هل يمكن أن يكون حل مشكلة الصحراء الغربية بيد أوروبا؟
شارك الموضوع:
نشرت مجلة “أتلايار” الإسبانية، تقريراً سلطت من خلاله الضوء على قضية الصحراء الغربية. مشيرة إلى إمكانية إيجاد حلول تنهي النزاع وربما ترضي كل الأطراف، أو ربما ترضي طرفا على حساب طرف آخر.
لفتت “وطن” نقلا عن المجلة، أن عقب التصريح الذي أدلى به الرئيس الألماني فرانك دبليو شتاينماير في رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس ملك المغرب، يزعم فيها أن “الاقتراح المغربي للحكم الذاتي هو أساس جيد لحل النزاع”. تظهر أوروبا في هذه الظروف الحالية كإطار وحيد قادر على تحديد حل عملي للتغلب على الصراع الناجم عن “إنهاء استعمار إسبانيا للصحراء”. دون موقف محدد أو الإعتراف باستقلال منطقة الصحراء، ما جعلها “لقمة سهلة” في يدي المغرب.
الولايات المتحدة غير مهتمة
وعلى الرغم من أنها تظهر القوة العظمى الرائدة في العالم، إلا أن الولايات المتحدة ليس لديها ما يكفي من الوقت أو مهتمة بطريقة تجعلها تدفع أطراف النزاع للتفاوض، كما أنها لا تقدم ضمانات، يمكن ترجمتها فيما بعد إلى اتفاقات نهائية قابلة للتطبيق.
اقرأ أيضا: الصحراء الغربية .. 5 مفاتيح لفهم هذا الصراع المَنسي
وفي الحقيقة، إن اعتراف دونالد ترامب بـ “السيادة المغربية على الصحراء الغربية”، وضع حدا لإمكانية وساطة جو بايدن. تعتبر مشكلة الصحراء بالنسبة لواشنطن مسألة ثانوية، خاصة بعد فشل العديد من أصحاب الثقل في السياسة والدبلوماسية، مثل تشارلز دومبار وويليام إيغلتون وويليام سوينغ. بالإضافة إلى المبعوثان الخاصان جيمس بيكر الثالث وكريستوفر روس. ناهيك أن الانتكاسات التي عانى منها العديد من ممثلي الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، على غرار كولين باول ومادلين أولبرايت. دفع البيت الأبيض إلى عدم الاهتمام بالمشكلة، التي يعتبر توازنها سلبيًا بالنسبة للدبلوماسية الأمريكية.
أما القوى العظمى الأخرى على غرار، روسيا والصين، على الرغم من اقترابهما البراغماتي الأخير لأطراف النزاع وبعض محاولات الوساطة. إلا أنهما لا يملكان الإرادة ولا الثقل النجاح في وجود حل محتمل للأزمة. أما بالنسبة للاتحاد الأفريقي، فلم يكن له وزن مناسب أساس ناهيك أن أي قرار لن ولم تقبله باقي الأطراف.
كما أنه من المستحيل أيضًا تنفيذ اقتراح دولي عالمي بنجاح بعد الفشل الذي أظهرته الأمم المتحدة: لقد خصص مجلس الأمن، وهو أعلى هيئة تنفيذية في المجتمع الدولي لحل النزاعات. 74 قرارًا لمسألة الصحراء الغربية، أما الجمعية العامة، خصصت 134 قرارا آخر بشأن نفس الصراع. بيد أن القرارات فشلت فشلا ذريعا في إيجاد حل للنزاع.
الحل هو الإطار الذي ستقدمه أوروبا
وبحسب المجلة، فإن الحل أو الإطار الحالي الوحيد هو الإطار الذي ستقدمه أوروبا. فأجزاء الصراع، والتي تتمثل في دول شمال إفريقيا الثلاث، المغرب وموريتانيا والجزائر، بالإضافة إلى الحركة المسلحة جبهة البوليساريو، التي تمتلك علاقات مع أوروبا مما يمنحها إمكانية لعب دور حاسم، ولكن ليس ككيان. فالاتحاد الأوروبي المكون من 28 دولة، ولكن كمجموعة من الدول التي يجب أن تجمع ما لا يقل عن خمسة منها (ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا العظمى وإسبانيا)، ينبغي أن تجمع موافقة وتضامن أربع دول أخرى إضافية فيما يتعلق بالصحراء الغربية، وهي (هولندا والدنمارك والسويد والبرتغال).
ومع ذلك، هناك شرطان أساسيان يجب أن تحترمهما هذه المجموعة من الدول الأوروبية: الامتناع عن اتباع طريق الولايات المتحدة، واعتراف أي منها بـ “السيادة المغربية” على المستعمرة الإسبانية السابقة؛ وتقديم الضمانات القانونية والاعتراف على هذا النحو من قبل هذه الأطراف. أن إجراءات وعملية التفاوض تتم على النحو المتفق عليه من قبلهم. بعبارة أخرى: يجب على المجموعة الأوروبية أن تناشد المشاركين الأربعة، الذين التقوا بالفعل في سويسرا، لتركيز محادثاتهم ومفاوضاتهم على صيغة “كيان مستقل للصحراء الغربية داخل المملكة المغربية”. دون استبعاد أي من الحلول التي تم تقديمها، وهي اعتبار الصحراء الغربية اتحاد، هيكلة إقليمية، أو كونفدرالية، أو دولة فيدرالية.
وبحسب ما ترجمته “وطن” نقلا عن المجلة، فإن التظاهر بأن أي دولة أوروبية، تسير على خطى الولايات المتحدة، كما طلب بعض أعضاء بيئة القصر الملكي المغربي، هو خطأ لا يمكن إلا أن يؤدي إلى استحالة إجراء مفاوضات جادة لحل النزاع. فضلا عن ذلك، يعرف محمد السادس هذه الحقيقة، من خلال محادثاته المباشرة مع رؤساء الدول والحكومات الأوروبيين.
اعتراف دول أوروبا بسيادة المغرب على الصحراء سيحرمهم الحوار مع الجزائر
إن مطالبة فرنسا وبريطانيا العظمى وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا بالاعتراف بسيادة المغرب على الإقليم سيَحرمهم من أي إمكانية للحوار مع الجزائر وجبهة البوليساريو. لكن يعتبر الموقف الحالي لهذه الدول الأوروبية من الصراع، موقفا حكيما و متوازنا. بحيث يمكن الحفاظ على الحوار الذي لا غنى عنه مع جميع الأطراف. لا يتعلق الأمر بتقديم أوروبا مجالاً للحوار، ولا مكاناً سرياً للاجتماعات الخاصة بين الأطراف. بل يتعلق بالتدخل فيها بصفة فاعلة مع ضمان موافقة كل الأطراف. كما يجب أن يقدم النداء المشترك للدول الأوروبية الأقرب إلى الصراع من الأطراف الأربعة (الصحراء الغربية وموريتانيا والجزائر والمغرب). التزامًا بأن تصبح هذه البلدان جزءًا من المفاوضات لإيجاد حل توافقي وعملي.
وختمت المجلة بالقول، أنه حتى الآن، فشلت الدول أو الشخصيات التي حاولت الوساطة لأنها لم تهتم بالمفاوضات وتركت الأطراف وشأنها. هذه الدول الأوروبية، التي تسعى معًا، لإيجاد طريق للمفاوضات لحل نزاع الصحراء الغربية. لديها إمكانية العثور على شكل مستقبل المنطقة التي سيظل أبطالها الرئيسيون هم بلدان المغرب العربي الثلاثة والتمثيل السياسي الصحراوي. بحيث يجب أن تجد أوروبا حلا يرضي شعوب هذه المناطق، بحضور الأطراف المتنازعة.
(المصدر: أتلايار – ترجمة وطن)