وطن- اثر اجتماعه الخميس 25 أيار/ ماي برئاسة رجب طيب أردوغان، أكد مجلس الأمن القومي التركي في بيان، أن العمليات العسكرية التي ستُنفذ على الحدود الجنوبية اي في الشمال السوري ضرورة للأمن القومي ولا تستهدف سلامة وسيادة دول الجوار، بل ستقدم مساهمة جادة لتحقيق الأمن والسلام لدول الجوار.
وقد تزامنت هذه العمليات العسكرية مع الحديث عن توسيع المناطق الآمنة في الشمال السوري من أجل اعادة مليوني لاجئ سوري اليها لا سيما مع تنامي ضغوطات المعارضة على الحزب الحاكم.
كما أعادت هذه العمليات العسكرية الى الواجهة الحديث عن تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا.
صحيفة “وطن” استضافت في الحوار التالي الباحث في الشأن التركي والعلاقات الدولية الدكتور طه عودة أوغلو الذي تحدث عن أسباب هذه العملية العسكرية وتوقيتها وانعكاسها على تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا.
ماهي الأسباب المباشرة والأسباب غير المباشرة للعملية العسكرية التي تنوي تركيا تنفيذها في الشمال السوري؟
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن أولوية العملية العسكرية ستكون على المناطق التي تعد مركز انطلاق للهجمات الإرهابية على تركيا والمناطق الآمنة في سوريا بالتالي يفترض أن تستهدف العملية -في حال تنفيذها- مناطق عين العرب وتل رفعت وعين عيسى ومنبج باعتبار أن تلك الهجمات تنطلق منها. لدى تركيا العديد من الدوافع لشن عملية عسكرية جديدة شمال سوريا. وسبق لتركيا أن نفذت نهاية العام 2019م عملية واسعة ضد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، سيطرت بموجبها على رأس العين في ريف الحسكة، وعلى تل أبيض في ريف الرقة، بعد عملية سابقة جرت في آذار/مارس 2018م وانتهت بطرد قوات “قسد” من عفرين ومحيطها بريف حلب الشمالي ومنذ ذلك الوقت تطالب أنقرة بخروج القوات التابعة لحزب العمال من المناطق المحاذية لحدودها الجنوبية مع سوريا، وتهدد بشن عمليات عسكرية جديدة لتطبيق اتفاقية إبعاد هذه الميليشيات عن الحدود لمسافة 30كم، لكن مطالب تركيا وتهديداتها كانت تصطدم بموقف سلبي من قبل روسيا والولايات المتحدة الداعمتين لقوات سوريا الديمقراطية إلا أن أردوغان أوضح قبل أيام أن “تركيا ستميز مجددا في هذه المرحلة، بين من يحترمون حساسياتها الأمنية، والذين لا يكترثون سوى لمصالحهم، وأنها ستصوغ سياساتها مستقبلا على هذا الأساس.
اعلان تركيا عن تنفيذ عملية عسكرية في الشمال السوري لتوسيع المناطق الآمنة واعادة حوالي مليوني لاجئ اليها، يتزامن هذا مع اقتراب موعد الانتخابات، فهل يسعى حزب العدالة والتنمية من خلال ذلك لاستعاده شعبيته واسكات المعارضة التي تتخذ من ملف اللاجئين ورقة ضغط ؟
أنا بتصوري التلويح التركي بشن عملية عسكرية في سوريا هدفه الضغط على الولايات المتحدة بعد اعتراض تركيا على انضمام السويد وفنلندا لحلف الناتو فأنقرة تسعى للحصول على ثمن من واشنطن مقابل تقديم موافقتها على هذا التوسع لأن موافقة تركيا ستؤثر سلبا من دون شك على علاقتها مع روسيا التي نسجت معها علاقات سياسية واقتصادية وعسكرية خلال السنوات الماضية.
هناك حديث في الكواليس حول اعادة تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا، هذه العملية العسكرية ألا تشكل عائقا ويمكن ان تحول دون تطبيع العلاقات؟
موضوع تطبيع العلاقة مع النظام يسير في طريق مواز لهذه التحركات بمعنى الأساس بالنسبة لأنقرة حاليا تحسين مسارها التفاوضي مع الغرب والأمريكان وأي خطوات مطمئنة للجانب التركي تنعكس إيجابيا على الداخل التركي وهذا ما يسعى إليه الرئيس أردوغان الذي يريد قطع الطريق أمام المعارضة التي تحاول سحب البساط من تحت أقدامه بعد تربعه على عرش السلطة منذ ما يقارب عقدين من الزمن.
تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا هل سيكون خطوة ايجابية في حسم خلاف المجتمع الدولي حول الملف السوري ويمهد لايجاد حل نهائي؟
يجب التنويه هنا إلى نقطة مهمة، وهي أن تركيا ما زالت تنفرد بموقف صريح ومعلن يرفض بشكل قاطع أي حديث عن تطبيع العلاقات مع النظام، كما أن الموقف الرسمي التركي ما زال متمسكاً أيضا بالحل السياسي برعاية وإشراف الأمم المتحدة لكن هذا لا يمنع أن أنقرة بإستراتيجيتها العميقة تقرأ بوضوح أنه على الرغم من مرور 11 عاماً على الثورة السورية، فإن المجتمع الدولي نفسه ما زال أيضاً منقسماً بل وعاجزاً عن إيجاد حل نهائي للأزمة”.
هل ان اعادة تطبيع العلاقات بين البلدين فرضته متغيرات اقليمية؟
يبدو أن تركيا التي تحركت منذ مطلع العام الماضي، لفتح أبواب التواصل مع كل الدول الإقليمية التي كانت على خلاف معها على وقع المرحلة الاستثنائية التي تعيشها المنطقة من تحولات هيكلية وإستراتيجية، بدأت تستند على افتراض واقعي أن مصلحتها الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية وحتى مصلحة المنطقة برمتها تقتضي إعادة تطبيع علاقاتها مع النظام السوري.
ألا يعد تطبيع العلاقات مع النظام السوري خطوة خطاها النظام التركي في اطار الاستراتيجية التي ينتهجها منذ بداية العام لتجاوز الخلافات القائمة مع عدد من الدول على غرار سوريا ومصر والسعودية والامارات؟
مصلحة تركيا أكبر من أي خطوة قادمة للتقارب مع النظام هي بضمان عودة آمنة للاجئين السوريين الذين تستخدمهم المعارضة التركية كورقة ضغط ضد حزب العدالة والتنمية، الذي هو على أعتاب خوض انتخابات مصيرية في البلاد، لا سيما أن ورقة اللاجئين والدعم المالي لهم تعد من أخطر الأوراق التي تلعبها المعارضة لتأليب الشعب ضد الحزب الحاكم، وهو ما يدفعه إلى اتخاذ خطوات أكثر مرونة تجاه النظام السوري وأيضا في إطار الخطوات التركية لتصفير المشاكل مع دول الجوار.
تطبيع العلاقات مع سوريا وقبلها زيارة أردوغان للسعودية وزيارة محمد بن زايد لتركيا، بعد كل هذه التطورات هل سنشهد في الأيام القادمة تقارب تركي مصري وتطور في العلاقات بين البلدين؟
من دون شك تركيا تحاول حاليا فتح صفحة جديدة في علاقاتها الخارجية مع دول المنطقة، قطار التطبيع سيصل القاهرة كما وصل الإمارات والسعودية وإسرائيل.