وطن- “هنا ترقد أشلاء الشهيدة “زينب الحصني” دُفنت في حمص 17 أيلول 2011″ هذه هي العبارة التي كُتبت على ورقة بيضاء ووضعت فوق قبر ترابي أحاطت به بلوكات اسمنتية رصُفت بشكل عشوائي، وغُرست على حوافها أغصان شجر وسط مقبرة الشهداء في حي باب السباع الحمصي.
شكوك حول القبر
وشكلْ القبر وطريقة الدفن توحي بأن المهمة اُنجزت على عجل كما تُدفن “المروءات”، وآنذاك تسللت ناشطة حمصية من الحي ذاته إلى المقبرة لتصور بالفيديو القبر الذي أُثيرت حوله وحول الجثة التي يضمها الكثير من الشكوك، وخصوصاً أن النظام أخرج زينب الحمصي بعدها على قناة تلفزيونه الأولى لتنفي “شائعات” تعرضها للتعذيب أو مقتلها في محاولة لضرب مصداقية الثوار الذين أثاروا القضية آنذاك على مختلف الأصعدة والمستويات.
وفاتها ناتجة عن جناية
وكان مدير المؤسسة اللبنانية للديموقراطية وحقوق الإنسان المحامي “نبيل الحلبي ” قد كشف في لقاء مع قناة الجزيرة حينها أن أم زينب عندما طلبت من قل سلطات النظام لاستلام جثة ابنتها من المستشفى العسكري في حمص قالوا لها أن عليها أن تستلم جثة ابنها الشهيد الذي قضى تحت التعذيب ومعه جثة زينب ففوجئت بفتاة مشوهة الوجه بشكل كامل ولا ملامح لها مقطعة الأوصال وقالوا لها أن هذه ابنتها وكانت حينها مفقودة.
واتهم الناشطون المعارضون السلطات الأمنية باعتقالها وهم من قالوا ان الجثة المشوهة لزينب وهم من أعطوا الإذن باستلامها، مضيفاً أن عملية وفاة هذه الفتاة لم تكن طبيعية بل ناتجة عن جناية أي قتل وتمثيل بالجثة.
جثة مسلوخة ومقطعة الأوصال
تواصلت “وطن” مع مصورة الفيديو المشار إليه آنفاً الناشطة ” آلاء الحمصي ” التي لم تؤكد أو تنفي حقيقة الجثة ولمن تعود، ولكنها كشفت أن الجثة التي سُلّمت آنذاك لعائلة الحصني في كيس قماشي كانت مسلوخة تقريباً ومقطّعة الأوصال ووجهها محروق وبدت عليها آثار تعذيب، وجمجمتها غير واضحة المعالم، وأضافت الحمصي أن “عائلة زينب ذات الـ 19 عاماً آنذاك لم يتعرفوا عليها إلا من أصابع يدها المائلة والمختلفة عن الوضع الطبيعي”.
تكتم على الإعتقال
وروت الحمصي وهي مهندسة ميكانيك أن زينب اعتقلت من منزلها ذات يوم من عام 2011 بدل أخيها الذي كان مع الثوار وكانت قوات النظام تلجأ لهذه الطريقة لإجبار الثوار على تسليم أنفسهم وكنوع من “تكسير الراس”-حسب تعبيرها- مؤكدة أن “هناك أكثر من 17 حالة من هذا النوع وربما أكثر.
فالكثير من الأهالي يؤثرون التكتم على غياب بناتهم خوفاً من إشاعات الاغتصاب وغيرها” لافتة إلى النظام الغادر لطالما لجأ إلى هذه الطريقة كما فعل في الثمانينات من القرن الماضي في مدينة حماة حيث لم يُسكتْ ثورتهم إلا خوفهم على أعراضهم”.
منع تصوير الدفن
بعد أيام جاءت لأهل زينب ورقة من أحد فروع الأمن تفيد بضرورة استلام جثة ابنتهم من المشفى العسكري، وأشارت محدثتنا إلى أن الجثة تم تصويرها من أحد الناشطين إلا أن الأهل طلبوا عدم نشر المقطع خوفاً من “الفضائح”–حسب زعمهم- ولم يُسمحوا للناشطين بتصوير عملية الدفن أيضاً.
وأضافت محدثتنا أن “قضية زينب تم تأجيجها إعلامياً فيما بعد” مشيرة إلى أنها كانت أحد الذين أججوها بمراسلة أشخاص كثيرين من حقوقيين وناشطين وسياسيين لأن عقلها لم يستوعب-حسب وصفها- أن تكون زينب ماتت تحت التعذيب، مشيرة إلى أن اتهامات عدة انهالت عليها بأنها تقاضت أموالاً مقابل التسويق لموت زينب تحت التعذيب.
اختفاء عائلة زينب
وتابعت الحمصي: “عندما جاءت اللجنة الدولية ودخلت حي باب السباع رفعنا كناشطين لافتات تطالب بالكشف عن مصير زينب، مضيفة أنها تحدثت شخصياً مع أعضاء اللجنة لكنهم لم يردوا وكأن الموضوع لا يهمهم لا من قريب ولا من بعيد.
وأكدت محدثتنا أنها لا تعرف زينب أو عائلتها شخصياً وفوجئت بمقابلتها على تلفزيون النظام فيما بعد، مضيفة أن بعض أهالي باب السباع أكدوا لها أن الفتاة التي عُرضت في المقابلة شقيقة لزينب وليست هي، وكشفت محدثتنا أن أحد أقاربها همس في أذنها أن زينب لم تُقتل ولا زالت حية دون أي يضيف أي تفاصيل أخرى.
وأردفت الناشطة الحمصية أن عائلة زينب اختفت من باب السباع فيما بعد دون أن يُعرف مصيرهم.