وفاة مظفر النواب في المنفى بالإمارات .. تعرّف على الشاعر الجريء الذي “لم يستثني أحداً”
وطن – من من تجرأ على الجميع، وكان صوت الضمير العربي، وصاحب القصيدة المشهورة “القدس عروس عروبتكم”، توفي الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب عن عمرٍ ناهز 88 عاماً بعد صراعٍ مع المرض.
وتوفي الشاعر مظفر النواب يوم الجمعة، في مستشفى الجامعة في الشارقة بدولة الإمارات العربية .
نعي الشاعر المتمرد
وبمجرد الإعلان عن وفاته، تصدّر اسم الشاعر موقع “تويتر”، وسارع المغردون إلى نعيه، وتذكّر أبرز أشعاره التي رسخت في أذهان محبّيه .
وقال الصحفي العراقي عامر الكبيسي: “وداعا مظفر النواب .. آخر الشعراء السياسيين وأولهم كبير آخر يموت غريبا مثل الأشباح .. في وطن طرد خير من فيه للمنافي”.
https://twitter.com/amer_alkubaisi/status/1527608972353622016?s=20&t=Beeq3uyrmKgx_1fZ2qk7-w
بينما قالت فيرا يمين عضو المكتب السياسي في تيار المردة: “”ضلوعي مزامير للحزن..”#مظفر_النواب طوى وجعه وغفا. #العراق”.
https://twitter.com/VeraYammine/status/1527608808515768323?s=20&t=QJ4mtYGONep8wxEbAfeQtQ
أما الباحثة ريم تركماني فقالت: “وداعاً #مظفر_النواب الشاعر الذي أغنى حياتنا بلغته الفريدة وجرأته. مكانه لن يحتله أحد. رحمك الله وصبر أهلك وأصدقائك على فراقك.”
https://twitter.com/Rim_Turkmani/status/1527603432747565056?s=20&t=v8gnGWDx8WnSJdkC5U8Hpg
وكتبت المذيعة في قناة الميادين راميا الإبراهيم: “”ﻣﺎﺫﺍ ﺳﻴﺤﺼﻞ ﻟﻮ ﺗﺤﻮﻟﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺑﻼﺩ ؟ ﺃﻧﺎ ﺑﻐﺪﺍﺩٌ ﻭﺃﻧﺖَ ﺍﻟﻘُﺪﺱ، ﻳﻤﻴﻞُ ﺭﺃﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻚ ﻗﻠﻴﻼ ﻓﺘُﺰﻫﺮ ﺩِﻣﺸﻖ ﻭﻳﺴﺘﻘﻴﻢَ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ” #مظفر_النواب…وداعاً “.
https://twitter.com/ramiaalibrahim/status/1527607947190214659?s=20&t=LqRJEUuzGhrowd1o3qcQVQ
الصحفي العراقي سيف صلاح الهيتي كتب: “أصابحُ الليلَ مصلوباً على أملٍ أنْ لا أموتَ غريباً ميتةَ الشبحِ . لقد مات غريبا منفياً ناقماً كعادة كل مبدعي هذا البلد، لم تحتويه درابين عراقه ولم تنصفه حكوماته المتعاقبة، ظل يشعر بالحرمان طوال حياته، وظلت الحكومات إما مطاردة له أو متناسية مكانته ووجعه”.
https://twitter.com/saifsalahalhety/status/1527609053521842177?s=20&t=qnfEexESPe5Z9zCdsFhueA
ويعتبر شعر مظفر النواب “مواجهة سياسية، وأنموذجا للتصدي والتمرد وكذلك المقاومة”، حيث أبدع في نظم الشعر السياسي المعارض والناقد للأنظمة العربية، دون أن تأخذه رحمةً بها بلجوئه إلى استخدام مفرداتٍ جريئة جدا.
ولاقت قصيدة “القدس عروس عروبتكم” للشاعر مظفر النواب، شهرةً واسعةً، والتي يقول فيها:
-القدس عروس عروبتكم
*فلماذا أدخلتم كل زناة الليل إلى حجرتها ؟؟
-ووقفتم تستمعون وراء الباب لصرخات بكارتها
*وسحبتم كل خناجركم
-وتنافختم شرفا
*وصرختم فيها أن تسكت صونا للعرض
-فما أشرفكم
*أولاد القحبة هل تسكت مغتصبة ؟
-أولاد القحبة
*لست خجولا حين أصارحكم بحقيقتكم
-إن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم
عن مظفر النواب
ولد مظفر النواب عام 1934 في الكرخ بالعاصمة العراقية بغداد.
هاجرت عائلة جده إلى الهند أيام حكم العثمانيين للعراق، وهناك تولت الحكم في إحدى الولايات الهندية، ثم عادت منها إلى العراق بضغط من سلطات الاحتلال الإنجليزي بالهند بسبب مقاومتها لها.
النواب من سليل عائلة أدبية ثرية تنتمي إلى البيت الهاشمي، وكان جده لوالده يقرض الشعر بالعربية والفارسية.
الانتماء إلى الحزب الشيوعي العراقي
تغللت مبادئ الشيوعية إلى العمق الفكري للنواب، فدفعته للانتماء إلى الحزب الشيوعي العراقي وقدّم تضحيات كبيرة في صفوفه ولا سيما بعد الإطاحة بالنظام الملكي عام 1958.
بقي مظفر على ما كان عليه حتى عام 1963، واضطر في تلك المرحلة إلى مغادرة بلده، متجها صوب إيران لاشتداد الصراع بين الشيوعيين والقوميين الذين تقلدوا الحكم بانقلاب نفذوه في 8 فبراير/شباط من العام نفسه.
الحكم بالإعدام على مظفر النواب في إيران
لكن المخابرات الإيرانية آنذاك ألقت القبض عليه وهو في طريقه إلى روسيا وسلّمته إلى السلطات العراقية، فحكمت عليه المحكمة العسكرية بالإعدام، لكن خفف الحكم إلى السجن المؤبد.
وأمضى فترة فى سجن “نقرة السلمان” الشهير في محافظة المثنى جنوب العراق، ثم نقل إلى سجن الحلة الواقع جنوب بغداد، وهناك تمكن من الهرب والاختفاء بجنوبي العراق حيث عمل في شركة هولندية.
وفي عام 1969 صدر عفو عن المعارضين فرجع إلى الوظيفة في مجال التعليم مرة ثانية بعد أن فُصل منها.
عاش مظفر النواب نحو 5 عقود طريدا بين المنافي العربية والأجنبية، متوزعا في أسفاره بين دمشق وبيروت والقاهرة وطرابلس والجزائر والخرطوم، وسلطنة عُمان، وإريتريا وإيران وكذلك فيتنام وتايلند واليونان، وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، فضلا عن فنزويلا والبرازيل وتشيلي.
التفت القدر أخيرا إلى النواب بنظرة عطفٍ وحنان، ليمهد له الطريق في مايو/أيار 2011 وهو مصاب بمرض الشلل الرعاش بالعودة إلى بلده العراق بعد فراق عنه دام لأكثر من 40 عاما، متنقلاً في المنافي دون استقرار، واستقبله آنذاك الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني بمكتبه في قصر السلام وسط العاصمة بغداد.بحسب “الجزيرة”