محمد بن زايد .. من قيادة المؤامرات حتّى التربع على عرش الإمارات (ملف)
شارك الموضوع:
خاص وطن – مع تولي محمد بن زايد مقاليد الحكم في بلاده رسميا، بعد سنوات من التحكم في إدارتها وتقرير سياساتها الداخلية والخارجية من خلف الكواليس، يتبادر إلى الذهن كم المؤامرات التي قادها للوصول إلى اليوم الذي يتربع فيه على عرش الإمارات.
وبدأ نجم “محمد بن زايد” بالسطوع تحديدا بعد عام 2003 حينما أصدر الشيح زايد آل نهيان قرار بتعيينه نائبا لولي العهد الشيخ خليفة بن زايد الذي شغل منصب ولي العهد لقرابة أكثر من 30 عاما قبل هذا التاريخ، ليتولى رئاسة الدولة عقب وفاة والده في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2004.
وازداد نفوذ محمد بن زايد وعلا نجمه أكثر فأكثر منذ عام 2014 حينما تعرض الشيخ خليفة بن زايد لجلطة أبعدته عن دائرة الحكم نهائيا حتى الإعلان عن وفاته، مما ترك المجال لولي العهد محمد بن زايد لينفرد بالحكم وينفذ سياساته ومؤامرته.
وفي هذا الملف، تستعرض “وطن” سيرة “محمد بن زايد” من طفولته حتى تحقيق هدفه الأسمى الذي تمثل في تربعه على عرش الإمارات .
مولده وطفولته ونشأته العسكرية
ولد محمد بن زايد بمدينة العين في 11 مارس/آذار 1961، وهو الابن الثالث للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أول رئيس لدولة الإمارات، ووالدته الشيخة فاطمة بنت مبارك، وزوجته سلامة بنت حمدان آل نهيان، ولديه 4 أولاد و5 بنات.
وأتمّ محمد بن زايد سنواته الدراسية بين مدينتي العين وأبوظبي، وتدرج في المراحل الدراسية بمدارس الدولة والمملكة المتحدة.
في سن الـ 14 ، أرسله والده إلى المغرب والتحق بالمدرسة المولوية ليكون صداقة قوية مع محمد السادس الذي تولى الحكم خلفا لوالده الملك الحسن الثاني.
والتحق محمد بن زايد لاحقا بأكاديمية “ساندهيرست” العسكرية الملكية بالمملكة المتحدة وتخرّج منها عام 1979. حيث تلقى تدريبه على سلاح المدرعات والطيران العمودي والطيران التكتيكي والقوات المظلية، وانضم إلى دورة الضباط التدريبية في إمارة الشارقة.
وشغل محمد بن زايد مناصب عدّة في القوات المسلحة الإماراتية، من ضابط في الحرس الأميري، إلى طيار في القوات الجوية، ثم تدّرج في عدّة مناصب عليا، إذ تولى ولاية عهد إمارة أبوظبي في نوفمبر 2004، وأصبح رئيساً للمجلس التنفيذي في ديسمبر/كانون اول 2004 حتى وصل إلى منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في يناير/كانون الثاني 2005.
أشقاء محمد بن زايد
محمد بن زايد هو الإبن الثالث للرئيس الإماراتي الراحل زايد بن سلطان آل نهيان، أول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم إمارة أبو ظبي من زوجته الثالثة فاطمة بنت مبارك الكتبي، ولديه 18 أخا آخرين، أكبرهم الرئيس الراحل خليفة بن زايد، ثم يتبعه سلطان بن زايد، وهما الأكبر سنا منه.
أما من هم أصغر منه سنا: سيف، حمدان، هزاع، سعيد، نهيان، عبدالله، طحنون، منصور، خالد، أحمد، حامد، ناصر، فلاح، ذياب، عمر، وعيسى بن زايد آل نهيان.
صورة جماعية لأنجال الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان./ الأرشيف الوطني #برق_الإمارات pic.twitter.com/pt3hDEhweK
— برق الإمارات (@UAE_BARQ) March 6, 2016
ووفق ما هو معلوم، فإن جميع أشقاء محمد بن زايد لا يزالون على قيد الحياة باستثناء الشيخ خليفة بن زايد الذي رحل يوم 13 مايو/آيار الجاري، وناصر بن زايد الذي توفي في يونيو/حزيران في حادث تحطم طائرة مروحية فوق بحر الخليج عام 2008، وأحمد بن زايد الذي أعلن عن وفاته في مارس آذار 2010 بعد العثور على جثته في بحيرة سد بالمغرب جراء سقوط طائرته الشراعية.
هل قتل محمد بن زايد شقيقيه ناصر وأحمد؟!
أكدت العديد من الروايات بأن محمد بن زايد هو من وقف خلف تدبير مؤامرات قتل أخوية غير الشقيقين، لينفرد بالحكم.
وفي هذا السياق، سبق وان كشف البروفيسور في العلوم السياسية والمعارض السعودي السابق، الدكتور كساب العتيبي في سلسلة تغريدات رصدتها “وطن” آنذاك، بعض التفاصيل المخفية والتي تتعلق بحادث مقتل أحمد بن زايد الذي كان يرأس (صندوق أبو ظبي للإستثمار) قبل عدة سنوات في المغرب مؤكدا أن الحادث هو عبارة عن عملية اغتيال.
ولمح العتيبي إلى تورط ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد بسبب صفقة أراد الاستحواذ عليها تقدر بالمليارات. في حين تحدى السلطات الإماراتية بفتح تحقيق حول الحادث واستجواب مدرب الطيران الذي كان برفقة أحمد بن زايد وقد نجا من حادث سقوط الطائرة فيما لقي أحمد بن زايد حتفه.
وقال حينها أن “أحمد بن زايد هو أخٌ شقيق لكلٍ من سيف بن زايد ، وحامد بن زايد ، وخالد بن زايد. كان أقواهم شخصية وحضوراً. وحامد الذي خلفه في منصبه هو أضعفهم”.
وشرح العتيبي قصة الخلاف حينها بأنه “حصل خلاف شديد بين أحمد بن زايد وبين محمد بن زايد (البقرة الحلوب) وبين منصور بن زايد حول شراء الأخير بنك (Barclays) الإنجليزي.
ووفق قول العتيبي: “اشترى منصور أسهُم البنك بـ 10 مليار دولار، قام ببيعها بعد أربع سنوات بـ 6 مليار ثم أعاد 4 مليار لجهاز أبوظبي للاستثمار ولهط 2 مليار لنفسه وقبل ذلك اشترتْ أبوظبي أسهُم (الستي بانك) بـ 4 مليار جنية استرليني بضغط من الولايات المُتحدة ، 13 دولار لكل سهم أملاً أن تُباع بـ 35 دولارا ونزلت أسهُم (الستي بانك) لـ 3 دولارات (لعب أطفال). وكل هذا الأموال كانت تؤخذ من جهاز أبوظبي للاستثمار الذي كان أحمد بن زايد يرأسه.”
وأكد العتيبي في روايته ان أحمد بن زايد غضب من تلاعب منصور بن زايد واستغلاله لأموال الأجيال الإماراتية لمصلحته الشخصية ولأخيه محمد بن زايد فواجههم بكل مسؤولية واتضح من (مصدر موثوق) أن سبب مقتل أحمد بن زايد (حزامه). حيث تلاعب به المُتلاعبون وأوثقوا ربطه بقوة فلم يُفتح. فقُتل يرحمه الله” وفق ما قاله الأكاديمي السعودي.
وأكد ان المُدرب الإسباني (مانويل) اختفى فجأةً، ولم يعلم مكانه أحد سوى مُدبّري جريمة الاغتيال (والله أعلم بهم). مضيفاً: المُدرّب موجود الآن في أسبانيا.
وكشف العتيبي قائلا: “قام محمد بن زايد بعدها بتعيين حامد بن زايد خلفاً لشقيقه أحمد بن زايد على رأس جهاز أبوظبي للاستثمار. وحامد هذا ضعيف الشخصية بشكل مُذهل!!”
كيف تخلص “ابن زايد” من شقيقه ناصر؟!
أكدت روية نشرتها المعارضة الإماراتية بأن الشقاق والدسائس والمكائد بدأت عند أبناء زايد عند محاولة فاطمة بنت مبارك نقل الحكم إلى ابنها البكر “محمد بن زايد” عقب إجراء رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 2000 عملية جراحية عاجلة بعد ان وقع في العيادة في كليفلاند (اوهايو، شمال شرق) وكسر وركه بعد 3 أسابيع فقط من إجرائه عملية زرع كلية.
وبحسب الرواية، فقد استغل محمد بن زايد غياب والده لإجراء تحوير في ولاية العهد، الامر الذي دفع حينها ولي العهد خليفة بن زايد لتحريك القوات العسكرية والامنية الموالية له خشية حدوث انقلاب مسنود بغضب بعض النافذين من أبناء العائلة وعلى رأسهم هزاع بن زايد أحد أبناء فاطمة.
وبعد وفاة الشيخ زايد، بدأت التصفيات حول الميراث ثم تحول الخلاف إلى نفوذ وسلطة، وبسبب توسع نفوذ ناصر بن زايد ومن بعده شقيقة الشيخ أحمد بن زايد، شعر محمد بن زايد بخطرهما فقرر تصفيتهما، وينتهي الحال بقتل الشيخ ناصر بن زايد عن طريق إسقاط مروحيته في الخليج عام 2008، ومن بعده شقيقه أحمد بن زايد عام 2010.
تآمر محمد بن زايد على الربيع العربي
كشف تقرير نشره موقع “موندآفريك” الفرنسي في ديسمبر/كانون اول 2015 نقلا عن مصادر مطلعة في دبي، تأكيدها أن الشيخ خليفة بن زايد يعاني من متاعب صحية؛ بسبب جلطة دماغية تعرض لها في سنة 2014، بسبب المشاحنات والتوتر الذي بلغ أشده حينها بينه وبين أخويه من الأب، ولي العهد وشقيقه عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية.
وأكد التقرير على أن المسألة التي سببت الخلاف الشديد بين الأشقاء ورفعت مستوى التوتر إلى أقصاه، هي الموقف من ثورات الربيع العربي التي بدأت في سنة 2011 في تونس ومصر واليمن، حيث اعتبر رئيس الإمارات العربية المتحدة أن وصول الإسلاميين إلى الحكم لا يمثل أي مشكلة.
ولكن أخاه الأصغر منه، محمد بن زايد، الذي كان يوصف بأنه أكثر مرونة وتأثرا بالأفكار الغربية، رفض قبول هذا الواقع بشدة؛ لأنه اعتبر أن صعود الإسلام السياسي في المنطقة يمثل تهديدا كبيرا للأنظمة الملكية الخليجية؛ التي تتحكم في ثروات خيالية من أموال النفط، ولا تفرق بين خزينة الدولة وخزائنها الخاصة، ولا تخضع لأي محاسبة، أو مطالبة باحترام الديمقراطية، أو تشكيك في شرعيتها.
وأكد التقرير حينها أن محمد بن زايد أصبح منذ فترة يتبع تعليمات “العقل المدبر” محمد دحلان، الذي كان يشغل منصب مدير الأمن الوقائي في غزة، والذي يفترض أنه منفي في دبي، ولكن محمد بن زايد جعله من المقربين، وأوكل إليه مهمة وضع المخططات.
وأضاف التقرير أن محمد بن زايد، عمل بتعليمات دحلان، قام بعزل الشيخ خليفة الذي لم يكن يحسن المناورات السياسية، وجعله لا يحظى إلا بدعم الأقلية داخل العائلة الحاكمة، وهذا الأمر لم يكن صعبا بما أن محمد بن زايد متزوج من ابنة عمه حمدان آل نهيان، الذي يعد من أثرى وأقوى الرجال في منطقة الخليج.
هوس “ابن زايد” من جماعة الإخوان المسلمين
وبالعودة إلى برقيات ويكيليكس يظهر أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد بات يطلق اسم “الإخوان المسلمين” على كل “المتطرفين”، ولكن الأمر بقي في السر حتى ظهر للعلن بحلول الربيع العربي.
ففي مارس/آذار 2011 قدم 132 ناشطا ومثقفا إماراتيا مذكرة لرئيس البلاد خليفة بن زايد آل نهيان يطالبون فيها بإجراء إصلاحات سياسية، منها أن يكون انتخاب المجلس الوطني (البرلمان) ديمقراطيا، وأن يتمتع بسلطات تشريعية كاملة.
دور “ابن زايد” في قمع احتجاجات البحرين
لكن ما هي إلا أيام حتى بعثت الإمارات -التي تلقت تلك المذكرة- المئات من قواتها إلى البحرين لتلتحق بقوات سعودية بهدف القضاء على احتجاجات ضد الحكومة، وهو ما يشكل أول إجراء إماراتي سعودي لكبح “تقدم” الربيع العربي وللقضاء على الأصوات الناقدة للحكم.
وفي أبريل/نيسان من نفس العام شنت الإمارات حملة اعتقالات بحق الموقعين على المذكرة الذين يمثلون شريحة واسعة من المجتمع من أطباء وأكاديميين، وأعضاء في حركة “الإصلاح” (مرتبطة بالإخوان المسلمين) وذلك بتهم دعم “الفكر الإرهابي” والتآمر للإطاحة بالحكم.
محمد بن زايد وأخطبوط المؤامرات محمد دحلان
لم يجد أبناء زايد شخصًا كدحلان لتنفيذ أجندتهم الإقليمية، فتاريخ الرجل وباعه الطويل في التجسس والتآمر والخيانة، سواء على بني شعبه أو بني أمته، هو جواز سفره المعتمد لتحويله إلى قبلة يقصدها العابثون في مقدرات الشعوب، الطامعون في القفز على أمن واستقرار المجتمعات.
وفي هذا السياق، وجد دحلان في ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد ضالته في تحقيق حلم السياسة والنفوذ بعد طرده من غزة، فيما وجد الأخير فيه مساعدًا قويًا لتنفيذ أجندته الإقليمية الساعية إلى إيجاد موطئ قدم للإمارات في الشرق الأوسط ووضعها ضمن قائمة الكبار حتى لو كان ذلك على حساب مرتكزات الإمارة التي وضع أسسها الشيخ زايد آل نهيان.
كان القيادي المفصول أكبر الداعمين لصعود ابن زايد السياسي بعد مواراة أخيه غير الشقيق، خليفة بن زايد، عن الأنظار بعد إبعاده عن السلطة إثر إصابته بجلطة دماغية، وهو ما جعل أبو فادي لاعبًا أسياسيًا ومحوريًا في دائرة الحكم داخل الإمارة الخليجية.
ووصفت صحيفة “لوموند ” الفرنسية، في تحقيق لها، نُشر في أكتوبر 2017، النفوذ الذي يتمتع به دحلان داخل الأسرة الحاكمة في الإمارات، نقلًا عن دبلوماسي عربي في باريس، أنه يعامل “كشيخ من الأسرة الحاكمة، أي معاملة تفوق تلك التي تخصص للوزراء، ففي باريس مثلًا، تفتح له السفارة الإماراتية قاعة الشرف في المطار ويستقبل بالسيارات الليموزين”.
أما عن المهمة التي جمعت بينه وبين ابن زايد التي وصفته بأنه “ولي نعمته” فكانت العمل على إعادة بناء شرق أوسط ما بعد “الربيع العربي”، للتصدي للتحالف الثلاثي الذي يؤرق مضاجع الأمير الخليجي (الإسلاميون وإيران وقطر) وهي المهمة التي لم يدخر دحلان جهدًا لتنفيذها على أكمل وجه.
البداية مصر
كان القيادي الفتحاوي الهارب محمد دحلان وبتكليف من محمد بن زايد في قلب المؤامرات السياسية والمالية في الشرق الأوسط، حيث لعب دورًا محوريًا في “تخريب ثورات الربيع العربي ومحاصرة الإسلاميين”، وذلك عبر رعاية تمويلية ولوجيستية كاملة من “ابن زايد” الذي قدم له صكًا غير محدد القيمة لتنفيذ مهمته على أكمل وجه.
وكانت من مصر التي هزت ثورة شبابها الخالدة في 25 يناير 2011 أركان حكم ابن زايد، في قلب المؤامرة، ما دفعه لتوظيف ما لديه من إمكانات ونفوذ لوأدها في مهدها وعدم السماح لها بالتمدد الذي ربما يهدم معبد الأمير الشاب وأشقائه، ووقع الاختيار هنا على دحلان.
ونجح مستشار ابن زايد في التوغل داخل مفاصل المشهد المصرين باذلًا ما في وسعه لزعزعة الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي. حيث تمويل الاحتجاجات ضدّه، وشن حرب مفتوحة دون هوادة ضد كل ما يمت للثورة بصلة، كما نجح في تدشين شبكة إعلامية قوية.
يذكر أنه في إحدى الجلسات التي جمعت دحلان وفريق عمل صحيفة “اليوم السابع” المصرية الداعمة لنظام السيسي، أكد ضرورة مجابهة الإسلاميين بشتى السبل. واصفًا الثورة المصرية بالمسروقة، ومشددًا على ضرورة المضي قدمًا لاستعادتها مرة أخرى، عازفًا على وتر تأييد الجنرالات في تلك المهمة.
وإيمانًا بهذا الدور الذي ساهم في الإطاحة بأول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، حصل الرجل على العديد من التسهيلات من الحكومة المصرية، منها مثلًا أنها سمحت لزوجته جليلة، في أبريل/نيسان 2015، بدخول قطاع غزة عبر معبر رفح، وبرفقتها حقيبة محملة بالأموال، في الوقت الذي أغلقت فيه “إسرائيل” معبر بيت حانون (إيريز).
ليبيا
ومن المشهد المصري انتقل “دحلان” إلى ليبيا، حيث اتهم دحلان بشراء السلاح من “إسرائيل” لصالح سيف الإسلام القذافي خلال الثورة الليبية، وأخذ “عمولة” مالية مقابل ذلك، وفق ما ذكر الرئيس الفلسطيني محمود عباس “أبو مازن” في خطابه في مارس 2014، فيما أشار موقع “ميدل إيست آي” في أكتوبر/تشرين الأول 2017 إلى رسالة مسربة من المحكمة الجنائية الدولية تظهر أنها نظرت أواخر عام 2012 في مدى تورط دحلان مع سيف الإسلام.
واستمر العبث في المشهد الليبي بالوكالة عن ابن زايد حتى بعد سقوط القذافي، حيث كان دحلان أبرز الفاعلين في مجال تصعيد خليفة حفتر سياسيًا وعسكريًا، وذلك من خلال إمداده بالسلاح والمرتزقة من السودان وتشاد وأوغندا وخلافه، وهو الدعم الذي أعاد الجنرال الليبي للساحة بعد أن كان على بعد خطوات قليلة من الانتهاء.
واعتمد دحلان في تحركاته على علاقاته القوية مع قيادات سابقة من نظام القذافي مثل محمد إسماعيل والملياردير حسن طاطانكي الناشط في سوق الأسلحة، وكذلك أحمد قذاف الدم ابن عمّ العقيد الليبي الراحل، حيث ساعدت تلك الأسماء البارزة دحلان على السفر أكثر من مرة إلى برقة منذ 2012 وحتى اليوم، وذلك للتنسيق الأمني والعسكري مع حفتر ومليشياته بمساعدة ودعم من القاهرة.
تونس
ومن ليبيا إلى تونس.. محطة جديدة يصلها دحلان في مسيرة إجهاضه لثورات الربيع العربي، حيث نسج علاقات مع قيادات من النظام السابق بجانب شبكة علاقات متعددة مع شخصيات بارزة من اليسار المعارض لحركة النهضة الإسلامية، من بينهم رفيق الشلي مسؤول سابق في الداخلية خلال حكم زين العابدين بن علي ورئيس حزب مشروع تونس، ومحسن مرزوق المستشار السابق للرئيس الباجي قايد السبسي، وكذلك زعيمة حزب الدستور الحر عبير موسى، لينتهي الحال بانقلاب في 25 يوليو/تموز الماضي بانقلاب قيس سعيد الذي قضى على كل مظاهر الديمقراطية في هذا البلد.
سوريا
المهمة ذاتها قام بها الرجل في سوريا حيث ساهم في مارس/آذار 2016 في إنشاء “تيار الغد” بقيادة الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا عبر حفل أقيم في القاهرة كان عبارة عن مسمار في نعش الثورة السورية وتفتيت قواها الموحدة بعدما تصدر المشهد رجل مقرب من الأسد ومعروف عداءه للإسلاميين ولقطر وتركيا، وهو بذلك متناغم مع دحلان وولي نعمته بصورة متطابقة تقريبًا.
السودان
كشفت مصادر مطلعة تفاصيل ما ذكرت أنه مخطط إماراتي لانقلاب جديد في السودان، ضد رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، سيقوده نائبه محمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي.
ويشار إلى أن حميدتي التقى ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، في التاسع من فبراير الماضي. وأثناء هذا اللقاء وضعت خطة تنسيق الانقلاب بينهما، بحسب المصادر التي نقل عنها موقع “الإمارات ليكس”.
وترى أبوظبي ـ وفق المصادر ذاتها ـ أن الفرصة سانحة لتصدر حليفها حميدتي المشهد في السودان. وفرض أجندتها الخاصة في الخروط للتحكم في كافة دوائر القرار.
وانخرطت الإمارات منذ بدء الثورة المضادة في السودان وإسقاط الرئيس السابق عمر البشير عام 2019، في دعم القيادات العسكرية وواصلت التآمر لفرض خططها منذ ذلك الوقت.
يشار إلى ان صحيفة “وطن” ظلت في مواجهة مباشرة مع الإمارات مما دفعها لرفع قضايا قانونية في الولايات المتحدة ضد الصحيفة التي عرت نظام أبو ظبي أمام الملايين من قرائها في الوطن العربي والعالم.
“وول ستريت جورنال” تكشف مطاردة أبو ظبي لصحيفة “وطن”
كما كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” عام 2014 بأن هيئة تنظيم الاتصالات في الإمارات هددت باتخاذ إجراء قانوني ضد شركة Hetzner إذا لم تمتثل الشركة لطلبها بحذف موقع الصحيفة من سيرفراتها الخاصة بها.
وقالت الصحيفة آنذاك، بأن “وطن” تعرضت لحملة مضايقات من قبل السلطات في الإمارات بسبب تغطيتها للمحاكمة السياسية لـ 94 ناشطًا متهمين بالتخطيط لانقلاب و إدارة خلية التابعة لجماعة الإخوان، بالإضافة إلى تغطيتها مجموعة واسعة من القضايا في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك انتفاضات الربيع العربي وانتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء المنطقة.
وأكدت “وول ستريت جورنال” آنذاك، على ان تحرك هيئة تنظيم الاتصالات الإماراتية لإغلاق صحيفة”وطن” تزامن مع حملة قمع شديدة للمعارضة عبر الإنترنت في جميع أنحاء الخليج العربي في أعقاب انتفاضات الربيع العربي. حيث تم إدانة العديد من المغردين بالسجن والترحيل والجلد العلني في دول مثل الإمارات والبحرين والمملكة العربية السعودية والكويت.
الإمارات تحاكم صحيفة “وطن” دون إخطارها
وكانت الإمارات قد حاكمت صحيفة وطن – يغرد خارج السرب عام 2013 دون اخطارها أو تبليغها بفحوى الاتهام. وعلمت “وطن” حينها من الصحف الإماراتية بأن اتهامات وجهت لناشرها “نظام المهداوي” بأنه عضو مخضرم – على حد وصف جهاز أمن الدولة – بالتنظيم العالمي للإخوان وانه قدم دعما عبر صحيفته لـ”المتهمين” وهي التهمة التي أثارت تندر متابعي “وطن” وقتذاك وخصوصا أن بعضهم ينتقد “ليبراليتها” التي يصفونها بالزائدة.
وتهمة الإنتماء إلى الإخوان غالبا ما تستخدمها الإمارات ضد من ينتقد سياساتها ودورها في التخطيط ودعم الثورات المضادة. على الرغم بأن اعضاء التنظيم لا يخفون انتماءاتهم للإخوان.
وعلى مدى أعوام عديدة مارست الإمارات ضغوطا كثيرة لاغلاق موقع “وطن” ومن بين تلك الضغوط تهديدات شركات الخوادم التي تحتضن الموقع بالإضافة إلى تعرضه إلى هجمات إلكترونية مستمرة.
وبسبب ضغوط الإمارات الغت وكالة إعلان مقرها دبي عقدا سنويا احتكاريا لاعلانات تنشر في الموقع بالتزامن مع وسائل ضغط اخرى مارستها اجهزة أمن الإمارات وتهديدات ضد ناشرها “نظام المهداوي”.
يذكر ان موقع “وطن” تم حجبه في الإمارات حتى قبل صدور الأمر القضائي. وعادة ما تحجب الإمارات المواقع التي تخالف سياساتها بدون أمر قضائي لكنها حاكمت وطن ضمن محاكمتها لأكثر من تسعين إماراتي اتهمتهم بمحاولة قلب نظام الحكم واتهمت الصحيفة بأنها قدمت دعما لمواطنيها.!
ووصفت منظمات حقوقية كثيرة هذه المحاكمات بالهزلية وانها تفتقر للعدالة وانها محاكمات مسيسة جاءت ردا على مطالبة المتهمين بالإصلاح عبر كتاب تم توجيهه لرئيس الدولة.