وطن– يؤدي الزواج في سن مبكرة إلى اضطرابات نفسيّة خطيرة عند شريحة كبيرة من الفتيات القاصرات، وذلك بسبب الصدمة التي يتعرضن لها، والتي تنتج عن هذا الزواج المبكر.
12 مليون حالة زواج لقاصر سنوياً حول العالم
وتؤكد إحصائيات عالمية أن هناك 12 مليون حالة زواج لقاصر سنوياً حول العالم و70 ألف حالة وفاة قاصر بسبب الزواج المبكر بعمر 15 إلى 19 عـام.
ويعزو علماء النفس والفيزلوجيا هذه الاضطرابات إلى كون هؤلاء الفتيات غير مستعدات لهذا التغير المفاجئ في الانتقال من مرحلة الطفولة إلى النضوج بشكل مباشر. ودون المرور في المراحل العمرية العادية، لذلك تصاب أغلب الفتيات القاصرات بالعديد من الأمراض النفسية، مثل: الاكتئاب الشديد، والقلق، وغيرها.
تزوجت وأنجبت في سن الـ 11
وتتداول وسائل إعلام سورية منذ أيام تصريحات لرئيس الشعبة النسائية في مشفى التوليد والأستاذ في جامعة دمشق د. مروان زيات، يؤكد فيها وجود حالات نادرة لفتيات تزوجن وحملن في سن 12—13.
لافتا إلى وجود مخاطر صحية كبيرة جراء الزواج دون سن 20 وهي ارتفاع التوتر الشرياني، وارتفاع الضغط.
كما يمكن أن تصل لوفاة الأم أو الجنين، فضلا عن فقر الدم، أو الخداج، أو ولادة جنين ميت، أو ناقص وزن.
وتطرق “الزيات” إلى قصة طفلة بعمر 11 عاما كانت حامل على وشك الولادة، لكن بسبب عدم التناسب بين رأس الجنين وحوض الأم كونها لا زالت طفلة، تم اللجوء لعملية قيصرية.
توفيت ليلة العرس
وأشار د. زيات إلى أنه من أبرز الممارسات الخاطئة جراء الزواج في سن مبكر هي حدوث تمزق عقب الجماع الأول، لافتا إلى وجود فتيات يتم إسعافهن “بفستان العرس”. بسبب سوء الممارسة التي قد تسبب تمزق المستقيم أو تمزق المثانة، جراء عدم التلاؤم الذي يكون غير نامي بسبب صغر سن الزوجة “الطفلة”.
ونوه رئيس الشعبة النسائية في مشفى التوليد، والأستاذ في جامعة دمشق ، إلى أن بعض الحالات قد تنته بالوفاة جراء النزيف، ومنها حالة قديمة حدثت قبل عشرين سنة تقريبا لسيدة توفيت في ليلة العرس بسبب النزيف المستمر جراء سوء الممارسة.
عندما تغني الطيور الحبيسة
وبحسب تقرير نشره صندوق الأمم المتحدة للسكان في آذار مارس 2019 وحمل عنوان “عندما تغني الطيور الحبيسة-قصص الفتيات السوريات اليافعات”، فإن 12% من الزيجات المسجلة بين السوريين تضمنت فتيات تحت سن الثامنة عشرة عندما اندلعت الحرب عام 2011.
وقد ارتفعت هذه النسبة إلى 18% في 2012 وإلى 25% في 2013. وفي أوائل 2014 وصلت النسبة إلى 32% وبقيت ثابتة منذ ذلك الحين.
عدم وجود إحصائيات دقيقة
وأشار تقرير لمركز “حرمون” للدراسات المعاصرة بعنوان “زواج القاصرات في المجتمع السوري حتى 2020″، إلى أن عدم وجود إحصائيات دقيقة عن زواج القاصرات في المجتمع السوري قبل 2011، ناجم عن تناغم النص القانوني في قانون الأحوال الشخصية.
والذي أعطى صلاحيات للقاضي بالإذن بزواج القاصرات مع العادات والتقاليد على الإقرار ضمنياً بهذا الزواج على الرغم من نتائجه السلبية على القاصر وعلى المجتمع السوري ككل.
مخاطر على الصحة
وحول الآثار الفسيولوجية والصحية على القاصر نوهت الدراسة إلى أن هناك أمراضاً كثيرة تنتج عند من يتزوجن في سن مبكرة –الصغيرة القاصر تحديداً- بسبب عدم النمو الفسيولوجي لديهن فقد تكون قدرتهن الجسدية غير مؤهلة للإنجاب.
وفي حال كانت مؤهلة للإنجاب فإن الحمل والإنجاب المتكرر على مراحل سوف يخلق ضعفاً في بنية هذه الزوجة الطفلة، وعلى المدى الطويل سوف يظهر لديها كثير من الأمراض أبسطها هشاشة العظام.
ومن المخاطر الصحية أيضاً إصابة الزوجة القاصر بفقر الدم ونزيف المهبل ومشكلات الرحم الخطرة بسبب عدم اكتمال نموه، ما يعرضها للإجهاض المتكرر وعدم القدرة على الإنجاب.
عقوبة بالحبس والغرامة المالية
وللحد من ظاهرة زواج القاصرات الذي يتم خارج القانون، أعلن في سوريا منذ سنوات عن مشروع قانون ينص على سجن الزوجين والشيخ والشهود وولي الأمر لمن يتزوج خارج المحكمة عرفياً.
ونص القانون على فرض عقوبة بالحبس من عشرة أيام إلى ستة أشهر على كل من يعقد زواجاً خارج المحكمة. سواء أكان المتعاقدين “الزوجين” وممثليهم والشهود المختصة قبل إتمام المعاملات التي ينص عليها قانون الأحوال الشخصية.
ونص المشروع على فرض عقوبة الغرامة المالية من 5 إلى 10 آلاف ليرة من يعقد هذا الزواج خارج المحكمة بعدما كانت الغرامة تتراوح بين 100 إلى 200 ليرة.
زواج باطل بنظر القانون
وشدد المشروع العقوبة بحق من تزوج بطريقة شرعية مع علمه ببطلان زواجه بسبب زواج سابق أو لأي سبب بطلان منصوص عليه في قانون الأحوال الشخصية بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات.
مشيراً إلى أنه تفرض ذات العقوبات على كل من يعقد الزواج المذكور مع علمه بالرابطة الزوجية السابقة.
من جهتها كشفت مصادر قضائية أن 70 بالمئة من السوريين يتزوجون عرفيا أي خارج المحكمة قبل تثبيت الزواج في المحكمة المختصة، موضحة أن المشروع جاء للحد من الزواج العرفي.