تحليل: زيارة بايدن إلى الخليج .. أهداف استراتيجية ونتائج متواضعة

By Published On: 20 يوليو، 2022

شارك الموضوع:

وطن – حظيت زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السعودية ومشاركته بقمة “جدة للأمن والتنمية” باهتمام سياسي وإعلامي بالغين باعتبارها الزيارة الأولى له للمنطقة منذ توليه منصبه مطلع العام 2021، وتأتي في ظل حالة استقطاب وتوترات دولية سياسية واقتصادية وعسكرية.

ورغم الاهتمام الكبير والأهمية الاستراتيجية لزيارة بايدن إلى السعودية بالنسبة للولايات المتحدة ودول المنطقة، إلا أنها لم تحقق أهدافها الأمريكية بشكل كامل خاصة على صعيد فتح أبواب أوسع للتطبيع السعودي مع إسرائيل، أو فيما يتعلق بزيادة إنتاج النفط أيضاً، كما يرى خبراء في تصريحات منفصلة لوكالة “الأناضول“.

ومساء السبت، غادر الرئيس بايدن الأراضي السعودية عقب مشاركته في القمة، ختاماً لجولة بالمنطقة استمرّت 4 أيام شملت إسرائيل والأراضي الفلسطينية والسعودية.

وشارك في قمة جدة إلى جانب بايدن قادة السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وسلطنة عمان ومصر والأردن والعراق.

خيار استراتيجي

وترى الكاتبة القطرية شيخة الخاطر، أن زيارة بايدن جاءت إلى المنطقة “كخيار استراتيجي ضروري يتماهى مع المتغيرات الإقليمية والسياسية بين كثير من الدول العربية”.

وأشارت الخاطر إلى أن “الزيارة كانت دليلاً على نجاح تنسيق الأنظمة العربية في كثير من الملفات، وأوّلها التهديد الإيراني على الأمن القومي العربي”.

وتابعت: “إضافةً إلى إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وهذا ما لفت إليه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بأن وجهة النظر العربية لا بد أن ينظر إليها بعين الاعتبار بعيداً عن الرفض الإسرائيلي الذي يشكل عقبة أمام طرح أي حلول لحل القضية الفلسطينية”.

وذكرت الخاطر أن “بايدن يعلم قوة أوراق دول الخليج التي من الممكن أن تضغط على مصالح الولايات المتحدة”.

ولفتت إلى أهمية ذلك “خاصة في حالة الاستقطاب الحالية بين المعسكر الروسي والأمريكي فيما يخص الأزمة الأوكرانية”.

وأشارت إلى أن الأزمة الأوكرانية “انعكست على ارتفاع أسعار النفط وإنتاجه، وهذا معنى تدرك السعودية أهميته وقوّته الضاغطة”.

وأضافت: “لذلك تعاملت أمريكا بجدية وأولوية استراتيجية بلا أدنى اهتمام لتصريحات بايدن السابقة حول السياسات الداخلية لبعض دول الخليج وخاصة السعودية”.

وترى الخاطر أن “الزيارة جاءت لترميم العلاقات مع السعودية وبلورة صيغة تعاون جديدة في العلاقات، أساسُها تفهّم الحاجة الأمنية لدول المنطقة والحفاظ على المصالح المشتركة”.

وأردفت: “أمريكا حليف مهم لدول المنطقة، كما كان هدف الزيارة كسر عزلة إسرائيل أكثر من ذي قبل عبر البوابة السعودية”.

وأعربت عن اعتقادها أن “موقف السعودية ثابتٌ فيما يخصّ حق الشعب الفلسطيني في أن تكون له دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، قبل أي تقارب مع إسرائيل”.

الجانب الاقتصادي

وفي الجانب الاقتصادي للزيارة، رأى مصطفى عبد السلام، الكاتب والصحفي المصري المتخصص في الشؤون الاقتصادية، أن “زيارة بايدن لدول الخليج لم تحقق أهدافها على المستوى الاقتصادي”.

وعلل رأيه بالقول: “أخفق الرئيس الأمريكي في انتزاع موافقة خليجية، خاصة من السعودية والإمارات وهما من أكبر المنتجين داخل منظمة أوبك، على إجراء زيادة فورية في الإنتاج النفطي كما كان يأمل”.

ووفق عبد السلام، فإن الزيادة الفورية بإنتاج النفط كانت “الخطوة التي يعوّل عليها (بايدن) كثيراً لتهدئة أسعار الخام والمشتقات البترولية خاصة في السوق الأمريكي، عبر زيادة المعروض في الأسواق العالمية”.

وأضاف: “صحيح أن الأمير محمد بن سلمان وليّ العهد السعودي، أعلن يوم السبت الماضي عن زيادة في إنتاج المملكة النفطي إلى 13 مليون برميل يومياً، لكن هذا الإعلان لم تتعامل معه أسواق النفط بإيجابية”.

وأوضح أن السبب في ذلك هو أن “الزيادة لن تتم قبل نهاية عام 2026 أو بداية عام 2027، كما أعلن وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان يوم 16 مايو/أيار الماضي”.

واستنتج أنه “بالتالي، فإن الزيادة لن تكون فورية بل بحاجة إلى ضخّ استثمارات سعودية ضخمة في القطاع النفطي”.

واستدلّ عبد السلام على ذلك بـ”زيادة سعر النفط عقب مغادرة بايدن منطقة الشرق الأوسط”، مضيفاً أن “أسعار النفط واصلت الارتفاع مدعومة بضعف الدولار وشحّ الإمدادات في الأسواق العالمية، وهو ما عوّض المخاوف بشأن الركود واحتمال حدوث إغلاق جديد في الصين مرتبط بفيروس كورونا”.

وأوضح: “رغم الضغوط التي مارسها الرئيس الأمريكي على دول المنطقة من أجل الإسراع في التطبيع الاقتصادي بين بعض هذه الدول وفي مقدمتها السعودية وإسرائيل، إلا أنه أخفق أيضا في انتزاع موافقة من قادة المنطقة المشاركين في قمة جدة على دمج إسرائيل اقتصادياً في اقتصادات وأسواق دول المنطقة”.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة كانت تهدف لإنشاء سوق إقليمية مشتركة في الشرق الأوسط تشمل السعودية ودول الخليج وإسرائيل، وهو ما لم ينجح بايدن في تحقيقه خلال الزيارة.

وذكر الكاتب الاقتصادي: “صحيح أنه (بايدن) انتزع موافقة على فتح السعودية مجالها الجويّ لجميع شركات الطيران المدنية العالمية، بما في ذلك الرحلات الجوية مِن وإلى إسرائيل، لكنه كان يرغب في أكثر من ذلك، وهو التطبيع الاقتصادي الكامل وفتح أسواق دول الخليج أمام السلع والمنتجات الإسرائيلية”.

تعاون أمني غير مباشر

من جانبه قال خبير العلاقات الدولية جلال سلمي، إن “زيارة بايدن تمحورت بالأساس حول الأمن الجيوطاقوي في ظلّ حالة الشح التي تُعاني منها دول الاتحاد الأوروبي في الطاقة”.

ولفت إلى أن “النقطة الأهم هي التعاون الأمني غير المباشر ضد أي نفوذ من شأنه الإخلال بتوازن القوى في المنطقة، تحديداً النفوذ الإيراني”.

وأوضح سلمي أن “السعودية والإمارات لا ترغبان بتكوين جبهة ضد روسيا والصين، لكن لديهما تخوّف مستمر من إيران، والجبهة المذكورة ليس جبهة هجومية بل دفاعية في إطار معادلة النفوذ”.

وقال إنه “على صعيد دولي، لم يعد هناك ثقة أمريكية ببريطانيا التي كانت تستعد إدارة بايدن لتوكيلها بشؤون الشرق الأوسط”.

واستنتج أن إدارة بايدن “باتت على يقين بضرورة وجودها في المنطقة”.

شارك هذا الموضوع

Leave A Comment