نجل مهدي بن بركة: “المغرب عاد إلى فترات الحسن الثاني المظلمة”

By Published On: 4 يناير، 2022

شارك الموضوع:

في مقاله الذي نشره موقع “كونتكستو اي اكثيون” الإسباني، أوضح الكاتب غوركا كاستيو، أن بشير بن بركة نجل السياسي مهدي بن بركة، يعيش في دوامة منذ 29 أكتوبر 1965، عندما قام اثنان من أفراد عصابة باختطاف والده مهدي في باريس في وضح النهار.

بشير بن بركة نجل السياسي التاريخي المغربي مهدي بن بركة

فمنذ ذلك الوقت إلى الآن لم يسمع أحد أي شيء عن السياسي الأكثر شهرة في التاريخ المغربي المعاصر.

إنه في الحقيقة، زعيم اشتراكي، أصر على تحرير شعبه من القيود والعبودية، للانتقال إلى منارة الحرية والاستقلال إبان الحرب الباردة.

وبحسب ما ترجمته “وطن”, فإن رفع السرية مؤخرًا عن 1500 وثيقة سرية لجهاز التجسس التشيكوسلوفاكي السابق قد غطى بريبة الحياد. الذي كان بن بركة يعبر عنه دائمًا للدول الجديدة، التي حصلت على استقلالها في الخمسينيات والستينيات.

اقرأ أيضاً: لحياني لـ”وطن”: هناك تحالف بين المغرب والموساد .. والجزائر قد تنفذ عمليات “لقرص أُذن” الرباط

ووفقًا لهذه الملفات، نقلت الصحيفة البريطانية الأوبزرفر و ليبراسيون الفرنسية الأسبوع الماضي، أن الزعيم المغربي ذو الشخصية الجذابة. كان جاسوساً لصالح الصين وتشيكوسلوفاكيا والاتحاد السوفيتي والموساد.

“هذه التصريحات مضحكة وخطيرة. إنهم لا ينوون سوى التشهير وتشويه ذكرى مناضل الحرية والتضامن”، بحسب ما أكده ابنه في هذه المقابلة التي تم تعديلها في مناسبتين نتيجة رفع السرية عن تلك الوثائق.

إرث مهدي بن بركة يسبب الذعر في المغرب

في رأيه، إرث والده هائل وغير قابل للزوال لدرجة أنه لا يزال يسبب الذعر في المغرب. حيث لم يتغير شيء يذكر منذ تولي محمد السادس العرش قبل 22 عامًا.

لقد ظل الماضي المشؤوم مقفلًا، واستمرت حياة مواطني المغرب المناضلين، بين الاعتقالات والتجسس المكثف وتجريم المعارضة والأمية والفقر والهجرة والنفي. حتى أن البنادق عادت مرة أخرى إلى الصحراء الغربية.

“لقد عاد المغرب إلى الفترات المظلمة للحسن الثاني التي اعتقدنا جميعاً أنه قد تم التغلب عليها. إنني أشعر بالقلق والغضب من الانعطاف الجاد الذي اتخذته الدولة، منتهكة قوانينها الخاصة والاتفاقيات الدولية في كل ما يتعلق بالحريات العامة والفردية، وحرية الصحافة والرأي”. هكذا عبر بن بركة خلال زيارة قام بها مؤخرا إلى إسبانيا للمشاركة في حدث نظمته منصة التضامن مع شعوب البحر الأبيض المتوسط.

كيف تابعت عائلة مهدي بن بركة التقارير عن أنه جاسوس!

نشرت صحيفة الأوبزرفر البريطانية وصحيفة ليبراسيون الفرنسية للتو. أن والدك مهدي بن بركة عمل جاسوساً لأجهزة المخابرات التشيكوسلوفاكية بين عامي 1960 و 1965 إبان الحرب الباردة؟ ماذا تقول؟.

وقال نجل مهدي بن بركة: “لقد قرأت مع عائلتي هذه المقالات بغضب عارم. إنها ليست المحاولة الأولى لتقويض ذكرى مهدي بن بركة. لكننا فوجئنا بأن صحيفة جدية مثل الأوبزرفر يمكنها الآن إعادة إنتاج تقرير كتبه في نهاية عام 2020، أستاذ في جامعة براغ”.

ونقلا عن الصحيفة البريطانية، أوضح الكاتب، أن ملفات سرية سابقة سُربت من العاصمة التشيكية، براغ، تشير إلى وجود علاقات وثيقة بين بن بركة وجهاز الأمن التشيكوسلوفاكي.

ونقلا عن حديثه مع الغارديان، يصف الأستاذ المساعد في جامعة تشارلز في براغ جان كورا، الذي تمكن من الوصول إلى الملف، بن بركة بـ “الانتهازي الذي كان يلعب لعبة خطيرة للغاية”.

وبحسب الملف الذي اطلع عليه جان كورا، فإن علاقة بن بركة مع جهاز الأمن تعود إلى عام 1960. عندما التقى بأهم جواسيس هذا الجهاز في باريس.

وعرضت الغارديان ما وصفته بسلسلة من العمليات الاستخباراتية التي نفذها بن بركة لصالح الجهاز التشيكوسلوفاكي. كـ “تجميع معلومات عن تفكير القادة العرب مثل الرئيس المصري، جمال عبد الناصر، إلى جانب معلومات عن الأوضاع في الجزائر. والتحركات الأمريكية في غينيا”.

وتقول الصحيفة في تقريرها إن “بن بركة تقاضى من جهاز الأمن مبالغ مالية مقابل ما قدمه من معلومات”.

فعلى سبيل المثال، تذكر الصحيفة أن “بن بركة زار العراق للحصول على معلومات حول انقلاب فبراير/شباط 1963، وتلقى مقابل ذلك 250 جنيها استرلينيا”.

لاحقا اكتشفت الاستخبارات التشيكوسلوفاكية، أن “بن بركة خدعهم وباع لهم معلومات كانت متاحة للجميع”.

وقد أثار الشكوك لديهم بأنه “تعاون مع فاعلين آخرين خلال الحرب الباردة” وفقا لما جاء في التقرير.

ويصف الأستاذ المساعد في جامعة تشارلز في براغ، جان كورا، السياسي المغربي بالرجل الذكي.

وضيف أنه رغم كل المعلومات التي قدمها المهدي بن بركة إلا أن مكتب الاستخبارات التشيكوسلوفاكية لم يصنفه كعميل. بل عده مجرد جهة اتصال سرية تقدم معلومات وتتلقى مقابلها مبلغا ماليا.

سفر مهدي بن بركة الى براغ

وفي المقابلة، طرح سؤال على نجل بن بركة: “تم الكشف الآن عن أن والدك كثيرًا ما يسافر إلى براغ للقاء كبار المسؤولين التشيكوسلوفاكيين الذين أعطوه التوجيهات. ما رأيك في ذلك؟”.

وأجاب: “نعم، كان يسافر إلى براغ، لكن كاتب التقرير البروفيسور جان كورا. يتجاهل تمامًا البيئة الجيوسياسية لتلك الفترة. كانت براغ المقر الرئيسي للمنظمات الدولية التقدمية مثل الاتحاد العالمي لنقابات العمال أو الاتحاد الدولي للطلاب. وكانت خطوة إلزامية للقادة السياسيين للمنظمات الدولية مثل منظمة التضامن للشعوب الأفرو آسيوية. للوصول إلى عواصم معينة أفريقية وآسيوية وكوبية. من وجهة نظر عملية بحتة”.

وعن المغزى من أنه اليوم، بعد 56 عاما على وفاته، هناك من يهتم بتشويه سمعة المهدي بن بركة، قال نجل السياسي المغربي: “مهدي بن بركة كان يتعرض للتهديد باستمرار. كان محط مراقبة من قبل أجهزة استخبارات مختلفة. نجا من محاولات اغتيال من قبل الشرطة السياسية المغربية، وحكم عليه بالإعدام مرتين في المغرب”.

وتابع: “منذ اختطافه وقتله، نفس الأشخاص الذين نظموا اختفائه الجسدي. اليوم يهاجمون إرثه السياسي الذي لا يزال مستمرا. لكنهم يدركون أن كل محاولاتهم لتشويه صورته ومحو اسمه من الذاكرة الجماعية مقدر لها بالفشل الذريع. اليوم، في جميع أنحاء العالم، هناك مساحات عامة تحمل اسمه، فضلا عن ذلك. فإن كتاباته مستمرة في النشر والترجمة والدراسة. وحتى أعلى سلطات الدولة المغربية تشيد بأعمتله إلى غاية الآن”.

من كان مهدي بن بركة؟

يقول نجل السياسي المغربي عن والده: “لقد كان رجلاً أساسياً في عملية استقلال المغرب. أسس حزب الاستقلال وشارك في صياغة بيان الاستقلال في 11 يناير 1944. وتخرج من جامعة الجزائر في مجال الرياضيات، ودرس في ليسيو غورو وفي كوليج إمبيريال. حيث كان طالب لدى ولي عهد المغرب آنذاك الحسن الثاني.

ويعد المهدي بن بركة المولود بالرباط، في يناير/ كانون الثاني عام 1920 مؤسس اليسار المغربي الحديث.

وقد لمع نجمه في الأربعينيات كأحد رموز المقاومة ضد المستعمر ولاحقا كواحد من أشرس المعارضين والمنتقدين للحكم الملكي في المغرب.

وكان أحد أبرز معارضي العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني.

وقد دفعه الاختلاف الجذري مع النظام الملكي المغربي إلى مغادرة البلاد. بعد أن أصدرت المحاكم المغربية حكما غيابيا عليه بالإعدام.

كما ذاع صيت بن بركة في الخارج. خاصة في دول أمريكا اللاتينية وبعض الدول الإفريقية والآسيوية ذات الميول الاشتراكية والشيوعية.

عام 1965، كان بن بركة يستعد للالتحاق بـ”مؤتمر القارات الثلاث” في العاصمة الكوبية. لكنه لم يتمكن من حضور المؤتمر بعد أن اختفى بطريقة غامضة من قلب العاصمة الفرنسية. ولم يعثر على أثر له منذ ذلك الحين.

وتشير إحدى الروايات الشائعة آنذاك إلى أن بن بركة عُذب وخُدّر على أيدي ضباط الاستخبارات الفرنسية. قبل أن يتسلمه الجنرال المغربي محمد أوفقير ورفاقه جثة هامدة.

وقد فند الحسن الثاني التهمة الموجهة لنظامه آنذاك بالتورط في تلك الجريمة.

وحتى بعد مرور أكثر من نصف قرن على اختفائه، لا تزال قضيته تطرح كثيرا من التساؤلات.بينما تستمر عائلة بن بركة إلى اليوم في البحث عن طرف خيط يقودها إلى المتورطين في الجريمة.

لماذا قرروا قتله!؟

أظهرت التحقيقات القضائية اللاحقة أن اختفائه كان مدبراً من قبل نظام الحسن الثاني بالتعاون مع المخابرات الفرنسية.

وحول قرار قتله، يقول نجله: “لكونه الخصم الرئيسي لنظام الملك الحسن الثاني. وكما قلت من قبل لدوره المؤثر في عمليات تحرير الشعوب الأفريقية. لا يمكن إنكار أن المسؤولية السياسية عن هذه الجريمة تقع على عاتق أعلى مستويات حكومة الملك الحسن الثاني”.

وتابع: “وكان وزير داخليته ومدير الأمن القومي مسئولين عن تنفيذ الأمر. لقد نظموا مؤامرة كبيرة شارك فيها عملاء فرنسيون وإسرائيليون وأمريكيون. آنذاك كانت الحرب الباردة قائمة، وكان بن بركة قد بدأ يشكل تهديدًا لمصالحهم بسبب معارضته الواضحة للاستعمار الجديد وأيضًا بسبب قدرته على حشد الناس ضد تلك السياسات. وقاموا بقتله، كما فعلوا مع باتريس لومومبا، رغم أننا بعد 56 عامًا ما زلنا لا نعرف ظروف وفاته أو هوية قاتله أو مكان دفنه”.

وصلت القضية إلى المحاكم الفرنسية بعد عام من الأحداث. في البداية، صدرت مذكرة توقيف بحق اثنين من كبار المسؤولين الحكوميين المغاربة ووجهت التهم إلى ضابطي شرطة فرنسيين، لكن قاضي التحقيق قرر وقف التحقيق على أساس أن تورط هذين العميلين الفرنسيين حال دون توضيح المؤامرة.

وفيما يتعلق بالتمكّن من إعادة فتح القضية بعد عشر سنوات، يقول انه لم يكن هناك نتيجة واضحة، القضية لا تزال مفتوحة في المحكمة. إنها أقدم مؤامرة للعدالة الفرنسية. لقد مرت بأيدي عشرة قضاة مختلفين، بدرجات متفاوتة من النجاح إلى الفشل، انتهى بهم الأمر إلى الاصطدام بنفس جدار الصمت ونفس الحصار، “الدولة”.

ماذا لو كان مهدي بن بركة حياً؟

وإجابة على سؤال حول ما إذا كان مهدي بن بركة لا يزال على قيد الحياة. فكيف سيكون رأيه من الوضع الحالي في المنطقة المغاربية والأحلام المحبطة للعديد من البلدان الأفريقية؟ز قال الإبن: “لا أريد أن أصنع خيالًا سياسيًا. لا أحد يستطيع أن يعرف ماذا يفكر أو يفعل الشخص الذي مات قبل 56 عامًا في ظل الظروف الحالية”.

واضاف: “الحقيقة هي أن الوضع السياسي في العالم الثالث، وربما في العالم، أخذ منعطفاً كاملاً نتيجة الاغتيالات الانتقائية. لقادة حركات التحرر الوطني من قبل الاستعمار الجديد والإمبريالية والصهيونية ورد الفعل المحلي”.

وقال: أفكر في باتريس لومومبا وتشي جيفارا وسلفادور أليندي، وأميلكار كابرال وتوماس سانكارا، وغيرهم”.

وذكر ان “الثورات تصنعها الشعوب، ولكن عندما يتم القضاء بشكل منهجي على قادة ومحفزات التطلعات الشعبية و آمال المجتمعات في أوضاع أكثر عدالة ومساواة.، فإن الفراغ المتبقي تملأه قوى رجعية لضمان استمرار نهب الثروة والموارد البشرية والمادية. من قبل الشركات متعددة الجنسيات والأقليات المفترسة المحلية”.

حقوق الإنسان في المغرب

وبالنسبة للوضع الحالي لحقوق الإنسان في المغرب. واحتمال وجود خلافات كثيرة مع نظام الحسن الثاني الديكتاتوري، قال إنّ “الإعلانات والتدابير، التي اتخذت لصالح احترام حقوق الإنسان، لم يقابلها تغييرات مؤسسية عملت على ضمان الفصل بين السلطات. على العكس تماما. لقد أصبح ثقل النظام الأمني ​​حاضرًا بشكل متزايد طوال فترة عمل النظام الحالي”.

وقال: “كما كانت هيئة الإنصاف والمصالحة، التي سعت إلى تسليط الضوء على حالات الاختفاء القسري، التي ارتكبت في المغرب في عهد الحسن الثاني، فاشلة”.

واوضح: “نعم، ما زالت عشرات العائلات تنتظر معرفة الحقيقة بشأن مصير أحبائها، وإحقاق العدالة ووضع حد للإفلات من العقاب، الذي لا يزال يحمي المسؤولين عن الانتهاكات. لكن ليس هذا فقط. هناك المزيد من الأشياء”.

انتهاكات 

يكمل: “فمثلا قامت السلطات بتجريم الحركة الاجتماعية. انظر إلى القمع في منطقة الريف، بسبب الحراك، وفي جرادة أيضا. تم تنفيذ المئات من الاعتقالات والتعذيب وتنفيذ المحاكمات الجائرة، وغير العادلة مع أحكام سجن قاسية في ظروف اعتقال قاسية”.

ويزيد بقوله: “لقد عاد المغرب إلى فترات الحسن الثاني المظلمة التي اعتقدنا جميعاً أنه قد تم التغلب عليها. إنني أشعر بالقلق والغضب من المنعطف الخطير الذي اتخذته الدولة المغربية. منتهكة قوانينها الخاصة والاتفاقيات الدولية ، في كل ما يتعلق بالحريات العامة والفردية، وحرية الصحافة والرأي. وحتى في جميع مراحل إجراءات المحاكم، حتى المدافعون عن حقوق الإنسان متورطون”.

لقد ندد معهد المهدي بن بركة للذكرى، الذي أتولى رئاسته واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بشدة الأساليب التي استخدمها نظام محمد السادس لإضعاف المدافعين عن حقوق الإنسان بالتهديد والترهيب وإسكات الأحرار، والأصوات الناقدة في البلاد.

ومع ذلك، يحاول النظام نقل صورة التحديث والانفتاح الديمقراطي الدولي.

ففي المغرب، تمارس المضايقات الإعلامية وانتهاك خصوصية النشطاء وعائلاتهم. هناك قرصنة هاتفية، ومونتاج محاكمات تخفي الحقائق والواقع…، كما لا تزال الاعتقالات التعسفية مستمرة، مما يدفع المتهمين إلى الإضراب عن الطعام الذي يعرض سلامتهم الجسدية للخطر.

هذه هي حالة حقوق الإنسان في المغرب اليوم. مصيبة. وهذا ما يعانيه معتقلو حراك الريف ونشطاء الاضطرابات الاجتماعية على سبيل المثال. هذا ما يمر به المعطي منجب والصحفيان عمر الراضي وسليمان الريسوني، الذين أعبر لهم عن كل دعمي وتضامني معهم، وكذلك أسرهم. إن واجب جميع الديمقراطيين والمدافعين عن حقوق الإنسان الدوليين، مطالبة النظام بالإفراج الفوري عن هؤلاء المعتقلين ووقف الإجراءات ضدهم.

وختم بالاجابة على سؤال: ما الذي سبب لك أكبر قدر من الضرر خلال 56 عامًا؟. بقوله: “لا يمكن تقدير مدى الضرر الذي لحق بي، وبالنسبة لي يمثل مهدي بن بركة أحد أبرز السياسيين اللامعين، لكنه كان والدي قبل كل شيء”.

(المصدر: موقع كونتكستو اي اكثيون الاسباني) 

شارك هذا الموضوع

One Comment

  1. Rachid 4 يناير، 2022 at 9:34 م - Reply

    وجهك شيطاني يابنت سوسة مدفوع لك من قبل العسكر الخرائري ، لايزيدنا حقدكم الا ولاءا لملكنا ووطننا وشعبنا انتم في مزبلة التاريخ يا مجنونة .

Leave A Comment