المغربي عمر الرداد والثرية الفرنسية: فرنسا تعيد فتح القضية من الألف إلى الياء
شارك الموضوع:
كانت الضحية أرملة فرنسية ثرية ومن سيدات المجتمع، وقد ادانت رسالة شاع أنها كُتبت بدمائها، البستاني المغربي، “عمر الرداد”، الذي كان يعمل لديها. لكن وجود خطأ نحوي في الرسالة أثار تساؤلات حول ما إذا كانت التهمة مُلفقة للبستاني.
بحسب ما أورده موقع “سبوتنيك” الفرنسي، تعود وقائع القضية لعام 1991، آنذاك هزت الجريمة فرنسا. بعدما عُثر على جثة الثرية في الطابق السفلي من الفيلا الخاصة بها في كوت دا زور، وكان الباب الوحيد للفيلا مغلقا من الخارج ومحصّنا من الداخل. وبدا أن هناك رسالة مكتوبة بدم الضحية تتهم البستاني الذي يعمل لديها.
ووفقا لما ترجمته “وطن”، نقلا عن الموقع، قرر القضاء الفرنسي أخيرا. إعادة فتح قضية البستاني المغربي عمر الرداد، الذي يحاول منذ أكثر من عشرين عاما إثبات براءته. وهذا قد يسمح بإعادة المحاكمة. وكان رداد أدين في جريمة قتل مشغلته غيلان مارشال في 1991، وهو ما ظل ينفيه. وعانق رداد الحرية سنة 1998، بفضل عفو رئاسي من الرئيس السابق جاك شيراك. وتدخل العاهل المغربي الملك الحسن الثاني، بعد 7 سنوات قضاها في السجن، لكنه لايَزال يتحمل الى الان المسؤولية الجزائية. كما لم يتم تبرئته منذ ذلك الحين إلى الآن.
هل تنتهي قضية عمر الرداد أخيراً، بعد مرور 27 عامًا من القتال لإثبات براءته؟
لقد قرر نظام العدالة الفرنسية، إعادة فتح القضية للتثبت أكثر من حيثيات الجريمة. وبحسب سبوتنيك، ربما إثبات براءة عمر الرداد، ستثبت فشل القضاء الفرنسي، كأكبر خطأ للعدالة الفرنسية في القرن العشرين. مع مساندة محاميته، سيلفي نواكوفيتش.
ففي يوم الخميس 16 ديسمبر 2021، تم الإعلان عن أنباء لم يتوقعها عمر الرداد. وافق القاضي على إعادة فتح هذه القضية التي مضى عليها ثلاثة عقود ويأمر بإجراء تحقيقات إضافية. بعد إدخال عناصر جديدة قدمها الدفاع في يونيو 2021. هذه الخطوة يمكن أن تمهد الطريق بعد ذلك لمراجعة المحاكمة. حيث أنه يعتبر حدثا نادرا في فرنسا، فمنذ 75 عامًا، تمت مراجعة عشر حالات فقط.
بعد معركة طويلة لإثبات البراءة، شعرت محامية عمر رداد، سيلفي نواشوفيتش، بالتفاؤل لسماع هذه الأخبار، مؤكدة لسبوتنيك أنه: “من الصعب للغاية الحصول على مراجعة جديدة لمحاكمة باتت نهائية. ولهذا السبب كنت أقاتل منذ عام 2008”.
وأكدت أنه “لا يزال الطريق طويلاً”، مشيرة إلى أنها لا تنوي التوقف عند هذه الخطوة الأولى، في مواجهة قضية تقول إنها “غير واضحة ويلفها الغموض”.
وقالت لسبوتنيك: “أقيمت دعوى ضده دون أن يتمكن من الدفاع على نفسه”. ولفتت أن “عمر الرداد لم يكن يقرأ الفرنسية ولا يكتبها، ومع ذلك أُجبر على التوقيع من أول حجز للشرطة على التهم الموجهة إليه. لم يساعده محام أو مترجم حتى في سنوات سجنه، فكيف يمكنه أن يدافع عن نفسه؟”
“فضائح قانونية”
وتابعت: “طوال المحاكمة، كانت هناك فضائح قانونية، فقد تم حرق جثة السيدة مارشال، منذ الخطوات الأولى من القضية، وحتى قبل رفع القضية الى عدالة المحكمة. كان هذا هو السبب في ادانة عمر، فكل الأطراف، سارعت إلى اتهام الرداد. من خلال ما كتب في الطابق السفلي، دون فحص الجثة وتشريحها والتثبت من البصمات على الجسم نفسه. كنا اعتبروا أن هذا ليس له أهمية كبيرة”.
من جانبها، تعتقد المحامية بعد ذلك أن المحققين “هرعوا” لادانة عمر رداد، معتمدين فقط على أدلة القبو، أين وجدوا جثة المرأة، دون طرح أسئلة إضافية.
عندما ننظر إلى الملف، نلاحظ أنه لا يمكن لأي شخص في وضع السيدة مارشال بأي حال من الأحوال، أن يكتب مرتين في الظلام كتابات مثل “عمر قتلني”, في حالتها. علما وأنها كانت في حالة يرثى لها، لكتبت على الأرض وربما حتى الاسم الأول. فضلا عن ذلك، لم نر أبدا ضحية تدل شخصا ما عمن قتلها. كل شيء غريب، والملف منقوص وغير واضح”.
ووفقا لسبوتنيك، الآن، وبعد 3 عقود أدت تقنية الحمض النووي الجديدة إلى إعادة المحاكمة. ففي عام 2015، أدى اكتشاف الطبيب أوليفييه باسكال، لتقنية الحمض النووي الجديدة، إلى بروز آثار أربعة رجال مجهولين في مكان الحادث.
وقالت محامية الرداد، إن أحد الخبراء حدد بعد ذلك وجود 35 أثرا من الحمض النووي لرجل مجهول مختلطة بالرسالة الثانية المكتوبة بدم الضحية.
لكن في ذلك الوقت، لم يعتمد نظام العدالة بناءً على هذه العناصر الجديدة. لكن، بعد التجربة الجديدة التي أجراها Laurent Breniaux في عام 2019، ستأخذ الأمور منعطفًا جديدًا.
هل هذه إذن مؤامرة؟
ينقسم الرأي العام الفرنسي بين أولئك المقتنعين بأن عمر، هو من ارتكب الجريمة البشعة. وبين أولئك الذين يعتقدون أن العدالة الفرنسية اجرمت في حق الرداد. بالنسبة للبعض الآخر، فإن الأصول المغربية، كافية لاتهامه. بينما يرى البعض الآخر، أن هناك من يتستر على قريب للضحية، ربما يكون هو القاتل.
ويأمل أنصار الرداد، الذي ظل يؤكد دائما على براءته، أن يسفر فتح التحقيق في القضية عن براءته .وتعاد المحاكمة في تلك القضية التي تمت تسويتها بشكل قانوني على ما يبدو، إلا أنها أزعجت فرنسا لفترة طويلة.
كما حدد المحامي الجنائي روجر مارك مورو، الذي كان يجري تحقيقًا مضادًا في القضية منذ 1994، في مقابلة مع صحيفة ماريان أن الضحية كانت غنية جدًا، وأن “المحققين لم يسعوا إلى معرفة من كان له مصلحة في جريمة القتل هذه، لم يرغب أحد في التحقيق مع عائلتها، لانهم من أثرياء فرنسا وذوي مناصب مرموقة في البلاد.
أثناء انتظار الخطوة التالية، يشعر عمر الرداد بالتفاؤل لسماع هذا الخبر، حسب ما أبلغت محاميته، حيث أكدت أن عمر قد خسر حياته ويعيش مكتئبا وحزينا، بالإضافة إلى أنه لا يستطيع العمل. وتضيف المحامية أن المحاكمة الجديدة لن تصلح كل المعاناة التي مر بها. “لكن يجب أن ننجح في تبرئته حتى يعيش بسلام ما تبقى له من الحياة”.
وختم موقع “سبوتنيك”، بأن قضية عمر رداد، تسببت في إثارة الرأي العام الفرنسي، والمغرب أيضا، وبعد عفو جزئي، يحلم عمر رداد بمراجعة محاكمته وتبرئته.
(المصدر: سبوتنيك – ترجمة وتحرير وطن)