وفاة غير طبيعية للباحث الاقتصادي المصري أيمن هدهود.. قرائن تؤكد ذلك..
شارك الموضوع:
وطن – نشرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات وبالاشتراك مع عدد من المنظمات الحقوقية بيانا مشتركا كشفت فيه عن قرائن تؤكد بأن وفاة الباحث الاقتصادي أيمن هدهود غير طبيعية، محملة مسؤولية وفاته على الأمن الوطني والنيابة العامة ومستشفى الصحة النفسية بالعباسية.
وقالت المنظمة في بيانها المشترك مع عدد من المنظمات أنها تود أن تلفت النظر إلى عدد من النقاط والمفارقات التالية:
بيان مشترك
1- كون المرحوم أيمن هدهود يعاني أو لا يعاني من اضطرابات نفسية لا يفسر أيًّا من الانتهاكات التي تعرَّض لها والتي انتهت بوفاته. فحتى لو صحَّ أنه كان يهذي وقت إلقاء القبض عليه فإن ذلك لا يبرر إخفاءه في مقر الأمن الوطني سواء في قسم الأميرية أو غيره في الفترة من 5 فبراير إلى 14 فبراير دون اتصال بأهله رغم التعرف على هويته بدليل استدعاء أشقائه للاستجواب ورغم صدور قرار من النيابة بتحويله إلى مستشفى العباسية يوم 7 فبراير.
ما حدث في هذه الفترة يبقى غير معلوم لأي جهة سوى الجهة التي احتجزته دون مسوغ من القانون ومن ثم يجب محاسبتها ولا يعفيها من المساءلة كون الراحل مهتزًّا نفسيًّا من عدمه بل إن كونه مهتزًّا نفسيًّا، لو صح الأمر، يضاعف من مسؤولية هذه الجهة.
2- كما أن هذا التركيز على الحالة النفسية لأيمن هدهود كما لو كانت مبررًا لكل ما تعرَّض له بعد القبض عليه يثير القلق والغضب من اعتبار أجهزة الدولة أن الاضطراب النفسي أمرًا مشينًا يسمح بتجاهل حقوق المريض ويبرر أي انتهاكات يتعرض لها، فيضيف الى وصمة الاضطراب النفسي والمصابين به ضاربًا عرض الحائط بلوائح حقوق المريض النفسي.
علمًا بأن اللجنة الثلاثية المنوط بها الكشف عليه لم تتمكن من ذلك (اثنان فقط من أعضائها) ناظروا الفقيد ولم تعلن المستشفى حتى الآن عن نتائج الفحص النفسي، علمًا أيضًا بأن الاضطراب النفسي لا يؤدي الى الوفاة إلا إذا أدى إلى محاولة انتحار ناجحة أو كان نتيجة إصابة في الدماغ.
3- إنكار مستشفى العباسية وجودَ أيمن هدهود محتجزًا بها ثم التراجع عن هذا الإنكار وطلب إذن من النيابة لزيارته ثم إنكار النيابة أنه متهم من الأصل، كلها أمور تشير إلى محاولة الجهتين إخفاء الحقيقة عمَّا كان يحدث معه منذ القبض عليه وحتى الاتصال الذي أخبر شقيقه بوفاته.
4- توفي أيمن هدهود في مستشفى العباسية بحسب تقرير المستشفى يوم 5 مارس. أي أن جثمانه ظل محتجزًا في ثلاجة العباسية – وهي ثلاجة تبريد لا تجميد – إلى ما يزيد على الشهر بل واستخراج تصريح بدفنه في مقابر الصدقة كما لو كان مجهول الهوية رغم كونه معروفًا لديهم.
وهذا أمر يثير الشبهات حول رغبة في طمس ما حدث له منذ لحظة القبض عليه واحتجازه في مقر الأمن الوطني أولًا ثم مستشفى العباسية فيما بعد. علمًا بأن احتجاز جثمان شخص معروف الهوية طوال هذه الفترة هو أمر غير معتاد في أي مستشفى إلا لو كانت هناك رغبة في أن يصيب الجثمان من التعفن والتغيرات الرِّمية ما يجعل من الصعب على إمكانيات الطب الشرعي المحدودة في مصر تحديد أسباب الوفاة.
5- حتى صدور هذا البيان لم يعلن بعدُ عن التقرير المبدئي للطب الشرعي ورغم ذلك أعلنت النيابة أن الوفاة كانت نتيجة لهبوط حاد في الدورة الدموية وتوقف عضلة القلب وهما وصف لحالة الوفاة وليسا سببًا لها. وفي هذا التقرير الذي ننتظر صدوره لن يكفي أن تردد مصلحة الطب الشرعي ما جاء على لسان النيابة، ذلك أن تقرير الطب الشرعي المهني يجب أن يشمل وصفًا للجثمان ظاهريًّا ثم داخليًّا ثم إجراء حزمة من الفحوص قادرة على اكتشاف سبب الوفاة ولو بعد حدوثها بسنوات. فإن لم تتوفر تلك الإمكانيات لدى مصلحة الطب الشرعي المصرية فالأكرم لها وللمهنة أن تصرح بذلك بدلًا من استخدام عبارات مطاطة تثير الشكوك أكثر مما توضح الأسباب.
انتهاكات جسيمة تعرض لها “هدهود”
وشدد البيان على أن أيمن هدهود تعرض لانتهاكات جسيمة حيًّا وميتًا. منذ اختطافه إلى إيداعه في مستشفى للصحة النفسية بعد 12 يومًا من اختفائه، وبعد 10 أيام من صدور قرار النيابة بتحويله. وتُرك جثمانه ليتعفن في مكان غير مخصص لذلك إلى ما يتجاوز الشهر قبل عرضه على الطب الشرعي.
كما أوضح البيان أنه ما بين اختفائه ووفاته حدثت أمورٌ ما أدت إلى وفاة اقتصادي مصري مرموق وسياسي مصري معروف، وعلى الجهات الأطراف في مسار الأيام الأخيرة من حياته أن تُحاسب وتُساءل عمَّا حدث له سواء كان جهاز الأمن الوطني أو النيابة أو مستشفى العباسية وإدارتها أو مصلحة الطب الشرعي.
وطالب البيان المجلس القومي للصحة النفسية ونقابة الأطباء أن يقوما بدورهما للكشف عمَّا حدث معه من تجاوزات، حرصًا على حياة المواطنين أولًا وسمعة المهنة أخيرًا.
وكانت أسرة أيمن هدهود قد فقدت الاتصال به منذ 5 فبراير 2022، حيث تم آخر لقاء مع شقيقه عمر.
ووفقا للبيان، فإنه وبينما كانت الأسرة تبحث السبل القانونية للإبلاغ عن اختفاء هدهود، حضر أحد أفراد الشرطة من قسم الأميرية التابع له محل سكن الأسرة، في 8 فبراير، وطلب حضور أشقاء أيمن هدهود إلى القسم، وعليه، توجه شقيقه عادل وأحد أصدقاء الأسرة إلى قسم الشرطة، حيث قابلهم ضابط بالأمن الوطني يدعى ياسين مصطفى، والذي وجه إليهم عدة أسئلة عن شقيقهم أيمن، وجهة عمله ومجال دراسته ونشاطه، كما سأل عن أشقائه الآخرين وجهات عملهم، وأبلغهم في نهاية اللقاء أن أيمن هدهود محتجز من قبل جهاز الأمن الوطني، وعندما نحتاج معلومات أخرى سوف نتصل بكم.
استياء “هدهود” من التدخلات الأمنية في الحياة السياسية
وذكرت مصادر مقربة من هدهود أنه قبل القبض عليه كان مستاءً من التدخلات الأمنية في الحياة السياسية والتي أدت إلى إقصاء كوادر الأحزاب لصالح رجال الأعمال وذوي الثروات.
وبحسب البيان، قد يفسر ذلك الموقف وتلك الملاحظات التي ربما كتبها في جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به أو كانت ضمن محتويات هاتفه، وجود نزعة انتقامية لدى ضباط الأمن الوطني الذين احتجزوه واستجوبوه، خارج إطار القانون.
الأسرة فضلت عدم تقديم بلاغ والاعتماد على جهود الوساطة
ونظرًا إلى حصول الأسرة على معلومة مباشرة من الأمن الوطني بشأن شقيقهم، إضافة إلى كون أيمن هدهود عضوًا بالهيئة العليا لحزب الإصلاح والتنمية ومستشارًا اقتصاديًّا سابقًا لعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان محمد أنور السادات، فإن الأسرة فضلت عدم تقديم بلاغ رسمي باختفائه والاعتماد على وساطات وجهود غير رسمية سواء من جانب الحزب أو أصدقاء الأسرة، أملًا في إطلاق سراحه وعدم ضمه إلى قضايا ذات طابع سياسي. وقد أبلغت أسرته الوسطاء عن تخوفها من تعرضه لأذى قبل احتجازه، نظرًا إلى معاناته أخيرًا من ضغوط نفسية.
وفي السياق نفسه، كشفت مصادر سياسية مصرية عن تطورات جديدة بشأن واقعة الوفاة المثيرة للجدل لأيمن هدهود، عضو الهيئة العليا لحزب الإصلاح والتنمية الذي يترأسه النائب محمد أنور عصمت السادات.
ضغوط أمنية على السادات
وقالت المصادر إن “ضغوطاً أمنية واسعة، فُرضت على السادات، لإصدار بيان باسم الحزب ينهي الجدل بشأن وفاة هدهود، ويبعد أي شبهة بشأن إمكانية تورط جهاز الأمن الوطني في اختطاف الباحث أو قتله تحت التعذيب. وهي الروايات التي يرددها مقربون من هدهود وأسرته، وذلك بسبب نشاطه على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث دأب على توجيه انتقادات لاذعة للقيادة المصرية”، بحسب ما نقله موقع العربي الجديد.
لكن مصدراً في الحزب قال إنه “جرى الضغط على السادات لإصدار البيان بهذه الصيغة، على الرغم من ممانعته إصداره، لما سيثيره من غضب ضده في الأوساط السياسية والحقوقية التي يعمل بها. خصوصاً في الوقت الذي يقود فيه جهوداً للتخفيف عن سجناء ونشطاء سياسيين، بالتواصل مع أجهزة أمنية وسيادية مصرية”.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن السادات “حاول جاهداً الخروج من مأزق إصدار البيان بالصيغة التي أمليت عليه، والاكتفاء فقط بالتصريح بانتظار ما ستؤول إليه تحقيقات النيابة، من دون وصف الباحث الراحل بأنه كان يعاني من أزمة نفسية، بالشكل الذي يبرر الرواية الأمنية التي تزعم نقله إلى مستشفى الأمراض العصبية بعد القبض عليه في واقعة الاعتداء على مسكن أحد جيرانه”.
وأضافت المصادر: “كان هناك إصرار من جانب المسؤولين في جهاز الأمن الوطني على ضرورة إغلاق القضية في أسرع وقت ممكن، لمنع تحولها إلى قضية رأي عام، تجذب اهتمام المنظمات الحقوقية الدولية في هذا التوقيت، أو يجرى استغلالها من أطراف داخلية لإثارة أزمة ضد القيادة السياسية”.