فايننشال تايمز: على العالم الضغط على قيس سعيد لكبح ميوله “الاستبدادية” عقب استيلائه على السلطة

وطن – أكدت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أن الرئيس التونسي المنقلب قيس سعيد يقود تونس إلى طريق “خطير”، داعية إياه إلى احترام الديمقراطية والتركيز على المشاكل الاقتصادية للبلاد.

ميول قيس سعيد الاستبدادية

وقالت الصحيفة في افتتاحيتها التي كتبتها هيئة التحرير، إن على المجتمع الدولي استخدام نفوذه للضغط على قيس سعيد لكبح ميوله الاستبدادية. مشيرة إلى انه “إذا ذهب دون رادع فهناك خطر حقيقي من أنّ ما تبقى من ديمقراطية بالعالم العربي سينقل للتاريخ“.

وأوضحت أن العديد من المتظاهرين السلميين تعرضوا للضرب بالهراوات وسُكبوا بخراطيم المياه. مشيرة إلى تخوف الجماعات الحقوقية من زيادة مقلقة في المدنيين الذين يواجهون محاكمات عسكرية.

كما اشارت إلى اعتقال نواب معارضين ومذيع تلفزيوني وآخرون بعد انتقادهم للرئيس، مستنكرة ما حدث بالقول: كل هذا كان يحدث في تونس، مهد الربيع العربي والتي حتى وقت قريب، تم الترحيب بها باعتبارها الدولة الوحيدة القادرة على الانتقال من الدكتاتورية إلى الديمقراطية بعد الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت الشرق الأوسط في عام 2011.”

ولفتت أن ما سبق يعطي العديد من الإشارات المقلقة التي تشير إلى أن دولة شمال إفريقيا في خطر العودة إلى الاستبداد الذي انتفض ضده ملايين التونسيين بشجاعة قبل عقد من الزمان.

وأوضحت أن مهندس الرد العدواني للدولة على النقاد والمعارضين هو قيس سعيد، أستاذ القانون المتقاعد الذي فاجأ الكثيرين بفوزه في انتخابات 2019 باعتباره غير معروف سياسيًا.

وعددت الصحيفة الإجراءات التي اتخذها “سعيد”. موضحة انه بعد أقل من عامين على رئاسته، علق البرلمان، متذرعًا بالمادة 80 من الدستور التونسي لتبرير حكمه بأمر تنفيذي يحمل بصمات الانقلاب.

ونوهت إلى انه استبعد إجراء انتخابات برلمانية حتى نهاية العام على الأقل. بالإضافة لتخطيطه لإجراء استفتاء على الدستور. مؤكدة أنه يريد تعزيز سلطاته من خلال إعادة البلاد إلى رئاسة تنفيذية. على غرار تلك التي تمتع بها زين العابدين بن علي، الديكتاتور المخلوع عام 2011. وهو ما يعتبر تراجع آخر عن المكاسب التي تحققت بعد الثورة.

فشل سعيد في تحسين الاقتصاد

وتابعت الصحيفة، أنه مع ذلك، فشل سعيد في تحقيق الشيء الوحيد الذي تتطلبه أمته بشكل عاجل: خطة اقتصادية قابلة للتطبيق للتعامل مع المظالم الطويلة الأمد. للتونسيين الذين يعانون من ارتفاع معدلات البطالة وتدهور مستويات المعيشة.

ولفتت إلى أن هذه العوامل تفسر سبب تمتع سعيد بالدعم الشعبي لاستيلائه الوقح على السلطة. حيث أصيب الكثيرون بخيبة أمل من الأحزاب السياسية القائمة والائتلافات الضعيفة والمتشاحنة التي ميزت سنوات ما بعد الثورة. وأدت إلى وجود 10 حكومات في البلاد في عقد من الزمن.

وقالت الصحيفة إن تونس الفقيرة بالموارد تعد إحدى الدول العربية الأكثر عرضة لتضخم أسعار الغذاء العالمي وارتفاع أسعار النفط. وانه بدلاً من وضع رؤية لمعالجة أمراض البلاد، التي تفاقمت بسبب الوباء. اختار سعيد بدلاً من ذلك إلقاء اللوم على الفساد ومنتقديه. متخذًا كتيب الرجل القوي لاتهام المعارضين بتلقي تمويل أجنبي.

وشددت الصحيفة على أنه كلما طال أمد المشاكل الاقتصادية، تآكلت شعبيته بشكل أسرع وزاد خطر إحباط التونسيين الذي يغلي مرة أخرى. مؤكدة على أن العودة إلى ديكتاتورية على غرار بن علي بدون ضوابط وتوازنات لن تؤدي إلا إلى تفاقم الأمور.

وأكدت على أن سعيد يحتاج إلى إعادة تونس إلى مسار واضح نحو الديمقراطية وتركيز طاقته على معالجة المشاكل الاقتصادية، مثل تحسين مناخ الأعمال وتقليص البطالة. في حين أنه يجب على المعارضة الضعيفة والمشرذمة أن تدرك إخفاقاتها. الأمر الذي غذى خيبة الأمل من تجربة تونس الديمقراطية.

وناشدت الصحيفة المجتمع الدولي باستخدام نفوذه للضغط على سعيد لكبح ميوله الاستبدادية. حيث يمكن أن يساعد في التخفيف من تأثير الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة المطلوبة، بما في ذلك معالجة فاتورة أجور القطاع العام المرتفعة والإعانات، إذا كان هناك نظام أكثر شمولاً. مؤكدة على أن سعيد إذا ذهب دون رادع. فهناك خطر حقيقي من أن ما تبقى من ديمقراطية فاعلة في العالم العربي سوف يتم نقله إلى التاريخ.

(المصدر: فايننشال تايمز – ترجمة وطن)

Exit mobile version