وطن – قالت مجلة “فورين بوليسي” في تقرير لها إن دول الخليج باتت تتبع النموذج القطري الذي تمكن من إقامة علاقات متوازنة مع جميع الفاعلين الدوليين الأقوياء ليقف موقف “الحياد”.
وقالت معدة التقرير، دانييل بليتكا، الزميلة البارزة وغير المقيمة في معهد أمريكان انتربرايز، عن قطر التي تستضيف على أرضها أهم قاعدة عسكرية أمريكية (العديد) وتقيم تحالفا إستراتيجيا مع الولايات المتحدة، لم يمنعها ذلك من الاحتفاظ بعلاقة جيدة مع إيران، واستقبالها قادة حركة طالبان المصنفة إرهابية، وتمويل شبكة الجزيرة.
كما اكدت معدة التقرير على ان جميع الجهود المتعددة التي بذلت لمعاقبة قطر على موقفها المتمسك، ولو اسميا بعدم الانحياز، فشلت بشكل ذريع، الامر الذي حولها لنموذج لبقية دول المنطقة.
أسباب تسريع موجة “الحياد” على الطريقة القطرية
ولفتت الكاتبة إلى عدد من العوامل التي أدت إلى تسريع موجة عدم الانحياز على الطريقة القطرية وبدأت بإدارة الرئيس السابق باراك أوباما التي حولت اهتمامها عن المنطقة.
وزاد التوجه في عهد خلفه دونالد ترامب الذي تبنى فكرة تطبيع العلاقات مع إسرائيل أو ما عرف باتفاقيات إبراهيم والتي هدفت إلى استبدال اعتماد دول الخليج على الولايات المتحدة بتحالفات مع إسرائيل. وتوج هذا برغبة الرئيس جو بايدن إحياء الاتفاقية النووية الإيرانية.
اقرأ أيضاً:
معهد أمريكي: هذه أسباب الانتكاسات المتلاحقة في العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات
وعرجت الكاتبة للحديث عن شركاء واشنطن التقليديين، وبخاصة الإمارات العربية المتحدة والسعودية والبحرين، موضحة أن كل شيء يربطهم بواشنطن يتعلق بمسألة من يدافع عنها ضد إيران وجماعاتها الوكيلة.
وأشارت الكاتبة، إلى انه في أثناء إدارة أوباما كان الجواب واضحا في أذهانهم: الولايات المتحدة ستكون إلى جانبهم. لكن الكثيرين منهم رأوا أن إدارة أوباما كانت انحرافا عن المسار وعاد الأمل بعد انتخاب ترامب. لكن بدا من الواضح وسريعا أن أشد عدو لإيران في البيت الأبيض لم يتحرك ويدافع عن السعودية عندما تعرضت منشآتها النفطية لهجمات اتهمت طهران بها.
سياسة بوش الإبن “معنا أم ضدنا”؟
وفي ضوء الاختيار الذي دعا إليه جورج بوش الابن في أعقاب هجمات سبتمبر “إما معنا أو ضدنا”، تخلت السعودية عن جهودها لبناء نسخة سنية من الجمهورية الإسلامية.
وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بدأت السعودية بإعادة تشكيل نفسها وقيادة كتلة تدعمها أمريكا في مواجهة إيران وحاولت خنق كل محاولات دول الخليج تحسين العلاقات مع طهران، لكنها انتهت.
من جانبها، اكتشفت الإمارات أولا أن مستقبلا تقوده السعودية لم يعد محتملا. ولحق بها ولي العهد محمد بن سلمان في النهاية.
وأصبحت السعودية الآن إلى جانب دول التعاون الخليجي، البحرين وعمان والكويت والإمارات وبالطبع قطر من الدول التي تبنت سياسة التحوط.
وشملت علاقات أحسن مع روسيا والصين وانفتاحا أكثر للحديث مع إيران.
ولعل أفضل مثال عن هذا التحوط التقارير التي تحدثت عن رفض السعوديين والإماراتيين تلقي مكالمات من البيت الأبيض الذي يحاول تخفيض أسعار النفط.
استمرار تعامل قادة السعودية والإمارات مع “بوتين”
ومن الملاحظ أن قادة البلدين تحدثوا مع فلاديمير بوتين بعد غزوه لأوكرانيا.
اقرأ أيضاً:
وهناك خطوات أخرى مثل شراء الإمارات مقاتلات تدريب صينية ومشروع الميناء الصيني قرب أبو ظبي (علق الآن) ومصنع لصناعة الصواريخ الباليستية في السعودية بدعم صيني.
وبالطبع عدم التصويت في الجمعية العامة ضد قرار يعاقب روسيا على غزوها لأوكرانيا.
وأوضحت الكاتبة، انه بالنسبة لقطر والعديد، فستظل لأمريكا قواعد عسكرية إلى جانب قواتها في البحرين والكويت والإمارات لكن الوجود العسكري هذا سيكون بدون ولاء اقتصادي أو سياسي.
ومثلما اكتشف بايدن عندما طلب من السعودية وحلفائها مساعدته، فإن دول الخليج ستتخذ قراراتها بناء على ما يخدم مصالحها وليس أمريكا.
يأتي اتباع دول الخليج للنموذج القطري، في وقت كشفت فيه وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية في مارس/آذار الماضي عن أسباب استياء وغضب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن. مشيرة إلى أن الغضب يعود في جزء كبير منه لأسباب شخصية.
غيرة “ابن سلمان” من قطر
وقالت الوكالة بأن أحد أسباب الغضب هو شعور ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالغيرة من “قطر” بسبب الاهتمام الأمريكي بها والذي انتهى بتصنيفها كحليف استراتيجي من خارج “الناتو”.
ووفقا للوكالة فإن “ابن سلمان” يعتقد بأن البيت الأبيض لا يتصل بالرياض إلا عندما تحتاج واشنطن إلى خدمة وهو ما يثير استياء واسعا في الديوان الملكي.
وأضافت أن بايدن ووزير الخارجية انتوني بلينكن من أكبر المعارضين داخل البيت الأبيض لتخفيف التوتر مع محمد بن سلمان؛ لأنهما قلقين من رد الفعل السلبي لصحيفة واشنطن بوست المؤثرة والتي نشرت مقالات خاشقجي، وأن ولي العهد لا يزال يرتكب أعمالاً تستدعي الإدانة.
اقرأ أيضاً: