ما وراء رسالة الأمير حمزة لأخيه ملك الأردن .. دلالات ورسائل

وطن – أكد محللون أن الرسالة الأخيرة التي بعث بها الأمير حمزة بن الحسين، لأخيه ملك الأردن طالبا منه العفو ومعتذرا عما بدر منه خلال الفترة الماضية فيما عرف إعلاميا بـ”قضية الفتنة”، لها دلالات كثيرة وتبعث بعدد من الرسائل وأن توقيتها لم يكن عابرا، حسب وصفهم.

ملك الأردن حريص على إنهاء الأزمة

وبحسب مراقبين للشأن الأردني، فإن توقيت الرسالة لم يكن عابرا وله مدلولاته. فهي تأتي في ظل ظروف صعبة تشهدها المملكة. و”محاولات لاستهدافها بشتى الطرق والوسائل”.

وفي هذا السياق نقلت وكالة “الأناضول” عن محللين وراصدين للوضع الأردني. أن المتمعن بمضمون البيان الملكي وما احتواه من إشارة إلى أن الرسالة جاءت بعد لقاء الملك بالأمير حمزة بناء على رغبة الأخير. يدرك تماما بأن عاهل الأردن، حريص على إنهاء الأزمة مع أخيه وإلا لم يكن ليقبل مقابلته.

ويدلل المتابعون التأكيد على ذلك بأن المقابلة تمت بين الجانبين. رغم استياء أبداه العاهل الأردني سابقا من أخيه عندما قال عن القضية. في مقابلة سابقة مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية: “أعتقد أن ما جعل هذا أمرا محزنا جدا هو أن أحد هؤلاء الأشخاص هو أخي، الذي قام بذلك بشكل مخيب للآمال”.

ووفق المحللين فإن ما يعزز فرضية “انتهاء الأزمة” أيضا، هو ما جاء في بيان الديوان الملكي مع الإعلان عن الرسالة. عندما لفت أن “إقرار الأمير حمزة بخطئه واعتذاره عنه “يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح على طريق العودة إلى دور أصحاب السمو الأمراء في خدمة الوطن وفق المهام التي يكلفهم بها جلالة الملك”. وبالتالي ظهورا “اعتياديا” قريبا للأمير كما كان في السابق.

توقيت الرسالة لم يكن عابرا

وبحسب المراقبين للشأن الأردني، فإن توقيت الرسالة لم يكن عابرا، وله مدلولاته، فهي تأتي في ظل ظروف صعبة تشهدها المملكة. و”محاولات لاستهدافها بشتى الطرق والوسائل”.

ومما يُستشهد به، هو “محاولة النيل من شخص الملك”. عبر تقارير ادعت أنه “أنفق أكثر من 100 مليون دولار لتكوين إمبراطورية عقارية سرية في بريطانيا والولايات المتحدة”، وهو ما نفته عمان.

واحتوت أخرى على معلومات عن حسابات بنكية للملك في سويسرا، وصفها الديوان الملكي بأنها “غير دقيقة وقديمة ومضللة”. ويتم توظيفها بشكل “مغلوط”، بقصد التشهير بالملك والأردن وتشويه الحقيقة.

وتبعث هذه الرسالة بمعطيات تشير في مضمونها إلى أن صفحة الخلاف داخل الأسرة المالكة قد طويت. ليواجه أفرادها مجتمعين “هجمة خارجية عليهم. تحاول أن تنال من عرش الهاشميين، وتخلق لهم أزمات داخلية”، ما يستدعي لحمة وتكاتفا للحيلولة دون تحقيق ذلك، وفق المراقبين.

خطوة سيتبعها تغييرات واسعة في مناصب الدولة العليا

ويعد الهاشميون من أقدم العائلات المالكة في الدول العربية، حيث تولوا مقاليد الحكم بالأردن قبل تأسيس الدولة منذ عهد الإمارة (1921- 1946)، والملك عبد الله الثاني هو النجل الأكبر لوالده الراحل الحسين بن طلال، ورابع ملوك الأردن.

وعلى صعيد آخر، فإن مراقبين يرون بأن عاهل الأردن، سيُعقب تلك المصالحة بتغييرات واسعة في مناصب الدولة العليا.

وذلك لأسباب أرجعوها إلى “عدم قدرة أولئك الأشخاص على التعامل مع أزمة الأمير باحترافية تضع حدا لتداعياتها” من جهة. والاستعانة بآخرين قادرين على مواجهة التشكيك بمصداقيتها، من جهة أخرى.

تنظيم العلاقة داخل الأسرة المالكة

وعلى جانب آخر وتعليقاً على هذه الرسالة، اعتبر وزير الإعلام الأردني الأسبق، سميح المعايطة، في حديث لصحيفة “العربي الجديد”. أنها “تؤشر إلى أن موقف الأمير حمزة خلال الفترة الماضية، لم يكن سليماً، وهذا ما تضمنته رسالة الاعتذار الموجهة إلى الملك”.

ورأى المعايطة أن الرسالة “تعني أيضاً إغلاق هذا الملف بشكل كامل”.

وبرأيه، فإن علاقة الأمير بالملك “لم تصل إلى مراحل جيّدة خلال الفترة الماضية، على الرغم من رسالة الأمير السابقة (5 إبريل 2021). وأن الأمير طلب عودة العلاقات الشخصية مع الأسرة المالكة إلى مجاريها ليعود كباقي الأمراء، ضمن ما تحدده الأعراف والدستور، وعدم الخروج عن النطاق السياسي المحدد”.

وتوقع متابعون حدوث ترتيبات جديدة داخل الأسرة المالكة، لها علاقة بتحديث قانون الأسرة المالكة

باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد

واعتبر المعايطة أن هناك فصلاً كبيراً بين الأمير ومسار محاكمة باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد، مذكّراً بأنه مع بدء القضية، أوكل العاهل الأردني، أمر الأمير حمزة، إلى عمّه الأمير الحسن بن طلال، فيما ذهبت الطرفان الآخران إلى المحكمة، ما يعني أن المسارين منفصلان.

واعتبر الوزير الأردني الأسبق أنه “لا يمكن ربط التطورات والرسالة بمنظومة الإصلاح السياسي، لكن توقيت الرسالة مهم. ويغلق باب التصيّد واستغلال قضية الأمير من قبل بعض الأطراف ومحاولة جعلها قضية ضاغطة على الدولة”.

 

إقرأ أيضا:

وفي السياق، رأى الباحث الاستراتيجي الأردني عامر السبايلة، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنه بالإمكان اعتبار الرسالة بأنها “خطوة تنقلنا إلى مرحلة إغلاق هذه الأزمة التي كانت مفتوحة، خصوصاً أن هذا يتعلق بأمر حسّاس وبالأسرة المالكة، وبعلاقات داخل العائلة خرجت إلى السطح والرأي العام”.

وأضاف السبايلة أنه “اليوم، نستطيع القول إن بوابة هذا الخلاف قد أغلقت”. مشيراً إلى أن الرسالة “تؤسس لمرحلة مقبلة”. متوقعاً أن يلي ذلك “حدوث تغيرات في إدارة هذا الملف، خصوصاً بالنسبة للمسائل المنظمة للعلاقة داخل الأسرة المالكة، لاسيما لضمان عدم تكرار مثل هذه الأحداث في المستقبل”.

مصالحة لتنقية الأجواء داخل الأسرة المالكة

وحول ذلك، شدّد النائب الأردني السابق نبيل غيشان، في حديث لـ”العربي الجديد”، على أن رسالة الأمير حمزة “هي مصالحة لتنقية الأجواء داخل الأسرة المالكة، وزيادة تلاحمها وإغلاق الملف نهائياً”.

معتبراً في الوقت ذاته أن “الرسالة هي اعتذار، والاعتذار في الثقافة الأردنيين دفع ديّة”.

وتوقع بدوره، أن “تكون هناك ترتيبات جديدة داخل الأسرة المالكة، لها علاقة بتحديث قانون الأسرة المالكة لعام 1937، والذي أقرّ عندما كان الأمير عبدالله الأول أميراً لشرق الأردن، وهو قانون لا يزال سارياً”.

وتوقع “غيشان” تحديث القانون، وتحديد الواجبات والحقوق المالية (داخل الأسرة المالكة). مضيفاً أنه “لا يجوز لأحد منازعة الملك في ملكه كما نصّ الدستور، والذي أعطى الملك حق تعين ولي العهد”.

وذكّر بأن الملك عبدالله عيّن ابنه الأمير الحسين ولياً للعهد، وهي “عملية دستورية تامة، كما كان قيام العاهل الأردني الراحل الحسين بن طلال. بتعيين الملك عبدالله ولياً للعهد، مستبعداً أخاه الأمير الحسن بن طلال”، بحسب توضيحه.

رسالة الأمير حمزة بن الحسين لملك الأردن

ويشار إلى أنه يوم، الثلاثاء، أعلن الديوان الملكي الأردني، أن الملك عبد الله الثاني، تلقى رسالة اعتذار من أخيه غير الشقيق الأمير حمزة بن الحسين، “يقر فيها بخطئه”، وذلك بعد مرور نحو عام على قضية “الفتنة”.

وجاء في نص الرسالة التي نقلها الديوان الملكي في بيان: “لقد مر أردننا العزيز العام الماضي بظرف صعب، وفصل مؤسف تجاوزهما الوطن”.

واستدرك: “ووفرت الأشهر التي مرت منذ ذلك الوقت فرصة لي لمراجعة الذات، والمصارحة مع النفس. ما يدفعني إلى كتابة هذه الكلمات إلى جلالتك أخي الأكبر آملاً طيّ تلك الصفحة في تاريخ الأردن والأسرة”.

وتابع الأمير حمزة: “أخطأتُ يا أخي الأكبر، وجل من لا يخطئ، وإنني إذ أتحمل مسؤوليتي الوطنية إزاء ما بدر مني من مواقف وإساءات بحق جلالة الملك المعظم وبلدنا خلال السنوات الماضية وما تبعها من أحداث في قضية الفتنة، لآمل بصفحك الذي اعتدنا عليه من جلالتك”.

وزاد: “أعتذر من جلالتك ومن الشعب الأردني ومن أسرتنا عن كل هذه التصرفات التي لن تتكرر”.

ومضى قائلا: “أؤكد، كما تعهدت أمام عمّنا الأمير الحسن بن طلال. أنني سأسير على عهد الآباء والأجداد، وفيا لإرثهم، مخلصا لمسيرتهم في خدمة الشعب الأردني، ملتزما بدستورنا، تحت قيادة جلالتك”.

وأشار الديوان، إلى أن الأمير حمزة قد رفع رسالته إلى الملك، الأحد الماضي. بعد لقائهما بناء على طلبه، بحضور أخويهما الأميران فيصل وعلي.

ويشار أن الأمير حمزة من مواليد عام 1980، وهو الأخ غير الشقيق للعاهل الأردني. والابن الأكبر للملك الراحل الحسين بن طلال من زوجته الرابعة الملكة نور.

ونصّب الأمير حمزة ولياً للعهد بعد وفاة والده الملك الحسين بن طلال، وتولي الملك عبدالله الثاني (ولي العهد آنذاك) سلطاته الدستورية ملكاً على الأردن في فبراير 1999.

واستمر الأمير حمزة في منصبه ذاك حتى 28 ديسمبر 2004، حين أعفي منه، وعيّن الأمير الحسين، نجل الملك عبدالله، ولياً للعهد.

 

(المصدر: وطن + متابعات)

 

إقرأ أيضا: 

Exit mobile version