وطن – لا يمكن لمن يمر بحديقة المتحف الحربي المجاور للتكية السليمانية في دمشق إلا أن يلمح في الهواء الطلق العديد من الطائرات الحربية القديمة. وبعض غنائم الحروب في سوريا.
القوات الجوية في سوريا
ومن هذه الطائرات، طائرة الشهيد “فايز منصور” الذي أرعب الإسرائيليين في فلسطين ولبنان. ووصف بـ “ثعلب الجو السوري” نظراً لكفاءاته العالية في المناورة وشجاعته في الاقتحام. وتغلبه على طائرات أكثر تقدماً تقنياً من طائرته.
وبرهن منصور طوال خدمته في القوات الجوية، على أنه مثال مشرف للطيار العربي السوري المتمرس في فنون القتال الجوي، ولاسيما أن المعارك الجوية التي خاضها زادته خبرة وتمرساً.
وكان منصور من جيل الطيارين السوريين الحربيين الأوائل، ونسور الجو الشرفاء الذين أذاقوا العدو الصهيوني الويلات. ولم يصبوا حمم الموت والدمار على شعبهم كما فعل من جاءوا بعده من “غربان الأسد” الذين رباهم البعث على عقيدة القتل والدمار.
قد يهمك أيضا:
-
بشار يلبي نداء بوتين.. جنود سوريون يستعدون للسفر إلى روسيا (شاهد)
-
مفتي مسلمي أوكرانيا يخلع عمامته ويرتدي زياً قتالياً لـ”محاربة بوتين والانتقام لسوريا” (صور)
-
وفاة شاب سوري غرقا أثناء التقاطه مقطع فيديو لنفسه في مدينة الريحانية التركية (شاهد)
من هو فايز منصور؟
ولد العقيد الركن “فايز خليل منصور” عام 1932 في دمشق في حي الشاغور العتيق. ودخل الكلية الجوية للطيران في حلب وتخرج منها عام 1954. وأنهى عدة دورات تدريبية في الاتحاد السوفييتي.
وسافر منصور بعدها إلى “مصر” حاملاً رتبة ملازم طيار، ليتدرب على طائرات “ميج15” مع مجموعة من الطيارين السوريين.
وكانت فاتحة بطولاته، مشاركته في مساندة الطيران المصري بصد العدوان الثلاثي أمام الطائرات البريطانية والفرنسية المتطورة.
العدوان الثلاثي
وقام منصور بحصد طائرات العدو في الكونتيلا -شمال شرق سيناء وممر متلا ، وتصدى للطائرات الفرنسية والبريطانية في بورسعيد . مما أكسبه خبرة كبيرة في مجال القتال والاعتراض الجوي، متفوقاً على جميع أقرانه العرب والأجانب.
كما شارك “ثعلب الجو” في صد عدوان حزيران عام 1967 الإسرائيلي على سوريا ومصر. وأشبع رغبته الدفينة بقصف العدو حينما قاد طائرته وتوجّه نحو مصفاة النفط في حيفا. و دمرها بشكل كامل في 5 حزيران 1967. ليكون أول طيار عربي يخترق أجواء العدو وينفذ غارة ناجحة ويعود إلى قواعده بسلام، ما جعله مؤهلاً لنيل رتبة قائد سرب.
معركة أسطورية
عام 1969 وفي معركة شباط الشهيرة، قام العقيد فايز باعتراض طائرتي ميراج فرنسيتين للعدو الإسرائيلي كانتا تحاولان الإغارة على دمشق.
ونجح منصور بإسقاطهما والعودة بطائرته سالماً إلى الأرض.
وشارك فيما بعد في معركة الهامة واشتبك منصور مع سرب طائرات مقاتلة للعدو الصهيوني، كانت تهمّ بالإغارة على راشيا في لبنان. ومنها طائرة سكاي هوك و 8 طائرات فانتوم وميراج.
تقدم منصور إليهم بكل بسالة بطائرته الاعتراضية ” ميغ 17″، ولاحق السكاي هوك.
وبعد معركة جوية أسطورية تمكن ثعلب الجو من إسقاط السكاي هوك “إيه 4” (طائرة هجومية)وتدمير قيادة السرب.
انفجار الطائرة
وأثناء ملاحقته للسكاي هوك. لحق به رف من طائرات الميراج وتمكن من إصابة جناح الطائرة بأضرار كبيرة.
وأبى الشهيد منصور أن يترك طائرته ويقفز بالمظلة وحاول العودة بها إلى المطار. إلا أن طائرات العدو لاحقته في السماء، وتمكنت من إسقاطه وتدمير طائرته بسبب فقدانها القدرة على المناورة.
وانفجرت الطائرة وارتفعت روح الشهيد البطل فايز منصور إلى جوار ربها في 12 أيار 1970.
استشهاد منصور
وعرض تلفزيون ألمانيا بعد ذلك مقابلة مع طيارين إسرائيليين كانوا يتعالجون في ألمانيا. وصرحوا في تلك المقابلة بأن طياراً سوريا ً يدعى “فايز منصور” هو الذي أصابهم. فمنهم مات ومنهم من قذف نفسه بالمظلة، وأصيب بعدة كسور نقل على أثرها إلى ألمانيا للمعالجة.
وكان لاستشهاد البطل فايز منصور صدى كبير في تل أبيب. حيث أوقفت إذاعة العدو بث برامجها المعتاد، وأعلنت عن تمكن سلاح الجو الإسرائيلي من إسقاط ” ثعلب الجو السوري ” العقيد الركن ” فايز منصور”.
كما أصدرت هيئة أركان سلاح الجو في الجيش العربي السوري، بيانا أكدت فيه أن مجموع ما أسقطه الشهيد البطل من طائرات العدو الصهيوني، بلغ 14 طائرة إسرائيلية. بينها 3 طائرات سكاي هوك.
وشيع جثمانه من مشفى المزة العسكري إلى مقبرة الشهداء في الدحداح. تاركاً زوجة وستة أولاد تتراوح أعمارهم بين سنة ونصف و11 سنة.
قصة سجنه
ارتبط اسم فايز منصور بقصة طريفة متداولة، وهي أنه لم يستطع الحصول على الشهادة الاعدادية لينتسب بها إلى القوات الجوية. بسبب مرضه. فيما حصلت أخته “فايزة منصور “على الشهادة الاعدادية.
وقد أزال فايز حرف التاء المربوطة من اسم أخته على الشهاد ليصبح الاسم فايز منصور بدلا من فيزة منصور، وينتسب بها للقوات الجوية.
واكتشف هذا الأمر بعد أن أصبح برتبة نقيب في عهد الانفصال مما استدعى سجنه حينها.
“هؤلاء النسور تلاميذي”
وحول قصة سجن منصور يروي المؤرخ “محمد علي طه” في جوانب من سيرته أنه تعرف إليه عام 1959 في سجن المزة العسكري، حيث جمعته القضبان معه بسبب اتهامه بتزوير شهادة البكالوريا.
وروى طه أن الطيار الشهيد كان مسجوناً في غرفة قريبة من ساحة السجن.
ويستذكر طه أن منصور كان يسير في ساح السجن بجلابيته البيضاء ويتبادل التحيات والأحاديث مع الكثير من أصدقائه ومعارفه.
وحينما كان يسمع صوت طائرات حربي تحلق عيناه نحوها ويقول وهو يتابعها هؤلاء النسور الرائعون هم تلاميذي.
المصدر: (خاص وطن)