وطن– تكرر مشهد بيع “غوار الطوشة” لأبنائه في مسرحية “كاسك يا وطن” ولكن هذه المرة على أرض الواقع. إذ دفعت الحاجة وضعف الحال بجندي لبناني إلى عرض ابنه للبيع.
ويأتي ذلك بعد أن عرضة الجندي بيع كليته نظراً لظروفه المعيشية الصعبة ومرض والدته التي تعاني من السرطان. بعدما فقد الأمل بإيجاد العلاج وتحصيل ثمنه نتيجة تردي الأوضاع المالية والاقتصادية في لبنان.
ويشهد لبنان منذ عامين أزمة اقتصادية غير مسبوقة صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.
“دولتنا جوعت أولادنا”
ونشر الرقيب أول في قوى الأمن الداخلي “محمود العيتاوي” عبر صفحته على “فيسبوك”: “أنا الرقيب أول في قوى الأمن الداخلي محمود العيتاوي أعرض بيع ابني الوحيد بعد عرضي بيع كليتي.”
وتابع: “دولتنا جوعت أولادنا وحرمت أهلنا الطبابة والأدوية وكل شيء، طفح الكيل”.
وأرفق “العيتاوي” بمنشوره رقم هاتفه لمن يريد شراء ولده. ثم لم يلبث أن حذف المنشور لأسباب غير معروفة.
“نسينا اللحوم والخضراوات والفاكهة”
وبحسب موقع قناة “الحرة” في تقرير لها لم يتوقع محمود أن يعجز يوماً عن تأمين قوت عائلته وحاجياتها، لكن كما يقول “للأسف وصل إلى مرحلة لا يمكنه شراء الطعام، وباتت كل وجباتهم تختصر بالزعتر، وأحياناً كثيرة ينامون ببطون خاوية.
وأضاف:”نسينا طعم اللحوم والدجاج، والخضراوات والفاكهة، أيام وأسابيع لا يمكنني تعبئة قاروة الغاز الفارغة، وما يحز في قلبي أكثر أن ابني كان يذهب إلى المدرسة من دون أن أتمكن من إعطائه ليرة واحدة”.
وكشف “العيتاني” للمصدر أن والدته مصابة بالسرطان منذ 4 سنوات وبحاجة إلى علاج ولم يعد بإمكانه الاستمرار بالسكوت، “كيف لي أن أراها تتألم وحياتها تتعرض للخطر لعدم تأمين الأدوية لها.
وتابع المصدر: مع ارتفاع سعر صرف الدولار أصبح راتب محمود يعادل 60 دولارا، فكيف لهذا المبلغ الزهيد كما يشدد أن يكفي “لتسديد إيجار منزلي في طرابلس شمال لبنان.
إضافة إلى بدل التنقل ومصروف العائلة والطبابة والأدوية وغيرها من الحاجيات، فحتى اشتراك مولد الكهرباء انحرمنا منه، كون الفاتورة الشهرية تتجاوز قيمة راتبي، حكم علينا أن نعيش في الظلام، أن ندفن ونحن على قيد الحياة.
وعود فارغة
وكشفت كاتبة التقرير أن محمود بعد منشور بيع كليته، تلقى وعداً من مديرية قوى الأمن بمتابعة قضيته ومنحه سلفة مالية وتأمين علاج والدته، وكذلك أدويته فهو الآخر مصاب بداء السكر والأعصاب وانسداد في الرئة.
“لكن حتى الساعة لم أسمع سوى وعوداً من دون أي خطوة جدية، على عكس احدى الجمعيات التي سارعت بارسال الأدوية التي تحتاجها والدتي، لأصدم بعدها باتصال من جمعية سبق أن أبلغتني بأنها ستقف إلى جانبي، بتراجعها عن ذلك” يقول محمود.
10 آلاف دولار مقابل بيع كلية واحدة
وكان تقرير لصحيفة “التايمز” بعنوان “لبنانيون مجبرون على بيع كلياتهم في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية”، أكد أن الانهيار الاقتصادي في البلاد دفع عددا كبيرا من الأشخاص إلى عرض بيع كلياتهم.
مشيراً إلى أنه “إذا لم يتعرضوا لعمليات احتيال وغش من جانب المتاجرين بالبشر، فمن المتوقع أن يحصل المتبرع على مبلغ يتراوح بين 6 آلاف و 10 آلاف دولار مقابل بيع كلية واحدة”.