولة لآخر إمبراطورة روسيا، كاثرين العظيمة. عندما سُئلت ذات مرة عن تصورها لأمن حدود روسيا. وكان ردها كالآتي” ليس لدي أي وسيلة للدفاع عن بلدي سوى توسيع حدوده”.
اقرأ أيضا: أقوى 8 جيوش في العالم
من جهته، علّق هنري كيسنجر ذات مرة على القناعة التقليدية الراسخة لدى الروس. قائلا إنه في ذروة الحرب الباردة، كان شعور الاتحاد السوفيتي بأنه “محاط” بالقواعد العسكرية الأمريكية أمرًا مفهومًا. على الرغم من أنه سلوك غريب يأتي من بلد شاسع كان يمتد على خمس عشرة منطقة زمنية. وبعبارة آخر فإنه بالنسبة كيسنجر فإن سلوك روسيا غير مبرر.
العقلية الصينية
بالنسبة للصين، يعتقد شي جين بينغ أن الصين مقدر لها أن تكون حاكم العالم الذي يجب أن تنحني له جميع الدول الأخرى.
في الواقع، لقد استحوذت الصين على القوة الاقتصادية في المقام الأول. من خلال تدابير إجرامية كالتلاعب بالعملة، ودبلوماسية مصيدة الديون. ونشاط التجارة غير المشروعة، واستغلال العمال كعبيد، والإكراه الاقتصادي العام.
هذه كلها إجراءات ساعدت عليها بشكل مأساوي عناصر في العالم الصناعي كانت مستعدة لتقبل الإمبريالية الاقتصادية الصينية.
كيف تسعى الصين للهيمنة؟
تقوم الصين الآن بشكل ملحوظ بتعزيز قدرتها العسكرية، في حشد وصفه قائد القيادة الاستراتيجية الأمريكية بأنه “مذهل”.
كما أن الصين في الوقت في طريقها لامتلاك أكبر قوة بحرية في العالم. وثلاثية نووية حقيقية من القاذفات والغواصات والصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
لكن القدرة العسكرية للصين ليست رادعًا بالطريقة كما يتصورها الأمريكيون وحلفاؤهم كطريقة ردع.
تسعى الصين إلى استخدام جيشها بطريقة عنيفة، في الأماكن التي تستطيع فيها قواتها الالتفاف على الدول التي تريد معاقبتها.
تسعى بكين، كما كتب الفيلسوف العسكري العظيم صن تزو ذات مرة، إلى كسب الحرب دون أن يحاول الرجل الآخر القتال.
في الواقع، تزيد الصين من قواتها النووية ما لا يقل عن ثلاثة إلى خمسة أضعاف. وذلك اعتمادًا على عدد القوات النووية التي يعتقد المرء أن الصين تحتفظ بها حاليً.
كما تعتقد مصادر المخابرات الأمريكية أن الصين سيكون لديها ما لا يقل عن 1000 رأس حربي بحلول عام 2030.
ويعتقد محللون كبار آخرون أن هذا العدد من المرجح أن يصل إلى 2500 بحلول عام 2030 – أو قبل ذلك – مع قيام الصين ببناء المستودعات والصواريخ بسرعة.
كيف تعمل روسيا لكسر الهيمنة الأمريكية؟
بالنسبة لروسيا، تمتلك موسكو واحدًا وعشرين نوعًا جديدًا من الأنظمة النووية قيد النشر أو التطوير الآن. ويمكنها إضافة آلاف الرؤوس الحربية إلى ترسانتها النووية الحالية. يوجد أكثر من نصفها خارج الحدود التي فرضتها معاهدة ستارت الجديدة لعام 2010 والتي تم تمديدها مؤخرًا لمدة خمس سنوات أخرى.
وهكذا ترى موسكو وبكين الردع كأداة لمنع الولايات المتحدة من التصرف بطريقة دفاعية. مع السماح لهما بالعمل بشكل عدواني لتحقيق أهداف الهيمنة.
يريد فلاديمير بوتين إحياء الإمبراطورية السوفيتية في بلدان كانت جزءًا من الاتحاد السوفيتي سابقًا. لأنه كما أوضح السفير الأمريكي في روسيا مايكل ماكفول. يخشى بوتين أن يؤدي اندفاع هذه البلدان نحو الديمقراطية إلى تأجيج الأوضاع في في روسيا نفسها.
اقرأ أيضا: الصين تطوّر طائرة يمكنها نقل 10 ركاب في ساعة على أي مكان في الأرض!
ترى الصين بدورها أن حكومة تايوان “الشرعية” تشكل تهديدا للحزب الشيوعي الصيني. خاصة وأن الأخير يسعى إلى أن يكون القوة الرئيسية الوحيدة في غرب المحيط الهادئ. ثم في نهاية المطاف في جميع أنحاء العالم.
روسيا والصين ما بعد الحرب العالمية الثانية
لكن الأهم من ذلك، أن كل دولة – روسيا والصين – تسعى إلى تغيير القواعد الدولية التي تم إنشاؤها ما بعد الحرب العالمية الثانية. بدعم كبير من القيادة الأمريكية.
وعلى الرغم من أن هذه القواعد أفادت الولايات المتحدة. إلا أنها أفادت أيضًا أكثر من 100 دولة أخرى حول العالم. حيث ظهر المزيد من الحرية والازدهار في العقود العديدة التي تلت عام 1945 أكثر من أي وقت آخر في تاريخ العالم.
إن القواعد التي ترغب روسيا والصين في العيش وفقًا لها ستفيد موسكو وبكين. إلا أنها لن تفيد أي دولة أخرى باستثناء تلك الدول التي قبلت وضعية التابع.
وبالتالي تقترب الولايات المتحدة من وضعية الضعف خلال هذا العقد الحالي. حيث تقوم بتقليص بعض أنظمتها العسكرية القديمة لتوفير موارد أموال البحث والتطوير لاعتماد التقنيات المبتكرة. على الرغم من أن هذه الوضعية ستنتهي بحلول نهاية العقد الحالي، إلا أن التحديات لا تزال قائمة في هذه المرحلة.
علاوة على ذلك، تواجه الولايات المتحدة صعوبة كبيرة في تمرير ميزانية الدفاع في الوقت المحدد. وهذا يعني توقف المشاريع الجديدة، وبطء خطط الإنفاق الجديدة.
في الحقيقة، هذا لا يضر فقط بالتخطيط الدفاعي للولايات المتحدة فحسب، بل يُقوض جهود حلفاء الولايات المتحدة لشراء المعدات العسكرية الأمريكية الحديثة وتأمين الدعم العسكري الأمريكي.
على سبيل المثال، لن تتمكن الولايات المتحدة من الاستفادة من 30 مليار دولار من الإنفاق الدفاعي الإضافي. الذي أقره مجلس النواب مؤخرًا كجزء من قانون تفويض الدفاع الوطني حتى منتصف عام 2022.
ما الذي يجدر بالولايات المتحدة فعله للصمود؟
إن المراجعة المرتقبة للأمن القومي للولايات المتحدة أمامها فرصة لمعالجة بعض هذه المشاكل. فعلى الولايات المتحدة أن تتبنى مبادرة قوية للدفاع الجوي والصاروخي. لمواجهة لتهديدات النووية المحدودة من قبل روسيا والصين.
إلى جانب ذلك، هناك ضرورة لإلزام حلفاء الولايات المتحدة بتحسين قدراتهم العسكرية بشكل ملحوظ. للولايات المتحدة خارطة طريق مستقبلية مفهومة إلى حدٍ ما وتحتاج إلى اتباعها. على الرغم من أن الوقت سيحدد ما إذا كان صانعو السياسة لديهم القدرة على الاستشراف لتحقيق ذلك.
(المصدر: ناشيونال انترست – ترجمة وطن)
«تابعنا عبر قناتنا في YOUTUBE»