هل ستنجح محاولة التطبيع بين تركيا وأرمينيا بعد خلافات تاريخية وأزمة صراع بَطَلتُها أذربيجان؟

قد يتوّج الاجتماع في موسكو بين مبعوثي يريفان وأنقرة. بخطة مهمة لإعادة فتح الحدود وإحياء العلاقات الدبلوماسية.

تطبيع العلاقات بين البلدين

في مقالها تحدثت صحيفة “الباييس” الإسبانية، عن حيثيات لقاء ممثلي أرمينيا وتركيا يوم الجمعة في موسكو. في محاولة لتطبيع العلاقات بين البلدين، وهذا  أول اجتماع لهم منذ عام 2010.

وفقا لما ذكرته الصحيفة، تُظهر هذه الجولة الأولى مساعي كلا دولتين. لإحياء علاقات دبلوماسية لم تكن موجودة بالأساس. بالإضافة إلى تحديد خطة دقيقة لإعادة فتح الحدود بين تركيا و أرمينيا (التي تشترك في حدود حوالي 300 كيلومتر مع تركيا). ناهيك أنها حدود مغلقة منذ ثلاثة عقود.

وفي الحقيقة، هذه الخطوة الإيجابية  من شأنها أن تعزز عمليات التجارة والنقل بين البلدين.

اقرأ أيضا: الوعد بالثروة يجمع إيران وأذربيجان بعد التوترات في أرمينيا

بيانات رسمية منفصلة

وبحسب ما ترجمته “وطن”، انعقد الاجتماع بين الممثلين الخاصين المعينين من قبل أرمينيا. بحيث حضر نائب رئيس البرلمان الأرميني روبين روبينيان، والسفير التركي السابق لدى الولايات المتحدة سيدار كيليتش. “في جو يوحي بإعادة إحياء العلاقات”.

كما اتفقا على الإشارة إلى نتائج اللقاء في بيانات رسمية منفصلة.

وقالت وزارة الخارجية التركية في بيانها، إن المبعوثين الدبلوماسيين إلى موسكو. اقتصرا على تبادل الأفكار “الأولية” بشأن عملية التطبيع. كما لا تزال أنقرة ويريفان ملتزمتين “بمواصلة المفاوضات دون شروط مسبقة”. مع التركيز على “التطبيع الكامل للعلاقات”، وفقا لما جاء في البيان الرسمي لتركيا.

فتح الحدود المغلقة

من جانبها، صرحت وزارة الخارجية الأرمينية أنها تأمل أن يؤدي الاجتماع في موسكو. إلى إقامة علاقات دبلوماسية وفتح الحدود المغلقة منذ عام 1993. كما عزز الاجتماع دور روسيا، التي وقعت بدورها على اتفاقية وقف إطلاق النار بين يريفان وباكو. في حرب ناغورنو كاراباخ عام 2020، كوسيط له نفوذه في جنوب القوقاز.

وعلى الرغم من الماضي المؤلم الذي يتشاركون فيه. حيث تأسست أرمينيا الحديثة كملاذ لآلاف الأرمن الذين فروا من الإبادة الجماعية التي بدأتها الإمبراطورية العثمانية في عام 1915.

إلا أن تركيا كانت واحدة من أوائل الدول التي اعترفت بجمهورية أرمينيا الحالية بعد استقلالها عن الاتحاد السوفيتي في عام 1991.

الإبادة الجماعية للأرمن

ولكن، لم يشفع ذلك لأرمينيا، حيث جمدت أنقرة، التي لا تعترف بالإبادة الجماعية للأرمن. العلاقات وأغلقت حدودها مع أرمينيا بعد ذلك بعامين تضامنا مع أذربيجان. الدولة المتحالفة تقليدياً مع تركيا لأنها تشترك في العديد من الروابط الثقافية واللغوية.

وقالت الصحيفة إن الحصار التركي لأرمينيا، بدأ عندما قامت القوات الأرمينية. خلال الحرب الأولى على ناغورنو كاراباخ (إقليم معترف به دوليًا كجزء من أذربيجان. ولكن يسكنها بشكل أساسي الأرمن ويطالبون باستقلالها). بغزو منطقة كيلباجار وهو إقليم خارج كاراباخ، مما أدى إلى نزوح الأذربيجانيين.

في وقت لاحق، وبالتحديد في عام 2008.  شهدت الأوضاع الدبلوماسية للبلدين تحسنا طفيفا، عندما تعادلت تركيا وأرمينيا في تصفيات كأس العالم في جنوب إفريقيا.

ضغوط أذربيجان

وعليه، سافر الرئيس التركي آنذاك، عبد الله غول، إلى يريفان وعقد اجتماعات مع نظيره الأرمني. سيرج سارجسيان، مما فتح الباب لتطبيع محتمل للعلاقات.

ومع ذلك، تعثرت العملية في العام التالي بعد ضغوط من أذربيجان. التي قامت باستثمارات كبيرة في قطاع الطاقة التركي وشددت على أنه قبل اتخاذ خطوات نحو التطبيع وفتح الحدود. ينبغي أولا على أرمينيا أن تعيد لأذربيجان أراضي ناغورنو كاراباخ. والمحافظات المحيطة التي احتلتها خلال الصراع في أوائل التسعينيات.

اقرأ أيضا: تجارة الأعضاء البشرية في تركيا .. سمسار يعرض أسعاره على فيسبوك!

يُذكر أنه في حرب عام 2020، استعادت أذربيجان السيطرة جزئيا على ناغورنو كاراباخ وكامل المقاطعات المجاورة ذات الأغلبية الأذربيجانية. والآن ترى أنقرة أن عقبات التطبيع بين البلدين قد تلاشت، كما أنه في الوقت الحالي، هناك مساحة عملية للمحادثات، دون الخوض في صراعات تاريخية. على غرار الإبادة الجماعية للأرمن.

فوائد اقتصادية

ترى الصحيفة الإسبانية، أنه في حال إعادة فتح الحدود، يمكن لأرمينيا الحصول على فوائد اقتصادية. حيث يمكن استخدام الطرق ليس من قبل تركيا فحسب، بل يمكن لإيران وأذربيجان الإستفادة  من ذلك.

في الأثناء، تعتقد أنقرة أن تهدئة الأوضاع، قد يساعدها في تحسين إمكاناتها الاقتصادية في القوقاز. وأرمينيا أيضا (رفعت حكومة يريفان مؤخرًا الحظر المفروض على المنتجات التركية. كإجراء اتخذته احتجاجًا على الدعم العسكري التركي لأذربيجان خلال حرب كاراباخ الأخيرة).

بالإضافة إلى ذلك، كجزء من اتفاقية السلام بين يريفان وباكو. سيتم إنشاء ممر للسكك الحديدية يربط بين أذربيجان وجيبها من ناختشيفان (جيب من البر الرئيسي لأذربيجان عبر أرمينيا). والتي تنوي تركيا استخدامه لإنشاء طرق اتصال مباشرة لنقل البضائع إلى آسيا الوسطى.

في الوقت ذاته، من المتوقع أن تؤدي التجارة عبر الحدود الجديدة. إلى تحسين الوضع الاقتصادي لكل من شرق تركيا (المنطقة الأفقر في البلاد) وأرمينيا.

المصدر: (الباييس – ترجمة وتحرير وطن)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى