قال خليل العناني، زميل أول في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في واشنطن، بمقال له بموقع “ميدل إيست آي” البريطاني، إن رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، قد بات نموذجا يحتذى به لقادة الانقلابات في المنطقة العربية.
وذكر “عناني” في مقاله أنه في العام الماضي، أجهض انقلابين تحولات ديمقراطية وليدة وواعدة في السودان وتونس، وبدا أن كلاهما قد تم سحبهما مباشرة من كتاب “قواعد اللعبة المصري حول كيفية شن انقلاب” حسب وصفه.
وأكد الكاتب أن عمليات الاستيلاء على السلطة في السودان وتونس، استخدمت نفس اللغة والأساليب التي استخدمت في الانقلاب المصري عام 2013.
وأعربت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي، عشية انقلاب الجنرال عبد الفتاح البرهان، عن صدمتها وخيبة أملها لعدم رد نظيرها المصري سامح شكري على مكالماتها الهاتفية.
كما فشل “شكري” في التعبير عن تضامنه مع الوزراء والمسؤولين الذين احتجزهم البرهان. على عكس حكومات الدول الأخرى التي رفضت الانقلاب علناً.
ووفق الكاتب فقد عكست تعليقات مريم الصادق، التي وردت في مقابلة مع قناة “الجزيرة” سذاجتها السياسية بشأن الدور المؤثر الذي لعبه النظام المصري في الانقلاب السوداني.
وأوضح خليل العناني أنه لسنوات، قام سامح شكري بتسويق انقلاب عبد الفتاح السيسي إقليمياً ودولياً.
مشددا على دور مصر في انقلاب البرهان – والذي كان بحد ذاته مجرد مسألة وقت – واضح للجميع.
وعلى مدى العامين الماضيين، ظهر عدم التوازن بين المكونين المدني والعسكري لمجلس السيادة السوداني.
ولم يتمتع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بأي سلطة حقيقية تسمح له بالعمل بشكل مستقل عن الجيش.
ومن جهته، يراهن الجيش السوداني على بروز خلافات وانشقاقات داخل الكتلة المدنية لإرساء الأساس لانقلاب.
وبالمثل في مصر عام 2013، استغل السيسي الخلافات بين الإخوان المسلمين والقوى المدنية من أجل الاستيلاء على السلطة.
خارطة طريق مناهضة للديمقراطية
وأضاف المقال بـ”ميدل إيست آي” أنه ليس هناك من سبيل إلى أن تقبل مصر جار السودان الشمالي، والتي يحكمها جنرال عسكري وصل إلى السلطة من خلال انقلابه الدموي قبل ثماني سنوات. بدولة يحكمها مدنيون على حدوده الجنوبية – ناهيك عن دولة ديمقراطية.
وقال كاتب المقال:”في الواقع لم تخف القاهرة أبدًا قلقها بشأن هذا الموضوع. بعد أن أعربت مرارًا وتكرارًا عن عدم رضاها عن شراكة السودان المدنية العسكرية.”
وتابع “عناني”: “ووفقًا لمصادر مصرية نقلت عنها صحيفة وول ستريت جورنال، فقد قام رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، بزيارة السودان قبل عدة أيام من الانقلاب والتقى بالبرهان.”
وبحسب ما ورد فقد رفض مقابلة حمدوك وقال للبرهان ما نصه: “يجب أن يرحل حمدوك”.
كما تحدثت الصحيفة عن زيارة سرية قام بها البرهان إلى القاهرة قبل يوم واحد من انقلابه. أطلع خلالها السيسي على خطته وسعى للحصول على دعمه.
ورفضت مصر دعم بيان صادر عن حلفاء السيسي الإقليميين والدوليين (بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة والمملكة المتحدة) يدعو إلى عودة الحكومة المدنية الانتقالية في السودان. وإنهاء حالة الطوارئ التي فرضها البرهان على السودان عشية الانقلاب.
وبتحليل بسيط لخطاب “البرهان” عندما أعلن عن انقلابه يتضح أن هذا الخطاب قد كتب في القاهرة وليس الخرطوم. وأن الإجراءات التي اتخذها البرهان منذ ذلك الحين اتبعت نفس المسار الذي سلكه السيسي في عام 2013، يقول عناني.
والخطوات معروفة الآن: استبعاد المعارضة المدنية بحجة الحفاظ على الدولة. تعطيل العمليات الانتقالية؛ تعيين حكومة اسمية؛ والسيطرة على العملية السياسية.
وتابع الكاتب:”لا ينبغي أن نتفاجأ إذا تم الإعلان عن انتخابات رئاسية في السودان في الأشهر المقبلة. حيث اختار البرهان أو نائبه ،الجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف أيضًا باسم حميدتي الترشح.”
انقلاب قيس سعيد في تونس
ووفق “عناني” فقد استخدم الرئيس التونسي قيس سعيد، هو الآخر نفس اللغة والأسلوب لتنفيذ انقلابه على الدستور والحكومة والبرلمان في يوليو.
وقد يحدث الشيء نفسه قريبًا في ليبيا، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
وتابع أنه ما تريده القاهرة من الخرطوم والعواصم العربية الأخرى التي تحلم بإرساء حكم مدني ديمقراطي واضح وصريح – لن تقبل السلطة المدنية مهما كان الثمن ، حتى لو كان التدخل المباشر مطلوبًا لإجهاضها.
وأضاف كاتب المقال:”أصبحت الديمقراطية العربية بمثابة خط أحمر بالنسبة للسيسي ومحور الثورة المضادة، حيث يسعيان لحماية صورتهما وسلطتهما وتأثيرهما في المنطقة.”
وأوضح:”وبالتالي يمكن توقع أنه كلما تزايد ضغط الشارع السوداني والقوى المدنية على البرهان ورفاقه، كلما زاد التدخل المصري.”
وهذا يعني أن السودان أمام طريق صعب – وسيدفع المدنيون ثمناً باهظاً لمواجهة البرهان وداعميه، يقول “عناني”.
(المصدر: ميدل ايست اي – ترجمة وطن)