وزير الثقافة الشعبية .. رحيل حسن أبو علي أشهر بائع كتب ومجلات في الأردن

.وطن – غيّب الموت صباح أمس ( الجمعة) أشهر بائع كتب ومجلات في الأردن وهو الحاج حسن أبو علي مؤسس وصاحب كشك الثقافة العربية الذي كان من أبرز معالم وسط البلد الثقافيّة، وكان محطًا للأدباء والمثقفين في عمّان.
ونعت وزيرة الثقافة هيفاء النجار أبو علي الذي مثل روح الأردن وتاريخه، وكان بمثابة حارس الثقافة في قلب عمان. وجمع في “كشكه” نخب الثقافة والسياسة منذ خمسينيات القرن الماضي.
وأضافت، سنبقى نستذكر تجمعنا في مكتبته العامرة بالعديد من الكتب الهامّة، ذات الثقل المعرفي المتين، وسيبقى أبو علي في وجدان الأردنيين معلما من معالم عمان. وستبقى مكتبته أمانة في أعناقنا، نتعهدها بالرعاية والاستدامة. ليبقى ذكر مؤسسها وراعيها حيا في قلوب الأردنيين جميعا.
يرفض مبدأ الربح مقابل بيع الكتب
والراحل حسن البير الملقب بأبو علي، من مواليد العام 1944، يعتبر من أبرز معالم وسط البلد، ويعتبره الكثير من العمّانيين، بمثابة وزير للثقافة الشعبيّة في الأردن. وتعد مكتبته (كشك الثقافة العربية) منارة لنشر الوعي والثقافة، من خلال سعيه الدائم في حث الأجيال على اقتناء الكتب.
كما رفض مبدأ الربح مقابل بيع الكتب، فكانت أسعار الكتب في كشكه بمتناول الجميع. بل وكان يساعد الزوار على قراءة هذا الكتاب أو غيره دون أن يغفل عن الترويج الهادف لكتب الأدباء عبد الرحمن منيف، ومؤنس الرزاز، وزياد قاسم، في إصداراتهم الشيقة، التي تتحدث عن عمان، المدينة الأجمل.
وقد حظي الراحل بتكريم من جلالة الملك عبد الله الثاني، تقديرا لدوره في خدمة الحركة الثقافية الأردنية. عندما أنعم عليه بوسام الاستقلال من الدرجة الرابعة، وبميدالية فضية من الدرجة الثانية بمناسبة الاحتفال بعمان عاصمة للثقافة العربية العام 2002.
“مدبولي الأردن”
وكان حسن أبو علي الذي يلقبه الكثيرون بـ “مدبولي الأردن” قد روى لكاتب هذه السطور قبل وفاته بسنوات أن علاقته ببيع الصحف والمجلات بدأت حين كان لا يزال في الحادية عشر من عمره. وحينها كان يبيع جريدتي “الدفاع” و”فلسطين” اللتين كانتا تأتيان من القدس وكان ثمن الجريدة منهما قرش ونصف، كما قال. مضيفاً أنه تعلم مهنة بيع الكتب والمجلات والصحف وأسرارها من الراحل “سامي السعيد” الذي كان أحد موظفي الإذاعة الأردنية. وهو من علمه كيف يبيع الكتاب عندما لم يكن أغلى كتاب لا يتجاوز ثمنه الربع دينار.
وفي 1978 أسس كشكه الحالي التابع لنقابة الصحفيين الأردنيين وكان نقيب الصحفيين آنذاك الصحفي “راكان المجالي” ورئيس تحرير جريدة “الرأي” في الوقت ذاته.
واستعاد الراحل في اللقاء المذكور جوانب من تاريخ المكتبة وعلاقة الأدباء الأردنيين والعرب بها. مشيراً إلى أن أغلب أدباء الأردن اعتادوا على ارتياد مكتبته الصغيرة. ومنهم “صلاح جرار” و”خالد كركي” والشاعر “حيدر محمود” والروائي الراحل “مؤنس الرزاز”. الذي كتب في صحيفة “الرأي” ذات يوم مقالاً تناول فيه الكشك بعنوان “السلطة ورأس المال والثقافة”، وكذلك الشاعر الراحل “تيسير سبول” الذي كان يتقاسم معه السيجارة، حسب تعبيره.
علاقته بالسياسة
ولم يقتصر رواد المكتبة على الأدباء والشعراء. بل اعتاد العديد من صانعي القرار الذين عرفتهم عمّان والعالم العربي ومشاهير السياسة والمجتمع على زيارتها. ومنهم رئيس الوزراء الأردني ورئيس مجلس الأعيان “عبد الرؤوف الروابدة” الذي كانت تربطه بصاحب المكتبة صداقة متينة جداً -كما يقول- وكذلك رئيس الوزراء الأردني الأسبق “عمر الرزاز”، ورئيس الوزراء الأردني والسياسي الراحل “وصفي التل” الذي كانت تربطه به علاقة مميزة جداً.
وكان -كما يقول- ينتظره عند باب “مطعم جبري” في عمان كل يوم خميس مع مدير الإذاعة الأردنية آنذاك “صلاح أبو زيد”. لكي يشتري منه جريدة “النهار” اللبنانية التي كان ثمنها في ذلك الوقت قرشين ونصف وكان يعطيه 10 قروش ثمنها.
وكشف الوراق السبعيني أنه نال وسام الاستقلال (الكوكب) من الدرجة الرابعة، وميدالية فضية من الدرجة الثانية. وجرى تكريمه من قبل جلالة الملك عبد الله بن الحسين لعلاقته بأدباء الأردن عامة. ودوره في الحركة الثقافية وذلك بمناسبة الاحتفال بعمان عاصمة للثقافة العربية في العام 2002.
وعاش ابو علي في مكتبته زهاء 60 عاماً وتلقى العديد من العروض للانتقال بمشروعه الثقافي الصغير إلى أماكن أخرى. إلا أنه رفض ذلك، فهو متعلق بهذا المكان ويعشق عمّان إلى حد لا يوصف.