تقسيم الأقصى .. هل يتكرر سيناريو الحرم الابراهيمي؟!
وطن – أدى مستوطنون متشددون صباح أمس ( الثلاثاء) طقوساً دينية في المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال، التي فرضت حصارًا عسكريًّا على المسجد لتأمين اقتحام المستوطنين بالتزامن مع ما يُسمى بـ “عيد الفصح اليهودي” الذي بدأ مساء الجمعة الماضي.
وفي السياق ذاته أعلنت مجموعة دينية يهودية متطرفة عن نيتها تقديم قرابين في الاقصى في عيد الفصح. مما يعني صب الزيت على النار إلى جانب التوتر القائم بسبب سقوط شهداء في الحملة الإسرائيلية الأخيرة على المسجد الأقصى.
وهي الخطوة التي رأى مراقبون أنها تأتي في إطار سعي الإحتلال الإسرائيلي لتطبيق سيناريو تقسيم الحرم الإبراهيمي زمانا ومكانا في المسجد الأقصى، ووضع المقدسيين والفلسطينيين عامة أمام الأمر الواقع.
وتُرجِع فكرة التقسيم الزّماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك للأذهان مأساة ما حدث منذ مذبحة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل التي وقعت فجر 15 رمضان 1994. عندما قرّرت إسرائيل اقتطاع أكثر من نصف المسجد وتخصيصه للمستوطنين مع إغلاقه تماماً أمام المسلمين أثناء الأعياد اليهودية.
التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى
ويقصد بالتقسيم الزماني تحديد أوقات معينة في المسجد الأقصى تكون مخصصة لدخول اليهود فقط وأوقات أخرى للمسلمين. حيث يجبر المسلمون على مغادرة الأقصى الساعة 7:30 صباحا حتى 11 صباحاً لتخصيص هذا الوقت لليهود ويسمح بعدها بدخول المسلمين.
أما التقسيم المكاني فهو بهدف الإستيلاء على عدد من مصليات المسجد الأقصى وتحويلها لكنس يهودية لأداء صلواتهم التلمودية. وهو ما فعلته اسرائيل في الحرم الإبراهيمي عقب المذبحة التي ارتكبها الصهاينة داخله في 15 رمضان عام 1994.
وجاء تقسيم الحرم الإبراهيمي، نتيجة تطبيق خطة متدرجة المراحل على فترة طويلة، بدأت أولا بتكثيف السلطات الإسرائيلية، بشكل ممنهج للزيارات التي يقوم بها اليهود لقبر النبي إبراهيم في ساحة الحرم الإبراهيمي. حيث باتت تلك الزيارات تتزايد عامًا بعد عام، وتتسبب في اشتباكات بين المسلمين واليهود من حين لآخر.
مذبحة الحرم الابراهيمي
وفي 25 فبراير/ شباط 1994، قام اليهودي اليميني المتعصب، باروخ جولدشتاين، بفتح النار على المصلين في الحرم الإبراهيمي، خلال صلاة الفجر، وقتل 29 فلسطينيًا.
وأثارت المذبحة احتجاجات واسعة في الأراضي الفلسطينية. ووجدت السلطات الإسرائيلية في ذلك الحادث فرصة تاريخية، لتحقيق ما تخطط له منذ احتلالها الضفة الغربية عام 1967، ورغم ردود الفعل الواسعة، تذرعت بالحجج الأمنية، وقسّمت الحرم الإبراهيمي بين المسلمين واليهود.
ورأى الباحث الفلسطيني “نبيل السهلي” أن الدعوات لتقسيم المسجد الأقصى ليست حديثة العهد. لكنها بدأت منذ احتلال الجزء الشرقي من مدينة القدس في حزيران / يونيو من عام 1967.
وتابع: “إن الذين صرحوا منذ ذلك العام ودعوا إلى تقسيم الأقصى، أو إلى بناء هيكل باطل على حساب الأقصى؛ كانوا عبارة عن قيادات سياسية عسكرية أو قيادات دينية او حقوقية في المجتمع الإسرائيلي”.
وعبر “السهلي” عن اعتقاده بأن هناك ثمة مشاركة واسعة لهذا التوجه الصهيوني، ولم تكن آخرها عملية اقتحام عضو الكنيست “ايتمار بن غفير” لباحات الأقصى المبارك.
ويرى أن الاقتحامات ستستمر من قبل قادة سياسيين وقضاة، وقد يكون بينهم أيضاً أعضاء كنيست وآخرون من أجهزة الأمن الإسرائيلية المختلفة، جنباً إلى جنب مع قطعان المستوطنين المتطرفين ، وبحماية رسمية من شرطة وجيش الاحتلال الإسرائيليين.
والثابت-حسب قوله- أن إسرائيل بدأت في تسريع مخططاتها، لجهة تهويد القدس، والوصول إلى مرحلة تمكنها من بناء الهيكل المزعوم على حساب الأقصى المبارك. فضلاً عن محاولة بسط السيطرة الإسرائيلية المطلقة على المسجد، وفرض مخطط تقسيمه زمانياً ومكانياً.
حساسية المسجد الأقصى تمنع التقسيم
وقال الصحفي الفلسطيني أشرف السهلي لـ”وطن” أن التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى ليس جديداً بل هو مخطط ومسعى إسرائيلي قديم.
وأضاف: “قبل احتلال مدينة القدس عام 1967 كانت هناك مخططات لتقسيم الحرم القدسي وحاولوا تطبيقها على الأرض وفرض الأمر الواقع”.
وتابع: “أما الآن يركزون على دخول المستوطنين إلى باحات الأقصى أي الأماكن المفتوحة في الحرم القدسي، ولكن لا يجرؤون على دخول أماكن مغلقة أو أماكن صلاة المسلمين. أما تواجدهم في الباحات الخارجية فيتم بقوة السلاح.
أضاف: “أحياناً بعض المتطرفين الصهاينة يقررون دخول باحات الأقصى دون مناسبة تحت حماية الشرطة الإسرائيلية وهو –حسب قوله- أحد أشكال التقسيم الزماني للأقصى وشكل من أشكال التقسيم المكاني أيضاً”.
مضيفاً أن هذا التقسيم هو جزء من مخطط أوسع للسيطرة على الحرم القدسي والهدف النهائي احتلال كل المسجد وساحاته 144 دونم وكل البلدة القديمة بالقدس وطرد السكان نهائيا.
وكل المراحل السابقة تؤكد على هاد المسعى اكتر من فكرة التقسيمين الزماني والمكاني، ولكنهم لم يتمكنوا إلى الآن لأن الحرم الابراهيمي مقسم -كما يقول- داخلياً وهو قسمان أحدهما يحتله المستوطنون وقسم للمسلمين. وفي حالة الأعياد اليهودية يتم منع المصلين المسلمين من الدخول إلى كل الحرم.
لكن اسرائيل لم تستطع حتى الآن من فعل ذات الشيء في الأقصى لأن الموضوع يكتسب حساسية أكثر. والمسجد الأقصى ذو أهمية دينية كبرى وهو من المقدسات الأساسية للمسلمين في كل دول العالم.
وعبر الصحفي الذي يعمل في قناة “فلسطين اليوم” أنه إذا استمر الوضع العربي والإسلامي على ما هو عليه الآن في ظل التطبيع مع اسرائيل وإعطائها الضوء الأخضر في كل الجرائم التي تقوم بها، وعدم إيجاد حلول للمشاكل العربية. والإستثمار في الأنظمة العربية والحفاظ على أنظمة مهلهلة مثل نظام بشار الأسد وغيره ستتمكن اسرائيل حينها من الإستفراد بالمسجد الأقصى في حالة من تغييب للشعوب العربية.
التصعيد الإسرائيلي
وحول تصعيد الإحتلال الإسرائيلي لموضوع القدس والأقصى كل عام، قال “السهلي” أن وراء ذلك عدة أسباب أولها انزعاج الإسرائيليين من الحركة التي تشهدها البلدة القديمة في القدس خلال شهر رمضان وأجواء الصخب التي تعيشها وكذلك اكتظاظ المساجد. وهذا ما يستفزهم لتوهمهم في عقلهم الباطن أن مدينة القدس لهم، وهذا ما يجعلهم يصعدون من اعتداءاتهم في الشهر المبارك.
والسبب الثاني ليؤكدوا للمسلمين وهم الأكثرية في فلسطين والقدس تحديداً، أنهم من يحددون شكل وطابع المدينة حتى ولو كان ذلك خلال شهر رمضان.
شجب واستنكار
وتفاعل عدد من مستخدمي تويتر مع محاولات الصهاينة تكرار سيناريو الحرم الإبراهيمي شجباً واستنكاراً. ورأوا أن هذه الخطوة تأتي ضمن سعي الإحتلال الدائم لفرض تقسيم زماني ومكاني كما حصل في الخليل منذ سنوات.
حيث قال Rizik oglu بنبرة مؤثرة: “بنضحك علي حالنا وبنقول افشلنا مخطط الاحتلال في تقسيم الزماني والمكاني !!!! واستدرك :”اقتحامات يومية واستفزازات واعتداء علي المصلين ومنع المصلين من دخول الحرم الإبراهيمي وإقامة حفلات صاخبه داخله.
وأضاف متسائلاً :” هل هذا افشال ،العرب والشعوب الإسلامية في أتعس مرحلة من الموت.
https://twitter.com/k_ogluu/status/1516335299709779968
ورأى إياد ابو سبيتان أن استيلاء المستوطنين على الحرم الابراهيمي بالخليل ومنع المسلمين من أداء الصلوات فيه .أمر يحصل في كل اعياد اليهود منذ تقسيم الحرم بعد مجزر الحرم سنة 1994.
ووصف “علال فاروق” تقسيم فترات الإقامة في الحرم الابراهيمي بين المسلمين واليهود إلى تقسيم زماني ومكاني بالإرهاب الشنيع الذي يمارسه الصهاينة اليهود منذ 70 عاماً
واستذكرت “آلاء التميمي” ما حصل في الحرم الإبراهيمي بالخليل عام 1994 عندما تم منع المصلين قبل صلاة الفجر والاعتكاف خاصة الشباب(اقل من 40 عاماً وحصل الاقتحام والمجزرة وللآن ممنوع دخول المسلمين حتى الساعة11.
وعبرت “ArafaSfr” عن اعتقادها بأن الإحتلال الإسرائيلي يريد جعل الأقصى رسميا “متنازع عليه” و يدخلو في الأمر محكمة تقضي بمن هو الأحق بزعمهم.
https://twitter.com/alaalutfitweet/status/1515954119609040896
وكان قرار للمحكمة اليهودية سمح اليهود بـ”الصلاة الصامتة” في ساحات المسجد الأقصى المبارك وهو قرار من لا يملك لمن لا يستحق، ويعد عدوانا واضحا على حق المسلمين الخالص في مسجدهم، بل هو شروع متدرج لمحاولة تقسيم المسجد الأقصى على غرار ما جرى في الحرم الإبراهيمي الشريف.
ويأتي بحسب ناشطين دليلاً دامغاً على مضى إسرائيل قدما في مخططاتها العقدية لبناء الهيكل المزعوم وتحقيق نبوءتهم التلمودية لقيام دولة إسرائيل من النيل للفرات.