كيف تؤثر مخاوفنا علينا في حياتنا اليومية؟

By Published On: 20 فبراير، 2022

شارك الموضوع:

وطن – “يحذر الخبراء من أن الاستشارات المتعلقة بالقلق والاكتئاب والمخاوف قد زادت بشكل كبير منذ أن بدأت جائحة كوفيد -19 في الانتشار قبل عامين”.

في الحقيقة، إذا قمنا بتحليل تاريخ البشرية، نجد أن الإنسان لطالما مر بمراحل الحروب والكوارث الطبيعية والأوبئة.

الموت الأسود وكوفيد 19

وكان أخطر ما تم تسجيله هو الموت الأسود، الذي قتل ما يقارب من نصف سكان أوروبا.

أما اليوم، في القرن الحادي والعشرين، يعاني العالم مرة أخرى من جائحة كوفيد-19، التي لا تعتبر أخطر مما حدث في القرن الرابع عشر.

وبحسب صحيفة “الكونفيدينسيال” الإسبانية، نحن نعاني حاليا من كوارث طبيعية. وهناك دول فقيرة للغاية تعيش في حالة حرب متواصلة.

المرض العقلي

ولكننا قبل كل شيء، نحن نعيش في قلق مستمر ونشعر بالخوف ونكبت غضبنا، وأحيانًا نشعر بالحزن الشديد. فهل هذا طبع جديد في الانسان؟

من الواضح أنه لا. ولكن من المعتاد أكثر في المجتمعات المتقدمة أن يعاني الإنسان من المرض العقلي، لأنه كلما قلت المشكلات الحقيقية. زادت فرصة وجود هذه المشاعر الداخلية. وغالبًا ما لا يدرك المجتمع هذا. والواضح أن ما يخلق الخوف هو عدم القدرة على التكيف مع المجهول.

لذلك وفقا لما ترجمته “وطن”، علينا أن نطور الحماية اللازمة، أو درعا، أو مقدرة دفاعية. التي تُبنى أساسا عن طريق العضلات والمفاصل والأعصاب الجسدية.

أبعاد جسدية وعاطفية

لكن في الواقع، معظمها لا يعمل بالشكل الصحيح، لأن هناك أبعاد جسدية وعاطفية ونفسية وحيوية تتحكم فيها.

تتمثل إحدى طرق استكشاف مشاعرنا، في ممارسة حركات إيقاظ الجسم المحددة. التي ستجعل من السهل علينا فتح الأنسجة المتوترة وفكها. بحيث يمكن لطَاقتنا الحيوية أن تنتشر وتنظم أنظمة الغدد الصماء والأنظمة العصبيّة المركزية لدينا ذاتيًا.

أوضحت الصحيفة، أن الشخص يحتاج مرافقة طبية، لإعادة الاتصال بجسده من خلال الاتصال بالأحاسيس والحواس، واستكشاف كل حركة في اللحظة الحالية. فعندما نحرر أنفسنا من العوائق، تتحرر العواطف.

أما فيما يتعلق بالبعد النفسي، هناك تغيير في الموقف تجاه صروف الحياة، طريقة مختلفة للاستجابة للظروف التي لا نجد أنفسنا فيها. حيث يتم تحويل الأفكار المقيدة إلى أفكار إيجابية وتطوير موقف أكثر ملاءمة تجاه التحديات. فهذا ما تقدمه لنا الحياة على أساس يومي.

كيف يمكننا فتح الجراح الداخلية؟

كل عاطفة مصحوبة بإفرازات هرمونية. يوجد هرمون لكل عاطفة. فباستخدام “طريقة تحرير الدروع”، استنادًا إلى حركات إيقاظ الجسم المحددة، نجد توازنًا داخل عدم التوازن. واستعادة الرفاهية، وإيقاظ الثقة بالنفس دون الاعتماد كثيرًا على الآخرين والأحداث التي نواجهها. نحن نتواصل مع دعم داخلي، يساهم في دعم عالمنا العاطفي.

في الواقع، جسمنا لديه ذاكرة جسدية تعيش من خلال النسيج الضام، اللفافة، جهاز الإرسال الذي تمر من خلاله المعلومات التي تأتي من الدماغ الحوفي، الدماغ العاطفي. وهو يشبه شبكة العنكبوت الكبيرة التي تربط أجزاء مختلفة من الجسم. من خلال إطلاق أنسجتنا. أو بمعنى آخر “عُقدنا”، نطلق ذكريات التجارب التي مررنا بها منذ الطفولة المبكرة. مما يسمح بإحياء طاقتنا الحيوية التي تم كبتها. فجسدنا هو مرآة لما بداخله ويمكن أن ينعكس وجودنا فيه.

وفقا للصحيفة، أولاً يجب أن نفكر في ماهية المشاعر. بهذه الطريقة يمكننا مواجهة مخاوفنا. ككائنات حية، فإن العواطف جزء من طبيعتنا البشرية. إنها تعبير عن قوة الحياة التي نحملها في داخلنا والتي يتم إنشاؤها من عالم معتقداتنا. من خلالها نعرف احتياجاتنا ورغباتنا وأمانينا، إنهم عبارة على مشاعر وأحاسيس، تتحرك مثل حركة الموجة. هناك بداية، ثم نقطة الوصول ويتخللها قمة الموجة والنزول  والنهاية.

دور التربية في قمع المشاعر

ومن المشاعر الأساسية هي الخوف والغضب والحزن والمفاجأة والاشمئزاز والفرح. لكن، هل ندرك كيف نعيشهم؟ هل نقمع المشاعر وكأننا نمنعها بسبب التربية، التي تلقيناها من والدينا وبيئتنا الأسرية ومجتمعنا وثقافتنا؟

فعندما كنا أطفالا، على سبيل المثال. كنا نخاف من العاصفة، والظلام، والامتحان، وسرعان ما أبلغنا مقدم الرعاية  أو أهالينا بذلك.

لكن، ماذا كان الرد، “أنت طفل كبير في السن كف عن هذا الهراء،” أو ” اذهب إلى الفراش الآن ليس لدي وقت لأكون معك “أو” أنت كسول، ادرس أكثر”.

المخاوف المكبوتة

وفي الحقيقة، ما كنا نحتاجه هو بعض العناق ونظرة  في أعيننا وبضع كلمات مليئة بالحنان لتَهدئتنا.

كان من الممكن أن يكون هناك شخص، بحضوره اللطيف، يستطيع أن يقدم لنا الدعم بحيث يمكننا الاعتماد عليه في كل وقت تشعر فيها بالضياع.

إذا حدث هذا معنا كأطفال، فلن نعيش بالتأكيد كبالغين مع الكثير من المخاوف المكبوتة وانعدام الأمن.

بيد أنه من شدة قمع أي عاطفة، في بعض الأحيان نقوم بتجميد الخوف، ونرفضه كشيء نخشى أن نعيشه.

ناهيك أن أحيانا نضطر إلى  أن نعيش عواطفنا بطريقة تقودنا إلى الشعور بالخضوع لمشاعر الخوف المكبوتة فينا.

ما الغرض الذي تخدمه المخاوف؟

الهدف من الخوف هو تزويدنا بالمعلومات اللازمة لحمايتنا من الخطر سواء كان حقيقياً أو متخيلاً. وهكذا نستطيع أن نحذر. أولئك الذين يرفضون عيش مشاعرهم يخاطرون ولا يخافون ويعرضون أنفسهم للخطر. فيؤدي قمعهم لمشاعرهم إلى ظهور القلق والألم.

على الرغم من أنه، يمكن أن يساعدنا الخوف على معرفة أنفسنا، ومعرفة كيفية وضع حدود وإعادة إثبات أنفسنا والاندماج في العلاقات مع الآخرين.

إذا اكتشف الدماغ أو العقل الغريزي، وجود خطر، فإن الجسم سيحمي نفسه، من التوتر ويكون ذلك تلقائيًا.

الجسد لا يكذب

هناك مناطق مميزة في الجسم، حيث نستطيع أن نحمي أنفسنا من خلال منع تدفق طاقتنا الحيوية. الجسد لا يكذب وهو وعاء لعالمنا الداخلي، لما نشعر به، لما يحدث لنا، ولأفكارنا، وهو مخبأ اللاوعي لدينا.

فبحسب الصحيفة، الخوف هو من تلفيق أذهاننا. إذا كانت حالتنا العقلية مليئة بالشكوك والمخاوف والتشبث بالمعتقدات القديمة المقيدة. فسيكون مستقبلنا على هذا النحو، وستصبح مخاوفنا واقعنا التجريبي.

كيف يتفاعل نظامنا العصبي اللاإرادي؟

في مواجهة حدث نشعر فيه بالهجوم، يتم تنشيط الخوف ونستجيب بطرق مختلفة: الفرار أو القتال. وهذا هو المكان الذي يتم فيه تنشيط نظامنا العصبي السمبثاوي.

على سبيل المثال، تحدثت إلى شخص ما لكن يبدأ في التحدث معي بعدم احترام، قائلاً أشياء تؤثر عليا عاطفيًا. يمكنني الرد بحزم معتمدا على قوتي الداخلية، متشبثا بآرائي أو يمكنني تجاهل هذا الشخص والهروب من الموقف. أو أشعر بالشلل وأترك جسدي في حالة صدمة، ثم أشعر بتقطع في عملية التنفس، وهكذا أحرم نفسي من فرصة الرد. هنا يتم تنشيط الفرع الظهري المبهم اللاودي من العصب المبهم.

في ذات السياق، يمكننا أيضًا الرد من خلال طلب المساعدة والحماية من صديق أو أحد أفراد العائلة حيث نشعر بالأمان والهدوء والثقة. هنا يتم تنشيط الفرع المبهم السمبثاوي البطني من العصب المبهم.

هذا هو السبب في أنه من المهم أن تجد أنظمتنا العصبية والغدد الصماء المركزية لدينا التنظيم الذاتي، للاستجابة بأفضل طريقة ممكنة.

ما أنواع المخاوف التي يمكن أن نعيشها؟

أثناء الحمل، انتقلت المخاوف إلينا من خلال السائل الأمنيوسي من قبل والدتنا. اعتمادًا على ما كانت تشعر به، واللحظة التي كانت تعيش فيها، والأفكار التي كانت لديها،  … إنها مخاوف تضاف لنا في مرحلة الطفولة، مع تأثير نظام الأسرة، والمخاوف التي بنيناها ورافقتنا طوال حياتنا.هكذا يمكن أن  يتملكنا الشعور بالعجز وعدم الراحة.

أوردت الصحيفة، أنه اعتمادًا على الجروح التي أصيبنا بها في الطفولة، قمنا ببناء بعض المخاوف كآلية حماية.

إذا شعرنا بأن أحدهم سيتخلي عنا، سنخشى فقدان الأمن وسنشعر بعدم الراحة. إذا شعرنا بالرفض، فهناك خوف كبير من عيشه في المستقبل، لذلك هناك صعوبة في الالتزام ونهرب من أي شيء.

ناهيك أنه، إذا تلقينا سوء المعاملة، فيمكننا تكرار الأمر نفسه مستقبلا،  فضلا عن أنه يمكننا إساءة معاملة أنفسنا وأطفالنا. فالشعور بالخوف دائما وأبدا، يفقد أجسامنا ونفسيتنا سلامتها.

فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك جرح من الشعور بالخيانة، فهناك فقدان تام للثقة.

ذكاء عاطفي

أكدت الصحيفة، أنه لدينا ذكاء عاطفي يخبرنا أن هناك جزءًا منا لا يعمل بشكل جيد وأن غرورنا وشخصيتنا تنكر ذلك.

فالخوف يتدخل في المنطق والعقل والشعور بالأمان، وكأنه يتحكم في حياتنا. ومن الواضح، أن ما يخلق الخوف هو عدم قدرة الشخصية على التكيف مع المجهول.

نحن بحاجة إلى إعادة إحياء أجسادنا، لتكون لدينا شخصية قوية ومرنة، وإدراك من نحن حقًا وإيجاد قوتنا الداخلية.

علاج الخوف هو الحب

نحن بحاجة إلى أن نمنح أنفسنا أمانًا داخليًا للعيش في سلام. أحبوا مخاوفنا دون الحكم عليها، وتوقفوا عن انتقادها ورفضها، وتعرّفوا عليها.

الآن، مع الوباء، ربما نشهد موقفًا، تستيقظ فيه المخاوف اللاواعية للماضي، من خلال الذكريات، أو تجربة عشناها بالفعل. وقد حان الوقت للاستماع إلى عالمنا الداخلي.

وختاما، المخاوف غير عقلانية. فإذا افترضنا العيش معها بدلاً من محاربتها، فسوف نقلل من خلق مساحة لها بداخلنا.

ينبغي علينا إحاطة أنفسنا بالحب الذي يسكن فينا، فهو طريق يقودنا إلى العيش بثقة وأمان. أحاسيسي الحب تلغي  الخوف من حياتنا. بعبارة أخرى، عندما نقبل الحب على أنه واقعنا، فإننا نصبح بصحة جيدة وبسلام داخلي.

 

المصدر: (الكونفيدينسيال – ترجمة وتحرير وطن)

اقرأ أيضا:

11 حيلة بسيطة تخلصك من التوتر والقلق بسهولة

دراسة: مقاومة الأنسولين يمكن أن تضاعف خطر الإصابة بالاكتئاب

شارك هذا الموضوع

Leave A Comment