صدام حسين يجيب قبل إعدامه: لماذا لم ينسحب من الكويت عندما كان بمقدوره ذلك؟
نقل السياسي والدبلوماسي العراقي البارز عدنان الباجه جي، إجابة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. عن سؤال وجهه له عندما قابله في محبسه وكان هذا السؤال يشغله منذ سنوات.
لماذا لم ينسحب صدام حسين من الكويت؟
وفي كتاب مذكراته كشف عدنان الباجه جي، عن رد صدام حسين عندما سأله: لماذا لم تنسحب من الكويت عندما كان بمقدوركم فعل ذلك؟
وجاء ذلك ضمن حلقة جديدة من كتابه “عدنان الباجه جي.. رجل بين قرنين”، نشرتها قناة “روداو“، والتي شملت روايته لآخر لقاء جمعه مع صدام حسين بعد أن تم القبض عليه في ديسمبر 2003. عندما كان الباجه جي رئيسا لمجلس الحكم العراقي بالوكالة.
وقال الباجه جي إنه سأل صدام حسين قائلا: “أنا عندي سؤال يشغلني منذ سنوات وأريد إجابتكم عليه، لماذا لم تنسحب من الكويت عندما كان بمقدوركم فعل ذلك؟ كنت ستجنب العراقيين والعراق كثيرا من الكوارث.
فأجاب صدام وفق لرواية الباجه جي: “أنا كنت على استعداد للانسحاب. لكنني اشترطت حل قضايا أخرى في المنطقة”.
اقرأ أيضا: “إل موندو”: 15 عاما بدون صدام حسين والعراق حبيس الفوضى والطائفية
ليرد رئيس مجلس الحكم العراقي بالوكالة وقتها: أنت تعرف أن ذلك كان يعد من المطالب التعجيزية. فرد صدام قائلا: التاريخ هو الذي سيحكم.
وتابع “الباجه جي” ثم سألته: لماذا كان حكمك ديكتاتوريا ومتعسفا. فأجاب: العراق يحتاج إلى حاكم عادل وحازم.
فقلت: لم تكن حاكما عادلا بلا شك، وكان حكمكم مسؤولا عن قتل مئات الآلاف من العراقيين.
فأنهى صدام حسين الحديث ـ وفق رواية الباجي جه ـ مكررا قوله السابق: “على كل حال التاريخ هو الذي سيحكم ويقرر”.
يوم القبض على صدام حسين
كما كشف عدنان الباجه جي، ضمن هذه الحلقة أنه يوم القبض على صدام حسين كان مريضا ودرجة حرارته مرتفعة. مشيرا إلى أنهم اتصلوا به من إذاعة الـ(بي بي سي) يسألونه عن رأيه في القبض على الرئيس العراقي السابق.
وقال: “أنا لم أكن قد سمعت بالخبر لأني كنت منقطعا عن الأخبار بسبب مرضي. فقلت أنا لا أعرف بالخبر، بعد ذلك بخمس دقائق اتصل بي هاتفيا بول بريمر، الحاكم المدني الأمريكي للعراق ما بين 2003 و2004. وقال: أحببت أن أبلغكم بأننا ألقينا القبض على صدام أمس. وأود مشاركتكم لي في مؤتمر صحافي حتى يصدق العراقيون وغيرهم ذلك، ووجودك مهم.”
فأجابه “الباجه جي” بأن هذا حدث كبير وتاريخي. ومع أني كنت مريضا فقد ارتديت بدلتي وحضرت المؤتمر. حيث كان هناك من يهتف ويصفق، وآخرون يبكون فرحا، ألقيت كلمة سريعة خلال المؤتمر الذي شاهده العالم كله.
وبعدها ـ وفق رواية عدنان ـ اقترح بريمر أن أتصل بعدد من أعضاء مجلس الحكم للذهاب لمقابلة صدام حسين في السجن ليتأكد العالم من الحدث.
وقال: “فاتصلت بالسياسي العراقي نصير الجادرجي، وشخص آخر نسيته الآن، للمجيء إلى مطار الهليكوبتر لهذا الغرض، وكلاهما اعتذر عن الحضور”.
اقرأ أيضا: مفاجأة .. زعيمان عربيان مولا لجنة الدفاع عن صدام حسين!
لكن الباجه تفاجأ هو وبريمر بوجود أحمد الجلبي وعادل عبد المهدي وموفق الربيعي في المطار من غير أن يدعوهم أحد، لم يكونوا مدعوين لهذا اللقاء.
وأوضح: “فسألت بريمر فيما إذا كان هو قد دعاهم، لكنه أجاب مستغربا حضورهم. وقال: لا، أنا لم أتصل بهم. لكنهم حشروا أنفسهم ووضعونا أمام الأمر الواقع، فصعدنا أنا وبريمر في هليكوبتر وهم ثلاثتهم في هليكوبتر أخرى، وصلنا إلى مكان بالقرب من مطار بغداد بعد أن داروا بنا عدة مرات”.
وبعدما تحدث أكثر من شخص كان قد شارك في هذا اللقاء، وقالوا أمورا كثيرة يراها الباجه جي غير حقيقية، روى الباجه جي أحداث ذلك اللقاء كما عاشها ومن وجهة نظره.
صدام كان يرتدي دشداشة بيضاء وسترة
وكتب: “كان سانشيز قائد القوات الأمريكية في انتظارنا هناك، دخلنا إلى غرفة صغيرة وبسيطة للغاية. وشاهدت صدام حسين يجلس على سرير مخصص للجنود ويرتدي دشداشة بيضاء وفوقها جاكيت (سترة)، وكانوا قد حلقوا شعره وذقنه.”
واستطرد: “فتطلع إلينا، وفوجئت بموفق الربيعي وهو يستهل اللقاء بتوجيه الشتائم والكلمات النابية له (أنت كذا وابن كذا وفعلك)، وما شابه من هذه الشتائم. وتابع (أنت الآن فيك خير، عندك شجاعة، وتطلع إلى الشارع)”.
فأجابه صدام حسين بهدوء وثقة قائلا: “(نعم أنا أستطيع الآن الخروج إلى الشارع، لكن هل أنت فيك خير، عندك الشجاعة لتخرج إلى الناس في الشارع الآن)”.
وقال الباجه جي أيضا ضمن روايته إنه في طريق عودتهم جلس أحمد الجلبي بقربه، وكان منطفئا وصامتا.
فسأله إن كان هناك أي شيء وقال له: انت ليش مو على بعضك؟، فقد كان يبدو خائفا، وكأن هناك شيئا يخشى كشفه “على العموم أنا لا أستطيع أن أخمن ما سبب ذلك، فبعض الظنون تكون خاطئة”.
وقال: “فكرت في هذا الرجل، صدام حسين، أي مكانة عالية كان فيها وإلى أي مصير وصل. والإنسان يجب أن لا يشمت بمصائر الآخرين. فأنا لم يكن بيني وبين صدام حسين أي موضوع شخصي”.
مضيفا: “ولا أستطيع الادعاء بأن البعثيين ظلموني، كلا لم يظلموني. بل على العكس كانوا دائما يتعاملون معي باحترام وتقدير. لكنني حزنت كثيرا لما حل بشعبي وبلدي بسبب موضوع الكويت”.
(المصدر: روداو – وطن)