من مبارك إلى السيسي.. عمرو أديب ابن النظام و”إعلامي التمهيد” (تقرير)
وطن- عندما يُقدم النظام المصري على اتخاذ خطوة بعينها أو قرار يخشى أن تكون له انعكاسات، فإنّه يُطلق دائما بالونات الاختبار، وتلك البالونات لا تُملأ بالهواء لكن بصوت يصدح في آذان المصريين، يلقنهم ما عليهم ترقبه.. هذا الصوت هو عمرو أديب.
عمرو أديب أحد إعلاميي التخديم على النظام
يعتبر عمرو أديب، أحد أقرب الإعلاميين المصريين المقربين من نظام الحكم ليس فقط في عهد عبد الفتاح السيسي، لكنه كان مقربًا من الرئيس الراحل حسني مبارك قبل أن يوهم الرأي العام بأنه كان من أشد معارضيه بعد اندلاع ثورة 25 يناير.
ويسيطر النظام على الإعلام المصري بقطاعيه الحكومي والخاص، وفقا لما يراه محللون بأنها مصالح مشتركة بين رأس السلطة الساعية لتحسين صورتها وتأمين بقائها، ورجال الأعمال المنتفعين والمتربحين تحت ظل النظام.
وعلى الرغم من أن عمرو أديب يعمل في قناة سعودية، لكنها تبث من مصر، إلا أنه يمثل أحد أكثر النماذج الإعلامية وضوحًا فيما تعرف بمهمة “التخديم على النظام” والرد على انتقادات قد يتعرض لها وكذا تشويه صورة المعارضين.
إحدى المهام التي يؤديها عمرو أديب تتمثل في “مهمة التمهيد”، فالإعلامي الشهير اعتاد أن ينقل إلى المصريين معلومات أو قرارات تكون الدولة بصدد اتخاذها، وربما تتخوف من احتمالات تداعياتها، فعتمد على إطلاق المعلومات لتقيس التعاطي الشعبي معها.
بعد دعوته للمصريين بالتقشف والخبز في المنزل.. ناشطون يرصدون أسعار 6 ساعات فقط ارتداها عمرو أديب في برنامجه
عمرو أديب يزعم أنه لا يعمل مع النظام
قبل نحو شهر، ظهر عمرو أديب في مقابلة مع قناة “العربية” السعودية، وصف نفسه خلالها بأنه لا يعمل مع النظام.
إلا أن تصريحاته خلال برنامجه التلفزيوني، دائما ما تُظهر دفاعا عن النظام، وتبرئة ساحته من أي اتهامات قد يتعرض لها بحال من الأحوال.
التمهيد الأول: وزيرة الصحة لن تُقال ولن تُحاكم
في قضية فساد وزارة الصحة التي أثيرت فيها معلومات عن تورط الوزيرة (التي لا تباشر مهامها ولم تتم إقالتها) هالة زايد فيها، ظهر أديب مدافعا عن الوزيرة، قائلا عنها في يناير الماضي، إنها شخصية وطنية بعيدة عن أي شبهات فساد.
وآنذاك، قال “أديب” إن هالة زايد غير متورطة في أي شبهات فساد، ووصفها بأنها سيدة نظيفة اليد وعملت من أجل الوطن.
https://twitter.com/mbcmasr/status/1478137163623579650?s=20&t=F-RvdPWWCN5ldyUJ_Jyr9g
تصريح عمرو أديب فُهِم منه أنه تمهيد لأن الدولة لن تحاسب هالة زايد سواء جنائيا أو سياسيا رغم الأدلة التي ساقها حقوقيون عن تورط الوزيرة في قضية الفساد.
إلا أنّ الرواية التي مهّد لها عمرو أديب تحققت على أرض الواقع، إذ لم تتم محاكمة الوزيرة ولم تتم إقالتها، بينما في الوقت نفسه لم تعد إلى منصبها.
التمهيد الثاني: تلميع وزيرة الهجرة
تمهيد آخر أعلنه عمرو أديب في قضية ابن وزيرة الهجرة نبيلة مكرم، المتهم بقتل اثنين في الولايات المتحدة، إذ طالب فور الكشف عن جريمة القتل، أن تحصل الوزيرة على إجازة.
وذلك في خطوة أشارت إلى أنّ النظام لم يُقدِم على اتخاذ أي خطوة تجاه الوزيرة التي وُصفت بأنها أحرجت النظام سياسيا، في محاولة لإلقاء الكرة في ملعب الوزيرة.
بيد أن النظام فضّل على الأرجح الإبقاء على الوزيرة، وتصوير الأمر على أنه ظرف إنساني تستحق الوزيرة أن تحظى بالتعاطف عليه، أفضل من إقالتها أو حتى استقالتها حتى لا يكون الأمر بمثابة نقطة سوداء في تاريخ النظام.
هنا حوّل عمرو أديب من لهجته بشكل ملحوظ، وبات يتحدث عن الوزيرة باعتبارها “بطلة”، بعدما كان يدعو بأن ينال ابن نبيلة مكرم الجزاء الذي يستحقه.
https://twitter.com/fmhatab/status/1531048209853911040?s=20&t=F-RvdPWWCN5ldyUJ_Jyr9g
وفي الوقت الذي كان قد طالب فيه أديب بمنح الوزيرة إجازة لمدة شهر أو شهرين حتى تواجه أزمتها، فقد أخذ يعدد ما اعتبرها بطولات الوزيرة، قائلًا إنها “سيدة فاضلة وقفت أمام الإخوان ونجحت في عملها خلال جائحة كورونا” داعيا لتقديم كل صور الدعم لها.
التمهيد الثالث: عمرو أديب يعبر عن الاستسلام المصري في أزمة سد النهضة
قضية سد النهضة مثلت أيضًا إتباع عمرو أديب سياسة التمهيد، فيوم الأحد الماضي أظهر أديب لهجة مُحبِطة قائلًا، إن ما اعتبره فشلا إثيوبيًا في أعمال بناء السد هو رحمة إلهية بالمصريين، في رسالة عكست ما يمكن اعتباره استسلاما مصريا أمام أديس أبابا.
حديث عمرو أديب مهّد بأن النظام لم تعد بحوزته أي ورقة في إطار مواجهة أزمة سد النهضة، وذلك في أعقاب تصريح مدير مشروع السد الذي قال إن المشروع قد يتضمن آثارا جانبية على مصر والسودان.
إلا أنّ القاهرة التزمت الصمت على الصعيد الرسمي، مكتفية بتحريك وسائل الإعلام بتوجيه رسائل محلية لا أكثر، تهاجم فيه ما تصفه بـ”التعنت الإثيوبي” دون اتخاذ إجراءات رد على ذلك.
https://twitter.com/RassdNewsN/status/1533705271700234242?s=20&t=F-RvdPWWCN5ldyUJ_Jyr9g
التمهيد الرابع: ارتفاع أسعار السلع
تمهيد عمرو أديب ليس سياسيا فقط لكنه يحمل طابعا اقتصاديا أيضًا، فقبل أي موجة من ارتفاع أسعار السلع في مصر فإنّ الأمر يسبقه تنويه بشكل غير مباشر من الإعلامي الشهير بشأن حدوث ذلك.
فقبل أيام، حذر عمرو أديب من ارتفاع حاد في الأسعار في الأسواق المصرية، ودعا إلى عدم طمأنة المواطنين بشأن الوضع الاقتصادي، وقال نصًا “الدنيا منيلة بستين نيلة فيه غلاء جاي ومعاه كمان ركود”.
https://twitter.com/RassdNewsN/status/1532836335492505600?s=20&t=F-RvdPWWCN5ldyUJ_Jyr9g
جاء هذا التحذير من عمرو أديب، تكرارًا لسلسلة من التحذيرات التي كان قد أطلقها خلال الفترات الماضية، بشأن ارتفاع الأسعار منذ عدة أشهر.
وهو ما تحقق بالفعل إذ شهدت مصر موجات مخيفة من ارتفاع الأسعار في مختلف السلع دون استثناء.
التمهيد الخامس: أديب يعلن رفع سعر الفائدة
اقتصاديا أيضا، فقد ظهر تمهيد عمرو أديب في عديد القرارات التي اتخذها البنك المركزي فيما يخص سعر الفائدة.
ففي المرتين اللاتين قرر البنك المركزي فيهما رفع سعر الفائدة في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، سبق ذلك إعلان أو تمهيد من قِبل عمرو أديب بشأن اعتزام الدولة اتخاذ هذا الإجراء.
وقبل رفع سعر الفائدة الأول في مارس الماضي، كان عمرو أديب قد تحدث عن اتخاذ إجراءات اقتصادية تهدف لتحقيق ما أسماها “الحماية المجتمعية”.
ويحرص “أديب” في كل مرة يتحدث فيها عن الأوضاع الاقتصادية، أن يضع مبررًا للنظام بأنه غير مسؤول عن الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعملة المحلية.